نهائي دوري ابطال افريقيا .. التعادل يحسم لقاء الذهاب بين الاهلي المصري والترجي التونسي    هاري كاين يحقق الحذاء الذهبي    نافاس .. إشبيلية يرفض تجديد عقدي    نهائي نارى: الترجي والأهلي يتعادلان سلباً في مباراة الذهاب - من سيُتوج بطلاً؟    دعاء يريح الأعصاب.. ردده يطمئن بالك ويُشرح صدرك    بعضها تزرع في اليمن...الكشف عن 5 أعشاب تنشط الدورة الدموية وتمنع تجلط الدم    توقف الصرافات الآلية بصنعاء يُضاعف معاناة المواطنين في ظل ارتفاع الأسعار وشح السلع    الكشف عن أكثر من 200 مليون دولار يجنيها "الانتقالي الجنوبي" سنويًا من مثلث الجبايات بطرق "غير قانونية"    صحفي: صفقة من خلف الظهر لتمكين الحوثي في اليمن خطيئة كبرى وما حدث اليوم كارثة!    فرع الهجرة والجوازات بالحديدة يعلن عن طباعة الدفعة الجديدة من الجوازات    تعيين شاب "يمني" قائدا للشرطة في مدينة أمريكية    الوية العمالقة توجه رسالة نارية لمقاتلي الحوثي    "لا ميراث تحت حكم الحوثيين": قصة ناشطة تُجسد معاناة اليمنيين تحت سيطرة المليشيا.    دعوات تحريضية للاصطياد في الماء العكر .. تحذيرات للشرعية من تداعيات تفاقم الأوضاع بعدن !    جريمة لا تُغتفر: أب يزهق روح ابنه في إب بوحشية مستخدما الفأس!    وفاة ثلاثة أشخاص من أسرة واحدة في حادث مروري بمحافظة عمران (صور)    تقرير برلماني يكشف تنصل وزارة المالية بصنعاء عن توفير الاعتمادات المالية لطباعة الكتاب المدرسي    القبائل تُرسل رسالة قوية للحوثيين: مقتل قيادي بارز في عملية نوعية بالجوف    لحوثي يجبر أبناء الحديدة على القتال في حرب لا ناقة لهم فيها ولا جمل    صحة غزة: ارتفاع حصيلة شهداء الحرب إلى 35 ألفا و386 منذ 7 أكتوبر    وزارة الحج والعمرة السعودية تطلق حملة دولية لتوعية الحجاج    حملة رقابية على المطاعم بمدينة مأرب تضبط 156 مخالفة غذائية وصحية    التفاؤل رغم كآبة الواقع    الاستاذة جوهرة حمود تعزي رئيس اللجنة المركزية برحيل شقيقة    انهيار وشيك للبنوك التجارية في صنعاء.. وخبير اقتصادي يحذر: هذا ما سيحدث خلال الأيام القادمة    اسعار الفضة تصل الى أعلى مستوياتها منذ 2013    وفد اليمن يبحث مع الوكالة اليابانية تعزيز الشراكة التنموية والاقتصادية مميز    الإرياني: مليشيا الحوثي استخدمت المواقع الأثرية كمواقع عسكرية ومخازن أسلحة ومعتقلات للسياسيين    الجيش الأمريكي: لا إصابات باستهداف سفينة يونانية بصاروخ حوثي    الهيئة العامة للطيران المدني والأرصاد تصدر توضيحًا بشأن تحليق طائرة في سماء عدن    بمشاركة 110 دول.. أبو ظبي تحتضن غداً النسخة 37 لبطولة العالم للجودو    طائرة مدنية تحلق في اجواء عدن وتثير رعب السكان    توقيع اتفاقية بشأن تفويج الحجاج اليمنيين إلى السعودية عبر مطار صنعاء ومحافظات أخرى    أمريكا تمدد حالة الطوارئ المتعلقة باليمن للعام الثاني عشر بسبب استمرار اضطراب الأوضاع الداخلية مميز    فنانة خليجية ثريّة تدفع 8 ملايين دولار مقابل التقاط صورة مع بطل مسلسل ''المؤسس عثمان''    أثناء حفل زفاف.. حريق يلتهم منزل مواطن في إب وسط غياب أي دور للدفاع المدني    منذ أكثر من 40 يوما.. سائقو النقل الثقيل يواصلون اعتصامهم بالحديدة رفضا لممارسات المليشيات    في عيد ميلاده ال84.. فنانة مصرية تتذكر مشهدها المثير مع ''عادل إمام'' : كلت وشربت وحضنت وبوست!    حصانة القاضي عبد الوهاب قطران بين الانتهاك والتحليل    نادية يحيى تعتصم للمطالبة بحصتها من ورث والدها بعد ان اعيتها المطالبة والمتابعة    اكتشف قوة الذكر: سلاحك السري لتحقيق النجاح والسعادة    الهلال يُحافظ على سجله خالياً من الهزائم بتعادل مثير أمام النصر!    