نهائي دوري ابطال افريقيا .. التعادل يحسم لقاء الذهاب بين الاهلي المصري والترجي التونسي    هاري كاين يحقق الحذاء الذهبي    نافاس .. إشبيلية يرفض تجديد عقدي    نهائي نارى: الترجي والأهلي يتعادلان سلباً في مباراة الذهاب - من سيُتوج بطلاً؟    دعاء يريح الأعصاب.. ردده يطمئن بالك ويُشرح صدرك    بعضها تزرع في اليمن...الكشف عن 5 أعشاب تنشط الدورة الدموية وتمنع تجلط الدم    توقف الصرافات الآلية بصنعاء يُضاعف معاناة المواطنين في ظل ارتفاع الأسعار وشح السلع    الكشف عن أكثر من 200 مليون دولار يجنيها "الانتقالي الجنوبي" سنويًا من مثلث الجبايات بطرق "غير قانونية"    صحفي: صفقة من خلف الظهر لتمكين الحوثي في اليمن خطيئة كبرى وما حدث اليوم كارثة!    فرع الهجرة والجوازات بالحديدة يعلن عن طباعة الدفعة الجديدة من الجوازات    تعيين شاب "يمني" قائدا للشرطة في مدينة أمريكية    الوية العمالقة توجه رسالة نارية لمقاتلي الحوثي    "لا ميراث تحت حكم الحوثيين": قصة ناشطة تُجسد معاناة اليمنيين تحت سيطرة المليشيا.    دعوات تحريضية للاصطياد في الماء العكر .. تحذيرات للشرعية من تداعيات تفاقم الأوضاع بعدن !    جريمة لا تُغتفر: أب يزهق روح ابنه في إب بوحشية مستخدما الفأس!    وفاة ثلاثة أشخاص من أسرة واحدة في حادث مروري بمحافظة عمران (صور)    تقرير برلماني يكشف تنصل وزارة المالية بصنعاء عن توفير الاعتمادات المالية لطباعة الكتاب المدرسي    القبائل تُرسل رسالة قوية للحوثيين: مقتل قيادي بارز في عملية نوعية بالجوف    لحوثي يجبر أبناء الحديدة على القتال في حرب لا ناقة لهم فيها ولا جمل    صحة غزة: ارتفاع حصيلة شهداء الحرب إلى 35 ألفا و386 منذ 7 أكتوبر    وزارة الحج والعمرة السعودية تطلق حملة دولية لتوعية الحجاج    حملة رقابية على المطاعم بمدينة مأرب تضبط 156 مخالفة غذائية وصحية    التفاؤل رغم كآبة الواقع    الاستاذة جوهرة حمود تعزي رئيس اللجنة المركزية برحيل شقيقة    انهيار وشيك للبنوك التجارية في صنعاء.. وخبير اقتصادي يحذر: هذا ما سيحدث خلال الأيام القادمة    اسعار الفضة تصل الى أعلى مستوياتها منذ 2013    وفد اليمن يبحث مع الوكالة اليابانية تعزيز الشراكة التنموية والاقتصادية مميز    الإرياني: مليشيا الحوثي استخدمت المواقع الأثرية كمواقع عسكرية ومخازن أسلحة ومعتقلات للسياسيين    الجيش الأمريكي: لا إصابات باستهداف سفينة يونانية بصاروخ حوثي    الهيئة العامة للطيران المدني والأرصاد تصدر توضيحًا بشأن تحليق طائرة في سماء عدن    بمشاركة 110 دول.. أبو ظبي تحتضن غداً النسخة 37 لبطولة العالم للجودو    طائرة مدنية تحلق في اجواء عدن وتثير رعب السكان    توقيع اتفاقية بشأن تفويج الحجاج اليمنيين إلى السعودية عبر مطار صنعاء ومحافظات أخرى    أمريكا تمدد حالة الطوارئ المتعلقة باليمن للعام الثاني عشر بسبب استمرار اضطراب الأوضاع الداخلية مميز    فنانة خليجية ثريّة تدفع 8 ملايين دولار مقابل التقاط صورة مع بطل مسلسل ''المؤسس عثمان''    أثناء حفل زفاف.. حريق يلتهم منزل مواطن في إب وسط غياب أي دور للدفاع المدني    منذ أكثر من 40 يوما.. سائقو النقل الثقيل يواصلون اعتصامهم بالحديدة رفضا لممارسات المليشيات    في عيد ميلاده ال84.. فنانة مصرية تتذكر مشهدها المثير مع ''عادل إمام'' : كلت وشربت وحضنت وبوست!    