سؤال وجيه للغاية: لماذا فشلنا والى اللحظة في بناء دولة بالرغم من مرور نصف قرن على تغيير نظام برمته – من الملكية الى الجمهورية-؟!.في سياق هذا الحديث لابد ان نؤكد بأن وجهات النظر مهما اختلفت وتباينت الا انها تبقى في معزل تام عن واقع الحقيقة , والذي اثبتته الايام والسنين الطويلة مزيحة الستار عن صورته البهية والمدونة بعنوان بارز ليكون السبب الحقيقي الكامن خلف الفشل العربي الذريع في بناء دولة وتأسيس مداميك انظمة فعالة وهو – عدم ارتقاء الفكر العربي الى مستوى النظام الجمهوري- والذي نجح وبشكل كبير في دول العالم الاولى .. ربما لا نحتاج الى دليل اكبر من تعايشنا بملاحظة قوية للفرق الشاسع فيما بيننا . لن نرحل بعيدا كون بلادنا مثالا حي للانحدار الذي حدث في خط السير بمقدار 180درجة , وهو قابل للتطابق الكامل مع الواقع , ومن خلال قراءة سريعة لمجريات تلك الاحداث التي كانت قد بدأت عقب الثورة السبتمبرية كنقطة شروع من المؤكد اننا سندرك حجم تلك التعرجات والمنحدرات الصعبة التي وقفت امام الوطن خلال مسيرته الممتدة 52عاما . بلاشك ان الجميع يدرك بأن تلك المحطات المؤلمة التي ابت للوطن الا ان يبقى في عمق الزجاجة هي صنع بشري ممن تأزمت في اعماقهم الروح الوطنية فمن المؤسف جدا اننا ومن خلال هذا التاريخ الطويل وصراعاته المظلمة قد عدنا بالوطن والمواطن الى نقطة الانطلاقة الاولى التي بدأت منها رحلة الولوج في دوامة السباق السلطوي اللامنته , حيث اثبتت خاتمته مدى عجزنا الكامل في الخروج لتعديل استقامة خط السير الذي وكما يبدوا ان تحقيقه في ظل عدم وجود النوايا الحقيقية لبناء الدولة بات امرا صعب .السبب يكمن في تجاهلنا الى حدا كبير مقولة "ألبرت اينشتاين" عندما قال: من الغباء فعل نفس الشيء مرتين بنفس الاسلوب ونفس الخطوات وانتظار نتائج مختلفة. لكن تاريخنا يؤكد بانها كانت عدة مرات وليست مجرد مرتين فمنذ تحقيق ثورة 26سبتمبر والى اليوم ونحن في ذلك التوالي المريب لإسقاط الأنظمة بنفس الفعل والخطوات ونفس الفشل التي قادها التوحد الكبير في مجمل النتائج المتكررة بشعار " نجاح في الإسقاط , وفشل في البناء" في الاعتقاد انه التصنيف الحقيقي لمراحل حياة شعبنا اليمني ليبقى الخروج من دائرة التقوقع مرهون باختلاف تام لتلك النتائج وهو ما يتطلب المغايرة التامة في الخطوات والأساليب لانه سيكون من الصعب اسقاط نظام ناجح في البناء..اذا فالمرحلة الاولى من تلك الاهداف تكمن في ايجاد نظام وجد ليبني الوطن وليس بناء القصور الشخصية لان الفعل الحقيقي هو من سيولد لدى جماهير الشعب قناعة وعزوف تام في استمرارية تلك الجمهرة المنهكة للوطن والارض والانسان ..