مدرب نادي رياضي بتعز يتعرض للاعتداء بعد مباراة    منظمة الشهيد جارالله عمر بصنعاء تنعي الرفيق المناضل رشاد ابوأصبع    تستضيفها باريس غداً بمشاركة 28 لاعباً ولاعبة من 15 دولة نجوم العالم يعلنون التحدي في أبوظبي إكستريم "4"    وباء يجتاح اليمن وإصابة 40 ألف شخص ووفاة المئات.. الأمم المتحدة تدق ناقوس الخطر    تدشيين بازار تسويقي لمنتجات معيلات الأسر ضمن برنامج "استلحاق تعليم الفتاة"0    اختتام التدريب المشترك على مستوى المحافظة لأعضاء اللجان المجتمعية بالعاصمة عدن    اليونسكو تطلق دعوة لجمع البيانات بشأن الممتلكات الثقافية اليمنية المنهوبة والمهربة الى الخارج مميز    وصول دفعة الأمل العاشرة من مرضى سرطان الغدة الدرقية الى مصر للعلاج    ياراعيات الغنم ..في زمن الانتر نت و بالخير!.    تسجيل مئات الحالات يومياً بالكوليرا وتوقعات أممية بإصابة ربع مليون يمني    لماذا منعت مسرحيات الكاتب المصري الشرقاوي "الحسين ثائرآ"    افتتاح مسجد السيدة زينب يعيد للقاهرة مكانتها التاريخية    الامم المتحدة: 30 ألف حالة كوليرا في اليمن وتوقعات ان تصل الى ربع مليون بحلول سبتمبر مميز    في افتتاح مسجد السيدة زينب.. السيسي: أهل بيت الرسول وجدوا الأمن والأمان بمصر(صور)    دموع "صنعاء القديمة"    هناك في العرب هشام بن عمرو !    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



حضرمي في الجزائر والمغرب ( 12 )
نشر في هنا حضرموت يوم 17 - 07 - 2014


الحلقة الثانية عشر
وجدة : نافذة المغرب الأقصى على المشرق العربي
بعد أن فارقني الشاب الجزائري الحراكي بالجهة الإسلامية عند منتصف الطريق ما بين تلمسان والمغنية أخذت أترقب وصول القطار الذي اركبه الى محطته الاخيره وهي محطة مغنية.وأخذت أشاهد من نافذة القطار مزارع هنا أو هناك واراضٍ منبسطة هي امتداد لسهل فسيح، وتظهر بين الحين والآخر مبان وطرق اسفلتيه وخطوط للسكك الحديدية وغيرها من مظاهر العمران.
وعند عصر الثلاثاء 29 ديسمبر 1981م توقف بنا القطار عند النهاية المحددة له ، فشاهدت حاجزاً من الواح خشبية وقضبان حديدية تنتصب فوق شريط السكة ، وهو من النوع المستخدم عادة لمنع استمرار سير القطار عليه . ولاحظت أن السكة الحديديةممتدة إلى ما بعد هذا الحاجز بل وتصل الى المركز الحدودي ( زوز بغال ) والى داخل أراضي المملكة المغربية . وكنت قد علمت مسبقاً منذ ركوبي للقطار في ساحة برشلونة بتونس العاصمة بان محطة المغنية هذه ستكون نهاية خط رحلة القطار هذه ، حيث ان خدمة النقل بالقطار عبر كل من الجزائر والمغرب مقطوعة بسبب النزاع حول الصحراء الغربية الذي تفجر منذ عام 1976. وهذا يعني أن علي أن أكمل رحلتي صوب المغرب بوسائل نقل أخرى ، فغادرت القطار في هذه المحطة ، وسادني شعور جارف وطارئ كمن يفارق عزيزاً عليه ، فقد أصبح هذا القطار ذو السرعة البطيئة والذي أطلقت عليه تجاوزاً (قطار المغرب العربي السريع) رفيقاً لي طيلة أيام أربعة متواصلة بلياليها .
وفي خارج المحطة ركبت احد التاكسيات الجزائرية لينقلني الى المركز الحدودي الجزائري والذي يبعد حوالي خمسة كيلو مترات عن المغنية . وهذا المركز الحدودي يسمى رسمياً (مركز العقيد لطفي). والطريف انه لا يذكر بقية اسمه ، وإنما هكذا فقط مختصراً . ولطفي هذا هو احد شهداء هذه المنطقة في ثورة الجزائر فأطلق اسمه على هذا المركز تخليداً لذكراه . أما محلياً فيسمى هذا المركز الحدودي الجزائري وكذلك نظيرة المغربي (زوز بغال) ، أي البغلان (مثنى بغل).
