سؤال كبير قد ربما لا يجرؤ الكثير على التدقيق في تفاصيله لوضع إجابة شافية ينتظرها السواد الأعظم من هذا الشعب .. ورغم أن الكثير من المختصين قد حذروا من عواقب اتخاذ مثل هذا القرار في مثل هذه المرحلة..إلا أن القيادة ماضية في هذا المنحى الذي ربما رأته الخيار الأسلم لنهاية النزيف في صعده.. لكن هل هو فعلا كذلك؟ هكذا أتت التصريحات المتوجسة التي أفشى بها مختصون وخبراء للموقع .. معربين عن قلقهم من استمرار نفس السيناريو الذي قد يعيد قضية صعده إلى الواجهة ولو بعد حين .. لتعود الأزمة بين الحكومة والحوثيين التي دخلت الآن مرحلة المصالحة .. وربما تمهيدا لحرب سابعة قد تأتي بعد حين .. وقد أعلن مسئول في الحزب الحاكم اليوم الأربعاء أن الاتفاق بين الحكومة اليمنية والمتمردين الحوثيين بات "وشيكا" لإنهاء المعارك المستعرة منذ ستة اشهر، ياتي ذلك بعد أن وافقت جماعة التمرد الحوثي على الشروط الستة التي وضعتها الحكومة لوقف العمليات العسكرية ... يذكر أن الشروط التي وضعتها الحكومة ، هي : التزام المتمردين وقف إطلاق النار ، وفتح الطرق وإزالة الألغام ، والانسحاب من المرتفعات والمباني العامة ، وعدم التدخل في عمل الإدارة المحلية ، وإعادة الممتلكات العامة ، والإفراج عن المدنيين والعسكريين المعتقلين ، واحترام القانون والدستور. المدقق في تفاصيل الشروط يجد أن الحوثي ككيان لن يتضرر من تلك الشروط .. فوقف إطلاق النار وفتح الطرق وإزالة الالغام وكذلك الانسحاب وعدم التدخل في شئون السلطة المحلية كلها مستحدثات تمكن منها الحوثيون في الحرب الأخيرة التي شكلت إضافة ميدانية لهم ككيان .. لكن الواجب الدستوري والوطني والقيمي للدولة يحتم عليها إنهاء الفتنة من جذورها وبذورها .. وكل تلك الشروط لا تنبئ عن ذلك الواجب .. لقد تمرغت جماعة الحوثي بدماء الشعب اليمني .. بدماء الكثير من الجنود والمواطنين .. وألحقت الحروب المتوالية خسائر جمة في بنية البلاد السياسية والاقتصادية والاجتماعية وفي كافة المجالات الاخرى .. وأضرار الحرب تلك لن تعالج في غضون اسابيع أو اشهر أو حتى عقود .. وتلك الجناية الكبرى التي الحقها ذلك التمرد لا يجب أن تنتهي عند صلح مبتور يعيد الأمور الى نقطة البداية .. بل أن المتبع للخطاب الإعلامي الرسمي قبل الأنباء التي تتحدث عن الصلح المرتقب يتفائل بنوايا الحكومة في اجتثاث تلك الآفة التي حلت بمجتمعنا على حين غرة .. فكيف ستكون هوية المصالحة الآن؟ انه الشعور بالانتصار .. هكذا توقعت تبعات ما يجري باديا على ملامح قوى التمرد .. كيف لا وهي اليوم قد اكتسبت عمرا جديدا .. يمنحها العودة إلى الحياة بأمان .. ويضع امامها متسعاً من الوقت للخطوات القادمة..
حينما تحاور طرفا على اعتبارات تاثيره ووجوده فان ذلك لا يجعل لك اليد الطولى لإنهاءه وتهميشه .. كما انه لا يعطيك الحق بمحاسبته ومعاقبته على جرائم ارتكبها .. وما اكبر واهول تلك الجرائم التي ارتكبها الحوثي بحق المؤسسة العسكرية والمؤسسات المدنية على السواء..
والشروط الستة التي وضعت لإنهاء الحرب كانت قد طرحت منذ زمن .. وتلقاها الحوثي وجماعته بتصعير الخد .. والتهوين من أهميتها والضرب بها عرض الحائط .. ولكنها ضلت أمامه تتوسله رغم أن الحرب كانت قد دخلت منعطفات حرجة لا تقبل المساومة أو التراجع ..
وحين وجد الحوثي وجماعته أنفسهم بحاجة إلى استراحة يتم فيها تقييم أدائهم في الحرب .. رجعوا الى تلك النقاط واعتبروها مخرجا كريما يمنحهم استعادة الأنفاس المتقطعة بسبب صرامة وفاعلية الضربات التي يشنها أبطال الجيش اليمني.. بعد أن وجد أفراد وقيادة الجيش انفسهم أمام تمرد كبدهم خسارة الكثير من الزملاء ورأوا أن الوفاء لأولئك الذين سقطوا لن يكون الا بالاستمرار بعزيمة وصرامة الى حين الثأر من قاتليهم ..
اذن أصبح الآن الحوثي كيان وجب التعامل معه في المستقبل .. هل هذا ما أرادته الحكومة؟ .. وهل نحن بحاجة الى المزيد من الكيانات الظلامية في هذا التركيبة السياسية والاجتماعية التي وصلت حد التناقض؟
الواقع الآن ينبئ عن انكسار لتلك الأحلام التي احتضنها الوطن بجراحاته ,., كما انه يجعل السماء ملبده بالغيوم .. والافق مكتسي بالضباب .. إذ أننا لا بد أن نتوقع أن سلسلة الحروب لم تتفكك بعد .. بل انها ماضية في توقد تجر لهبها خلفها ، قد تسلخ الجسد وقد تبيد المعمور والخراب..