تلقيت مؤخرا رسالة من صديق عزيز حملت في طياتها عبارة (ابتسم دائما.. كى يحتار الناس في فهمك)، وفي الحقيقة لست أدري ما هو المغزى الذي أراد أن يلمح إليه من وراء هذه الرسالة التي بعث بها لجميع اصدقائه على عنوانه الخاص في الفيس بوك؟، فأن يحتار الناس فيك، وفي فهمك قد يغري البعض في وضع أكثر من علامة استفهام حول شخصيتك، كما أن الابتسامة بحد ذاتها في كل المواقف وأمام مختلف الوجوه قد تجعل الاخرين ينظرون إليك بعين الريبة والشك، ومنهم من قد يسارع في أن يلصق بك تهمة التمرد على الذوق العام، وعدم التقيد بالأدب، لكن هذا لا يعني أنني اقف موقف الضد أو المعارض من الجوهر الذي انطوت عليه هذه الرسالة، فالابتسامة قيمة معنوية لاغنى عنها للنفس البشرية، فهي الباعث على التمسك بأهداب الحياة، وعدم فقدان الأمل، بعد كل انتكاسة أو كبوة أو تجربة لم يكتب لها النجاح، ويكفي ان استشهد بحديث رسولنا المصطفى: (الابتسامة في وجه اخيك صدقة). كل ما اردت توضيحه؛ هو انه لا بد من مراعاة خصوصية مجتمعاتنا وعقليات بعض افرادها الذين لا يعجبهم العجب ولا الصيام في رجب، ويحشرون انفسهم في كل كبيرة وصغيرة، ويحكمون على المرء عادة من خلال أمزجتهم (المتقلبة)، فأمثال هؤلاء وما أكثرهم في بيئتنا المحلية، لن يجدوا حرجا في مصراحتك ببعض سلبياتك التي يرونها بأعينهم (الضيقة)، فعندما تطبع محياك بالابتسامة العريضة سيصفونك بالمهلوس والمخبول، وإذا كانت تقاطيع وجهك جامدة وأقرب إلى الشخص العبوس، سيقولون أنك مريض نفسي أو معتوه، وإذا لاحظوك مطأطئ الرأس وتمشي لحالك محبط وشبه مهموم، اتهموك بالضعف والخمول، وعندما تنفض عن كاهلك غبار الوهن والخضوع وتشق طريقك بينهم واثق الخطى بلا تعب أو قنوط، قالوا أنه مسك داء التباهي والغرور، وإذا قررت أن تبتعد عنهم ولا تستمع إلى ما يقولوه، أدعوا بأنك إنسان سلبي وضررك على المجتمع أكيد ومضمون. ما تقدم لا يرجح أيضا أن جميع من ينتقد تصرفاتك على خطأ وأنت على صواب، فأحيانا تكون الانتقادات التي ترتدي ثوب (النصائح) فرصة لتقييم سلوكياتك، والنظر في (مرآة) عيوبك، دقق في مصدرها، وستعرف حتما قيمتها وأهميتها في تغيير مجرى حياتك.