ومن باب الطرفة فانني عندما عدت من هذه الرحلة إلى تونس أخبرت بعض الأصدقاء (التوانسة) بما جرى لي فيها وأشرت إلى مسمى هذا المركز الحدودي (زوز بغال) . وكان من هؤلاء الأصدقاء مثقف وفنان تشكيلي تونسي يكنى (أبو وجدان) ، وهو من أبناء مدينة منزل تميم بولاية نابل شرقي تونس ، فأخذ أبو جدان هذا يقهقة عالياً عندما أخبرته عن زوز بغال. ولم افهم في البداية سبب قهقهاته العالية هذه من هذا المسمى إلى ان قال ( انه حقاً زوز بغال ) ، ففهمت ما يقصده.
وقد علمت مؤخراً أن هناك من أبناء المملكة المغربية من يطالب بتغيير اسم هذا المركز أسوة بما حدث من تغيير في مركز الحدود الجزائري . وفي هذا يقول البعض إن اسم هذا المركز يعود إلى ضابط فرنسي يسمى (جورج بيغيل) كان قائداً في هذه المنطقة زمن الاحتلال الفرنسي. ولاشك إن ما يدفع بعض ابناء المغرب الى المطالبة بإلغاء مسمى (زوز بغال) حتى لا يذكرهم بالمستعمر الفرنسي لأرضهم.
وربما كنت محظوظاً لوصولي الى هذا المركز الحدودي في نهاية عام 1981 ، حيث ان هذا المركز قد أغلق نهائياً في عام 1994م مع اشتداد الأزمة بين الجزائر والمغرب بسبب النزاع في الصحراء الغربية ، والذي يرى البعض انه نزاع طال أمده ولابد من حله بما يرضى كل من الصحراويين والحكومة المغربية وهما طرفا هذا النزاع ، فلاشك ان استمرار هذا النزاع يثير الكثير من المشاكل والمتاعب والفتن ويعوق التنمية الاقتصادية والاجتماعية الجادة، بل ويسمم الأجواء في كل أنحاء المغرب العربي، وكما جاء في صفحة 182 من كتاب ميشال جوبير وزير خارجية فرنسا السابق والذي بعنوان (المغرب في ظل يديه) وترجمه إلى العربية هنري زغيب والصادر عن منشورات عويدات في بيروت عام 1987. وهناك حلولاً مطروحة ومتداولة لحل هذا النزاع المزمن ، وأهل الشأن ادري بكيفية الأخذ بأنسبها.
المهم أننى دخلت إلى المركز الحدودي الجزائري وانهيت في بضع دقائق إجراءات المغادرة من الأراضي الجزائرية. ولان مركز الحدود المغربي على بضع خطوات من المركز الجزائري فمشيت على قدمي حاملاً شنطتي الصغيرة (الهاند باق) وبها كل مستلزماتي وتوجهت إلى المركز المغربي فقدمت جواز سفري الى الضابط المغربي فنظر فيه ملياً وتأكد من وجود تأشيرة تسمح بدخولي إلى المغرب ، ثم سحب بطاقة دخول خاصة بتعبئة بيانات الداخلين عبر هذا المعبر الحدودي ومددت يدي لاستلام هذه البطاقة من هذا الضابط المغربي كي أقوم بنفسي وبخط يدي بوضع البيانات المطلوب فيها . ولكنني وجدت الضابط المغربي ممسكاً بها وبجواز سفري واخذ بدوره تسجيل كل البيانات نيابة عني ودون أن يسألني أن كنت استطيع الكتابة على هذه البطاقة ذات اللغتين العربية والفرنسية ، ثم بادرني بسؤال مباغت وبكلمة واحدة فقط : الازدياد؟ ولم افهم ما يقصده بالازدياد ،ولم أرد عليه ،وأعادها مرة أخرى وبصوت أعلى : الازدياد. فقلت له :لا افهم ما تقصده بالازدياد. فأجابني: ما هي سنة ميلادك؟ واستغربت سؤاله عنها وهي مكتوبة ومثبتة في الجواز الذي بيده باليوم والشهر والسنة. ورغم ذلك أخبرته بسنة ميلادي لتجنب أي احتكاك أو فلتان من هنا أوهناك ويحدث مالا تحمد عقباه ، ولأنني أريد أن اخرج من هذا المركز الحدودي المغربي بسلام . وكنت حينها مرهقاً ، وفي حاجة ضرورية لان أصل إلى مدينة وجدة التي لا تبعد عن هذا المركز الحدودي باكثر من 14 كيلو متراً حتى أنعم بشئ من الراحة بعد الأيام الأربعة الماضية المضنية في هذه الرحلة البرية . ولذلك فقد تحليت بالصبر وضبط النفس مع هذا الضابط المغربي غريب الأطوار والذي يصر على تعبئة بيانات جواز سفري بنفسه رغم انه لم يكن يوجد غيري وربما شخص أو آخر من القادمين أو المغادرين عبر هذا المركز الحدودي المغربي.