حصانة القاضي عبد الوهاب قطران بين الانتهاك والتحليل    نادية يحيى تعتصم للمطالبة بحصتها من ورث والدها بعد ان اعيتها المطالبة والمتابعة    اكتشف قوة الذكر: سلاحك السري لتحقيق النجاح والسعادة    الهلال يُحافظ على سجله خالياً من الهزائم بتعادل مثير أمام النصر!    مدرب نادي رياضي بتعز يتعرض للاعتداء بعد مباراة    منظمة الشهيد جارالله عمر بصنعاء تنعي الرفيق المناضل رشاد ابوأصبع    تستضيفها باريس غداً بمشاركة 28 لاعباً ولاعبة من 15 دولة نجوم العالم يعلنون التحدي في أبوظبي إكستريم "4"    وباء يجتاح اليمن وإصابة 40 ألف شخص ووفاة المئات.. الأمم المتحدة تدق ناقوس الخطر    تدشيين بازار تسويقي لمنتجات معيلات الأسر ضمن برنامج "استلحاق تعليم الفتاة"0    اختتام التدريب المشترك على مستوى المحافظة لأعضاء اللجان المجتمعية بالعاصمة عدن    اليونسكو تطلق دعوة لجمع البيانات بشأن الممتلكات الثقافية اليمنية المنهوبة والمهربة الى الخارج مميز    وصول دفعة الأمل العاشرة من مرضى سرطان الغدة الدرقية الى مصر للعلاج    ياراعيات الغنم ..في زمن الانتر نت و بالخير!.    تسجيل مئات الحالات يومياً بالكوليرا وتوقعات أممية بإصابة ربع مليون يمني    لماذا منعت مسرحيات الكاتب المصري الشرقاوي "الحسين ثائرآ"    افتتاح مسجد السيدة زينب يعيد للقاهرة مكانتها التاريخية    الامم المتحدة: 30 ألف حالة كوليرا في اليمن وتوقعات ان تصل الى ربع مليون بحلول سبتمبر مميز    في افتتاح مسجد السيدة زينب.. السيسي: أهل بيت الرسول وجدوا الأمن والأمان بمصر(صور)    دموع "صنعاء القديمة"    هناك في العرب هشام بن عمرو !    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



كيف نحمي أطفالنا من خطر القات والمخدرات في حضرموت ؟
نشر في هنا حضرموت يوم 06 - 09 - 2014

لم يعد خافياً على احد الأضرار الخطيرة للقات والمخدرات صحياً واجتماعياً واقتصادياً وتنموياً. ولا شك أن أمر المخدرات قد أصبح محسوماً من قبل جهات الاختصاص في الدولة والمجتمع بالجمهورية اليمنية, حيث شكّلت من اجل ذلك هيئات ولجان وجمعيات, وأصدرت قرارات وقوانين ولوائح لمكافحة هذه الآفة (العالمية) الخطيرة.. أما القات, وهو آفة (محلية) لا تقل خطورة عن المخدرات في تقديرنا وفي تقدير غيرنا, فلا يزال أمره غير محسوم في نظر حكومة الجمهورية اليمنية, ولم تتخذ بشأنه إجراءات جدّية تحد من استفحال أخطاره, وان كان من المنتظر أن تتخذ هذه الإجراءات في العاجل لا في الآجل, خصوصاً وان هذه الحكومة تستمع دوماً إلى تفاقم أخطار القات وترى نتائجها ماثلة أمامها, وهي بلا شك ستسعى إلى ما يصلح