حين كنا نحذر من مغبة التدخل الخارجي عسكريا في الأزمة اليمنية "حتي قبل أن يقع" كنا نعي جيدا إلي أين ستؤول الأمور في الاتجاه الأسوأ كما نعي جيدا تبعاته و كيف أن التدخل بهذه الصورة سيخلط الأوراق فيصبح الجلاد ضحية و الضحية ملام .. كنا نعي أن تجار الحروب لن يسمحوا لها بعد ذلك أن تتوقف فهذة هي سوقهم " و من ذا يلوم تاجر وجد فرصته الذهبية".. كنا نعي أكثر سهولة الدخول من بوابة الأموال إلي الضمائر "حتي الشريفة منها " .. و قدرتها العجيبة علي شراء الذمم و إحداث الانقسامات و تبعثر القيادات و إفراز النزاعات و التلاعب بالضمائر .. ونعي معني خسارة التعاطف الشعبي و هو العامل الأهم لمناهضة الانقلاب .. فالأمر تعدي كونه تدخل عن بعد كما كان حالنا دائما ليصبح عدوان سافر لا ريبة فيها يستحيل معه وجود تأيد حقيقي .. فما من شك أنه لم يولد بعد اليمني الذي يقبل أن تضرب بلده من الخارج تحت أي مبرر .. و إن أظهر تأييده تحت وقع القهر و الظلم والمكابرة و النكاية بمن أفسد عليهم حياتهم و قضي علي مشروعهم وأملهم في بناء الدولة اليمنية الحديثة بالإنقلاب علي مخرجات الحوار الوطني و مسودة الدستور.. السعودية حاولت و اخطأت الطريق كما أخطأته في المرة السابقة عندما لم تقلم أظفار صالح بعد 2011 حين كان حليفها الأول في اليمن .. و فشلت في طريقها الحالي عسكريا صنعت ما بوسعها و خذلها الداخل.. وضعت نفسها نهبا للإبتزاز و فريسة سهلة للقوي العالمية المهيمنة .. علي كل .. ما هي المسارات الأربعة المتوفرة للمأزق ? - المسار الاول: و هو أخطرها علي الاطلاق و صاحب الحظ الأوفر و الفرصة الأكبر و التبعات الأسوأ .. بقاء الحال علي ما هو عليه حرب في الداخل و تدخل من الخارج و تحالفات و مؤامرات و خيانات و دسائس و شراء ذم .. دون أن يستتب الأمر لحلف صالح و الحوثي و لا انتصار لمقاومة الداخل.. لا عودة محتملة لهادي و شلته "المرفوض شعبيا و بقوة" و لا قبول لسلطة القوي المهيمنة علي المؤسسات علي أرض الواقع ..مع ظهور أطراف و اسما ء جديدة في كل مرة و حرب إعلامية قذرة يسود فيها الكذب.. و حشد طائفي و مناطقي .. وفرز مصلحي .. إلي أن تنهك كل الأطراف .. صوملة كما قال عنها صالح يوما ما .. وربما تتوسع بشكل خطير الي دول الجوار .. -المسار الثاني: أمنية كل يمني و رجاء كل ذي عقل و حس صحيح و هو الحوار و العودة لطاولة المفاوضات و الخروج من الأزمة بحلول سلمية ترضي كل اطراف النزاع ووتحقن الدماء و تجنب البلد المزيد من الدمار ..إن لم نطمع بتحقيق طموحات الشعب اليمني ككل.. و هذا الحل يبدو مستبعدا بشكل خطير نتيجة لتعنت الطرف المسيطر علي الأرض و علي مفاصل الدولة "حلف صالح و الحوثي" و الدعم الإيراني و رؤية السياسة الأمريكية للنزاع و مصالحها في المنطقة و الغير متفق كليا مع الأطراف المناهضة للانقلاب.. إضافة إلي رغبة تجار الحروب المدمرة باستمرار النزاع.. وضعف و خذلان هادي و شلته و فقدانهم للحنكة السياسية المطلوبة لادارة الازمة و الرغبة الصادقة في إنهاء النزاع .. الحوار مع تقديم التنازلات من كل الأطراف ..بنوايا صادقة تراعي مصلحة اليمن بعيدا عن أي ارتهان خارجي .. بعيدا عن المحاصصة و الطائفية و المناطقية و الارتزاق .. أمر صعب جدا بالفعل -المسار الثالث: و هو القبول بالأمر الواقع علي الأرض و استلام حلف الانقلاب الحوثي و صالح للسلطة .. و عودة بقية المكونات السياسية المناهضة لهم للإحتجاجات و التظاهرات السلمية و المعارضة حتي اتنزاع كامل حقوق المواطن و بناء الدولة .. و هذا المسار حسب اعتقادي أصبح شبه مستحيل خصوصا في المحافظات الجنوبية و في المحافظات التي تتواجد فيها المقاومة المسلحة .. إضافة إلي وجود التدخل الخارجي "السعودية".. التي لن تقبل بهذا الحل ببساطة بعد أن وقع في المأزق بكل قوة بغض النظر عن الدوافع و بغض النظر عن مشروعية تدخلها من عدمه.. -المسار الرابع: يتمثل في الحسم من قبل الأطراف المناهضة للانقلاب .. و هذا لن يتأتي بسهولة و يسر و عمره طويل جدا ... و أن حدث فسيكون فقط في المحافظات الجنوبية و ربما في تعز .. و الطريقة المثلي للحسم هي "حصار الحصار" عبر خلق جبهات شعبية في الأرياف و المديريات لفك الحصار عن المدن .. كما حدث في حصار السبعين يوما لصنعاء في ستينات القرن الماضي .. عندما توجه أبناء المناطق الوسطي و السفلي ونجحوا في كسر الحصار و قلب موازيين القوي لصالح الجمهوريين في حينها .. و أنتهت الامور إلي ما آلت إليه في حينها من اتفاقات و تصالحات أنهت الصراع.