الظلم الواقع على سواحل حضرموت الممتدة لآلاف الكيلو مترات لم يكن بأقل من الظلم الذي وقع على بر هذه الأرض لسنين طوال غرق فيه البحر من أقصاه إلى أقصاه في ظلمٍ وعبث سلبه ثرواته ودمر مقدرات أجيال قادمة تلاعب بها أقوام لم تغنهم ثروات البر التي مزقوها بمخططات محكمة لإفراغ حضرموت من ثرواتها برا وبحر وجوا ، مستغلين تباين القوة التي منحتهم إياه مرحلة مابعد 94م. في حضرموت لم يكن الشهيد "الصياد" سعيد حاج باضرس العوبثاني الذي اغتالته أياد آثمة بأقل من الثائر التونسي البوعزيزي الذي أشعل ثورات الربيع العربي في المنطقة التي أطاحت بعروش طغاة كان التفكير في المساس بهم ولو بالقلب خطيئة تستحق الإعدام … ثورة الشاب العوبثاني تصدت لعبث الطغاة بثروة عظيمة ودخل قومي لمحافظة افترستها أطماع القادمين من الشمال لعقدين من الزمان استنزف فيها بحر العرب من خيراته وتم السطو على مخزونه السمكي الثري!.. "عقدان من الزمان كان فيها بحر حضرموت مسرحا لاتفاقيات جائرة أتت على ثروة أجيال قادمة تفنن فيها أبناء الأحمر والأصفر لإفراغ هذا الكنز من محتواه مثلما فعلوا في البر باستلاب حقوق حضرموت النفطية والمعدنية والإنسانية.. مقارعة الصياد العوبثاني لقاتله لم تأت ليحظى بملء قاربه من الصيد بل جاءت لإشعال ثورة الصيادين في حضرموت ، تلكم الشريحة التي تيمم وجهها فجر كل يوم باحثة عن لقمة عيش كريمة وشريفة لم تلوثها أيادي البر الممتلئ كذبا وظلما وجورا… فتطاول ذلكم الشاب على الظلم وتقدّم بصدره يدافع عن حقوق زملائه من الصيادين المغلوب على أمرهم ليفسح المجال لهذه الشريحة التي جلست لسنوات تردد " العين بصيرة واليد قصيرة" وهي ترى ثروتها السمكية تنهب وتدمر.. أفسح لها المجال لتنتزع أرزاقها وتكسر الباب الذي كان موصدا بالمحسوبية والوساطة والقهر ليذوقوا طعم الحرية التي باتت لسنين مكبلة بقيود آثمة فرضت على أولئك النفر من الصيادين اقتسام الثروة التي كسبوها بعرق جبينهم مع لصوص البحر ، فأشعل الصياد العوبثاني ثورة تكشف المستور مما لحق ببحر هذه المحافظة من تعدّ وسلب ونهب ليس على صعيد التلاعب بثروته السمكية بل ومالحق به من ويلات التلوث النفطي والقرصنة التي هددت أمن الصيادين في حضرموت.. ثورة الصيادين.. الاستخفاف بالغلابى من قبل ساستهم وفي حضرموت خاصة وصل حداً لا يمكن لأي أحد تصوره وقبوله, ففي مناطق الامتياز لشركات النفط لم يجد الحضارم إلا متابعة ما يستنزف من ثروتهم النفطية لأكثر من عقدين ، ولم يجنوا إلا شوك تلك الثروة فاستباحت الأمراض الخطيرة براءة الأطفال وتضررت الثروات الزراعية والحيوانية ، وهُمّش خريجو الكليات المتخصصة في قطاع البترول ، وتم العبث بأراض شاسعة لم يجد حينها أبناء هذه الأرض موطأ قدم لهم للتفكير على الأقل في مستقبل أفضل يطبل له صباح مساء إعلام مرتزق؟؟!!.. وفيما حاول أبناء هذه الأرض الاتجاه إلى البحر للنهل من خيراته -بعد أن ضاق بهم برٌ مستنزف ومسروق- وجدوه هو الآخر يحتضر ويلتقط أنفاسه الأخيرة فالعبث قد طاله والفساد قد استشرى في سواحله وأعماقه فما كان إلا أن انفجرت براكين الغضب من كل صوب لتطمر الفزّاعات والأكاذيب التي خلفها الطغاة لتعزيز هيمنتهم على الحكم والثروة ، فانبرى الشاب العوبثاني مغادرا دائرة الصمت دافعا حياته في مواجهة غير عادلة مع أحد أبناء الأحمر ليحرك القضية ويلفت الانتباه بأن ثروة لاتقل عن ثروات البر تهدر وتنهب في وضح النهار " في منطقة الضبة الغنية بالأحياء البحرية" لتنهار جبال الظلم وتنحسر أمواج القهر واستلاب الحقوق …. قرارٌ كان ضريبةً لصوت انفجر غضبا في وجه الجلاد الذي مثُل قبل أيام أمام يد العدالة لينال جزاء جرمه.. المستبدون يتساقطون.. شهدنا بأم أعيننا في لحظات تاريخية كيف تهاوت قلاع الاستبداد وحصونه كرمال تذوب أمام أمواج غضب انتفضت ضد سنوات البطش والإجرام في المنطقة العربية ففي تونس انهارت مملكة زين العابدين في 21 يوما…. وظلم 30 سنة في مصر ركع تحت أقدام شعب مصر الثائر في 18 يوما.، ولم تقف أكثر من أربعين سنة من جنون القذافي عصية على ثوار ليبيا ، وفي اليمن أرغم اليمانيون رئيسهم على ترديد رائعة أبو أصيل " حين سافرت سافرت مغصوب" ، في انتظار ربيع سوري يرفع عن أهلنا في الشام صلف وغطرسة بشار "الدكتور- الدكتاتور". حضرموت يجب أن تغادر دائرة الصمت والسلبية وتردد كفى وكفاية ويكفي رغم مراهنة البعض على خلافات أبناءها.. لكن فجرا يجب أن يستغل الحضارم بزوغه كما استطاع الصياد العوبثاني فاللحظة سانحة والرياح مواتية لمغادرة برمودا الطغاة والمستبدين والإبحار إلى مرافئ العدالة والمساواة وانتزاع الحقوق ,,, فهل يفعلها الحضارم أم أن اللحظة التاريخية لحضرموت لم تحن بعد!!!! رسالة للشعوب المضطهدة : إنّ ثمن الركون للذلّ أكبر دائما من ثمن الثورة على الظلم !!