الناس ويفيد المجتمع. وبصرف النظر عن هذا الرأي أو ذاك بشأن القات إن كان حلالاً أو حراماً أو مخدراً أو منبهاً, فإن الكل حكاماً أو محكومين أصبح يجمع على خطورة أضراره وضرورة السعي الجاد لإيجاد الحلول المعقولة والآمنة للتخلص منه, خصوصاً وانه أصبح يمثل في نظرنا وفي نظر غيرنا عاراً ومعضلة حضارية واجتماعية واقتصادية وتنموية, وبما لا يتفق وجوده مع المقومات الايجابية الحضارية والتاريخية للمجتمع في الجمهورية اليمنية. ومن ذلك ما أكدت عليه منظمة الصحة العالمية بجنيف في عام 1973م من أن القات يحتوي على بعض صفات وخصائص المخدرات, وكذلك ما أعلنه المؤتمر الإسلامي العالمي لمكافحة المخدرات والمسكرات المنعقد بالمدينة المنورة عام 1402ه (1982م) من أن القات يصنف ضمن المخدرات, وانه محرم شرعاً, فلا تجوز زراعته وتجارته وتعاطيه.. كما إن رئيس الجمهورية اليمنية السابق قد أقر بوجود مشكلات وأضرار اقتصادية واجتماعية ناجمة عن القات, وبما يعيق التنمية الطموحة, وذلك في مقابلة تلفزيونية مع قناة الجزيرة (القطرية) في 23/4/1998م.. وكذلك تلك النظرة الاجتماعية, وذلك التوصيف الرسمي والقانوني من قبل دول الجوار الجغرافي في الجزيرة العربية, بل وفي سائر الدول العربية والإسلامية وكثير من دول العالم بأن القات من المخدرات, ولابد من منع دخوله إلى أراضيها, بل وفرضت عقوبات متشددة على المخالفين لذلك تتراوح بين الإعدام أو السجن مدى الحياة أو مدة طويلة أو بغرامة مالية كبيرة وغيرها من العقوبات الرادعة. كما أن دولاً أخرى وصفت القات بأنه من النباتات الخطرة والسامة, ولذلك فهي لا تسمح بدخوله إلى أراضيها, وسنت في ذلك عقوبات متفاوتة بين السجن والغرامة.
ولا شك أن ما يعنينا حقاً من كل ذلك هو كيفية مقاومة ومكافحة آفتي القات والمخدرات وبالنظر إلى حجم الإضرار والأخطار المترتبة على تعاطيهما.. ونحن نرى أن ليس من رابط بينها غير الضرر الفادح والخطير الذي يصيب مجتمعنا في اعز وأغلى ما يملك, وهو الإنسان والثروة البشرية وبصورة أدق أطفالنا, وهم الرصيد الفعلي والحقيقي لأي تنمية جادة وجدية نسعى إليها, وبتوفيق من الله عزوجل.. وإذا ما خسرنا هؤلاء الأطفال – لا قدر الله – فإننا لا محالة نكون قد خسرنا مستقبلنا إلى أمد لا يعلم احد غير المولى تبارك وتعالى متى ينتهي.
أما المفاضلة بين القات والمخدرات وأيهما اقل أثراً وتأثيراً فهو أمر لا يعنينا تماماً, وهو غالباً ما يكون من باب التبرير أو التسلية أو الإلهاء للابتعاد عن الوصول إلى الحلول الجذرية التي تنفع المجتمع وتصلح حال الناس, وتبعدهم عن الأزمات والكوارث والمآسي التي تبتلي بها بعض المجتمعات.. ولنا في بعض شعوب الأرض ممن استخفوا بمثل هذه الآفات الخطيرة عِبْرةٌ لما وصلوا إليه من سوء الحال مثل كمبوديا وكولومبيا وغيرها, وحيث أدى انتشار المخدرات فيهما إلى ظهور كثير من المآسي الاجتماعية, كما حدث في كمبوديا من بيع للأطفال والنساء وفي تجارة غير شريفة لقاء لقمة عيش مغموسة في الذل والهوان.
