قررت دول مجلس التعاون الخليجي الست سحب سفرائها من دمشق ومطالبة سفراء سورية لديها بمغادرة أراضيها بشكل فوري، فيما أعلن وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف أن الرئيس السوري بشار الأسد وعده بالعمل على وقف أعمال العنف في بلاده أيا كان مصدرها. وقال لافروف عقب لقائه بالأسد في دمشق اليوم الثلاثاء إن بلاده مستعدة لمواصلة البحث عن حل للأزمة في سورية استنادا إلى مبادرة الجامعة العربية، مؤكدا أن دمشق تريد استمرار مهمة الجامعة العربية في البلاد وأن يتم توسيعها. وأكد لافروف أن "الرئيس السوري ملتزم بإجراء إصلاحات ديمقراطية، وسيعلن قريبا موعد الاستفتاء حول دستور جديد تم الانتهاء من صياغته". وتابع لافروف قائلا "لقد أبلغني الرئيس الأسد أنه سيلتقي في الأيام المقبلة اللجنة التي تولت صياغة مشروع الدستور الجديد الذي انتهى العمل فيه وسيتم الإعلان عن موعد الاستفتاء على هذه الوثيقة المهمة جدا لسورية". وكان لافروف قد وصل دمشق الثلاثاء برفقة مدير الاستخبارات الخارجية الروسية ميخائيل فرادكوف بتكليف من الرئيس الروسي دميتري ميدفيديف، للقاء الرئيس السوري وبحث سبل إيجاد حل للأزمة السورية، والدعوة لحوار وطني شامل في البلاد التي تشهد انتفاضة شعبية منذ 11 شهرا. يشار إلى أن وزارة الخارجية الروسية كانت قد أعلنت في بيان لها أن لافروف وفرادكوف سيحاولان إقناع الأسد "بتقديم تنازلات" تشمل "تنفيذا سريعا للإصلاحات الديموقراطية". واتهم البيان مجددا بعض المعارضين السوريين باستغلال الاحتجاجات لتغيير النظام بالقوة. وكان الأمين العام لجامعة الدول العربية نبيل العربي قد نقل عن لافروف قوله إنه سيقدم مبادرة لدمشق خلال زيارته، ولكن العربي لم يقدم تفاصيل بشأن هذه المبادرة، وعندما سئل عما إذا كان يعتقد أنها يمكن أن تنهي الأزمة قال "هم يعتقدون ذلك". وفي هذا السياق، أعربت واشنطن عن أملها في أن ينتهز لافروف فرصة زيارته لدمشق "ليفهم النظام هناك مدى عزلته". دول الخليج تسحب سفراءها في الوقت نفسه ، أعلنت دول مجلس التعاون الخليجي يوم الثلاثاء أنها قررت الطلب من سفراء "النظام السوري" مغادرة أراضيها بشكل فوري، وفقا لبيان رسمي. وأكد البيان أن السعودية، رئيس الدورة الحالية للمجلس، قررت سحب السفراء من سورية و"الطلب في الوقت ذاته من جميع سفراء النظام السوري مغادرة أراضيها وبشكل فوري". وأوضح البيان أن هذه الخطوة جاءت "بعد أن انتفت الحاجة لبقائهم بعد رفض النظام السوري كل المحاولات، وأجهضت كافة الجهود العربية المخلصة لحل هذه الأزمة وحقن دماء الشعب السوري". مبادرة تركية من جهة أخرى، قال رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان اليوم الثلاثاء إن بلاده تعد مبادرة جديدة لحل الأزمة السورية وذلك بالتعاون مع الدول التي تعارض الحكومة السورية، واصفا استخدام الصين وروسيا لحق النقض (الفيتو) ضد قرار لمجلس الأمن حول سورية ب"المهزلة". وأضاف أردوغان في اجتماع لحزب العدالة والتنمية الذي ينتمي إليه في أنقرة "سنبدأ مبادرة جديدة مع الدول التي تقف إلى جانب الشعب وليس الحكومة السورية"، إلا أنه لم يذكر المزيد من التفاصيل بشأن المبادرة. مواقف أوروبية في غضون ذلك ، أعلن الاتحاد الأوروبي اليوم الثلاثاء أنه لا ينوي سحب رئيس ممثليته في سورية، بعد أن سحبت الولاياتالمتحدة وبريطانيا وبلجيكا وايطاليا وفرنسا سفراءها من دمشق. وقال مايكل مان المتحدث باسم وزيرة خارجية الاتحاد الأوروبي كاثرين اشتون إنه "ليست لدينا أي خطة مطلقا لسحب رئيس وفدنا في دمشق في هذا الوقت". يأتي الموقف الأوروبي بينما قال المتحدث باسم وزارة الخارجية الفرنسية برنار فاليرو إن بلاده قررت سحب سفيرها من سورية وسط حملة القمع الدموية التي يشنها النظام السوري ضد المناهضين له. وأضاف