دعت المفوضية السامية لحقوق الإنسان الحكومة اليمنية إلى الوقف الفوري للاستخدام المفرط للقوة ضد المتظاهرين الذين يمارسون حقهم في الاحتجاج السلمي. في حين اتهمت منظمة العفو الدولية السلطات اليمنية باستخدام "القوة المفرطة على نحو فج" ضد المتظاهرين المناهضين للحكومة وعدم الإكتراث بأرواح البشر. وأشارت المفوضية السامية إلى أن أكثر من 100 شخص قتلوا منذ بدء الاحتجاجات. داعية الحكومة للوفاء بالتزاماتها السابقة بتأسيس لجنة تحقيق مستقلة بشأن المزاعم بارتكاب عمليات قتل وانتهاكات لحقوق الإنسان على أيدي القوات الحكومية. وحسب بيان المفوضية – تلقى مأرب برس نسخة منها – فإن هذه الجرائم تتضمن الحوادث التي وقعت في 18 آذار/مارس عندما قتل 45 شخصا في صنعاء بالإضافة إلى الحوادث التي وقعت أمس في محافظة تعز. وقال المتحدث باسم المفوضية، روبرت كولفيل، "نحن منزعجون للغاية بسبب التقارير الواردة بشأن الاستخدام المفرط والعشوائي للقوة، بما في ذلك المدافع الرشاشة ضد المتظاهرين السلميين على أيدي القوات الأمنية في تعز، والتي يبدو أنها أدت إلى مقتل 15 شخصا وعشرات الإصابات". وتشير التقديرات إلى أن الاضطرابات في اليمن قد أودت بحياة أكثر من 100 شخص، وهو ما تعتقد المفوضية أنه أقل بكثير مما يمكن أن يكون عليه العدد الحقيقي، إضافة إلى وقوع مئات الإصابات. كما أشارت المفوضية بقلق إلى التقارير الواردة بشأن الاعتقالات والمضايقات وطرد المدافعين عن حقوق الإنسان والصحفيين من اليمن. ودعا كولفيل الحكومة للإذعان للدعوات المطالبة بإصلاح وضع حقوق الإنسان في البلاد ونحث على إجراء حوار بين الحكومة والمعارضة بهدف إيجاد اتفاق سلمي حول المستقبل". العفو تتهم السلطة باستخدام القوة المفرطة الفجة ضد المتظاهرين ومن جهتها اتهمت منظمة العفو الدولية في بيان لها وزعته - اليوم الأربعاء - السلطات اليمنية باستخدام "القوة المفرطة على نحو فج" ضد المتظاهرين المناهضين للحكومة، وعدم الإكتراث بأرواحهم، داعية إلى إجراء تحقيق خارجي في تلك الهجمات. واكدت المنظمة الحقوقية إن نحو 100 شخص قتلوا منذ بداية العام الجاري عندما اندلعت مظاهرات ضد الرئيس علي عبد الله صالح الذي يحكم البلاد منذ نحو 32 عاما. واتهمت المنظمة، في تقريرها الصادر في 40 صفحة تحت عنوان "لحظة الحقيقة لليمن"، السلطات اليمنية بالتصرف ب "عدم اكتراث بأرواح البشر"، وتواصل "حلقة للإفلات من العقاب". وانتقدت المنظمة كذلك اليمن بشدة بسبب اعتقال المئات من نشطاء المعارضة ومواصلة قمع الصحفيين واستخدام التعذيب بل وقتل معتقلين على أيدي قوات الأمن. وأوضحت المنظمة - التي تتخذ من لندن مقرا لها - أنه من بين أكثر الأحداث المزعجة بشكل خاص هو عندما رفضت قوات الأمن السماح للأهالي بنقل الجرحى إلى المستشفى بعدما أطلقت قوات الحكومة النار على المتظاهرين والمارة في محافظة عدن جنوبي البلاد في شباط/فبراير الماضي. وقالت: إنه تردد أن عناصر من قوات الأمن، وبعضهم يرتدي الزي الرسمي والآخر يرتدي ملابس مدنية، استخدموا قنابل الغاز المسيل للدموع المصنوعة في الولاياتالمتحدة والذخيرة الحية والرصاص المطاطي وقنابل مطاطية أمريكية الصنع والصواعق الكهربية في قمع المتظاهرين بشكل عنيف. ودعت الجماعة الحقوقية الحكومة في