ومن المخزي والمحزن أن نرى في حضرموت العزيزة أرض الخير والحضارة, بل وفي جميع أنحاء الجمهورية اليمنية, رجال نظن أنهم أسوياء نعتمد عليهم في إدارة شؤوننا وتصريف إعمالنا, والتعبير عن همومنا وطموحاتنا, وإزالة الآلام عن أجسادنا ونفوسنا, وإنارة الطريق أمامنا, والسعي لتوفير العيش الكريم لنا, وهم ممن لديهم القدرة في الفعل أو القول, ولكنهم ليسو كما كنا نتمنى أو نأمل, فكانت خيبة أملنا عظيمة ومؤثرة, وكانت مصيبتنا مضاعفة, ليس بما يفعله القات وتفعله المخدرات في مجتمعنا وخصوصاً في أطفالنا من تحطيم حقيقي ومنتظم وإنهاك تدريجي, وإنما كذلك من هذه القدوة الفاسدة والسيئة التي يمثلها رجال السياسة والإدارة والاقتصاد والتربية والتعليم والأكاديميين والقضاة والمحامين والإعلاميين وعلماء الدين وغيرهم ممن يتباهون بتعاطي القات, وكذلك فئة المتقاعسين عن أداء الرسالة الفاعلة المناطة بهم لإيقاف زحف وتمدد هذا الوباء الخطير الذي يمثله القات أو المخدرات في مجتمعنا, وخاصة على أطفالنا, فلا خير في هؤلاء المتعاطين للقات أو المتقاعسين عن أداء الرسالة, وهم يرون مجتمعهم على شفير الهاوية لا يحركون ساكناً, ولعلهم آثروا السلامة والأمان وجمع الغنائم والأموال على أن يرضوا الله عزوجل ويرضوا ضمائرهم ويسعوا بصدق إلى إصلاح حال العباد والبلاد.
وفي الأخير يبرز سؤال لا شك في انه يدور في ذهن كل من جعلته مشيئة الرحمن قائماً على رعاية من يعول من الأطفال والولدان والفتيان ذكوراً وإناثاً, وهو كيف نحمي هؤلاء من خطر القات والمخدرات, وخصوصاً في حضرموت التي لم تكن هذه الآفات معروفة فيها منذ حوالي ربع قرن, فإننا وبعون الله تعالى نقول ما يلي:
* إن القدوة الصالحة والحسنة منك أيها الأب أو ولي الأمر والمتسمة بالوعي الحقيقي لخطر هاتين الآفتين وعدم تعاطيهما, بل وعدم مجالسة كل من يتعاطى إحداهما أو كليهما, لا شك أنها أفضل وسيلة لحماية أطفالك من خطر القات والمخدرات.. ومهما بلغت أيها الأب أو العائل من مكانة علمية أو مرتبة عملية أو مقدرة مالية فانك لن تستطيع بمالك أو علمك أو جاهك أن تعالج أخطار الآفتين أو إحداهما إذا ما أصيب طفلك أو أطفالك بها.. فلا بد أن تحصن أطفالك بمناعة المقاومة الذاتية ضد القات والمخدرات.. وهذا لن يتأتى إلا بالفعل الطيب والمعاملة الحسنة لهم وبما أوجب الله عزوجل في تعاليم ديننا الإسلامي الحنيف وسيرة سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم من البعد عن المنكر ما كبر منه وما صغر. وهذا مما يساعد في إقناع عقولهم ونفوسهم الغضة بدلاً من إخضاعهم بالعصا أو العقاب أو الحرمان, إلا إذا كانت هناك ضرورة لاستخدام هذه الوسائل وبالحد الذي لا ينعكس أثرها سلبياً على الهدف المنشود منها.