وبعد أن انتهى هذا الضابط من تعبئة البيانات ووضع ختم الدخول على جوازي وعلى البطاقة ودفعهما إلي وماداً يده وبإشارة من يريد أجرة ما عمل. وكان موقفاً غريباً علي ، ولم أتعرض لمثله في مناطق الحدود التونسية أو الجزائرية. وكنت على وشك الرفض لطلب هذا الضابط ، خصوصاً وإنني لحظتها قد استلمت فعلاً جواز سفري ومختوماً عليه بالسماح بالدخول إلى المغرب . ولكنني تحليت بالصبر والهدوء مرة أخرى وأدخلت يدي إلى جيبي وأخرجت قطعاً نقدية مغربية كانت بحوزتي ودفعتها إليه. ولابد لي هنا أن اقول ان هذا الضابط المغربي لم يجبرني على فعل ذلك ، وإنما فعلته طواعية درءاَ لتطورات لا تحمد.
وخرجت من هذا المركز والمعبر المغربي وإنا أفكر في هذا الموقف الجديد علي في المغرب العربي والذي ذكرني بحالات مماثلة تعرضت لها في بعض مدن المشرق العربي ومنها صنعاء والقاهرة وغيرهما. وهي حالات لم أتعرض لها في تونس أو الجزائر أو السودان أو جيبوتي أو ليبيا أو العراق او سوريا أو الأردن أو غيرها من البلدان العربية التي زرتها خلال العقدين الأخيرين من القرن العشرين المنصرم.
ودون إن ادري تركت لقدمي السير خارج مركز الحدود المغربي هذا بهدف إن أصل إلى تاكسي أو طاكسي كما يطلق عليه هناك لينقلني إلى وجده. وجاءني ضابط مغربي آخر وسألني : الى اين أين أنت ذاهب؟ فقلت له : إلى وجدة . فقال لي : ولكنك تسير بالاتجاه العكسي ، اي انك عائد إلى الجزائر مرة أخرى ، فانتبهت من غفلتي،واعتذرت لهذا الضابط المغربي والذي يبدو انه مؤدباً ومهذباً بما يلزم في التعامل مع زوار المغرب ، فاتجهت إلى حيث أشار ، وركبت احد التاكسيات وطلبت من السائق ان ينقلني إلى وجدة والتي اعلم أنها على مقربة من المركز الحدودي وبمسافة لا تزيد عن 14 كيلومترا،ً أي أن التاكسي سيصل بي الى وجدة بعد حوالي ربع ساعة . وأخبرت سائق التاكسي بأنني لا اعرف أحدا في وجدة ، وطلبت منه أن ينزلني في فندق رخيص الاجرة ولا تزيد عن خمسة دولارات ، وان يكون هذا الفندق بجوار موقف الحافلات (الباصات) الذاهبة إلى الدار البيضاء.
وكنت ساعتها قلقاً وأفكر إن ما لدي من المال قليل ربما لا يكفيني لإتمام هذه الرحلة الطويلة والتي بدأتها من تونس بحوالي 120 دولاراً وأنفقت منها عند وصولي الى وجدة حوالي ثلثها. وهذا يعني انه يجب علي أن أكون مقتصداً إلى أقصى الحدود بما تبقى لدى من مال، وهو في حدود 80 دولاراً حتى استطيع إن أكمل هذه الرحلة والعودة سالماً إلى تونس حيث مقرا إقامتي هناك . ولاحظت أن سائق التاكسي قليل الكلام ولا يميل إلى الثرثرة ويقوم بعمله بما يلزم من العناية. وقد استوعب ما طلبته منه ، مما جعلني اشعر بالاطمئنان إليه.
ووصل بنا التاكسي إلى مدخل مدينة وجدة قبل غروب الشمس بحوالي ساعة . ووجدتها مدينة حسنة المظهر وفسيحة الطرقات ويزين مدخلها أشجار عالية على جانبي شوارعها والى وسط المدنية.ووجدت ان عمرانها يمتد أفقياً وتكاد تخلو من العمارات المرتفعة . ومعظم مبانيها من طابق أو طابقين وعلى نظام الفيلات أو المنازل المنفردة التي تحيط حدائق بداخلها . وكانت السماء صحواً ونسيم العصاري لطيف وجميل وان كانت به برودة نسبية ملحوظة. وكان كل ما حولي مشرقاً ومبهجاً فإنساني ما كنت اشعر به من تعب و وعثاء السفر فيما مضى. ورغم أنني كنت وحيداً ومستوحداً في هذه المدينة الغربية علي ألا إنني كنت مطمئناً وهادئ البال ويقظ التفكير والانتباه لما حولي.
