في غرفة صغيرة تقع بالطابق الأول من أحد العمائر بمدينة المكلا تسكن ثلاث أسر نازحة من أبناء محافظة عدن ويتبع لهذه الغرفة حمام صغير ولايوجد بها مطبخ ويتكدس بهذه الغرفة النساء والأطفال مع وجود امرأة كبيرة في السن تعاني من جلطة ألمت بها . هذه أحد الحالات التي تم زيارتها صباح يوم الثلاثاء بمعية مندوبين من اللجنة العليا للإغاثة بمدينة المكلا لنقل معاناة إخواننا من ضيوف حضرموت النازحين حيث تعاني هذه الأسر الثلاث وضعا معيشيا صعبا للغاية ولايلاقون إلا الشئ القليل من الإغاثة من جمعيات خيرية وعلى رأسها جمعية الأسرة السعيدة . يقول ناصر محمد علي أتينا من مديرية القلوعة بعدن نازحين و اضطررنا للسكن في هذه الغرفة فوق أسرتين أخريتين والحال واضح أمامكم لايريد كثير كلام !!!! . برنامج زيارتنا شمل زيارة أخرى لاتقل مأساة عن الأولى حيث زرنا شقة أقرب إلى بدروم تقع بأحد حارات مدينة المكلا ويسكن بهذه الشقة 3 أسر نازحة قدمت من مديرية خور مكسر هروبا من الحرب كما قال رب أحد الأسر . يقول الأخ محمد عوض باثعلب بأنهم في هذه الشقة يعانون كثيرا ولم تعطيهم لجنة الإغاثة بحضرموت أي شئ ولم نلق إلا سلة غذائية من أحد الجمعيات الخيرية وقد انتهت . ويضيف باثعلب نحن أسر مستورة الحال والحمد لله لكن الحرب هي من اضطرتنا لهذه المعيشة . وناشد رب الأسرة الحكومة اليمنية إنقاذهم من هذا الوضع ، متسائلا عن زيارتنا لهم ( ماذا سنستفيد من زيارتكم هذه ؟؟!!! ) . زيارة الفريق الإعلامي شملت أيضا زيارة مركز الروّاد التابع لجمعية طالب العلم الخيرية والواقع بمنطقة شعب البادية بديس المكلا حيث تسكن فيه 13 أسرة نازحة بها 61 فرد وتقدم لهم الجمعية وجبتي غداء وعشاء وغرفة واحدة لكل أسرة كما أفاد بذلك مشرف السكن الأخ إبراهيم سعيد الصويل . في زيارتنا التقينا بأم أنس والتي نزحت للمكلا من منطقة الكريمة بلحج هي واثنتين من بناتها حيث أخبرتنا بأنها لم تستطع العيش في محافظة لحج بسبب الحرب فنزحت مضطرة إلى المكلا من أجل الأمان . آخر الزيارات كانت لمركز إيواء نازحين من الصومال بمنطقة فوة ، والمركز الذي يقع بأحد المدارس ومن النظرة الأولى له تحكم عليه بأنه غير مناسب للمعيشة ويستحق الكثير من الدعم ، حيث أفادنا المشرف على السكن الأخ صالح رجب باهارش بأنه يسكن في هذا المركز 315 فرد موزعين على 75 أسرة وهو ملئ على آخره ولايوجد به أي متسع ومع ذلك فنتفاجأ بشكل يومي وجود الكثير من النازحين الذين يوصلونهم أصحاب الباصات للمركز ويتركونهم لنا كأمر واقع . ويضيف باهارش مشكورا بأن وضع المركز سيء فلم نجد أي دعم من لجنة الإغاثة بحضرموت والوضع الصحي بالذات ضعيف جدا ونعاني منه كثيرا فالوحدة الصحية المجاورة للمركز لايوجد بها علاجات وعندما نوصل بعض النازحين المرضى إلى المستشفيات نتفاجأ بأنهم يطالبونا بتكاليف العلاجات ونحن لانملك أي دعم ، وبعض الجوالات الخاصة بالمسعفين مازالت مرهونة عند المستشفى حتى ندفع التكاليف !!! وشكر باهارش جمعية الإصلاح الخيرية التي تقدم ثلاث وجبات يومية للنازحين ، كما شكر مؤسسة القلب الخيرية التي توفر لهم علاجات للنازحين ، وشكر أيضا جمعية الأسرة السعيدة على دعمهم في هذا المركز . وطالب باهارش أهل الخير والإحسان بتوفير بعض الاحتياجات الهامة لهؤلاء النازحين ومن ذلك خزان ماء كبير حيث لايوجد إلا خزان صغير لايكفي ليوم واحد . ماتم عرضه في هذا التقرير ماهي إلا نماذج قليلة لحجم المأساة المتزايد الذي يعانيه النازحون والذين بلغ عددهم بمدينة المكلا إلى 50000 نازح موزعين على 16 مركز إيواء والكثير منهم يسكن عند أقاربه الذين يعاني منهم الكثير وضع معيشيا صعبا في حضرموت . اللجنة العليا للإغاثة بمحافظة حضرموت أعلنتها مدوية وبكل وضوح بأنهم لم يستلموا أي إغاثة من اللجنة العليا للإغاثة بالرياض ولم يمدوهم بأي موازنات تشغيلية ، ولم يردوا على مناشداتهم ورسائلهم المتكررة بطلب ضم محافظة حضرموت ضمن برنامج الإغاثة لهذه اللجنة التي ترأسها الأخت نادية السقاف وزيرة الإعلام وفي عضويتها المهندس بدر باسلمة وزير النقل . هذه المآسي المتزايدة والانعدام الكامل في المشتقات النفطية في المحافظة وضعف التموين الغذائي بالمحافظة والذي لن يكفي لشهر واحد فقط ، وعدد هؤلاء النازحين المتزايد ،كل ذلك لم يلفت نظر هذه اللجنة ولم يجعلها تعطي ولو جزء من اهتمامها لمحافظة حضرموت ، فإلى متى ذلك ؟