* لا بد من المراقبة الواعية والمستمرة لسلوك الأطفال, ومعرفة أقرانهم في المدرسة وفي الشارع, حتى يمكن إبعادهم عن قرناء السوء وفي الوقت المناسب وقبل أن تستفحل الأمور ويكون من الصعب معالجتها أو السيطرة عليها.
* بذل الجهود الذاتية من قبل الأب أو العائل وبما لديه من قدرة علمية أو تربوية أو إرشادية أو إعلامية لمشاركة الآخرين في التوعية العامة بأضرار القات والمخدرات ضمن جمعيات المجتمع المدني والفعاليات الثقافية والإعلامية والعلمية المعنية بنشر الوعي بأخطار هاتين الآفتين. ولا شك أن مشاركة الأب أو العائل في أعمال هذه الجمعيات والفعاليات وبالقدر الذي تتيحه له ظروفه يزيده فهماً ووعياً بأخطار هاتين الآفتين, بل وبكيفية المعالجة المناسبة إذا ما ابتلي احد أطفاله أو من يعول بهما, وإذا كان الأب أو العائل من المتصلين بصناع القرار فعليه ألا يبخل ببذل أقصى جهد ممكن لديه لإقناع من بيده المسؤولية في العمل على الحد من انتشار هاتين الآفتين, بل ومكافحتهما بالطرق المناسبة والمتاحة, ودونما استخدام لعنفٍ أو تطرف أو ترهيب, حتى لا يؤدي ذلك إلى خلق أزمات جديدة في المجتمع.
* اعتبار حالة من ابتلي بإحدى هاتين الآفتين أو بهما معاً بأنها حالة مرضية تستدعي المعالجة الصبورة, وأحياناً طويلة الأمد, فلا مكان لليأس والشعور بالإحباط ونفاذ الصبر لمن وضع في موضع المسؤولية على رعاية أطفاله أو من يعول, فكلكم راعِ وكلكم مسؤول عن رعيته.
ونسأل الله عزوجل أن يجنبنا كل شر وضُر من هاتين الآفتين ومن غيرهما.. وان يحفظ أطفالنا من كل سوء؛ حتى ينعموا بحياة سوية ومستقرة كما أرادها الله تبارك وتعالى للمسلمين ولكافة البشر أجمعين.
تصورات ومقترحات في المعالجات الممكنة لمواجهة خطر القات
لا شك أن البداية الطبيعية والسليمة لحل مشكلة القات تكمن في الاقتناع الجدّي بخطورتها وأثرها السلبي على التنمية الحالية والمستقبلية شعباً وأرضاً, واستنزافاً للموارد الطبيعية, وإنهاكاً للقوى البشرية, وبما يعنيه ذلك من خطر داهم على ثروتنا الحقيقية والمتمثلة في إنسان الغد, أي في الأطفال والأجيال القادمة.
ولن نستطيع حل هذه المشكلة أو حتى الحد من أضرارها المتصاعدة إلا من خلال قناعة راسخة بخطورتها, ومن ثم السعي الصادق والجاد لوضع الحلول المناسبة التي تخدم كافة المواطنين أو غالبيتهم وليس شريحة أو فئة أو طائفة أو طبقة فيهم, ثم البدء في تنفيذ حازم لتلك الحلول, وذلك من قبل كل من:
* القيادة السياسية العليا في الوطن, وهم ممن بيدهم صنع القرار والدفع بتنفيذه.
* النخب الأكاديمية والاجتماعية والثقافية والتربوية وعلماء الدين وغيرهم, ممن بيدهم مصابيح النور لهداية الناس إلى ما ينبغي فعله.
* التنظيمات السياسية ومنظمات المجتمع المدني, والذين بيدهم قوى الضغط والدفع لإيجاد الحلول الجذرية لهذه الكارثة, مع المساهمة في تنفيذ إجراءات التخلص منها.