ووقف بنا التاكسي في ميدان او ساحة فسيحة تطل عليها مبان من طابقين مكتوب عليها أسماء فنادق أو (نزل) كما يطلق عليها في المغرب العربي . واخبرني سائق التاكسي إن هذه هي ساحة المغرب العربي . ثم أشار بيده وقال : وهناك محطة الحافلات المنطلقة إلى الدار البيضاء.وسار معي بضع خطوات الى احد الفنادق المطلة على الساحة. واخبر احد العاملين برغبتي في النوم بالفندق وأوصاهم بي خيراً باعتباري ضيفاً عليه وعلى المغرب ، فشكرته على ما قام به معي من عمل طيب. وطلب مني موظف الاستقبال في الفندق خمسون درهماُ مغربياً أي حوالي خمسة دولارات أجرة لغرفة به. وكانت بالطابق الثاني. ووجدتها نظيفة ومرتبة وذات حمام داخلي ومريحه بما يكفي ويتناسب مع أجرتها المتواضعة التي حددتها سابقاً لسائق التاكسي .وشعرت بدفأ الغرفة رغم إننا في الأيام الأخيرة من شهر ديسمبر ، والبرودة تكون فيه شديدة . ولعل مرد ذلك أن تلك الغرفة تواجه الشمس طيلة النهار مما يجعلها دافئة بوجه عام، وهو ما يساعد على الراحة والنوم والذي احتاج اليه حينها.
ومن نافذة الفندق العريضة والمواجهة مباشرة للشمس تطلعت إليها من خلف زجاج النافذة فشاهدتها وهي تنحدر رويداً رويداً وبأمر خالقها إلى مسكنها الازلي . وما هي إلا دقائق معدودة حتى سمعت صوت مؤذن لصلاة المغرب , فاتصلت بموظف الاستقبال لأسأله عن اتجاه القبلة في الغرفة , فجأبني وحدد لي الاتجاه بجهة معاكسة لنافذة الغرفة. وقال لي أجعل ظهرك إلى النافذة.
وكنت انوي إن اخلد إلى النوم لأخذ قسطاً من الراحة والاستعداد للسفر غداً إلى الدار البيضاء , وحيث تستغرق رحلة الغد حوالي 12 ساعة متواصلة . غير إنني استحسنت أن أدردش مع موظف الاستقبال لمعرفة المزيد عن وجده وأحوالها وتاريخها وحضارتها وكل ما يهمني معرفته كباحث جغرافي وزائر عابر لهذه المدينة المغربية . وقد وجدت في هذا الموظف وداً وتعاملاً حسنا مع نزلاء الفندق . وهو شاب لم يتعد العشرين من عمره , فنزلت إليه ووجدته حينها يصلي , فانتظرته , ثم رحب بمقدمي وبدأت معه حواراً ممتعاً عن وجده وتاريخها وأحوال أهلها . وتحاشيت إن اسأله عن اسمه أو عنوانه وان كان عنوانه معروفاً لدي بالفندق الذي يعمل فيه , حتى لا يفسر ذلك بتفسير خاطئ , خصوصاً وإنني في رحلة عبر الحدود بين الدول المغاربية , وهي دول تعصف بها بعض المشاكل الأمنية والحدودية والسياسية . ورغم كل ذلك وجدت في هذا الشاب المغربي انفتاحاً وانبساطاً وأريحية في الحديث ، ووجدته مرحاً ومنطلقاً في الكلام بلا تحفظ او حذر . وكان يتحدث بلهجة مغربية جزائرية مختلطة وهي لهجة سائدة في شرقي المغرب وغربي الجزائر. وكان يتحدث أحياناً بكلمات مصرية بل وعربية فصحى، مما جعلني افهم الكثير من عباراته. وحتى عندما لا افهم كلماته لا أستوقفه لان في حديثه تشويق ولطافة ويبدو انه قد انس إلي في الحديث مما جعله ينطلق في المرح وطرح النكات، وبعضها يدور حول نزلاء الفندق من رجال ونساء. وما اكثر ما كان يتحدث به عن النساء. وكنت اتحرج أحياناً من صراحته في الحديث عنهن وعن سلوكيا تهن الخاطئة رغم انه كما بدا لي متديناً ومؤمناً وملتزماً بشعائر الدين، وان كان لا يمانع من تعاطي (الدروق) وكما يطلق عليه هناك وهو الحشيش أو المخدر عامة والمنتشر في بقاع كثيرة من المغرب.
وسألني هذا الشاب عن بلدي وعن عملي فأخبرته إنني طالب دراسات عليا في تونس، وإنني من حضرموت بجنوب الجزيرة العربية. فذكر لي انه قرأ شيئاً عن الاحقاف وعلاقتها بحضرموت، وطلب مني ازيده في ذلك، فأخبرته إن الاحقاف وهي المذكورة في القران الكريم هي نفسها حضرموت المذكورة في التوراة . ورغم ان اسم الاحقاف هو الأقدم الا ان القرآن الكريم الأحدث في النزول ( اي في القرن السابع الميلادي )قد ذكرها بهذا الاسم القديم بينما التوراة وهي الأقدم في النزول (أي في القرن الثالث عشر قبل الميلاد ) قد ذكرت حضرموت باسمها الأحدث . وهو اسم تالٍ لاسم الاحقاف . وأدركت إن هذا الشاب لم يستوعب تماماً ما اقصده , فأعدت المقصود بتعبير آخر وقلت له : إن الاحقاف عرفت عند الأقوام الغابرة والبائدة أي ما قبل القرن الخامس عشر قبل الميلاد ولذلك ذكرها القرآن الكريم باسمها المتداول آنذاك , بينما التوراة أشارت إلى أقوام وأسماء ظلت معاصرة لزمن النبي موسى عليه السلام (حوالي القرن الثالث عشر قبل الميلاد ) ومن بينها اسم حضرموت . وحتى لا اجعل الحديث معه محاضرة في التاريخ سارعت القول ان هذا اجتهاد مني لعل فيه من الصواب ولا يستبعد الخطأ.
