كالعروس الحالمة كانت مدينة المكلا حاضرة محافظة حضرموت تتزين أبان احتفالات العيد ال 15 لعيد للوحدة اليمنية والذي احتضنته المدينة في عام 2005 , كان كل شي يبدو جميلاً وجديداً ، فالطرقات جديدة والشوارع نظيفة ومعبدة ، وكذلك كان " خور المكلا " . إلا إن كل هذا أسدل عليه الستار وتدمر واختفى بمجرد حدوث كارثة فيضانات حضرموت عام 2008 لتصبح جميع تلك المشاريع والإنجازات الهائلة والتي صرف عليها مليارات الريالات من أموال الشعب إلى مجرد إنجازات كرتونية هشة واهية ، لم تستطع الصمود أمام تلك الكارثة التي لاتزال ملامحها وتأثيراتها قائمة حتى الآن ، فبعض الطرقات لاتزال مدمرة ولا تزال بعض الأسر مشردة . وكأنه كتب على هذه المدينة ألا تعرف السعادة فمدينة المكلا وغيرها من مدن حضرموت تفتقد للبنية التحية بشكل كبير ، فالطرق ليست ممهدة بذلك الشكل المطلوب ، ومياه الشرب لاتصل إلى كل المنازل ، حتى الكهرباء ليست متوفرة في كل مناطق المحافظة ، صحيح أن الكهرباء وخصوصاً في مدينة المكلا شهدت تحسناً ملحوظاً في الآونة الأخيرة نتيجة لجهود جبارة قام بها محافظ المحافظة الشاب " خالد سعيد الديني " , إلا أن وضع الكهرباء في حضرموت بشكل عام ليس جيداً ومستقراً . قد يكون هذا الأمر مقبولاً في نظر أي شخص من الوهلة الأولى خصوصاً في ظل الظروف الاقتصادية والسياسية والأمنية التي يمر بها اليمن, إلا أنه يصبح وضعاً غير مقبولاً على الإطلاق فور أن تعلم أن هذه المحافظة والتي تفتقر لبنية تحتية أساسية تشمل الطرق والجسور والكهرباء والمياه والمشافي وغيرها من الخدمات هي من تزود اليمن بأكثر من ثلاثة أرباع ميزانية . منذ أن ترك السيد " عبد القادر هلال " المحافظ الأسبق لحضرموت منصبه تعاقب على هذه المحافظة ثلاثة محافظين وعدد من المسئولين إلا أن أغلبهم ظل في مقعده لم يتحرك منه منذ سنوات طويلة ولعل هذا من أحد الأسباب التي عاقت دون أن تشهد حضرموت أي تطوراً أو تقدماً ملحوظاً على جميع الأصعدة . فمن السيد " طه هاجر " وريث هلال ، مروراً بالسيد " سالم الخنبشي " وأخيراً بالسيد " خالد الديني " لم يُلحظ أي تغير يذكر في البنية التحتية في حضرموت ، إلا من بعض المحاولات الخجولة التي قام بها السيد " خالد الديني " رغم أن توليه لهذا المنصب جاء في وقت محرج للغاية خصوصاً في ظل الأوضاع السياسية والأمنية التي شهدتها البلاد واندلاع الثورة الشعبية السلمية وما أفرزته من تغييرات جديدة على أرض الواقع . أكثر ما يغضب المواطنيين الحضارمة ويثير سخطهم هو استمرار مشاهدتهم لتدهور الوضع الخدماتي في مدينتهم التي تمتلك من الثروات والإمكانيات ما يجعلها دوله مستقلة بحد ذاتها , وهنا استغلت السلطة المحلية في حضرموت هذا الغضب والسخط واستخدمته كسلاح لها في صراعها مع السلطات المركزية في صنعاء وخصوصاً مع وزارة المالية وهي الأزمة التي تفجرت في شهر مايو الماضي من العام الحالي لتندلع بعدها حرباً إعلامية بين الجانبين ، حينها وبعد قيامها بعملية شحن الشارع الحضرمي إعلامياً بشحنة كبيرة من الغضب الشعبي تجاه