وبدون الاقتناع الجدي من هذه الأطراف السابق ذكرها لن نتمكن من الخروج من المأزق الذي وضعنا فيه بسبب القات وهيمنته علينا, والذي فرض علينا أن نسير في دروب التنمية المتخلفة, حتى وصلنا إلى نفق مظلم لا ندري إلى أي اتجاه نحن متجهون.
وكنا قد قدمنا في جمعية حقوق الطفل بمحافظة حضرموت وخلال فعالية ثقافية نظمتها بالمكلا في 12/6/1998م تحت عنوان (القات وحقوق الطفل في حضرموت) مجموعة من التصورات والمقترحات العملية في كيفية المعالجة الممكنة والمتدرجة للحد من خطورة هذه الآفة بوجه عام وعلى أطفال حضرموت بوجه خاص, وذلك على النحو التالي:
* التنسيق مع وسائل الإعلام المختلفة, وخصوصاً مع إذاعتي المكلا وسيئون لتنظيم وبث برامج إذاعية للتوعية الجماهيرية.. وتكون بصفة دورية ومكثفة تبين الأضرار الناجمة عن تعاطي الآباء للقات على أنفسهم وعلى أطفالهم وعلى مجتمعهم بوجه عام, إلى جانب بث فقرات إضافية بهذه الأضرار تدرج ضمن البرامج الدينية والصحية وبرامج الأسرة والطفولة والشباب وغيرها, من البرامج الثابتة في الخريطة البرامجية للإذاعتين ذات الصلة بالتوعية السكانية والجماهيرية.
* حث علماء الدين والعاملين في مجال الوعظ والإرشاد في حضرموت بتكثيف جهودهم في التنبيه إلى خطورة القات على الأطفال وعلى الأسرة والمجتمع بوجه عام, وإيضاح ذلك للآباء المتعاطين للقات بصورة قاطعة وحازمة, ودون الدخول في متاهات حول القات إن كان حلالاً أو حراماً, وذلك التزاماً بما اوجب الله تعالى على المؤمنين من اعتماد الحرص في تأمين سلامة حياتهم وحياة من يعولون.
* حث المؤسسات التعليمية والتربوية في حضرموت على توجيه المدرسين والمربين على التحلي بالخلق الفاضل والإقلاع عن هذه العادة القبيحة التي تضر أكثر مما تنفع, وحتى لا يفقد التلميذ أو الطالب القدوة المنشودة في المدرس كقدوة صالحة, وحتى لا يكون المدرس كفاقد الشيء لا يعطيه.
* حث الملتقيات والمنتديات الثقافية والاجتماعية, وكذلك الأندية الرياضية في حضرموت على تنظيم فعاليات ثقافية متكررة حول أضرار القات وبمشاركة مختصين اجتماعيين وتربويين وأطباء وعلماء دين وغيرهم, من اجل تحسيس الآباء المتعاطين للقات بخطورة استمرارهم في ذلك, مع أخذ مبادرة شجاعة تتسم بالمسئولية والحرص على مستقبل الوطن وأجياله, من خلال حث الحاضرين في تلك الفعاليات الثقافية عن الامتناع عن تعاطي القات أثناء مناقشة موضوع القات, لأنه لا معنى للمناقشة ولا جدوى منها والحاضرون فيها يتعاطونه.. وكما قال الشاعر:
لا تنه عن خلق وتأتي مثله عار عليك إذا فعلت عظيم
ويا حبذا لو اعتمدت هذه المنتديات والملتقيات جلسة نقاش واحدة في الشهر ومن الجلسات التي تتناول مواضيع أخرى غير القات وتنبه على روادها بالامتناع عن القات أثنائها, أي أثناء هذه الجلسة المختارة بقصد التعوّد على مثل هذه الفعاليات الخالية من القات.
* حث التنظيمات السياسية العاملة في الجمهورية اليمنية في السلطة أو المعارضة على تبني معالجات واقعية ومتدرجة للتخلص من أضرار القات, وخصوصاً على الأطفال, مع الإشارة إلى ذلك بوضوح في البرامج الانتخابية لهذه التنظيمات السياسية, حتى لا تفقد هذه التنظيمات مصداقيتها لدى المواطن.