وسألته بدوري عن دراسته , فأخبرني انه أنهى الثانوية العامة في وجدة وهي مسقط رأسه. وينوي الالتحاق بجامعة وجدة ليدرس علم التاريخ الذي يحبه ويستهويه . وقد ظهرت هذه الجامعة منذ حوالي ثلاث سنوات فقط أي في عام1978م وسميت جامعة محمد الأول نسبة إلى مؤسس الأسرة العلوية في المغرب الأقصى . وهي الاسره التي ظهرت منذ عام 1664م على يد محمد الأول هذا او اسمه محمد بن علي ويتصل نسبه الى الحسن بن علي بن أبي طالب كرم الله وجهه . وهي الأسرة الحاكمة إلى اليوم في المملكة المغربية أي منذ ثلاثة قرون ونصف القرن.
وكانت المحصلة من ذلك اللقاء مع هذا الشاب المغربي (الوجداوي)، وكذلك بما تجمع لدي من معلومات عن وجدة أن هذه المدينة سميت كذلك نسبة إلى كلمة (وجد) أي بمعنى عثر ، حيث تم العثور في غابات هذه المنطقة وقبل ان تبنى المدينة هذه على رجل اسمه سليمان الشماخ. ويقال أن هذا الرجل أرسله الخليفة العباسي هارون الرشيد لقتل إدريس الأول الذي أعلن استقلاله عن دولة الخلافة العباسية وإقامة دولة الادارسة في المغرب الأقصى واتخذ من بلدة (وليلي) بشمال مكناس عاصمة له. وقد قام سليمان الشماخ هذا بمهمته تلك وقتل إدريس الأول بالسم عام 793م، ثم هرب عائداً الى المشرق. وفي غابات (وجدة) وجد هذا الرجل والقي القبض عليه. ولذلك سميت هذا المنطقة باسم وجدة أو وجدات بلهجة السكان المحليين. ويقول البعض ان كلمة (وجدات) تعني الكمائن أو المخابئ التي يختبئ فيها الفارون من المطاردة ومنهم قطاع الطرق وغيرهم.
أما تأسيس مدينة وجدة فقد تم بعد حادثة العثور على سليمان الشماخ بحوالي مائتي سنة ، حيث تم بناء مدينة وجدة في عام 994م على يد المغراوي زيري بن عطية، وحيث كان بنو زيري حينها حكاماً في المغرب الأقصى نيابة عن الفاطميين حكام مصر وافريقية. وبنو زيري هؤلاء سلالة صنهاجية امازيغية حكمت أراضي واسعة من شمال إفريقيا شملت أجزاء من ليبيا وتونس والجزائر والمغرب وغرناطة بالأندلس منذ عام 971م إلى عام 1152م. وقد احتفلت وجدة في الاول من يناير من عام 1994م بمرور ألف عام على بنائها.
ومدينة وجدة هذه هي عاصمة الجبهة الشرقية من المملكة المغربية، وهي تماثل في أهميتها مدينة المكلا عاصمة حضرموت أو ما يسمى بشرقي الجمهورية اليمنية الحالية. وبها مطار دولي يسمى (مطار وجدة انكاد) أو (وجدة انجاد). وانجاد هذه هي قبيلة عربية أتت إلى المغرب من شرقي الجزيرة العربية أو وسطها واستوطنت هذه المنطقة. وينسب بعض سكان وجدة إلى هذه القبيلة العربية ، وحيث يصل عدد سكان مدينة وجدة عامة إلى حوالي400 ألف نسمة (2004م).
