جُرجر الرئيس الفرنسي الأسبق جاك شيراك إلى المحاكم وقضت إحدى المحاكم الفرنسية عليه بالسجن مع وقف التنفيذ في قضية فساد تم أدانته فيها , وهى تتعلق بصرف رواتب لوظائف الوهمية,فكم عندنا يا ُترى من الوظائف الوهمية التي يتم صرف رواتب لها, فلوتم مقارنتها مع تلك التي ُأتهم على ضوئها الرئيس شيراك لكانت عندنا أضعاف مضاعفة عدة مرات ولا حسيب ولا رقيب ولا قانون,رغم أن القضية التي أتهم على أساسها الرئيس شيراك تعود إلى ما قبل ثلاثين عاما أو يزيد وذلك حينما كان شيراك وقتها عمدة لباريس ,لكنه القانون الذي لا يغفل أي قضية إذا ما كانت هناك قرائن أثبات وأدلة تدعم الاتهامات فلا شيء عندهم يعطل سير القانون وإجراءات التقاضي فلا أثوار تهجير ولاجاه القبيلة ولا رمي الكشائد والعمائم,فالقانون قانون يا أبيض يا أسود لا لف ولا دوران ولا كبير ولا صغير .. عندنا حدث ولا حرج عن القضاء,حتى غدا الكثير من الناس يكرهون التقاضي ,لأنه في نظرهم مثل مغارة علي بابا الدخول إليها سهل والخروج منها صعب , تطويل في القضايا حتى ينسى البعض أن له قضية منظورة أمام القضاء,والبعض يغيبه الموت ولازال في انتظار العدالة والإنصاف,وهذا لوحده كافٍ لأن يجعل الكثير من الناس يشكون في قدرة القضاء على إقامة ميزان العدل,كما أننا لا ننسى أن القضاء يعانى من تدخلات في عمله تحد من استقلاليته , حيث أن الاستقلالية التامة للقضاء من أهم مقومات وركائز وأعمدة نزاهته وقوته ,فكلما كان القضاء مستقلاَ كلما كان أكثر قوةً في تنفيذ أحكامه وتطبيقها علي الجميع الكبير قبل الصغير,كما أن القضاء بحاجة إلى تنقية من الذين شوهوا سمعته بأحكام جائرة معظمها باطلة,ومع كثرة الشكاوى من المواطنين منهم إلا أنه نادراً ما يتعرض أحدهم لعقوبات التفتيش القضائي ,الذي هو الآخر خلال الفترات الماضية كان دوره ضعيفاً في تصحيح الوضع القائم .. من هنا جاءت مطالبات الكثير من القانونيين والحقوقيين ومنظمات المجتمع المدني وحتى الإفراد العاديين بضرورة استقلال القضاء عن أي تدخلات وخصوصاً السلطة التنفيذية ,وكما أن إخضاع الجميع لقوة القانون يعبر عن هيبة الدولة وقدرتها على إخضاع الجميع لسلطة القانون ,و يعني ذلك أن المواطنة متساوية فيها لا فرق بين مواطن وآخر, الكل متساوون في الحقوق والواجبات,من هنا فإننا نحتاج إلى إعادة هيكلة يتم من خلالها الفصل بين السلطات الثلاث التشريعية والتنفيذية والقضائية بتزامن مع هيكلة القضاء نفسه بحيث يتم تصفيته من كل ما علق به من أدران أدرت إلى تعطيل دوره في إقامة العدل وزعزعت الثقة باستقلاليته,فهل تُعاد الهيبة للقضاء مثل ما كانت وهل ستنفذ أحكامه على الجميع دون تمييز؟ نتمنى ذلك ,فلله الأمر من قبل ومن بعد..