كشف مصدر سياسي رفيع في صنعاء عن خطة استراتيجية للتصدي للمخطط الإيراني الذي يتمدد من خلال شبكات تجسس وتحالفات بين أطراف سياسية وميليشيات مسلحة، لافتاً إلى أن السلطات رفعت درجة التأهب الأمني والسياسي إلى الدرجة العالية ذات اللون البرتقالي. وأوضح المصدر ل"العربية.نت" أن السلطات اليمنية باتت تستشعر خطر التدخلات الإيرانية، خصوصاً بعدما تم الكشف خلال الفترة الأخيرة عن ست شبكات تجسس إيرانية، إضافة إلى ضبط سفينة أسلحة إيرانية كانت وجهة حمولتها الأراضي اليمنية لتزويد حلفاء إيران، خصوصاً جماعة الحوثي الشيعية المسلحة. وأشار المصدر إلى أن هذا الإجراء يأتي استناداً إلى تراكم معلومات استخباراتية ومن وقائع تحركات ملموسة على الأرض لإحداث اضطرابات كما هي الحال بالنسبة للتحركات الحوثية في صعدة، وما يقوم به الجناح المتطرف في الحراك الجنوبي الذي يتزعمه الرئيس الجنوبي السابق علي سالم البيض، والذي يتلقى الدعم من إيران، إضافة إلى حلفاء جدد لإيران متهمين بالتورط في دعم عمليات تخريب للتيار الكهربائي وتفجير أنبوب النفط، فضلاً عن اختلالات أمنية أخرى. ولفت المتحدث إلى أن حلفاء إيران في اليمن سعوا خلال الآونة الأخيرة إلى تحريض الشارع اليمني ضد أشقاء وجيران اليمن، خصوصاً المملكة العربية السعودية، وذلك انطلاقاً من مخطط لإعاقة العملية السياسية وإجهاض المبادرة الخليجية لإنهاء الأزمة في اليمن، والتي كان للسعودية دور فاعل في إخراجها ورعايتها مع شركاء دوليين، أبرزهم الولاياتالمتحدة الأميركية. وكان السيناتور الأميركي، جون ماكين، أكد أن خطر التواجد الإيراني في اليمن من خلال الحوثيين أخطر بكثير من تنظيم القاعدة. وقال ماكين خلال محاضرة له في معهد "بروكنكر" بالولاياتالمتحدة الأميركية، مساء أمس: "إن إيران لها تهديد في اليمن أكثر من القاعدة، وهذا الأمر بكل بساطة قد يفضي إلى حالة من الفوضى والتطرف، وإن المعركة الآن يبدو أنها قد انتقلت إلى صميم هذه المنطقة". وأضاف ماكين "المجموعات المرتبطة بإيران في سوريا والعراق بدأت تمتد إلى شبه الجزيرة العربية والقرن الإفريقي، وصولاً إلى مالي ونيجيريا، في حين بدأت القاعدة والمجموعات التابعة لها إلى تلك المناطق، وإيران تسعى بدورها إلى الاستفادة من هذا الوضع الفوضوي". وكانت الداخلية اليمنية أعلنت في يوليو من العام الماضي عن ضبط شبكة تجسس إيرانية تعمل منذ 7 سنوات ويقودها ضابط سابق في الحرس الثوري الإيراني وتدير عمليات تجسس في اليمن والقرن الإفريقي. وفي أواخر سبتمبر 2012 كشف الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي عن أن الأجهزة الأمنية في بلاده ضبطت 6 شبكات تجسس تعمل لمصلحة إيران، وأن طهران تدعم إعلاميين وسياسيين معارضين لإجهاض العملية السياسية المستندة إلى المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية. وفي مطلع فبراير الماضي، أعلنت الحكومة اليمنية عن ضبط سفينة شحن قادمة من إيران محملة بأسلحة ومتفجرات، بينها صواريخ "سام 2" و"سام 3" المضادة للطائرات بغرض إنزالها بصورة سرية في الشواطئ اليمنية. إلى ذلك هددت جماعة الحوثي بعرقلة مؤتمر الحوار الوطني، وإعاقة مسار العملية السياسية إذا تمت إزالة خيام شبابها المرابطين في ساحة التغيير بالعاصمة اليمنية صنعاء – بحسب