* حث أعضاء مجلس النواب للدوائر الانتخابية في حضرموت, وكذلك أعضاء المجالس المحلية فيها على تبني طرح قضايا مكافحة القات لأضراره الملموسة على الأطفال وعلى سائر أفراد المجتمع, وذلك في مناقشات مجلس النواب والمجالس المحلية, بقصد إصدار قرارات أو توجيهات تخفف من وطأة هذه الأضرار على الأطفال وعلى غيرهم.
* حث الجمعيات الخيرية في حضرموت على تبني مشاريع اقتصادية واستثمارية لاستيعاب فئات من العاطلين والفقراء والمعوزين, وحتى يمكن الحد من انتشار مظاهر البؤس الاجتماعي كالفقر والتسول والتشرد وعمل الأطفال والأضرار الصحية وغيرها من الأضرار الناتجة عن القات.
* التوسع في تكوين جمعيات غير حكومية لمحاربة القات, من خلال التعريف بأضراره الخطيرة على الأطفال وعلى المجتمع بأسره, وكذلك من خلال السعي مع الآخرين لإيجاد الحلول لهذه المعضلة والمساهمة في تنفيذ تلك الحلول, وذلك مع حث السلطات المحلية في حضرموت لتسهيل مهمة هذه الجمعيات ودعمها مادياً ومعنوياً لأن نشاطها في النهاية هو لخدمة الإنسان والتنمية في حضرموت.
* حث السلطة المحلية في حضرموت على وضع إجراءات مناسبة للتقليل من انغماس الآباء في تعاطي القات, كأن يسمح ببيعه خلال يوم واحد من أيام الأسبوع, وذلك حتى تتمكن هذه السلطات من اتخاذ القرار في الوقت المناسب من حظر بيعه نهائياً.
* حث السلطة المحلية في حضرموت على إنشاء صندوق يسمى (صندوق مكافحة أضرار القات على الأطفال), ويتكون دخله من جزء من الضرائب التي تجبى من بيع وتجارة القات في حضرموت. وتذهب مخصصات هذه الصندوق لرعاية الأسر والأطفال المنكوبين بأضرار القات والذين فقدوا الرعاية السليمة من آبائهم المتعاطي للقات.. ويقوم هذا الصندوق وتحت إدارة أمينة ومستقيمة ومستقلة وغير مسيّسة برعاية هؤلاء الأطفال مادياً ومعنوياً, وتعويضهم عما فقدوه في آبائهم المتعاطين للقات, وهم أطفال لا حول لهم ولا قوة في دفع هذا البلاء عنهم, ولعل ما سيقدمه هذا الصندوق لأطفال الآباء المتعاطين للقات يمنع كوارث قد تنجم عن سوء تربية هؤلاء الأطفال من قبل هؤلاء الآباء, كما انه قد يبعث في هؤلاء الآباء الشعور مجدداً بالعزة والكرامة والأبوة الصادقة إن بقي شيء منها, كما انه يمثل وصمة عار على جبين هؤلاء الآباء لعله يؤتي ثماره في دفعهم إلى الإقلاع النهائي عن هذه العادة المضرة والقبيحة التي لا تليق بكرامة المسلم والإنسان عموماً.
خاتمة
لا شك أن البداية الصحيحة والسليمة تقود إلى نهاية صحيحة وسليمة, والبداية الخاطئة أو المنحرفة تقود حتماً إلى نهاية خاطئة أو منحرفة.. وهذا القول البسيط ينطبق على كل شيء في حياتنا المادية أو المعنوية.
