دشن مجلس النواب اليمني أمس مناقشة برنامج الحكومة الجديدة المشكلة مطلع الشهر الجاري، برئاسة الدكتور علي محمد مُجوّر، وذلك بحضور رئيس وأعضاء الحكومة، والذي شككت كتل المعارضة في قدرة الحكومة علي تنفيذه واعتبرته تكرارا للبرامج الحكومية السابقة. وأثار البرنامج الحكومي نقاشا شديدا من قبل أعضاء المجلس النيابي وفي مقدمتهم أعضاء كتل المعارضة، التي وصفته بأنه برنامج مكرر لبرامج الحكومات السابقة منذ منتصف التسعينات، ويفتقر لبرنامج زمني لتنفيذه. وشدد رؤساء الكتل البرلمانية علي ضرورة إعطاء البرنامج التنفيذي للحكومة أولوية للمسائل المتصلة بالتنمية الاقتصادية والاجتماعية والقضاء علي الفقر والبطالة والفساد. وتضمن البرنامج الحكومي الذي قدمته للمجلس النيابي وفقا لمصدر رسمي مفردات جديدة في جوانبه الاقتصادية والتنموية والإدارية والمؤسسية والاجتماعية والسياسية وتعزيز الحقوق والحريات وتطوير نظام السلطة المحلية وتوسيع المشاركة الشعبية في التنمية المحلية بمفهومها الشامل . وأشار إلي المتطلبات الواقعية اللازمة لتنفيذ البرامج والخطط القطاعية المترجمة لمفردات البرنامج في جوانبها البشرية والمادية والفنية والتشريعية. وذكرت الحكومة أمام مجلس النواب أن برنامجها عكس مضامين البرنامج الانتخابي لمرشح حزب المؤتمر الحاكم الرئيس علي عبدالله صالح ومصفوفته التنفيذية ومفردات الخطة الخمسية الثالثة للتنمية الاقتصادية والاجتماعية واستراتيجية التخفيف من الفقر. وأوضحت أنها ركزت في برنامجها علي ما يتعلق بتطوير دور الاستثمار في التنمية والارتقاء بالواقع الاقتصادي بما يفتح المجال لخلق فرص عمل واسعة ومتعددة المستويات تؤدي إلي امتصاص العمالة وتحسين المستوي المعيشي للناس والتخفيف من الفقر. مشيرة إلي أنها أعطت أولوية في برنامجها لمعالجة اشكاليات الأراضي وأهمية توفير الخدمات اللازمة لإقامة المشاريع الاستثمارية عليها بما تمثله من مرتكز أساسي وحيوي لقيام المشاريع الاستثمارية وتحقيق أهدافها مع التركيز في نفس الوقت علي المعالجات المؤسسية والتشريعية المتعلقة بالعملية الاستثمارية. وأكدت أنها أيضا أعطت قضية محاربة الفساد اهتماما خاصا من خلال تأكيد عملية التكامل والتنسيق مع كافة الأجهزة الرقابية والعدلية في مختلف المستويات وغيرها من الجوانب الحيوية المرتبطة بواقع التنمية الشاملة . وتضمن البرنامج الحكومي وعودا بزيادة الفرص الاستثمارية للفئات الفقيرة من خلال دعم وتمويل الإقراض الصغير والأصغر بما في ذلك إنشاء بنك الأمل للفقراء، وسيهتم بقطاع الصيد التقليدي وتوفير مستلزمات تطويره للصيادين التقليديين، وبالذات صيادي الجزر. وأكدت الحكومة اليمنية في برنامجها علي إعطاء المجال النفطي أولوية في اهتمامها، مشيرة إلي مساعدتها لشركة صافر النفطية العامة علي تجاوز الصعوبات والمعوقات التي تواجهها وتطوير مصفاة عدن وتوسعة مصفاة مأرب ووضع خطة ليمننة 90 % من عمالة الشركات النفطية الإنتاجية بنهاية عام 2008 وتنفيذ مشروع إنتاج وتصدير الغاز الطبيعي المسال لضمان البدء بالتصدير بحلول عام 2009 وزيادة إنتاج الغاز البترولي المسال إلي 800 طن متري في اليوم لتلبية احتياجات السوق المحلي. وأوضحت أنها ستولي كذلك مجال الكهرباء اهتماما خاصا بدءا بإصدار قانوني الكهرباء والطاقة الذرية وتعزيز القدرة الكهربائية بحوالي 600 ميغاوات حتي أوائل 2009 منها حوالي 456 ميغاوات من محطة الكهرباء الغازية في مأرب وكذا تعزيز القدرة التوليدية للمنظومات الكهربائية المعزولة بنحو 145 ميغاوات وتغطية 391 ألف منزل بالكهرباء في 88 مديرية ضمن 6 محافظات عبر مشروع الطاقة الخامس، وتعزيز الاستخدامات السلمية للطاقة الذرية في خدمة التنمية خاصة في إنتاج الطاقة الكهربائية وتحلية المياه وتطوير مصادر الطاقة المتجددة شاملة الطاقة الحرارية وطاقة الرياح والطاقة الشمسية وغيرها وتشجيع القطاع الخاص للاستثمار في مجال الطاقة الكهربائية. أما مشكلة المياه التي تعد الأصعب في البلاد فقد وعدت الحكومة بأنها تعتزم رفع نسبة التغطية السكانية بالمياه إلي حوالي 65% في الحضر و 45% في الريف مع العمل علي إيجاد حلول عاجلة لمشكلة المياه في المناطق التي تعاني من أزمات كما تعتزم الحكومة التوسع