اجاز الكنيست الاسرائيلي مؤخرا بالقراءة الاولى مشروع قانون يجرم كل شخص يرفض اعلان الولاء للكيان الصهيوني من المواطنة الاسرائيلية، وهو ما يمثل خطوة اخرى على طريق نزع الشرعية عن فلسطينيي 48، حيث ان هؤلاء الفلسطينيين هم الذين يرفضون مثل هذا الاعلان. بعض المجالس البلدية والمحلية اليهودية لم تنتظر اقرار مشروع هذا القانون العنصري بالقراءة الثالثة، فقامت باصدار مراسيم تحظر فيها على فلسطينيي 48 شراء شقق سكنية، او الاقامة في هذه المدن، دون ان تقوم الحكومة الصهيونية بالرد على هذا الاجراء. وياتي التشريع الاخير في ظل طفرة من التشريعات العنصرية الموجهة ضد فلسطينيي 48، والتي لم يكن اخرها قرار ما يعرف ب " الصندوق القومي "، الذي يشرف على ادارة الاراضي في اسرائيل بعدم بيع فلسطينيي 48 اراضي تحت اي مسوغ. وسبق للكنيست ان اقر مشروع قانون يجرم كل شخص يزور دولة من الدول التي تعتبر من " دول العدو "، وقد فسر القانون على انه ياتي لقطع الطريق على الساسة والنواب الذين يمثلون فلسطينيي48، والذين كثفوا من زيارتهم لكل من سوريا ولبنان مؤخرا. ان اخطر ما في الامر في هذه التشريعات العنصرية انها تاتي في ظل اندفاع المجتمع الاسرائيلي برمته نحو اتون تطرف وشوفينية مقيتة، والتي دللت على نفسها بشكل واضح من خلال نتائج الانتخابات الاسرائيلية الاخيرة. ولعل اخطر قانون عنصري من المتوقع ان تقدم النخب السياسية الصهيونية على تشريعه في المستقبل هو المتعلق بمستقبل عمل الحركة الاسلامية بقيادة الشيخ رائد صلاح. ومن المؤكد ان هناك جدلا يدور داخل المؤسسة الحاكمة، وفي اوساط النخب الاسرائيلية حول جدوى نزع الشرعية القانونية عن عمل الحركة الاسلامية عبر تمرير مشروع قانون في الكنيست، تعتبر بموجبه الحركة الاسلامية غير قانونية. والذي يعيق سن هذا القانون حتى الان هو حقيقة وجود خلاف عميق داخل المستوى السياسي والمؤسسة الامنية والنخب المثقفة حول جدوى هذه الفكرة. فبعض الساسة وكبار الجنرالات والباحثين والصحافيين يرون ان الخطوة الاولى التي يتوجب اتخاذها من اجل مواجهة الحركة الاسلامية بنجاعة تتمثل في اخراجها عن اطار القانون، ومنعها من المشاركة في الانتخابات المحلية.
احد المتحمسين لاخراج الحركة الاسلامية عن اطار القانون هو الجنرال المتقاعد ايهود ياتوم، الذي شغل في السابق منصب رئيس قسم العمليات في جهاز المخابرات الداخلية " الشاباك " الذي يستهجن ان تطالب اسرائيل باخراج الحركات الاسلامية في البلدان العربية بحجة انها تقدم الدعم للمقاومة الفلسطينية، في الوقت الذي تغض فيه تل ابيب الطرف عن وجود الحركة الاسلامية التي تقدم الدعم لحركة حماس التي تعتبر اكثر اعداء اسرائيل وحشية، مشددا على الخطر الهائل الذي يكمن في عمل الحركة الاسلامية.
في حين يقول وزير الامن الداخلي السابق، عوزي لنداو: ان "اخراج الحركة الاسلامية عن القانون هو جزء لا يتجزا من الحرب ضد الارهاب"، معتبرا انه كان يجدر باسرائيل استغلال الاجواء التي سادت في اعقاب تفجيرات الحادي عشر من سبتمبر، من اجل اخراج الحركة الاسلامية عن نطاق القانون.
ومن الاهمية بمكان الاشارة هنا الى ان المطالبة باخراج الحركة الاسلامية عن اطار القانون تاتي في اطار تعاظم التوجهات الشعبية اليهودية المطالبة بنزع الشرعية عن مشاركة فلسطينيي 48 بشكل عام في الانتخابات التشريعية.
فحسب استطلاع للراي العام تبين ان 40% من اليهود يطالبون بنزع حق الانتخاب عن فلسطينيي 48. ومن اجل تسويغ تحمسه لفكرة اخراج الحركة الاسلامية عن اطار القانون، يقول رئيس قسم الابحاث في شعبة الاستخبارات العسكرية الاسرائيلية سابقا، الجنرال عاموس غلبوع: ان " تعاظم شان الحركة الاسلامية يعبر عن رغبة فلسطيني 48 في مواجهة الدولة ومؤسساتها، ولا يعبر بحال من الاحول عن ارادة في الاندماج في المجتمع ومؤسسات الدولة، ويجب على الدولة ومؤسساتها المختلفة مواجهة التحدي الذي تمثله هذه الحركة بكل الوسائل المتاحة لديها، فمن حق النظم الديمقراطية الدفاع عن نفسها "، على حد زعمه.
لكن في المقابل هناك من يرى ان اخراج الحركة الاسلامية عن اطار القانون سيعود كسهم مرتد الى عنق اسرائيل ذاتها.
ويشارك في هذا له الراي اوساط عسكرية وسياسية، فقد كشفت الاذاعة الاسرائيلية باللغة العبرية النقاب عن انه خلال مداولات سرية اجراها رئيس الوزراء الاسرائيلي الاسبق ارئيل شارون في مارس 2004 حول مسالة اخراج الحركة الاسلامية عن اطار القانون، اعترض قادة شعبة الاستخبارات العسكرية، وبعض قادة " الشاباك " على هذه الفكرة، على اعتبار ان مثل هذا الاجراء سيدفع الحركة الاسلامية للعمل السري بشكل يجعل من الصعب على مؤسسات الدولة متابعتها، الى جانب ان مثل هذه الخطوة ستؤدي الى تعاظم شعبيتها في اوساط فلسطينيي 48، وقد يدفع الحركة للانتقال للعمل العنيف ضد اهداف الدولة.
وهناك من يقترح بدلا من ذلك التخلص من التجمعات السكانية التي تضم مؤيدي الحركة الاسلامية، وذلك عبر طرح فكرة تبادل الاراضي التي ينادي بها حزب " اسرائيل بيتنا " المتطرف، الذي يقوده وزير الخارجية الاسرائيلي افيغدور ليبرمان.
وحسب هذا الاقتراح الذي ورد في البرنامج السياسي والانتخابي للحزب عشية الانتخابات الاخيرة، تقوم اسرائيل بالتنازل عن السيادة على منطقة المثلث التي تتواجد فيها معظم التجمعات السكانية التي تضم بشكل اساسي مؤيدي الحركة الاسلامية، وتحاول السيطرة على هذه المناطق للدولة الفلسطينية العتيدة، في حين يوافق الكيان الفلسطيني على ضم التجمعات الاستيطانية في الضفة الغربية لاسرائيل.
ولا ينكر ليبرمان ان تحمسه ل " تخليص " اسرائيل من منطقة المثلث، ياتي لان منطقة المثلث تضم اكبر تجمع لمناصري الحركة الاسلامية. قصارى القول؛ ان هناك اساسا للافتراض ان المواجهة بين الكيان الصهيوني والحركة الاسلامية في صفوف فلسطينيي 48 باتت محتمة.