لم تكن كربلاء مجرد فاجعة تروى ، ولا مأساة تُحكى ، ولا دموع تنهمر وجبائن تندى ، ولا أطفال تُذبح ونساءٌ ثكلى ، وليست مجرد ثورة ضد قوى الطاغوت الكبرى ؛ بل هي وجع للأمة يتكرر في كل عصر يحكم فيه الطاغوت والجلاد ويكون الخانعين والخاضعين أعواناً له ، وهنا تعيد مأساة كربلاء سرد حكايتها بظلّام تختلف أسماؤهم ، لكن لا تختلف أهدافهم ، وثوّار جعلوا من الأعلام قدوتهم في إعلاء كلمة الحق وإزهاق الباطل ، ومن العزة والكرامة ردائهم ، ومن سبيل الله منهجهم وإرضاء الله مطلبهم وغايتهم . إنها كربلاء تعود مجددا بنسخة يمنية ، عاد البغاة في الأرض يتجبرون ويجعلون من مناصبهم وكراسيهم وسيلة للقتل والإبادة ونشر الرذيلة والإفساد في الأرض ، لقد نهجوا نفس منهجية الطغيان منذ الأزل ، فمنهجية الحصار التي طبقوها على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في شعب بني هاشم ، وطبقوها على سبطه في كربلاء ، هاهي اليوم تطبق في حصار اليمن وحصار مطبق على الدريهمي منذ عام مضى ويزيدون على ذلك . وأما عن سياسة القتل والإبادة الكربلائية فهي بحذافيرها تطبق في إبادة شعب بأكمله تحت ذرائع واهية ومسميات بالية ، مع اختلاف بسيط في وسيلة القتل التي تتغير تبعاً لتغير الزمان . وأما عن حز الرؤوس وقطعها فهي مهنتهم الأزلية ، فدعشنتهم ليست وليدة اللحظة بل هي أداة يُعرف بها جبابرة الأرض وعبيد الشيطان ، وطبقوها دون رحمة على أبناء اليمن . وأما عن النساء وماأدراك ماالنساء ؟!! فمن استباح حرمة آل بيت رسول الله صلوات الله عليه وآله وأسرهن وساقهن في الطريق بلا رحمة ، هو اليوم يقتل النساء ويشردهن ، بل و يرتكب ماهو أبشع من ذلك فيستبيح أعراضهن وينتهك شرفهن و عن رضيع كربلاء المقتول عطشا !! هل هناك فرق بينه وبين من يموت من أطفال التحيتا عطشا بل وجوعا وألما تحت حصار لا يبقي ولايذر . هذه هي اليمن كربلاء العصر ومأساة ووجع الأمة ، هذه اليمن المتمثلة في يوسف الذي خانهُ أخوانه ورموه في جبٍ عميق ، المتمثلة في إبراهيم الذي أضرمت له ناراً لأنه اختار طريق الحق واهتدى بنور الله ، في الحسين الذي ذبح لأنه رفض الخضوع للطغاة وثار من أجل الحق ولا شئ غير الحق ، في زينب وصبرها واحتسابها ووقوفها أمام الجبابرة ببلاغة الحق وفصاحة العلم الذي منبعهُ مدينة العلم وبابها . سيبقى التاريخ شاهداً على أمةٍ أبت الضيم واختارت العزة والكرامة ، أبت الرضوخ والانقياد واختارت الصمود و الحرية وصرخت بهيهات منا الذلة ، ستكون منهجاً يدّرس في التضحية والإباء وفي نصر فئةٍ قليلة مستضعفة على فئة باغية وتدعي الكثرة ، فكان حقاً على الله نصرها فهو ناصر المستضعفين ومبير الظالمين ، والعاقبة للمتقين . # اتحاد_كاتبات_اليمن.