زيارة سريعة وخاطفة غادر بعدها الرئيس الماليزي الأسبق مهاتير محمد ، التقى فيها رئيس الجمهورية عبدربه منصور هادي ورئيس حكومة الوفاق باسندوه .. هذه الزيارة لم يعلن عنها مسبقاً كما جرت العادة في زيارات سابقة قام بها مهاتير، الذي يعتقد أنها جاءت بإيعاز من باسندوه طالباً من البنك الدولي استعجال تكليف مهاتير بالزيارة وإن كانت عابرة ،معتقداً أن إعلانه منتصف الشهر الماضي حول أتفاق يجري مع البنك الدولي لتعيين مهاتير مستشاراُ اقتصاديا لليمن كان محط اهتمام وارتياح عامة الشعب اليمني لاسيما أن اليمنيين يعرفون مهاتير أنه صانع نهضة ماليزيا الحديثة ولهذا يظنون أيضاً أنه سيكون صانع نهضة اليمن الحديث والجديد !!. هذا ما جعل باسندوه يفرض تعيين مهاتير مستشاراً للحكومة وطلبه الملح لزيارته اليمن واعتبارها مادة دسمة للاستهلاك والاستهبال الإعلامي وتغطية عجزه وفشله كرئيس حكومة أمام الشعب اليمني في أعادة الأمن والاستقرار وتوفير سبل العيش والخدمات لسابق عهدها قبل الأزمة أو في حدها الأدنى. من يفكر بأن اليمن ستصبح كماليزيا لأن مهاتير مستشارها الاقتصادي فهو واهم إن لم نقل عبيط ، النهضة والتنمية والتطور في البلدان ليست بيد رجل واحد كما تظنون، لو كانت كذلك كان الرئيس صالح قادر على ذلك ويمكنه كذلك الرئيس هادي وباسندوه أيضاً، فهناك بون شاسع بين مقومات النهضة والتنمية والتطور والواقع والإمكانات والخصائص والثقافة والتعليم والتضاريس الاجتماعية في اليمن عنها في ماليزيا. فالاستفادة من التجربة الماليزية وسيرة حياة مهاتير بحذافيرها في اليمن ضرباً من الخيال دون دراسة هذه التجربة ومساراتها وركائزها ومقوماتها مع واقع بلادنا وخصائصه واستخلاص ما ينفع وترك ما لا ينفع . مهاتير يؤمن بالإدارة العلمية والإدارة الصلبة التواقة دوماً للتطوير والتحديث كان مهتماً بشعبه، كان بعيداً عن الترهات وسفاسف الأمور ويقبل النقد لتصحيح الأخطاء ، لكنه لم يكن يعيش في جلباب الشيخ والمشيخة ،ولا يجعل جل اهتمامه منصب على ناقديه وكيفية إيقافهم ، ولا يقبل ما يملى عليه من النخب الفاسدة التي تدعي الثورية والنزاهة ماذا وكيف يعمل ؟! لازال الواقع اليمني مفخخ بالعديد من الألغام يجب أن تنزع أولاً لكي ننتقل من مرحلة الصراع الذي لا زلت تنتهجه أنت وأحزاب اللقاء المشترك وشركائهم بدلاً من مشاركتكم مع القوى الأخرى في حل مشاكل اليمن الحالية التي تعيق عملية النهوض والتنمية حتى نصل لمرحلة البناء الحقيقي .. ماذا سيعمل مهاتير في ظل انقطاع الكهرباء والماء وانتشار السلاح والمسلحين في المدن والطرقات وتزايد أعمال قطع الطرق والنهب ، ماذا سيعمل في ظل وجود المواطنين الاستثنائيين الذين يوطنون فوق القانون ..ماذا سيعمل في ظل ميزانية تعاني عجزاً حاداً ونهباً مكشوفاً ، ماذا سيعمل في ظل اضطرابات وعنف واقتتال ، ماذا سيعمل في ظل كيانات وميلشيات مسلحة تهدد كيان الدولة ، ماذا سيعمل في ظل انقسام الجيش والأمن ، ماذا سيعمل في ظل المكايدات والمزايدات السياسية والحزبية ، ماذا سيعمل في ظل التهميش والإقصاء للكوادر الفاعلة ذات الكفاءة بممارسات تنتهج التعصب الحزبي الممزوج مع التعصب الثوري أنتجت لليمنيين تعصباً مقيتاً ملعوناً، ماذا سيعمل في ظل تمزق النسيج الاجتماعي للمجتمع اليمني الذين جعلوا ديني ووطني الثورة لا ديني الإسلام ووطني اليمن .. أي نهوض وتطور اقتصادي واجتماعي لا يستقيم في ظل وجود عش الدبابير التي تعيث في الأرض فساداً وتعتبر نفسها مراكز القوى المسيطرة على حكم اليمن، دبابير مختلفٌ ألوانها دبابير دينية وقبلية وعسكرية وأصبحت أخيراً يلحق لها لوناً مميزاً الدبابير الثورية كل هدفها إلحاق الضرر بالوطن والمواطنين في حالة انتهت مصالحها على حساب مصلحة الوطن والمواطن . ولنعتبر أن مهاتير أصبح مستشارا للحكومة، هاهو يقدم في مؤتمره الصحفي نصائحه الاستشارية مبدئياً ليرى هل حكومتك ستنفذها لإمكانية أحداث تنمية حقيقية في اليمن " التركيز على تحقيق الأمن والاستقرار لإتاحة الفرصة للمستثمرين، بناء الإنسان في المقام الأول والاهتمام بالموارد البشرية، العمل من أجل اليمن في ظل التكاتف والتعاون وحل المشاكل والابتعاد عن الاتهامات من اجل النهوض التنموي بالبلاد".. مع ذلك سننتظر تحقيقها على الرغم أن حكومتكم التي مر على عمرها 6 أشهر لم تعيد لنا بصيص من الأمن والاستقرار وركزت اهتمامها بتعيين كوادر من حاملي شهادة ثائر في الساحة ومؤهل حزبي خالص فقط في مقابل إقصاء الكوادر الفنية ذات الدراية والخبرة والكفاءة ، لم نرى مشكلة حُلت ولا توقفتم عن الاتهامات والمكايدات والتفتم للوطن والمواطن ، فمتى تفرون كنحلة مفيدة لا زالت تعيش في عش تلك الدبابير ؟! محمد علي الحجاجي [email protected]