أنه "نظرا لتصاعد حملة القمع التي يشنها النظام السوري ضد شعبه، قررت السلطات الفرنسية استدعاء السفير الفرنسي في سورية للتشاور". في الوقت نفسه أعلنت وزارة الخارجية الإيطالية في بيان اليوم الثلاثاء أن" روما استدعت سفيرها في سورية للتشاور إثر أعمال العنف غير المقبولة التي يرتكبها نظام دمشق". كما أعلنت وزارة الخارجية الإسبانية أن مدريد استدعت سفيرها في سورية للتشاور بشأن حملة القمع التي يشنها النظام السوري ضد مناهضيه. نفي إيراني في هذه الأثناء ، نفت إيران أي تدخل في سورية، كما اتهمتها جماعة الإخوان المسلمين السورية المعارضة، مشيرة إلى أنها قامت بإرسال مسؤول رفيع المستوى إلى دمشق "للتشاور". وقال المتحدث باسم الخارجية الإيرانية رامين مهمانبرست " إننا لا نتدخل إطلاقا في الشؤون الداخلية السورية"، وذلك غداة تصريحات من الإخوان المسلمين في سورية اتهموا فيها روسيا والصين وإيران بأنهم "شركاء مباشرون في المذبحة البشعة التي تنفذ على شعبنا من خلال تقديمهم الدعم والسلاح والعتاد لنظام الرئيس بشار الأسد"، على حد تأكيدهم. وإيران هي الحليف الرئيسي لسورية في المنطقة وان كانت دعت النظام السوري إلى إجراء إصلاحات وفتح "حوار مع المعارضة"، إلا أنها امتنعت عن إدانة عمليات قمع الحركة الاحتجاجية، التي أوقعت أكثر من ستة آلاف قتيل بحسب ناشطين حقوقيين منذ اندلاع التظاهرات في منتصف مارس/ آذار. الوضع الميداني ميدانيا، أفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان بأن 19 شخصا قد قتلوا في مدينة حمص اليوم الثلاثاء بينهم أربعة جنود وامرأة، كما قتل طفل في ريف حمص. وذكر المرصد في بيان له أن "ما لا يقل عن تسعة مواطنين مدنيين استشهدوا بينهم سيدة اثر إطلاق نار وقصف ومحاولة اقتحام تعرض لها حي الخالدية في حمص. " كما نقل المرصد عن ناشط في حي الخالدية قوله إن "مجموعة منشقة قتلت أربعة من جنود الجيش الذي حاول اقتحام الحي". وقتل ستة مدنيين على الأقل في قصف وإطلاق نار تعرض له حي بابا عمرو الذي قال المرصد انه يتعرض لمحاولة اقتحام. وكان طفل قد قتل برصاص الأمن أثناء اقتحام عسكري لمدينة الحولة في ريف حمص، التي قال المرصد إن قوات الأمن اقتحمتها ترافقها آليات عسكرية، مشيرا إلى إصابة "ما لا يقل عن ثمانية أشخاص بجروح اثر إطلاق رصاص من القوات المقتحمة". وتشهد مدينة حمص منذ ساعات الصباح الأولى قصفا بشكل متقطع أسفر عن مقتل وإصابة العشرات وهدم الكثير من المباني والمنازل. في جنوب سورية، أشار المرصد السوري لحقوق الإنسان إلى إصابة 16 مواطنا بجروح في إطلاق نار من قوات الأمن بهدف تفريق تظاهرة طلابية في مدينة أنخل في ريف درعا. كما ذكرت لجان التنسيق المحلية أن "النظام يقصف بلدة بصر الحرير في محافظة درعا بالرشاشات الثقيلة والدبابات وذلك بعد اشتباكات عنيفة وقعت مع سبعين عسكريا انشقوا مع عتادهم فيها". تمويل الدفاع عن النفس من جهة أخرى، دعا المجلس الوطني السوري والجيش السوري الحر في بيان مشترك اليوم الثلاثاء رجال الأعمال السوريين والعرب إلى "المساهمة في تمويل عمليات الدفاع عن النفس وحماية المناطق المدنية". وجاء في البيان "إننا نوجه دعوة حارة إلى رجال الأعمال السوريين والعرب للمساهمة المباشرة والفاعلة في التمويل المشروع لعمليات الدفاع عن النفس وحماية المناطق المدنية في إطار الجيش السوري الحر، وتأمين الإمكانات اللازمة لحماية جبهتنا الداخلية". وأوضح البيان أن "الإمكانات المتوفرة لا تكفي لصد الهجمة التي تلقى دعما وتمويلا من قوى إقليمية ودولية توفر السلاح والذخائر للنظام". يأتي هذا النداء المشترك بعد انتقادات لاذعة وجهها قائد الجيش السوري الحر العقيد رياض الأسعد إلى المجلس الوطني، واصفا إياه بالمجلس الفاشل الذي لم يقدم أي دعم للشعب السوري.