الحكومة المركزية في صنعاء ، أشهرت السلطة المحلية بحضرموت بيانها الشهير الصادر عن إجتماعها والذي أسمته " انتزاع حقوق حضرموت " والذي أرعدت وأبرقت من خلاله الغضب على صنعاء وأهملتها حتى يوم 22 مايو لكي يتم إعادة صرف مخصصات حضرموت ، ما لم فأنها ستدعو " لمؤتمر حضرمي " يقرر فيه الحضارمة بجميع توجهاتهم موقفاً موحداً تجاه صنعاء , ولربما يشمل هذا الموقف أيضاً إيقاف الموارد التي يتم إرسالها لصنعاء وإيقاف تصدير النفط .. ولربما إعلان انفصال حضرموت عن اليمن , مثلما استنتج البعض . ولأن الشارع الحضرمي كان قد تعرض مسبقاً لشحنة كبيرة من الغضب فقد صفق وهلل وكبر كثيراً لبيان السلطة المحلية الذي حضي كذلك بدعم أحزاب المعارضة ونوابها في حضرموت ، كيف لا يفعل ذلك وهو الذي شعر ولأول مرة منذ عقود بأن كرامة الحضرمي لم تعد مهانة . إلا أن الشارع الحضرمي أصيب بخيبة أمل وصدمة قوية ، فور أن شاهد خبوت وانطفاء وهج نار وحماس بيان السلطة المحلية والذي ذهب أدراج الرياح بعد أن لعب رجال الساسة لعبتهم وتلافوا المشكلة دون أن يحصل المواطن الحضرمي على حقوقه وأمانيه التي كان يحلم بها ليعود المواطن الحضرمي من جديد إلى نافذته ليمارس هوايته المفضلة منذ سنوات خلت ألا وهي " التفرج والتحسر " وهو يرى خيرات بلاده تنهب وتوزع دون أن يحصل على أبسط حقوقه في العيش الكريم … ومن المعاضل الأخرى التي يعاني منها أبناء المكلا هو إفتقاد المكلا للحدائق العامة والمتنزهات العامة ، فمثلاً هذه الأيام وهي أيام عيد تجد أن أغلب الأسر تعزف عن الخروج وقضاء أجازة العيد لأنهم وبكل بساطة لا يجدون مكاناً يذهبون اليه ، فخور المكلا قد تحول إلى بركة من المياه الآسنة ، وأصبحت رائحة كريهة بفضل التخطيط السيئ والذي جعل من مياه الصرف الصحي تجد من قناة الخور مصباً لها . وأما شارع الستين فهو الآخر لم يعد صالحاً , فقد تحطم جزء كبير منه وانعدمت الإنارة إما بسبب الإهمال أو السرقة من قبل ضعاف النفوس ، أما المحضار فقد أًصابه نفس ما أصاب الستين . والمثير للضحك أن من يشاهد تلك الحفريات التي أصبحت موجودة في كورنيش المحضار لاعتقد إن هنالك كنز أو بئر بترول يتم التنقيب عنه .. أما ملاهي خلف فقد عفا عليها الزمن ، وأًصبحت خردة , فبإمكان المشاهد أن يرى الصدأ بأم عينه وقد انتشر على مكائن وألعاب الحديقة وكذلك يمكنه سماع صرير المكائن من مسافات , ومن هنا أوجه نداء إلى السلطة المحلية بأن تشكل لجنة لدراسة ماإذا كانت تتوفر شروط الأمان لألعاب هذه الحديقة قبل أن تحصل كارثة لاقدر الله . اذن فأين يذهب المواطنون لقضاء الإجازة ، وفي ظل انعدام خيارات أخرى يصبح خيار خليك بالبيت هو سيد الموقف .، فما الذي تحقق لحضرموت ؟؟ ولماذا لا تعمل السلطة في المكلا على بناء الحدائق العامة ، لماذا لا يتم بناء مدن ملاهي جديدة … لما لا تقوم بعمليات ترميم حقيقة لتلك المنشات المقامة فعلاً … أخيراً وبعد كل هذا ، أخبروني ماذا فعلت هذه الشخصيات التي تناوبوا على السلطة في حضرموت وبعضهم لا يزال في مقعده إلى أجل غير مسمى ؟؟