تشهد أروقة السياسة في العاصمة اليمنية صنعاء تحركات متسارعة بين الفرقاء اليمنيين وسفراء الدول الراعية للمبادرة الخليجية، في إطار الدفع بعملية تنفيذ أهم بندين في المبادرة لمرحلة ما بعد الانتخابات الرئاسية وهما: إعادة هيكلة الجيش وعقد مؤتمر حوار وطني يضم جميع الأطراف السياسية والثورية، لمناقشة حل القضايا الشائكة. ونقل موقع الجزيرة نت أن سفراء الاتحاد الأوروبي ودول التعاون الخليجي وجهوا دعوات مطلع الأسبوع إلى قيادات في المعارضة الجنوبية بالخارج للمشاركة في مؤتمر الحوار المقرر أن يعقد نهاية مارس/آذار الجاري، برعاية وإشراف دوليين. وأفادت مصادر مطلعة أن قيادات جنوبية معارضة في الخارج يتوقع أن تعود إلى اليمن للمشاركة في المؤتمر، أبلغت وسطاء حكوميين وخليجيين أنها ستشارك شريطة تحديد أهداف ورؤية واضحة للحوار بشأن القضية الجنوبية وتهيئة الظروف المناسبة للعودة. وكان الرئيس عبد ربه منصور هادي أعلن أمس الأول أن الحوار سيبدأ نهاية الشهر الجاري بالتزامن مع العمل على إعادة هيكلة القوات المسلحة، وذلك عقب لقاء جمعه بوزير الدولة البريطاني لشؤون الشرق الأوسط وشمال أفريقيا أليستر بيرت في إطار لقاءات عقدها مع قيادات في أحزاب المشترك وممثلين عن الحراك الجنوبي والحوثيين وشباب الثورة، لحثهم على ضرورة المشاركة في إنجاح مؤتمر الحوار الذي نصت عليه المبادرة الخليجية. وتأتي هذه التحركات المكثفة في اتجاه سرعة استكمال بناء الدولة للحد من حالة الانفلات الأمني وتصاعد هجمات عناصر تنظيم القاعدة في جزيرة العرب، المسيطرة في أبينجنوب البلاد منذ مطلع العام الماضي. وكانت لجنة وزارية شكلتها حكومة الوفاق الوطني للتواصل مع الشباب في مختلف الساحات وفقاً للمبادرة الخليجية وآلياتها التنفيذية، تضم في عضويتها ستة من الوزراء المعنيين، قد بدأت أمس الاثنين بتنفيذ بعض البرامج المتعلقة بالشباب. ووفقاً لوزير الشباب والرياضة عضو اللجنة الوزارية للحوار مع شباب الساحات معمر مطهر الإرياني، فإن اللجنة بدأت بتنفيذ بعض برامج الإعداد للحوار، مشيرا إلى أن مهام رئيسية أخرى سيجري التواصل بشأنها مباشرة من قبل الوزراء المكلفين مع الشباب في الساحات للحوار معهم حول مختلف القضايا السياسية والاقتصادية والثقافية والاجتماعية. وقال الوزير اليمني -في حديث للجزيرة نت- "هناك توجه جاد وحقيقي من قبل حكومة الوفاق الوطني لإجراء حوار شامل ومفتوح مع جميع التكتلات والقوى الحزبية والمدنية دون استثناء أو خطوط حمراء مسبقة". وأضاف أن الحوار مع الشباب في مختلف الساحات على رأس أولويات الحكومة في محاولة لتقريب وجهات النظر وتوفير مناخ مناسب لمؤتمر الحوار القادم وتكوين رؤيتهم المستقبلية للدولة المدنية الحديثة. وألمح الإرياني إلى أن وزارة الشباب بدأت في إعداد برامج بالشراكة مع وكالة التنمية الأميركية والمنظمات الدولية، أبرزها مشروع جيل السلام، الذي يستهدف عشرة آلاف شاب وشابة كمرحلة أولى في أربع محافظات، هي صنعاءوعدن وتعز والحديدة، سيتم من خلاله إدماج الشباب في الحوار. وأكد أن هذه البرامج ستمثل نواة للحوار يتم من خلالها إتاحة المجال للشباب لخوض نقاشات شفافة وصريحة حول مختلف وجهات النظر، لتكوين رؤى وأهداف واضحة تعبر عن تطلعاتهم على ضوئها يتم الدخول في الحوار الشامل. المعارضة ترحب وبحسب الناطق الرسمي باسم تكتل أحزاب اللقاء المشترك الدكتور عبده غالب العديني، فإن أطرافا في المعارضة الجنوبية في الخارج رحبت بأي حوار جاد ومسؤول وإن الحوثيين أبدوا رغبة واستعدادا للمشاركة. وقال العديني إن لجنة مشكلة من أحزاب اللقاء المشترك زارت صعدة والتقت بالحوثيين قبل أسابيع وتم الاتفاق المبدئي معهم، وهم مرحبون بالحوار وسيشاركون فيه ولديهم رؤى وأفكار سيقدمونها في المؤتمر. وأوضح أن المشاركة في المؤتمر القادم ستشمل وفق الآلية التنفيذية للمبادرة الخليجية المؤتمر وحلفاءه والمشترك وشركاءه والحراك والحوثيين والشباب والمرأة ومنظمات المجتمع المدني والأحزاب السياسية التي لم تندرج ضمن تلك المكونات. وأشار الناطق باسم تكتل أحزاب اللقاء المشترك إلى أن هناك لجانا يجري العمل على تشكيلها من قبل الحكومة للتواصل مع الحراك والحوثيين وجميع المكونات التي ستشارك في المؤتمر، سيُعلن عنها قريباً. وتخلق إعادة هيكلة الجيش اليمني التي تسبق الحوار تذبذبا في المواقف بين التأييد والرفض لدى جماعة الحوثي وحالة التباين بين فصائل الحراك الجنوبي، أبرز التحديات أمام انعقاد مؤتمر الحوار الوطني. وقال الأمين العام للحراك الجنوبي بمدينة عدن العميد ناصر صالح الطويل -للجزيرة نت- "نحن لا نرفض الحوار ونحن مع أي حوار أو مؤتمرات تحل قضية الجنوب ولكن على أسس صحيحة تضع حلولا للمستقبل وأن تكون بين طرفين، أبناء الجنوب وأبناء الشمال". وأضاف أن حل القضية الجنوبية ينبغي أن يكون على طاولة واحدة يشارك فيها الطرفان وفقا لقرارات الشرعية الدولية 924 و931، باعتبار أن الحرب التي قامت ليست حربا أهلية وإنما كانت حربا بين دولة الجمهورية العربية اليمنية وجمهورية اليمن الديمقراطية. واعتبر الطويل أن عودة المعارضة الجنوبية إلى اليمن للمشاركة في أي حوار هو أمر وارد بعد توفر الضمانات المحلية لعودتهم والاعتراف الواضح بالقضية الجنوبية وتوجيه دعوات رسمية من قبل الرعاة الدوليين للحوار على أساس أن تكون قضية الجنوب مطروحة على جدول واضح ومقبول لدى معارضة الجنوب في الداخل والخارج.