بداية لابد من الاشارة الى حقيقة مفادها اني كنت من اشد المنتقدين لجماعة الحوثيين وما قاموا به من اعمال تمرد غير مبررة ضد الدولة طيلة السنوات الماضية والتي كلفت الشعب اليمني الكثير من الخسائر المادية والبشرية فكل الذين قتلوا في حروب صعدة التي بلغت ستة حروب هم يمنيين سواء كانوا من الجيش والأمن او من الحوثيين. لكني الان انظر بإعجاب شديد للحوثيين ولسلوكهم السلمي المدني الحضاري منذ بداية الازمة السياسية التي مرت بها بلادنا وحتى الآن , وهذا ان دل على شيء فانما يدل على ان الحوثيين اصحاب مبادئ وقيم واضحة , وليسوا حالة فوضوية او عبثية كما هو حال الكثير من الجماعات الدينية الاخرى , حيث لم يكن يتوقع احدا من الحوثيين ان يسلكوا هذا السلوك الحضاري السلمي العظيم. لست انا الوحيد من يقول هذا الكلام او يعتقد هذا الاعتقاد وإنما هناك الكثير من الناس يشاركوني هذا الرأي , والحقيقة التي لا مناص منها هي ان الحوثيين بسلوكهم السلمي من خلق هذا الانطباع في اذهان الاخرين وهم الذين فرضوا احترامهم على الجميع سواء كانوا اعداء او أصدقاء او محايدين. لقد استطاعت جماعة الحوثيين وبذكاء شديد ابان الازمة السياسية ان تكسب ثقة الكثير من الناس المحبين للأمن والسلام والاستقرار بذلك السلوك السلمي الذي ابدته تجاه افراد القوات المسلحة والأمن , في الوقت الذي قامت فيه جماعات دينية اخرى بحماقات واعتداءات غير مبررة وغير مقبولة مثل الاعتداء على معسكرات الجيش والأمن ومهاجمة النقاط الامنية وقتل واستهداف رجال النجدة ونصب الكمائن والتقطع في الطرقات وغيرها من الاعمال الارهابية والإجرامية التي لا يقرها دين ولا عرف ولا ضمير. لقد زاد اعجابي وما زال يتزايد كل يوم بالمواقف التي تتبناها جماعة الحوثي ازاء القضايا والأحداث التي تمر بها بلادنا اليوم , ومن هذه المواقف هو موقف الحوثيين من الانتخابات الرئاسية المبكرة , حيث اعلنت الجماعة مقاطعتها للانتخابات ولكنها لم تعيق تلك الانتخابات ولم تمارس العنف ضد من يريد المشاركة في تلك الانتخابات , وهذا الموقف يعد ايضا موقفا ايجابيا يحسب للحوثيين رغم مقاطعتهم للانتخابات , وهو يعكس الفرق في الوعي والسلوك الديمقراطي بين الحوثيين وجماعة الحراك الانفصالي التي تبنت موقفا مدانا وعدوانيا غير مبرر. وحتى نكون منصفين وغير منحازين لطرف دون اخر , دعونا نفترض لو ان جماعة الاخوان المسلمين هي التي قاطعت الانتخابات الرئاسية في اليمن , هل كانت ستكتفي بموقف المقاطعة كحق ديمقراطي دون ان تمنع الاخرين من ممارسة هذا الحق كما فعل الحوثيين . الجميع يعرف الجواب ان جماعة الاخوان المسلمين لو انها قاطعة الانتخابات ما كانت لتكتفي بالمقاطعة فحسب وإنما ستقلب الدنيا عاليها سافلها وستمارس اعمال العنف ضد الاخرين بكل اشكاله لإفشال الانتخابات الرئاسية بكل الطرق والوسائل مثلما فعلت ابان الازمة السياسية رغم ان شعار الجماعة المرفوع اعلاميا هو ثورة سلمية , لكن رائحة الدم المسفوح نتيجة اعمال العنف التي مورست كانت تفوح في طول البلاد وعرضها , إلا ان هناك حقيقة لا بد من الاشارة اليها وهي ان جماعة الاخوان المسلمين قررت المشاركة بفاعلية بالانتخابات الرئاسية وإنجاحها وهو موقف تستحق الجماعة ان تشكر عليه. وعلى اية حال فان جماعة الحوثي في هذه المرحلة اظهرت نوعا من الحكمة والمواقف السياسية المسئولة التي نالت اعجاب واحترام كافة الاطراف جميعا عدا الجماعات التي تكن للحوثيين العداء بسبب او بدون سبب , كما ان اعلان عبد الملك الحوثي زعيم الجماعة قبوله بشكل واضح للدولة المدنية الحديثة يعبر عن موقف ايجابي واعي للجماعة بعكس بعض الجماعات الدينية الاخرى التي عبر زعمائها عن رفضهم للدولة المدنية باعتبارها كفر بواح على حد قولهم , وهذا ما يجعلنا نقول سلاما على الحوثيين. باحث بمركز الدراسات والبحوث اليمني [email protected]