وتعد الجهة الشرقية – وهذا هو اسمها الرسمي- تعد إحدى الجهات الإدارية الستة عشر المكونة للملكة المغربية منذ عام 2003م ، وحيث تنقسم كل جهة إدارية فيها الى (عمالات وأقاليم) وتختص العمالات بالمدن الكبرى بينما الأقاليم تشمل المدن الصغرى والأرياف. ولكل جهة إدارية علم وشعار. وقد بلغ عدد سكان الجهة الشرقية مع عاصمتها وجدة حوالي2 مليون نسمة (2004م) ومعظمهم من الامازيغ وعرب بني هلال الحضرمية الجذور وعرب المعقل والذي يقال أن جذورهم يمنية. وتصل نسبة سكان الجهة الشرقية هذه الى حوالي 6% من جملة سكان المملكة المغربية، أما مساحتها فتصل إلى حوالي 12% من مساحة المغرب. ومعظم أراضي الجبهة الشرقية صحراوية أو شبه صحراويه ويسودها المناخ شبه الجاف، وخاصة في الجزء الجنوبي منها. وهي تواجه الحدود الغربية للجمهورية الجزائرية وبمسافة تصل إلى حوالي 400 كيلو متر، وتمتد من نقطة الحدود الساحلية المطلة على البحر المتوسط بجوار بلدة السعيدية (السياحية) وعلى مقربة من مصب نهر الملوية على هذا البحر وتنتهي حدود الجهة الشرقية مع الجزائر عند منطقة (عين الشواطر) في أقصى الجنوب الغربي من هذه الجهة الشرقية. وعين الشواطر هذه تشبه في طبيعتها وحياة سكانها وتجمعات البدو العرب فيها ما هو سائد في قف العوامر وحجر الصيعر وغيرهما من تجمعات السكان في صحراء حضرموت. اما نهر الملوية الآنف الذكر فيعد ثالث نهر في المغرب من حيث طوله بعد كل من نهري درعه ومعظمه جاف ونهر ام الربيع ، وحيث يصل طول نهر الملوية إلى حوالي 450 كيلوا متراً.
وتنقسم الجهة الشرقية هذه إداريا إلى عمالة واحدة هي (عمالة وجدة انكاد) وستة أقاليم هي بركان وتاوريرت وجرادة والدريوش وفكيك والناضور. وكل منها بدوره ينقسم إلى وحدات إدارية اصغر هي بلدية أو باشوية أو دائرة. وبالجملة فان التقسيم الإداري للملكة المغربية يختلف نوعاً عن التقسيم الإداري في الجزائر أو تونس أو ليبيا. وربما يجد بعض أبناء المشرق العربي صعوبة نسبية في استيعابه بسبب مكوناته أو مصطلحاته التي تبدو جديدة وغريبة على إذن ابن المشرق العربي.
وبعيداً عن هذا العناء العلمي في فهم التقسيم الإداري للمملكة المغربية والذي يرتكز في أساسه على المعايير الاقتصادية والتنموية والجغرافية عامة فان بعض المناطق النائية أو المهمشة في الجهة الشرقية قد أنجبت نوابغ وأفذاذ من الرجال والنساء كانت لهم ولهن مساهمات ايجابية في تطور المجتمع المغربي علمياً وثقافياً وفكرياً وسياسياً وتنموياً. ولا يتسع المجال هنا لذكر قائمة عن هؤلاء النوابغ، ويكفي إن نشير إلى الدكتور الراحل محمد عابد الجابري أستاذ الفلسفة المغربي وابن بلدة فكيك في أقصى الجنوب الغربي من الجهة الشرقية وعلى مقربة من حدود الجزائر، والتي يطلق عليها أحياناً فجيج، ولعلها تصغير لكلمة (فج ) والتي تعني الطريق الضيق بين جبلين وقد ذكرها القرآن الكريم في حجاج بيت الله الحرام الذي يأتون من كل فج عميق . والدكتور الجابري هو من مواليد عام 1935م بهذه البلدة القصية في المملكة المغربية . وقد أثرى المكتبة العربية بدراسات ذات قيمة خاصة في مجال دراسة العقل العربي ومنها كتبه التي عناوينها : بنية العقل العربي , وتكوين العقل العربي , ونقد العقل العربي , والعقل السياسي العربي , والعقل الأخلاقي العربي , وغيرها من المؤلفات القيمة . وقد حظي بتقدير كبير في الأوساط العلمية في المغرب وخارجها لجهوده هذه , وان لم تخلو من نقد بعض الباحثين عليها . ومن السيرة الذاتية الطيبة لهذا الأكاديمي المتميز وذو الجذور الحضرمية انه قد دفع بعلم الفلسفة إلى خطوات متقدمة مستلهماً من خطى ابن خلدون وابن رشد وغيرهما , وانه رفض جائزة قدمت له من الراحل صدام حسين وجائزة أخرى قدمت له من الراحل معمر القذافي . وربما رأى في تقبله لهاتين الجائزتين انتقاصاً من مكانته العلمية وتناقضاً مع سعيه في تغيير الواقع العربي نحو الأفضل . ولاشك ان هذا موقف مشرف لا يقدر عليه إلا كبار العلماء وعظماء الرجال من لديهم عزة نفس كبيره . وقد توفي الدكتور محمد عابد الجابري في 3 مايو 2010م بالدار البيضاء عن عمر يناهز 75 عاماً تاركاً خلفه أرثاً علمياً قيماً في مجال الفلسفة والعلوم الاجتماعية ، مما يعد سنداً و زاداً للباحثين العرب وغيرهم . اما عن جذوره الحضرمية فقد أشار إليها هو بنفسه أثناء حضوره في عام 2006م لا حتفال علمي أقيم في جامعة صنعاء بمناسبة مرور 600 سنة على وفاة ابن خلدون والذي أكد هو الآخر وبخط يده على جذوره الحضرمية.
