رصد مركز اسناد لتعزيز استقلالية القضاء وسيادة القانون 59 حالة انتهاك جسيم بحق منتسبي القضاء في اليمن، من قضاة، وأعضاء نيابات، ومحامين، وإداريين بسبب عملهم، وذلك خلال النصف الأول من العام الجاري . وسجَّل المركز - في تقريره النصفي - (37) حالة اعتداء على القضاة والمحامين والإداريين العاملين في السلك القضائي غالبيتها ذو طابع جسيم. وتحدث التقرير عن (9) حالات شروع في القتل وحالتين اختطاف وحالة تقطع و(5) حالات إصابة جسدية، و(19) حالة تهديد بينها (9) بقوة السلاح، تعرض لها قضاة ومحامون وإداريون، خلال الشهور الستة الماضية من قبل بعض الخارجين على القانون. كما رصد التقرير (7) حالات هجوم مسلح على منازل القضاة، و(7) حالات اعتداء على سياراتهم بالإضافة إلى (8) حالات اعتداء وهجوم مسلح على مقرات محاكم في عدة محافظات يمنية دون إلقاء القبض على معظم المعتدين وتقديمهم للمسائلة القانونية أو حتى مجرد البحث عن هوية بعضهم. واعتبر التهاون الحاصل من قبل الأجهزة الأمنية والسلطات القضائية العليا تجاه الاعتداءات والانتهاكات المتكررة بحق العاملين في السلك القضائي وإفلات مرتكبي تلك الانتهاكات من العقوبة الرادعة سيعمل على تزايدها مستقبلاً . وبحسب الإحصائيات والأرقام التي تضمنها تقرير "اسناد" فقد احتلت أمانة العاصمة صنعاء المرتبة الأولى في حالات الاعتداء على السلطة القضائية (أشخاص ومؤسسات وممتلكات) والتي رصدت فيها (15) حالة اعتداء تليها محافظة ذمار بواقع (7) حالات اعتداء ثم الضالع ب (6) حالات ومحافظة إب ب (5) حالات اعتداء. في حين جاءت محافظة صنعاء في المرتبة الرابعة بواقع (3) حالات اعتداء يليها محافظتي حضرموت وعمران بواقع (حالتين) ثم محافظات (لحج، البيضاء، الحديدة، تعز) بواقع حالة اعتداء واحدة لكل محافظة . ولفت المركز إلى أن الأرقام التي سجلت، لا تمثل كل الاعتداءات والانتهاكات التي تعرض لها منتسبي السلطة القضائية والعاملين فيها على مستوى الجمهورية، مؤكداً بأن هناك عدد انتهاكات كثيرة لم يتم الإبلاغ عنها وخاصة في المناطق النائية البعيدة والتي لم تصلها وسائل الإعلام والمنظمات الحقوقية. وتطرق التقرير إلى أبرز المستجدات والتطورات في الشأن القضائي خلال المرحلة الانتقالية التي تمر بها اليمن في الوقت الحالي وما يرافقها من عملية تغيير باتت ملامحها ترسم اليوم على طاولة الحوار الوطني الذي يعول عليه تحديد طبيعة وشكل الدولة اليمنية القادمة وإصلاح مؤسساتها بما في ذلك القضاء ومعالجة القضايا الشائكة التي تسببت في تدني الأوضاع الاقتصادية والسياسية والأمنية. وأكد التقرير أن التجاذبات السياسية والثورية التي أفرزتها الأحداث الأخيرة في اليمن أدت إلى غياب شبه كلي للمؤسسات الخدمية للدولة وعلى وجه الخصوص الجهات المعنية بتطبيق القانون ومساءلة المجرمين الأمر الذي تسبب في تفاقم حالة الانفلات الأمني وزاد من حدوث تفجيرات واغتيالات استهدفت المؤسسات الخدمية والأمنية والعسكرية، بل وأفقد المواطن الثقة تماماً في الجدوى من اللجوء إلى الجهات المختصة للحصول على حقوقه – حسب التقرير. وأشار التقرير إلى الحركة الاحتجاجية لأعضاء السلطة القضائية التي بدأت في فبراير 2012م للمطالبة باستقلالية القضاء باعتباره الحامي والضامن للحقوق والحريات وتحقيق العدالة وتطبيق القانون في ظل نظام سياسي وسلطة تنفيذية تعمل على التدخل في أعمال القضاء وشؤونه. ولفت إلى حدوث تطور مهم بصدور حكم الدائرة الدستورية في المحكمة العليا في مايو الماضي وقضى بعدم دستورية (34) مادة من قانون السلطة القضائية .. معتبراً استدعاء القضاء لسياسيين ونافذين لم يعتادوا أبداً الخضوع للقانون أو المثول أمام القضاء الأمر الذي دفع ببعض الأطراف والجهات النافذة إلى زعزعة الأمن ومؤسسات القضاء ومنتسبيها بارتكابهم جرائم طالت قدسية القضاء ومكانته ونالت من هيبته على نحو غير مسبوق. وأشار التقرير الى أن الأمر نفسه تكرر في الاعتداء على الجناح الآخر للعدالة وهم المحامون، وتم مواجهة ذلك بوقوف القضاة والعاملين في السلك القضائي الذين صعدوا من احتجاجاتهم حتى وصلوا حد إعلان الإضراب في عدة محافظات للضغط على الجهات التنفيذية والسلطات العامة لما من شأنه توفير الحماية الأمنية اللازمة لهم وتقديم المعتدين للمحاكمة والمسائلة القانونية.