في مشاريع الصرف الصحي ورفع نسبة التغطية السكانية إلي 40% في الحضر و25% في الريف. وفي مجال الطرق أكدت العمل علي زيادة أطوال الطرق بمقدار 2000 كيلومتر من الطرق الرئيسية والثانوية والريفية والحصوية وإعداد دراسة الجدوي الاقتصادية لخط السكة الحديد. ووعدت الحكومة اليمنية بتحسين الكفاءة التشغيلية والإدارية لشركة الخطوط الجوية اليمنية بإعادة هيكلة الشركة وإنشاء شركة طيران للنقل الداخلي بالمساهمة مع القطاع الخاص وشركة للشحن الجوي وقرية للشحن في المنطقة الحرة بعدن، كما أنها ستعمل في مجال الاتصالات علي متابعة سرعة انجاز وتشغيل المشغل الثالث للهاتف النقال (جي اس ام 900) وتطوير قدرات وسعات البوابة اليمنية للانترنت وخفض تعرفه استخدام الانترنت. وفي جلسة أمس البرلمانية أعلن رئيس كتلة حزب الإصلاح البرلمانية الدكتور عبدالرحمن بافضل أنه متحفظ علي برنامج الحكومة الجديدة جملة وتفصيلاً. وقال خلال جلسة البرلمان اليوم (امس) لا نشعر بأي تفاؤل نحو المستقبل لهذه الحكومة فهي حكومة قديمة جديدة ومعظم وزرائها كانوا موجودين في الحكومة السابقة التي كان بالإمكان تنفيذ برنامجها إذا ما توفرت الإرادة والمصداقية . وأشار إلي خلو البرنامج الحكومي من أية أرقام أو إحصائيات وعدم وجود جدول زمني لتنفيذه، ووصفه بأنه برنامج إنشائي جميل . وأضاف بافضل ان ما جاء في برنامج الحكومة حول إصلاح الموازنة العامة والنظام المصرفي والتجاري والحد من البطالة والفقر وغلاء الأسعار مجرد كلام جميل سيكذبه الواقع عند نهاية العام . وأكد أن الفقر والبطالة في ازدياد وأسعار السلع الأساسية في تصاعد مستمر، وأن سعر كيس القمح بلغ 4 آلاف ريال (الدولار يساوي 198 ريالا) ناهيك عن بقية السلع الأساسية. وتساءل بافضل عن كيفية قيام الحكومة بالحد من ارتفاع الأسعار كما جاء في برنامجها، بذكرها كلاماً دون تحديد آليات للحد من ارتفاع الأسعار. وأعلن تحديه للحكومة الجديدة في إعادة الأسعار إلي ما قبل تشكيلها فضلاً عن انخفاضها، مستغربا حديث الحكومة عن رقابتها لأداء المجالس المحلية التي قال إنها تفتقر أصلاً للصلاحيات، كما تساءل عن أسباب إفلاس البنوك في اليمن. إلي ذلك أكد رئيس كتلة الاشتراكي اليمني الدكتور عيدروس النقيب أن برنامج الحكومة الجديدة عبارة عن مجموعة من الأمنيات والتمنيات طالما سمعناها قبل أربع سنوات من حكومة عبد القادر باجمال التي لم نعرف ماذا نفذت من برنامجها . وشدد النقيب علي ضرورة وجود إصلاحات شاملة سياسية واقتصادية وإدارية ومالية وتشريعية وقانونية وتعديل النظام الانتخابي الذي يكفل تداولا سلميا للسلطة، وأن ما يحتاجه اليمنيون هو إصلاح سياسي يسمح بالتداول السلمي للسلطة ويمنع الاحتكار للسلطة والثروة. واعتبر أن ما تقوم به الحكومات المتعاقبة ما هو إلا إصلاحات ترقيعية لإطالة عمر النظام، علي الرغم من إسهامه في زيادة مساحة الفقر والبطالة وهروب الاستثمارات من البلد وتراجع المعرفة وزيادة كلفة الخدمات وإثقال كاهل المواطن بارتفاع الأسعار وانتشار القتل العشوائي والخطف وتهريب الأطفال، مشددا علي ضرورة وجود إصلاحات شاملة لتجاوز هذه التحديات. من جانبه ذكر رئيس كتلة الوحدوي الناصري سلطان العتواني وهو الأمين العام للحزب ان البرنامج لم يتضمن مددا زمنية أو تفاصيل لما يمكن إنجازه مما يدعيه البرنامج أنه تطبيق لبرنامج مرشح الحزب الحاكم للانتخابات الرئاسية. وأوضح أن الحكومة السابقة عملت مصفوفة إصلاحات كان من المفترض أن تظهر نتائجها في برنامج الحكومة الجديدة، إلا أن هذا البرنامج جاء علي غرار سابقيه واتبع نهج البرامج السابقة من حيث العموميات وعدم الوضوح وخاصة فيما يتعلق برفع مستوي معيشة الشعب والقضاء علي الفقر والبطالة بشكل واضح. وقال العتواني إن هذا البرنامج الحكومي لا يتعامل مع شركاء الوطن من حيث الحوار علي قاعدة الشراكة الوطنية وإنما من باب إسقاط الواجب . ومن المقرر أن يصوت مجلس النواب علي البرنامج الحكومي يوم غد الخميس بعد أن أعطي مهلة للمناقشة وهو ما اعتبره النائب الإصلاحي المعارض عبد الكريم شيبان مخالفة للوائح والقوانين من قبل هيئة رئاسة المجلس النيابي بهدف الإسراع في إعطاء الثقة للحكومة دون مناقشة البرنامج بشكل كاف. عن القدس العربي