أما إقليم الناضور في أقصى شمال الجهة الشرقية فهو متاخم لمدينة مليلية المغربية والتي تحتلها اسبانيا منذ السابع عشر من سبتمبر 1497م. ولا تزال الحكومات المغربية المتعاقبة تطالب باستعادتها إلى السيادة المغربية وكذلك شقيقها سبتة الواقعة إلى الغرب منها. والجدير بالذكر هنا ان اسم مليلية مشتقاً ومحرفاً من كلمة امازيغية هي (تاميليت) وتعني الأبيض وفي إشارة إلى الحجر الجيري الأبيض المنتشر في هذه المنطقة. والمهم إن إقليم الناضور المذكور آنفاً يعد من الأقاليم الحيوية والهامة في الجهة الشرقية. وقد كان مركزاً للإشعاع الحضاري والتنويري والسياسي والاجتماعي لأبناء هذه الجهة بل ولكافة أبناء المغرب قاطبة. ولا يتسع المجال هنا لذكر قائمة بأسماء نوابغ هذا الإقليم ومشاهيره، ويكفي أن نشير إلى الأستاذ جمال بن عمر الأمين العام المساعد للأمم المتحدة ووسيطها إلى الجمهورية اليمنية بموجب المبادرة الخليجية منذ عام 2011م. وهو سياسي مثقف وعلى دراية كافية بشؤون الملفات التي تسند إليه ويتمتع بخلق رفيع في التعامل مع الآخرين ، كما انه مناضل مغربي عانى كثيراً من اجل حقوق شعبه المغربي وقضى سنوات في السجون بسبب نشاطه هذا. وقد تشرفت بالالتقاء به في صنعاء بفندق موفينبيك في 24 ديسمبر 2013م وكان بصحبتي الأستاذ محمد احمد الهدار ممثل العصبة الحضرمية في صنعاء. وحيث كان هدف الالتقاء بالأستاذ جمال بن عمر هو إن نطرح امامه الصورة كاملة عن القضية الحضرمية ومطالب شعب حضرموت في حق تقرير المصير وإزالة كافة المظالم عن شعبنا الحضرمي وفي ظل التسوية السياسية التي يقودها الأستاذ جمال بن عمر ممثلاً عن الأمم المتحدة لتنفيذ بنود المبادرة الخليجية. وقد سعدت كثيراً بهذا اللقاء وكان مفعماً بالود والتقدير والاحترام وباعثاً على الأمل في تحقيق طموحات ومطالب شعبنا الحضرمي بإذن الله تعالى. وقد نشرت ما تم هذا في هذا اللقاء في موقع (هنا حضرموت) وموقع (احقاف اليوم) ومواقع حضرمية أخرى. وأعاد إلي هذا اللقاء مع الأستاذ جمال بن عمر ذكريات عزيزة وغالية لا تزال راسخة في الذهن والوجدان عندما كنت في بلدته الناضور منذ ثلاثة عقود من الزمن.
ومن المعلومات المفيدة عن وجدة بل والجهة الشرقية عموماً وتجعلها شبيهة بحضرموت وأوضاعها أن أهل هذه الجهة الشرقية هم طلاب هجرة وترحال ، وحيث إن ثلث المهاجرين من المملكة المغربية هم من أبناء هذه الجهة الشرقية. وهذا يبين إنها بسبب التهميش الاقتصادي والتنموي عموماً أصبحت طاردة للسكان رغم إنها تمتلك قدرات طبيعية وبشرية يمكن الاستفادة منها في مضمار التنمية الجادة. بدلاً من إن تصبح هذه الجهة ومنافذها البرية والبحرية وكراً للتهريب ومسببة للمعاناة والمشاكل.
ومن جهة أخرى نجد ان النشاط الثقافي والفني والعلمي والاجتماعي وفي مدينة وجدة بوجه خاص لا يقل أهمية عما هو في بقية مدن المملكة المغربية، بل انه أحياناً يتميز ويبرز ، ومن ذلك (مهرجان وجدة للفيلم القصير المغربي) والذي يحضره عدد من مثقفي العرب والعجم ومن المهتمين بهذا المجال. وفي مقالة كتبها احدهم ممن حضروا هذا المهرجان وهو الأستاذ أحمد فائق في 4 مايو 2014م بعنوان ( الحلم العربي في وجدة) قال فيها (… ربما تصبح وجدة في يوم من الأيام عاصمة للمغرب العربي الكبير، فمن المستحيل إن تعرف فيها الفرق بين المغربي والجزائري من حيث الشكل أو اللغة أو الثقافة).
وفي الأخير فإننا نقول …ستظل وجدة بل والجهة الشرقية وعموماً وبما تمتلكه من مخزون وتراث ونشاط ثقافي وفني واجتماعي وفكري وعلمي ومع نضال وكفاح وجهاد أبنائها الدؤوب للخروج من دائرة التهميش والمعاناة وللوصول إلى وضع أفضل هي بحق نافذة حضارية للمغرب الأقصى وبما فيه من ايجابيات أو سلبيات على المشرق العربي.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.