وما دمنا قد تناولنا في الصفحات السابقة كارثة القات بأبعادها الخطيرة اقتصادياً واجتماعياً وتنموياً, وخصوصاً آثارها السلبية على أطفالنا, وهم ثروتنا الحقيقية في مواجهة تحديات المستقبل فإنه من الأحرى بل ومن الأصوب تماماً القول بأن القات قد بدأ بداية خاطئة ومنحرفة وشاذة في تثبيت أقدامه في مجتمعنا الحضرمي على وجه الخصوص, بل وغرز أنيابه القذرة والمسمومة القاتلة فينا, وهو بجملته خبثٌ خبيث, ولا يستوي مطلقاً مع أي طيب تقبله النفس ويدركه العقل مما أمر به رب العزة والجلال, وأوصى به نبينا محمد صلى الله عليه وسلم, ومهما قال القائلون بغير ذلك وأنكروا إنكاراً أو استكباراً أو استعلاءً أو غروراً لا أصل ولا قاعدة له. وقد قال الله تعالى في ذلك بالآية المائة من سورة المائدة } قُلْ لا يَسْتَوِي الْخَبِيثُ وَالطَّيِّبُ وَلَوْ أَعْجَبَكَ كَثْرَةُ الْخَبِيثِ فَاتَّقُوا اللَّهَ يَا أُولِي الأَلْبَابِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ{. صدق الله العظيم.
ومع كل هذا وذاك فان من الواجب علينا جميعاً الاستماع إلى صوت العقل والضمير, ولنبدأ بخطوة جادة للتخلص من أخطار آفة القات هذه حتى نكون قادرين حقاً على تحقيق ما نصبوا إليه من طموحات في التنمية المنشودة, صوناً لحاضرنا, وحماية لأطفالنا ولأجيالنا القادمة بعون الله تعالى وتوفيقه, وهو القائل في كتابه المجيد في سورة النمل }مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ خَيْرٌ مِنْهَا وَهُمْ مِنْ فَزَعٍ يَوْمَئِذٍ آمِنُونَ (89) وَمَنْ جَاءَ بِالسَّيِّئَةِ فَكُبَّتْ وُجُوهُهُمْ فِي النَّارِ هَلْ تُجْزَوْنَ إِلاَّ مَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ (90){ صدق الله العظيم.
المكلا – حي السلام
5 سبتمبر 2014م
المراجع
آل الشيخ (محمد بن إبراهيم بن عبد اللطيف), فتوى في حكم أكل القات, الطبعة الثالثة, السعودية, بدون ناشر, 1414ه (1994م).
الإمام (محمد بن عبد الله), فتوى في حكم القات, الطبعة الثانية, مركز عبادي للدراسات والنشر, صنعاء, 2000م.
باجبير ( محمد عوض), القات والطب, الطبعة الثانية, مركز عبادي للدراسات والنشر, صنعاء, 1999م.
باجبير ( محمد عوض سعيد), اثر القات على وظائف الكبد والكلى وعلى مستوى سكر الدم, الطبعة الأولى, مركز عبادي للدراسات والنشر, صنعاء, 1998م.
باحاج ( عبد الله سعيد), القات في حضرموت بين الفرض والرفض, الطبعة الأولى, مركز عبادي للدراسات والنشر, صنعاء, 2004م.
الرعدي ( محمد احمد), القات: السلوى والبلوى, الطبعة الأولى, مؤسسة العفيف الثقافية, صنعاء, 1992م.
عوض (ناصر عبد الله), المشوهون: تأثير القات على الهرمونات والوراثة, الطبعة الأولى.. مركز عبادي للدراسات والنشر, صنعاء, 1999م.
الفاطمي (محمد علي), كيمياء القات: ماهيتها.. خصائصها.. تأثيرها, الطبعة الأولى, مركز عبادي للدراسات والنشر, صنعاء, 1999م.
الماحي (التجاني), دراسة أولية للقات, الطبعة الأولى, دار جامعة عدن للطباعة والنشر, عدن, 2001م.
مركز الدراسات والبحوث اليمني, القات في حياة اليمن واليمانيين: رصد ودراسات وتحاليل, الطبعة الأولى, مركز الدراسات والبحوث اليمني بصنعاء ومكتبة الجماهير ببيروت,1982م.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.