حين تتحدث عن أزمة مشتقات نفطية في اليمن فأنت تتحدث عن جزء من الروتين اليومي للمواطن، وحين تسمع شكوى انقطاع الكهرباء فذلك أمر طبيعي جدا في حياة اليمني المعاصر، وحين تنادي وتناشد الدولة أو مسؤوليها المباشرين وغير المباشرين بضرورة توفير مادة الغاز المنزلي، فإن تصرفك هذا يعد هراء، وترفا لا يعفيك من الانتقاد في ظل مشاكل لا يحصرها أفق. لكن أتحدث هنا عن أزمة تطحن المواطن والوطن في سقطرى منذ أشهر دون أن تلقي الحكومة لها بالا، قد لا تكون مشكلة أبدا مع المواطن السقطري الذي لا يعتمد على ما تعطيه الدولة، فقد كيَّف نفسه على الحياة الطبيعية وركن إلى اعتماد شبه ذاتي على نفسه، فما تجيء به الحكومة فهو من باب الكماليات وزيادة الخير. المواطن السقطري الذي فطر على البساطة والطيبة والتلقائية، لم يسلِّم حتى اللحظة ثقته للدولة على الرغم من حاجته، وفضل الاحتفاظ بثقته بنفسه، وهي تكفيه، فلعله يعلم أن من وثق بالدولة فإنها خاذلته لا محالة. نعلم جميعا أن جزيرة سقطرى واحدة من أهم المناطق الطبيعية المحمية في العالم، ومدرجة ضمن المحميات الطبيعية المعترف بها من الأممالمتحدة، وقد اكتسبت هذه الميزة من خلال ما تملكه من تنوع في المجال البيئي البحري والبري، إذ يعد تنوعها البيئي البري أهم مصادر تميزها على مستوى العالم. ومشكلة الغاز الحالية حولت الاعتماد بصورة كلية على الحطب، وهذا يعني القضاء على مساحات شاسعة من الغطاء النباتي الطبيعي في الجزيرة، فتعداد السكان يتجاوز 100 ألف نسمة، ولو فرضنا أن هناك 30 ألف أسرة، فلك أن تتخيل كم ستستهلك من الحطب خلال شهر واحد فقط إضافة إلى ذلك ما سمعته من أن عدة سفن في الأيام العادية تنطلق إلى بعض دول الخليج محملة بالفحم. إنها جريمة يتم ارتكابها بتواطؤ رسمي معلن. وصمت رهيب، يهدد بطمس معالم الجزيرة الطبيعية، وتحويلها إلى مساحات جرداء لن يبقى فيها سوى طائر السوعيدو والغراب الهندي المستورد. يجب أن يقف كل الخيرين أمام هذه الكارثة التي تهدد المجتمع وتهدد سقطرى ومستقبلها ومستقبل أجيالها، فإذا كانت الدولة في حالة غيبوبة فعلى كل من يحب الطبيعة وسقطرى أن يبادر إلى إنقاذها من الاحتراق، ولكي لا نرى آخر شجرة دم الأخوين أو دم التنين كما يطلق عليها باللغة الإنجليزية وقد تحولت إلى فحم للاستهلاك المحلي أو الدولي.