العربية نت. وكانت اللجنة العسكرية المكلفة بتحقيق الأمن والاستقرار قد أزالت كافة خيام أنصار الرئيس السابق علي عبدالله صالح وأغلب خيام قوى التغيير التي نزلت إلى الشارع مطلع العام 2011 للمطالبة بإسقاط النظام، حيث بقي فقط في ساحة التغيير بصنعاء الخيام التي نصبها شباب الحركة الحوثية، إضافة إلى بعض المستقلين. وفي الوقت الذي استجابت فيه جميع مكونات الثورة الشبابية الشعبية السلمية لتوجيهات الحكومة بإخلاء ساحات الاعتصام في أمانة العاصمة، فإن أنصار الحوثي رفضوا ذلك وبدؤوا بدعوة أنصارهم إلى التوافد دعماً ومساندة لهم، مرددين شعارات مضمونها أن "الثورة بدأت اليوم"، واصفين انسحاب المكونات الأخرى بأنه خيانة عظمى لدماء شهداء الثورة الشبابية. ونفذ ممثلو الحركة الحوثية في مؤتمر الحوار الوطني وقفة احتجاجية أمس، منددين بتوجيهات الحكومة واللجنة العسكرية بإخلاء ما تبقى من ساحات الاعتصام، ومؤكدين أنهم سيحمون الساحة وسيشكلون دروعاً بشرية في حال حاولت قوات الأمن اقتحام الساحة. وفي سياق متصل، أصدر المكتب الإعلامي لزعيم الجماعة عبدالملك الحوثي بياناً اتهم فيه اللجنة العسكرية بالتحضير لهجوم شامل على أنصاره الذين لم يبق سواهم في الساحة، على حد قول البيان. وهدد الحوثي في بيانه بضرب عملية الحوار الوطني وتعقيد الوضع السياسي إذا ما تم المساس بأنصاره أو محاولة الاعتداء عليهم، مشيراً إلى أن النظام الذي وصفه بالظالم "لم يسقط بعد، وأن رموزه وقياداته لا تزال نزعتها الدموية والعسكرية قائمة إلى اليوم". وكانت الجماعة الشيعية اشترطت لإخلاء الساحة تعويض شبابها المعتصمين بمبلغ ملياري ريال يمني (10 ملايين دولار أميريكي)، ومعالجة جرحى الحوثيين الذين أصيبوا خلال الحروب الست مع الجيش اليمني بين عامي 2004 و2009، وتوظيف 3 آلاف حوثي في مؤسسات الدولة المدنية والأمنية والعسكرية، وهي شروط رفضتها اللجنة العسكرية جملة وتفصيلاً. وفي غضون ذلك، قال المحلل السياسي، فيصل الصوفي، إن على الحوثيين وغيرهم أن يرحلوا من الشوارع والأحياء ويعودوا إلى بيوتهم ليراقبوا مسار ثورة التغيير عن كثب، ويبقوا على استعداد لأي مظاهرة أو اعتصام حال الطلب. وأضاف الصوفي ل"العربية.نت": رفع حزب الإصلاح ومعه بعض أحزاب اللقاء المشترك الأخرى أكثر الخيام الموجودة في حي الجامعة "ساحة التغيير"، واللجنة العسكرية ترغب في إزالة خيام الحوثيين ومن تبقى من المستقلين بعد أن أخلت ميدان التحرير من خيام أنصار الرئيس السابق، والمعاملة المتساوية تقتضي رفع جميع خيام الاعتصامات أينما وجدت في شوارع العاصمة صنعاء أو في تعز أو عدن أو حجّة أو غيرها، بغض النظر عن الانتماء السياسي للخيام. وتابع قائلاً: أعتقد أن الحوثيين والمستقلين يشعرون بالحزن وهم يرون الإصلاح يحصد ثمرة زرعهم، غير أن هذا لا يبرر بقاء خيامهم في الشارع، فهم أحوج إلى تعاطف الناس وليس إلى نقمتهم، وأيضاً ينبغي عليهم ألا يتحدَّوا اللجنة العسكرية والحكومة، وألا يربطوا بين الاستمرار في مؤتمر الحوار وبين بقاء خيام الاعتصامات. الحوثيون يحوّلون صعدة اليمنية إلى "دولة" مستقلة وأكدت مصادر مطلعة في محافظة صعدة شمال اليمن أن جماعة الحوثي الشيعية المدعومة من إيران حولت المحافظة إلى إقليم خاص بها في ظل غياب شبه تام لسلطات الدولة هناك. وفي حديث ل"العربية.