أحمد عمر * : عاب احد الفقهاء السلفيين على فقيه العصر الشيخ القرضاوي استخدام تعبير 'العقل الكلي' في وصف الله عزّ وجلّ في أحد كتبه، لكن مشكلة موقع 'الملحدين العرب' انه يساوي بين الدعاة والفقهاء وبين الإسلام، فقد شنّ حملة شعواء، رقطاء، أفعوان، شرشبيل، دردبيس، حيزبون، شمطاء، عوان، مضرة، تهرّ الناس أنيابها عصل على داعية في إحدى الفضائيات لقوله أنّ عالم الجن مثل عالم الأنس، وأنّ فيه دكاترة ومهندسين (وقياسا عليه عندهم: سفرجية وزبالين ووشاشين ومخبرين وفضائيات وارضيات واتجاه معاكس وبرنامج الشريعة والحياة وفروع أمنية لا يحدها حصر وباصات نقل داخلي تعمل بالمازوت وأباطرة عرب وتمديد حكم وتوريث وسرقة أعضاء بشرية، وفياغرا، ونانسي عجرم الجنية بتاعتهم، وهيفا وهبي العفريتة ..) ولم يكن حظّ عمرو خالد حسنا مع الكفار العرب عفوا الملحدين العرب الذين قصفوه بمدافع السخرية وراجمات الاستهزاء ومنجنيقات الشماتة بعد أن قال في برنامجه (رحلة للسعادة) هاتين الجملتين: تخيّل أنت بكره في الجنة ونفسك تعزم النبي والصحابة على حفلة شواء وتروح في رحلة في اليخت بتاعك.. ويعتبر الكفار العرب أن هذا دليل لا شك فيه على عدم وجود الله!! القرضاوي وعمرو خالد وخالد الجندي بشر يجتهدون ويخطئون وقد يخونهم التعبير، وقد خان التعبير عمرو خالد مرة عندما استخدم تعبير (النبي تمرمط) وهو يقصد أنّ النبي عليه الصلاة والسلام أوذي من المشركين كثيرا في سبيل الدعوة، فغضب منه المتشددون العرب خاصة غضبة بدرية وعلى رأسهم الشيخ الغضوب يوسف البدري الذي قال فيه أوصافا قاسية وابتهج الكفار العرب للمعركة بين المسلمين على عثرة الكلام تلك... فلله درهم ومتحهم وإبساسهم. شخصيا أحببت عمرو خالد بداية من وراء كره الملحدين العرب. ثم احببته لله.. قال لي ممثل غير ملحد مرة: يا أخي هذا ليس شيخا .. هذا ممثل! هل التمثيل عيب.. ألست ممثلا يا ادلعادي؟ لقد تعود هؤلاء أن يروا الواعظ والداعية في الجبة والقفطان ووراء لحية من البحر الطويل وباللغة العربية المقعرة، وقد نجح عمرو خالد في الانتشار والذيوع والوصول إلى قلوب الملايين بواسطة خطابه البسيط، باللهجة المصرية المحببة، وبالزي العادي الدارج الشائع بين عامة الناس، وهو حقا ممثل مونودرامي يحاول إشباع المشهد الذي يسرده بتلوين صوته وإبداء الملاحظات الجديدة واستنطاق النص من جديد وإعادة إنتاجه. لكني فعلا لم استلطف التبسيط الشديد في المشهد الذي رأيته في الحلقة الخامسة من برنامجه. عمرو خالد يحاول أن يجعل برنامجه بصريا، وقد نجح في تلوين برنامج (قصص الأنبياء) بزيارة الأماكن التي يفترض أن الأنبياء عليهم السلام ماتوا فيها أو مروا بها، لكن أن يرتل أمامه عدة أوان زجاجية ترتيلا، ويضع فيها طابات ملونة تمثيلا لأعمار الإنسان هو شرح للماء بعد