كيف وقد أوصينا بالنساءِ خيراً ؟ ونحن أركانٌ في مجتمعٍ يتعاملُ مع المرأة كوسيلةٍ مجردةٍ مكمِّلة لحياةِ الرجل , يأخذها كيفَ ما شاءَ ومتى أراد , وهو الوحيد الذي يملك الحق في بقائها داخل نطاق الخدمة أو خارجها . من فقد زوجته يستطيع أن يجد بديلاً عنها بأسهل الوسائل وبأقرب الطرق , بينما تنتهي حياة المرأة عندما تفقد رجل , فالأرملة تبقى أرملةً في غالب الأحيان , والمطلقةُ تبقى كما هي حتى في أحسن الأحوال , مطموسةَ الشخصيَّة , ممسوحةَ الكيان وملغيَّةَ الوجود . عندما تصير حياةُ المرأة مرهونةً ببقاء الرجل حيًّا , وعندما تنتهي حياتها بكلمة يمتلك الرجل دون سواه الحق في النطق بها , ينتهي دور المرأة وينحصر , ولا تكون لها حياةٌ إلا بِهِ ومن خلالِه ومن أجله , و إن ذهب الرجل بعظمته يُزال الستار المنصوب وراءَ كلِّ رجلٍ عظيم , وتبقى المرأة حيَّةً مادام الرجلُ حيًّا و إن مات الرجل ماتت … حتَّى وإن كانت لازالت تحمل في أحشائها قلباً ينبضُ بالحياة . هل سيبقى دور المرأة كدور ( الشاحن ) لا يستطيع الرجل ( الجوَّال ) الاستمرار في العطاء بدونها , ولكنه يستطيع أن يجد البديل وربما الأجود ولديه من الطاقة ما سيكفيه لفترة محدودة حالما يختار البديل , بينما المرأة الفاقدة لزوج سترمى في زبالة المجتمع كشاحن معروض في سوقٍ للحراج , والمجتمع يمتلئ بالأرامل وهو يعج بمن لم يحالفهن الحظ بزوج يحترم إنسانيتهن من هنا أوهناك . سنبقى نتشدق بأنَّ للمرأةِ في ضمائرنا مقامٌ لا يُنكر وسندَّعي احترام المرأة حين نتغنى ب وصفها و ب ( أوصافها ) ما تقر به عينها ويفرح قلبها المنكسر على الدوام . لسنا رجالاً إن لم تكن المرأة مربَّية الأجيالِ وصانعة الأبطال , وكيف نكون عظماء إن جعلنا منها علةَّ للإخفاق , وهي(الأم و الزوجة و الأخت و الابنة ) وهي كيان لا تستقيم الحياة إلا به , نعترف بفضلها ولا نتعامل معها بالفضل الذي يليق , نبكي حزناً عندما نتذكر بأن المرأة هي الأم , ونخنق العبرة عندما ندرك بأنها الابنة , ونتعاطف إذا لم ننس بأنها الأخت … وعندما تحاط المسألة بامرأة تكون هي الزوجة وشريكة للحياة .. نقوم مدافعين بكل ما ملكنا من جبروت الرجال مدافعين عن حقوقنا , أنا ومن بعدي الطوفان . ما أروع كلامَنا حينَ نصف المرأة بأنَّها شقيقةُ الرجل , نبتهلُ لها على المنابر , ونشيدُ بها على صفحات الجرائد , و نقدم لها الإهداء في مقدمات الكتب . و ما أجمل طقوسَنا , حينَ نجعل منها تمثالاً ننحني أمامَه احتراماً وتقديراً ,كمن للحظات يؤدي صلاةً يتمثُّلُ فيها الخُشُوع , و ( واقعه مليءٌ بالفحشاءِ والمنكر ) . نجعل بها الحياة جنة , ونتطلع من تحت أقدامها الجنة , ولتذهب هي إلى الجحيم . فلنكشفْ الحقوق إن كنا سندعي بأنَّ للمرأة حقوقاً تُصَان . ولنعرِّفْ العفَّة إن كنَّا سنضربُ بالمرأةِ مثالاً للعفَّة والطهر . ولنجعل الرفق واقعا ملموسا إن كنا سنروي في مجالسنا الروحية , امتثال الأمر) رفقاً بالقوارير( ولنعطِ للمرأة دوراً يوازي ( إن لم يفقْ ) دورَ الرجل , إن كنَّا سنتغنَّى بوصفِهِ في قولِه صلواتُ اللهِ وسلامُه عليه .. (النِسَاءُ شَقَائِقُ الرِجَال)