نت" قال الدكتور عمر مجلي، الأمين العام لرابطة أبناء صعدة وحرف سفيان إن الحوثيين الذين لا يعترفون بالمبادرة الخليجية ويطالبون بإسقاط النظام، يمارسون مواقف مزدوجة فهم مشاركون في مؤتمر الحوار الوطني الذي دعت إليه المبادرة الخليجية ويحاولون الاستفادة من إمكانيات الدولة باسم مشاركتهم في مؤتمر الحوار, وبالتالي هم موجودون في الحوار لكنهم في المقابل يمارسون أبشع الانتهاكات ضد أبناء صعدة، وقد استهدفوا أمس ثلاثة مساجد وهددوا بإغلاق هذه المساجد إذا لم يكن لها نفس التوجه المذهبي الخاص بهم. وأشار مجلي إلى أنه لا وجود للدولة وليس هناك حضور لسلطات الجمهورية اليمنية في محافظة صعده التي يرأسها محافظ عيّنه زعيم جماعة الحوثي وليس رئيس الجمهورية, وأضاف: الآن هم يحاولون أن يفتحوا منافذ حدودية مثل منفذ البقع وبالتالي يستفيدون من دخل وعائدات المنافذ ومن حركة المسافرين هناك ويظهرون أن الوضع طبيعي خاصة في ظل انعقاد مؤتمر الحوار الوطني، في حين أن الحدود مع السعودية شبه مفتوحة ولا يوجد حرس حدود يمني ومن يتحكم هم الحوثيون الذين يحاولون تهريب القات والسلاح والمخدرات إلى السعودية. وحول المعلومات بشأن إعدادهم لإنشاء شركة طيران خاصة بهم وكذا إعادة تأهيل مطار صعدة ليمكنهم من عمل جسر جوي مع أي جهة تدعمهم وخصوصا إيران، قال الدكتور مجلي: الحوثيون يحظون بدعم وإمداد كبيرين من إيران سواء ماديا أو معنويا أو بالسلاح والعتاد, وكذلك من حزب الله الذي يتولى تدريب وتأهيل عناصر جماعة الحوثي، ومن خلال الدعم الذي يحصلون عليه فقد أنشأوا مجموعة من الصحف ومولوا صحفا أخرى تتعاون معهم وأنشأوا قناة فضائية ولا نستبعد أن ينشئوا شركة طيران خاصة بهم, أما بالنسبة لمطار صعدة فقد كانت الدولة نفذت مشروع المطار الذي يحتوي على مدرج ممتاز يستوعب الطائرات الكبيرة، مثل الإيرباص وغيرها, ولكن الوضع الأمني ما زال غير مستتب ولا يمكن بالتالي تسيير حركة طيران إلى صعدة. ولفت مجلي إلى أن جماعة الحوثي التي تسيطر على المحافظة بقوة السلاح بدأت بعملية نقل السجون الخاصة وغير القانونية التابعة لها من أماكنها المعروفة إلى أمكان أخرى مجهولة، تحسباً للزيارة المرتقبة لفريق عمل صعده في مؤتمر الحوار الوطني الذي يعتزم زيارة المحافظة خلال الأيام القادمة. وقفة تضامنية مع الشيخ شبيبة إلى ذلك، نفذ أعضاء مؤتمر الحوار الوطني الشامل أمس السبت وقفة احتجاجية تضامناً مع عضو مؤتمر الحوار الشيخ محمد عيضة شبيبة، الذي اقتحمت عناصر الحوثي منزله، وتنديدا بقيام ميليشيات الحوثي باقتحام للمساجد بصعدة وإغلاقها بالقوة وترويع المصلين وسط ترديد لما يسمى شعار الصرخة داخل المساجد واعتقال عدد من الشباب. المحتجون أعلنوا تضامنهم مع ممثل حزب الرشاد السلفي في مؤتمر الحوار في فريق صعدة محمد عيضة شبيبة، لما قامت به جماعة الحوثي من اقتحام لمنزله في صعدة بعد تقديمه رؤية الرشاد عن قضية صعدة. وقال محمد عيضة ل"العربية.نت" إن جماعة الحوثي لا تزال تمارس مسلسل الانتهاكات من قتل واعتقالات وتهجير لأبناء صعدة، ولفت إلى أنه في حالة "استمرار تلك الأعمال فإن أبناء صعدة لن يجلسوا على طاولة واحدة في الحوار مع ممثلي الحوثي الذين يدعون أنهم يريدون دولة مدنية وهم جلادين في الأصل".