عبدالفتاح إسماعيل (كبير مؤسسي ومنظري الحزب الإشتراكي اليمني ورجل الإتحاد السوفيتي في الجزيرة العربية إبان الحرب الباردة) قتل على يد مجموعة من رفاق الحزب نفسه بطريقة بشعة في مذابح ومجازر الثلاثاء المشؤم 13يناير1986م الدموية ؛ كما قُتل الآلاف من الرفاق وغير الرفاق غيره بنفس الطريقة ونفس الأسلوب على يد الرفاق أيضآ . يقال أن عبدالفتاح إسماعيل كان يحلم أن يوحد اليمن وكل الجزيرة العربية تحت راية الإشتراكية وصولآ للشيوعية وكان من الرفاق القلائل الذين درسوا وآمنوا وتشربوا واستوعبوا وتعمقوا في ظلمات بحر الإشتراكية العلمية ومبادئ الشيوعية إلى درجة أن المقربين منه نقلوا أنهم كانوا يجدوه حتى وهو داخل دورات المياه (أكرمكم الله) يطالع كتب المبادئ الماركسية اللينينية ؛ على عكس الغالبية العظمى من الرفاق الذين كانت الإشتراكية ومبادئ الشيوعية بالنسبة لهم مجرد غطاء وشعارات تم تطويعها وتسخيرها لخدمة المنطقة والمناطقية والشلة والشللية والتحزب العنصري الأعمى البغيض ؛ وهذا ما ظهر جليآ من خلال تلك الأحداث المتعاقبة والإنقلابات والمجازر الدموية التي كنا على موعد حتمي معها وفصل جديد من فصولها التراجيدية بعد كل أربع سنوات على أبعد تقدير . لست هنا بصدد الدفاع عن هذا الرفيق وحاشى أن أكون كذلك ؛ فقد نشأت في أحضان أسرة محافظة كانت تلقنني سرآ وجهرآ ليل نهار(كما هو حال كثير من الأسر آنذاك)أن عبدالفتاح إسماعيل وأمثاله ورفاقه وحزبه ما هم إلا شرذمة من الناس يدعون إلى الإلحاد والإفساد ومحاربة الدين والفضيلة وتغيير الفطرة الكونية السليمة التي فطر الله الناس عليها ؛ رغم أن الرجل كان بلغة المناطقيين اليوم (من الجماعة ومن البلاد) إلا أن أفكار وعقيدة الرجل قد أبعدت عنه ونفرت منه حتى أقرب الناس إليه ألا وهو والده القاضي إسماعيل – رحمة الله عليه- الذي تبرأ منه في حينه . بالأمس : بينما كان المسلمون في مشارق الأرض ومغاربها يسبحون ويهللون ويكبرون الله ربهم ؛ كان رفاق الأمس (حراك اليوم)يسبحون بحمد الحزب ويهللون ويكبرون باسم الرفاق من أعضاء اللجنة المركزية وعلى رأسهم كبيرهم الذي علمهم عبدالفتاح إسماعيل ؛ وإليكم نماذج من تسبيحهم وتهليلهم وتكبيرهم ليل نهار آنذاك : (يحيا الحزب الإشتراكي اليمني)(لا صوت يعلو فوق صوت الحزب)(الحزب شرف وضمير الشعب)(حزبك باقي يافتاح حزب العامل والفلاح)(بالروح بالدم نفديك يافتاح)وقد وصل ببعضهم التمجيد لهؤلاء الرفاق حد التقديس وبالذات بعد مقتل وهلاك رموزهم في أحداث 13يناير الدموية (فتاح ومصلح وشائع وعنتر)إلى حد أن الكثير منهم آنذاك قد سمى ابنه باسم (فتاح) تقديسآ وتمجيدآ وتخليدآ وتيمنآ به . اليوم : انقلب السحر على الساحر ؛ وانقلب رفاق الأمس(حراك اليوم)على عظيمهم وكبيرهم من بعد تقديس وتمجيد وتخليد ؛ اكتشف هؤلاء فجأة سوء معشرهم وقصدهم وفداحة جرمهم وخطأ تقديسهم وتمجيدهم ونصرتهم ؛ لا لأنهم رجعوا إلى ثوابت الدين والقيم والإسلام ولا لإنهم تابوا واستغفروا ربهم وعرفوا كبير ذنبهم وعظيم غيهم ؛ كلا ولا ؛ لا هذا ولا ذاك ؛ بل هي دعوى مناطقية بامتياز ؛ فقد عاد القوم إلى رشدهم وبحثوا واستذكروا وعرفوا أن الرجل يعود أصله من الحجرية والحجرية تعني لهم تعز وتعز تعني الشمال ؛ فبعد أن كان الرجل(فتاح)أصبح في ليلة وضحاها(دحباش)وبعد أن كان عظيمآ وزعيمآ أصبح وضيعآ ودخيلآ . سؤال : لو كان الرجل اليوم حي يرزق بين ظهرانيهم ماذا تراهم كانوا فاعلين فيه ؟ هل كان موته وهلاكه آنذاك علي يد رفاق الأمس خير وأرحم له مما لو كان يعيش بين أحضان حراك اليوم الذي تخلى وتبرأ منه ؟ أم أن المصير ذاته كان سيطوله ويلحقه وبنفس الطريقة البشعة ؟!