أبدى مراقبون سياسيون مخاوفهم بعد تقديم رئيس الحكومة اللبنانية المكلف سعد الحريري تشكيلته للرئيس ميشال سليمان من تصاعد الأزمة السياسية في البلاد في ظل تأكيدات المعارضة عدم موافقتها عليها. وتتجه الأنظار لرئيس الجمهورية فإذا قبل التشكيلة وتألفت الحكومة دخلت البلاد في مأزق الانقسام الداخلي -بحسب المراقبين- لأن التشكيلة لا ترضي المعارضة، وإذا رفضها فقد يؤدي ذلك إلى اعتذار الحريري بغية تكليف آخر.
كما رأى البعض أن الظروف الخارجية شكلت نوعا من الضغط على الرئيس المكلف دفعت به لتقديم تشكيلته ولو لم تكن لترضي أطرافا كثيرة داخليا. ومنهم من لم يستبعد أن تكون هناك رغبة دولية بتكليف شخص آخر بالتكليف.
ومن وجهة نظر الكاتب والمحلل السياسي جورج علم فإن خطوة الحريري تثير مخاوف من التصعيد "وكأنه قذف بكرة النار إلى ملعب رئيس الجمهورية".
وأشار إلى أن الحريري راعى معادلة 15-10-5 لكنه لم يحترم كل مطالب المعارضة، فهو يقول إن تشكيلته احترمت نتائج الانتخابات، مما يعني عدم توزير باسيل جبران من التيار الوطني الحر بزعامة ميشال عون لأن جبران لم يفز، "وإذا كان هذا المنحى السياسي يأخذ معنى ديمقراطيا، فمعنى ذلك أن على الرئيس المكلف أن يشكل حكومة من الأكثرية وذلك سيؤدي إلى أزمة كبيرة".
وتابع "تحدث الحريري عن المداورة في الحقائب السياسية، ويعني ذلك إخراج حقيبة الاتصالات من يد المعارضة، وهذا ما لا تقبل المعارضة به، يضاف إلى ذلك مطالبة عون بحقيبة سيادية كوزارة الداخلية، والمداورة هنا تعني استبدال الداخلية بالتربية، فهل يرضي ذلك عون والمعارضة؟".
وأضاف علم "بناء على كل هذه الأمور كان يفترض أن تحل قبل تقديم التشكيلة كخطوة تصعيدية، وإذا أعاد الرئيس التشكيلة للرئيس المكلف فأمامه إعادة صياغة التشكيلة أو الاعتذار".
المعارضة بدوره وصف ماريو عون وزير الشؤون الاجتماعية من كتلة التيار الوطني خطوة التشكيلة الحكومية بغير المنسقة، وقال للجزيرة نت إنها "يمكن أن تأخذ لبنان إلى مشكل داخلي، لأن الرئيس المكلف كان عليه أن يأخذ مطالب المعارضة بعين الاعتبار".
وعلق على كلام المداورة الذي أطلقه الحريري بقوله: "المداورة تطال فقط التيار الوطني الحر".
وعن دافع الحريري رأى "أنه أراد أن يجد مخرجا لعدم قدرته على تشكيل الحكومة، وقد يكون السبب الرئيسي هو الضغط عليه للاعتذار من أجل تكليف شخص آخر".
المستقبل لكن النائب هادي حبيش، عضو تكتل نواب المستقبل الذي يترأسه الحريري، قال للجزيرة نت إن "البلد لم يعد يحتمل البقاء من دون حكومة أكثر من سبعين يوما خصوصا وأننا اقتربنا من موعد سفر رئيس الجمهورية إلى الأممالمتحدة".
وعن احتمال دخول البلد في مأزق حال تشكيل حكومة لون واحد، قال "البلد الآن في مأزق والناس والإعلام يسألون عن التشكيلة، فهذا مأزق بحد ذاته".
) ورأى أنه من السابق لأوانه معرفة ما الذي سيقرره رئيس الجمهورية، وماذا سيفعل الرئيس المكلف في حال رفض رئيس الجمهورية التشكيلة. مشيرا إلى أنه من الضروري الوصول إلى حكومة لمواجهة التحديات الداخلية الاقتصادية والاجتماعية وكذلك الخارجية في ظل التهديدات الإسرائيلية الدائمة".
أما الوزير جبران باسيل فاعتبر في تصريحات للجزيرة أن "الحريري سجل سبقا في الحياة السياسية لم يسبقه إليه أحد باستعمال منطق الغلبة بفرضه الحقائب والأسماء، وهذا سيقابل بالرفض الصارم من قبلنا، والمعارضة متضامنة على هذا الموقف".
وقال باسيل إن "قرار التأليف في الخارج لم ينضج، ولكي ينزع الحريري المسؤولية عنه، قام بهذه الخطوة وقدم غطاء داخليا للموقف الخارجي بتحميل فرقاء البلد الآخرين المسؤولية ضاربا بعرض الحائط مصلحة البلاد ووحدتها الوطنية".