الجهد بالماء، ولا يزيد من المشهدية البصرية في برنامجه الذي يصوره في فؤاد الطبيعة النابض وبين أجنحتها الملونة!! وقد وضع بجانبه مشعلا يصلح للزينة ليقول: اجعل حياتك مشعلا مضيئا.. هذا تبسيط شديد لا يليق. وعسى ألا يكون كلامي تكفيرا و'بدريا' (نسبة الى البدري). مهما يكن فهذا أمر نافل، وشكلاني، ومن الحواشي لا من المتون. وأريد أن أؤكد على ملاحظة أهمية اللمسة البشرية في التغيير العاطفي ذكرها في حلقته (حادثة إسلام فضالة بمسح النبي عليه الصلاة والسلام على صدره) بفيلم ياباني قصير لا أتذكر عنوانه: وفي الفيلم يزور الأبناء والأحفاد والأقرباء الشيخ العجوز المحتضر على سرير، ويخرجون باكين حزانى، واحدا تلو الآخر، إلا طفلا وحيدا يجلس بجانب العجوز ويلمس يده فتعود له الروح ويفتح عينيه ويبتسم. وجدي العربي و.. الصفوة الدنيوية قدم الممثل وجدي العربي برنامجا في رمضان على قناة اللورد اسمه (30 دقيقة في رحاب الله) ولا مشكلة عندي في عنوان البرنامج واذا ما كنت أريد أن أعيش في رحاب الله 35 دقيقة أو العمر كله.. ولا ملاحظة على ضيف البرنامج الدكتور محمد وهدان الذي يتمتع بعلم ديني واضح وطلاقة كلمة وذرابة لسان وحلاوة جملة وحسن استشهاد بالقرآن والسنة: عنوان الحلقة التي شاهدتها كان 'الملائكة' وقد قدّم الدكتور وهدان عرضا لعالم الملائكة ورتبهم وأسماءهم ومعاني أسمائهم ومهامهم ووظائفهم لكني لم اسمع ما كنت أريد أن اسمعه منه في فلسفة الطبقية السماوية: ما هي الحكمة في رتب الملائكة وطبقاتهم؟ مهما يكن فالبرنامج له مشاهدوه ومستمعوه، وقد تعرضت الى حادث سير أدهى من الاصطدام بسيارة شاحنة أم الأربعة وأربعين دولابا، أو قطار بري وأنا جالس في غرفتي بين يدي التلفاز العظيم، والحادث هو أن البرنامج انقطع للاستراحة مع قول وجدي الذي لم يكن يتفاعل مع حديث وهدان: فاصل ونواصل. وما ان بدأ الفاصل أيها النشامى، يا طلاب الآخرة، يا أيها المؤمنين بأن الآخرة خير وأبقى، وانّ الدنيا اسمها مشتق من الدنو والدناءة، حتى رأينا اللورد وجدي في مكان آخر، بعيد جدا، في آخر الأرض، في العدوة الأخرى وهي قطعة من أسوان صممت فيها فيلات فاخرة وجنان وفراديس اسمها 'الصفوة' يرجونا اللورد وجدي العربي في الإعلان أن نكون من الصفوة؟ الله .. أي صفوة يا أستاذ وجدي؟ حسبناك من الشعب والعامة وإذا أنت من الصفوة !هو يا أستاذ وجدي أنت مع الزاهدين وإلا مع المترفين؟ أنت مع الدنيا أم مع أهل الآخرة؟ معانا وإلا مع 'التانيين'؟ انظر ماذا يقول القرآن الكريم في التانيين: (وَكَمْ أَهْلَكْنَا مِنْ قَرْيَةٍ بَطِرَتْ مَعِيشَتَهَا فَتِلْكَ مَسَاكِنُهُمْ لَمْ تُسْكَنْ مِنْ بَعْدِهِمْ إِلَّا قَلِيلًا وَكُنَّا نَحْنُ الْوَارِثِينَ) والحديث الشريف يقول: عش في الدنيا كأنك غريب أو عابر سبيل. السيد وجدي الارستقراطي: أنت في برنامج رحاب الله ومجتمع الصفوة الذي تدعو إليه في رحاب اخرى يحتاج من هو مثلي إلى 30 سنة ضوئية (110 فولت) ليعثر فيه على موطئ قدم، إلا إذا كان تاجر 'بودرة' كبار (تمنع التسميط في الرأس). في رحاب الله 30 دقيقة ناقصا ثلاث دقائق للإعلان حتى تكون الحسبة مضبوطة. خلص الفاصل ولم أواصل مع 'وجد' الصفوة العربي. دراما تك: المذيعة السندريلا (هيفي بوظو) التي تقدم برنامج (دراما تك) تصيبني بالإرهاق وهي تبتسم، وابتسامتها شاسعة، عضلات الخدين الخفية تتعبني وأنا أتابعها، اما كلامها فعلى العداد، والظاهر انها تخشى على 'الروج' ان يعطله الكلام، كما انها تصيبني بالتنمل بتصرفها 'كمانيكان' مرفوعة الذراعين وصاحبتي تظن أنها تصلح لتقديم إعلان لمعجون أسنان، أو عارضة أزياء واقفة، أما أنا فاكتم مشاعري ورأيي خوفا من مشاعر صاحبتي، ورأيي هو أن ابتسامتها متوحشة. ومفترسة.. واوركا (عنوان فيلم امريكي). ملاحظة: صاحبتي لم ترض أن تصاحبني إلا بعقد عند المأذون ومهر غال (ناقة من النوق العصافير) فلا يذهبنّ بكم الظن إلى انني كازانوفا أو دون جوان (سمح الله)، بل إنها تعتبر نفسها مخدوعة وتعرضت لعملية 'آه يا زمن تك'. شخصيات كوميدية تفوز بالحكم الذاتي: 'أبو جانتي ملك التكسي' مسلسل من تأليف سامر المصري وتمثيله. ظهر السائق أول مرة في لوحة من لوحات بقعة ضوء وأثار الانتباه وجذب الأبصار بطرافة شخصيته، وها هو يفوز ببطولة مسلسل كوميدي خفيف. يتعرض السائق كل حلقة لمشكلة أو راكب (شرطي، مريضة حامل، زوج تغار عليه زوجته، سائحة ..) حياة سائق التاكسي مليئة وملونة وهو مثل رياح امشير كل ساعة في حال وحارة، لكن المسلسل لم يعجب الذين هم حولي مع أن جملة السائق ظريفة وطيبة، وشخصية السائق مفاجئة، لكن الجملة وحدها لا تخلق مسلسلا جيدا. وبما أن الشيء بالشيء يذكر فإني أريد القول ان فيلم 'سائق التاكسي' الذي أخرجه مارتن سكورسيزي ومثل فيه روبرت دينيرو فيلم مغدور، فبدايته تشير إلى انه فيلم طيب ثم ما يلبث أن يتعثر وتضيع قضيته. الفيلم يعالج وحدة سائق امريكي عازب، الوحدة تدفعه إلى العنف والقتل، يقتل ثم نراه سائقا طبيعيا مثل الآخرين! كيف نجا من المحكمة؟ وكيف عاد إلى المجتمع من غير عقد نفسية؟ أمور يعرض الفيلم عنها صفحا من المعالجة الدرامية والمنطقية. أبو غالب (شخصية من باب الحارة) يفكر في أن يحذو حذو أبي جانتي، في بطولة مسلسل كوميدي مستقل او يحظى بالحكم الذاتي كما قرأنا.. لكن مش كل الطير يتاكل لحمو، فأبو غالب ابن حارة 'ابو النار' واعتقد أنه لن ينجح في أية حارة أخرى حتى بجواز سفر اخضر او 'غرين كارت'، او مصباح اديسون الدين السحري. من يدري قد ينال النمس (مصطفى الخاني) استقلاله الدرامي.. ويعمل حكم فيدرالي مستقل .. هلا والله... كاتب من سورية