دائما ما نتباهى بكلمة رجل.. رجولة، الى درجة اني صرت استغرب عن سر التباهي، ومضامينه.. فمثلا، حينما تتباهى المرأة بانوثتها، معنى هذا، انها تمتاز ب"الرقة، الحب اللا محدود، العاطفة المتدفقة كسيل، الدفء،...الخ" أما سر تباهي الرجال بالرجولة، جعلني اعيش في حيرة من امري، هل هو التميز على المرأة بالشارب والذقن، ام انه الشعر الكثيف على الجسم، ام انه قدرة الرجل البقاء برفقة اصحابه الى وقت متأخر من الليل دون ان تخاف الاسرة عليه، لأنه رجل، ام ان سر التباهي يكمن في ان الرجل قادر على السفر من مدينة الى اخرى ودولة الى اخرى دون الحاجة الى "محرم"؟ ام ماذا...؟ صحيح ان الرجل في الشرق يستطيع ان يعمل الكثير دون الخوف عليه، ولكن ما هي مضامين تلك الكثرة؟ الم تكن هيلاري كيلنتون، زوجة الرئيس الامريكي السابق "كلينتون" هي من قادت الحملة الانتخابية لاوباما في دورتين انتخابيتين، وكانت النتيجة ايجابية 100% حيث تقلد السيد اوباما منصب رئيس الولاياتالمتحدةالامريكية لفترتين، وكان كل ذلك المجهود من قبل السيدة "هيلاري" لم يتطلب الى محرم وملحقاته، واستطاعت ان تحقق ما لم يستطيع ان يحققه اي قائد عربي، او قيادي في اي تنظيم جهادي او اخواني أو سياسي.. انا على يقين ان هناك من يسيء الظن فيما اقول، ولكن دعونا نعرج قليلا أولاً على تنظيم القاعدة، ومخططه الممتد الى عشرات السنين الماضية، هل استطاع ان يحقق ما يصبوا اليه، واقصد بهذا، هل استطاع ان ينتصر على امريكا "الكافرة- من وجهة نظره- مع الاخذ بعين الاعتبار ان ليس كل الأمريكيين يهود، فامريكا تتكون من جميع الديانات بما فيها الاسلامية، كما هو حال مصر واليمن ولبنان وسوريا...الخ وجميع هذه البلدان تتكون من "مسلمين-يهود- مسيح...الخ" المهم.. ماذا انجز تنظيم القاعدة الى الآن من مخططه، غير المزيد من السلبيات على الوطن العربي، بما فيها اليمن.. مزيدا من هدم للبنية التحتية والحديث عن ذلك طويل، ولكن بصورة مقتضبة هذا هو تنظيم القاعدة، انحصرت رجولته في تصدير جهاديين من الصومال للقرصنة على السفن العربية واليمنية والعالمية.. اضافة الى صناعتها في المصنع الافغانستاني قاعديين متشددين من جميع البلدان العربية، وتصديرهم الى البلدان العربية كان لبلادنا "اليمن" نصيب الأسد منهم، جل ما يجيدونه هو التمترس في الخنادق ومواجهة الجيش دونما منح عقولهم ادنى تفكير للخروج من بوتقة ال"بندقة" والغوص في مضمار العمل التنظيمي الشرعي، وانشاء كيان سياسي ديني خاص بهم كما هو حال الاخوان المسلمين في جميع البلدان العربية.. وبمناسبة الحديث عن الاخوان المسلمين، دعونا نستطرد رجولة الاخوان.. ان رجولتهم عزيزي القارئ لم تكن في تحرير القدسالمحتلة، التي كان الزعيم صدام حسين-رحمه الله- الذي كان يصفه البعض بالديكتاتور،أكثر رحمة منهم بالفلسطينيين العزل، فقد تكفل بإعالة اسر الشهداء، واعتماد راتب شهري لاسرة كل شهيد، بعكس الاخوان المسلمين الذين يدعون ملكيتهم الوحيدة للدين، وهو ما اثبت عكسه الرئيس الاخواني المصري محمد مرسي، بعدم فتحه المعابر للمجاهدين ودعم الاخوة الفلسطيين في قطاع غزة القابع تحت قصف قذائف وصواريخ العدو الاسرائيلي بالرجال والعتاد والمؤن والغذاء.. قد يلتمس البعض العذر لمحمد مرسي، ولكني، اقولها بصريح العبارة، لا عذر لمن اعتاد على التشدق بالدين والجهاد والقومية العربية والاسلامية، كون تلك الشريحة هي من كانت تصب جم غضبها على الحكام السابقين، داعية الى فتح الجهاد، بينما اليوم نحن من نطالبها بفتح الطريق امام المجاهدين، فاين رجولتها من ذلك؟! هذا لا يعني المغفرة للحكام الآخرين، لسبب واحد، اننا كرجال نتباها برجولتنا، حتى اني وصلت الى قناعة بأن رفضنا مرارا وتكرارا، الى ان تحكمنا امرأة،يعود الى تخوفنا من ان انوثة المرأة اصبحت حاليا اشجع من رجولة الرجال، فالتاريخ المعاصر يتحدث عن كثيرات من النسوة الرائدات في المجال الحقوقي في شتى البلدان العربية واصبحن ذائعات الصيت، فكان لهن حضورهن السياسي والجماهيري، ليس لأن الرجال يندفعون وراء الأنوثة، بل لأنهن وعلى الرغم من كونهن نسوة استطعن ان يخلقن الثقة لدى المجتمع بأنه ليس لديهن جموح الرغبة بالوصول الى الشهرة بقدر ما يحاولن ان يثبتن لأوطانهن وللعالم على ان المرأة العربية وطنية وقومية وانسانية من الطراز الأول، وهو ما يؤكد صحة "وراء كل رجل عظيم امرأة"، ولهذا أجد ان الشهرة هي من تسعى اليهن.. الحديث عن المرأة وخبرتها السياسية ليس جديدا فشجرة الدر قادت حرب قوية ضد التتار، حينما اشتد بزوجها الملك الصالح المرض وانتقل الى رحمة الله، فسيطرت على عدم تسريب خبر وفاته كي لا يصاب الجيش بهزيمة نفسية، ويخسر الحرب، بعد ان كانت قد جعلت زوجها يقوم بالتوقيع على اوراق بيضاء قبل وفاته، لتقوم بعد ذلك باصدار القرارات والاوامر تحت مسمى الحاكم "الزوج". هذا لا يعني ان المرأة هي الافضل دوما او ان كل الرجال غير اكفاء لحمل معنى الرجولة، وانما بعض الجنسين، ولأن الرجل في الأول والاخير هو المطالب بالقرارات القومية والقوية، وضعت هذه المقارنة كمثل بسيط.. فعذرا ايتها الانوثة ان كان قد اساء اليك العرب والمسلمين، لأنهم عدوانيين واقصائيين وديكتاتوريين، يحبون التفرد في كل شيء "السلطة- المال- الجاه- ...الخ" ما عدا شيء واحد لا يحبون فيه التفرد، وانما الانفراد وهو "الزواج"..
* المقال نشر في صحيفة "حشدد" الاسبوعية قبل ايقاف العدوان الاسرائيلي الغاشم على غزة.