صنعاء إلى وقف هجماتها ضد المتظاهرين السلميين، فيما دعت المجتمع الدولي إلى الوقف الفوري لإمداد ونقل الأسلحة إلى قوات الأمن اليمنية. واعتبر بيان المنظمة أن أسوأ أعمال العنف وقعت يوم 18 آذار/مارس الماضي المسمى "الجمعة الدامية" حين تعرض معسكر احتجاج لنيران قناصين ما أدى إلى مقتل 52 شخصاً واصابة المئات بجروح، وابلغ شاهد عيان المنظمة أن معظم الضحايا قُتلوا نتيجة اصابتهم بعيارات نارية في الرأس أو العنق ومات الكثير منهم في مكان الحادث. واشارت العفو الدولية إلى أن لا علم لديها حول ما إذا كان أي عضو من أعضاء قوات الأمن يجري التحقيق معه في الوفيات التي وقعت في الاحتجاجات المناهضة للحكومة منذ منتصف شباط/فبراير 2011، بعد اعلان الحكومة اليمنية في 19 آذار/مارس الماضي أنها ستفتح تحقيقاً حول الوفيات لكنها لم تعلن أي تفاصيل حوله في العلن. تحذيرات من صفقات لمنح صالح وعائلته حصانة ضد الملاحقة ودعت السلطات اليمنية إلى الإقرار بأنها تحتاج إلى مساعدة من المجتمع الدوي لاجراء تحقيقات يمكن أن تكشف الحقيقة الكاملة عن وفيات الاحتجاجات الأخيرة في البلاد. وقال فيليب لوثر نائب مدير برنامج الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في منظمة العفو الدولية "لدى الحكومة اليمنية سجل ذريع من الفشل في التحقيق أو مقاضاة المسؤولين عن عمليات القتل غير القانونية والتعذيب أو غيره من ضروب سوء المعاملة، وقدم المجتمع الدولي مساعدات إنمائية وأمنية للسلطات الأمنية حين طلبت، وحان الوقت الآن لكي يتدخل ويساعد في تحقيق العدالة لعائلات الذين فقدوا حياتهم خلال هذه الفترة المضطربة". واضاف لوثر "اليمنيون بحاجة إلى لجنة مستقلة للتحقيق في عمليات القتل واصابة المتظاهرين أو المارة بجروح في الأسابيع الأخيرة، تتمتع بصلاحية اجبار المسؤولين على الادلاء بشهاداتهم وضمان تقديم للعدالة أي شخص يثبت أنه ارتكب أو أمر بتنفيذ عمليات قتل غير قانونية أو الاستخدام المفرط للقوة". وحذّرت منظمة العفو الدولية من عقد أي صفقات سياسية محتملة يمكن أن تعرض على الرئيس صالح وأفراد عائلته والمقربين منه الحصانة ضد الملاحقة القضائية مقابل تخليه عن السلطة. وقال لوثر "لا يمكن السماح للرئيس صالح بالتحول إلى الهامش بهدوء في وقت يدعو فيه الشعب اليمني جهاراً إلى المساءلة، والسبيل الوحيد لنزع فتيل التوتر في جميع أنحاء البلاد هو تقديم الحقيقة وتحقيق العدالة وليس ايجاد الطرق لتجنب ذلك". ويورد تقرير العفو الدولية أيضاً تفاصيل عن استمرار انتهاكات حقوق الانسان في اليمن، بما في ذلك عمليات القتل غير القانونية والتعذيب والاعتقال لفترات طويلة دون تهم، مرتبطة برد الحكومة اليمنية على تزايد دعوات الانفصال في الجنوب، والهجمات التي يشنها تنظيم القاعدة، والنزاع الدائر مع المتمردين الحوثيين في الشمال. وقالت المنظمة إن انشاء لجنة تحقيق في الوفيات التي وقعت منذ شباط/فبراير الماضي يجب أن يكون نقطة انطلاق لعملية أوسع بكثير للتعامل مع تركة ثقيلة من ثقافة الافلات من العقاب على أنماط الانتهاكات في السنوات الأخيرة. ودعت أيضاً جميع الحكومات إلى أن تعلق فوراً تصدير ونقل الأسلحة والذخائر والمواد ذات الصلة لقوات الأمن في اليمن لمنعها من استخدامها في قمع الاحتجاجات.