اكدت مصادر موثوقة أن رؤساء القنوات التلفزيونية والإذاعية الرسمية في اليمن قدموا استقالاتهم بشكل جماعي احتجاجا علي عدم منحهم صلاحيات وظيفية من قبل وزارة الإعلام، التي يعتقد أنها قيّدت قدراتهم الإبداعية علي تطوير أداء هذه القنوات الإعلامية. وذكرت صحيفة القدس العربي الصادر من لندن من مصادر عديدة أن رئيس قطاع التلفزيون بصنعاء (الفضائية اليمنية) عبد الغني الشميري قدم استقالته من منصبه، في ذات الوقت الذي قدّم فيه كل من رئيس القناة التلفزيونية الثانية (تلفزيون عدن) يسلم مطر ورئيس قطاع الإذاعة في عدن أيضا جميل محمد أحمد استقالتهما، احتجاجا علي المعوقات التي تضعها أمامهما وزارة الإعلام وعدم منحهما صلاحيات أوسع، تمكنهما من تطوير الأداء الإعلامي الرسمي، في ظل التطور الإعلامي المتسارع في المنطقة. وقالت هذه المصادر إن الشميري قدّم استقالته من رئاسة قطاع التلفزيون، الفضائية اليمنية، وقُبلت استقالته بعد إصرار منه علي ذلك ورفضه لكل الوساطات الحكومية التي حاولت إقناعه بالعدول ن ذلك . وأوضحت أن الشميري يبدو أنه قرر تقديم استقالته من منصبه إثر وصوله إلي طريق مسدود مع قيادة وزارة الإعلام، حيال تطوير الرسالة الإعلامية للفضائية اليمنية، بينما تصرّ علي إدارة الأمور بعقلية (قديمة) ترجع إلي عهد ما قبل الانفتاح السياسي في البلاد، وأنه شعر بالحرج الشديد أمام المشاهدين للقناة اليمنية في الداخل والخارج، الذين يحمّلونه المسؤولية بهذا الصدد، بينما هو مستميت منذ توليه قيادة القناة في محاولة تطوير أدائها وتحسين برامجها. وأشارت إلي أن الرئيس علي عبد الله صالح طلب من الشميري ومن بقية القيادات الإعلامية المستقيلة في عدن، إدارة القنوات التلفزيونية والإذاعية التي يرأسونها وتسيير الأمور فيها حتي يتم تعيين القيادات البديلة عنهم، وذلك بعد رفضهم لكل الوساطات الرسمية من قبل قيادات إعلامية سابقة ومن ضمنها وزير الإعلام الأسبق عبد الرحمن الأكوع، وهو صهر الرئيس صالح، الذي حاول إقناعهم بالعدول عن قرارهم، بحكم علاقته القديمة بهم. وتعد هذه أول بادرة من نوعها في اليمن من قبل قيادات إعلامية رسمية بتقديم استقالتها بشكل جماعي من مواقعها القيادية، احتجاجا علي السياسة الإعلامية الرسمية (العقيمة)، التي جلبت السخرية علي المسؤولين عنها، واضطرت هذه القيادات الإعلامية علي ما يبدو الي حفظ ماء وجهها أمام الجمهور، بالتضحية بمواقعها القيادية. وجاءت هذه القرارات الجماعية بالاستقالة من الوسائل الإعلامية الرسمية في الوقت الذي واجهت قيادة وزارة الإعلام أزمة حادة أمام مجلس النواب (البرلمان) خلال الأيام الماضية، بسبب قراراتها التعسفية حيال التضييق علي وسائل الإعلام الأهلية وتضييق هامش الحرية ورفض منح التراخيص لوسائل الإعلام الحديثة، بما فيها رفض منح تراخيص لبث قنوات تلفزيونية وإذاعية من الأراضي اليمنية. وتلقّت وزارة الإعلام هجمة قويّة من قبل الكتل البرلمانية المختلفة بما فيها كتلة حزب المؤتمر الحاكم، التي أعربت جميعها عن عدم رضاها عن السياسة الإعلامية الرسمية في البلاد. وأكدت المصادر أن ضيق الأفق وانغلاق السياسة الإعلامية الرسمية في اليمن اضطرا المستثمرين في القطاع الإعلامي إلي التفكير بالاستثمار في هذا المجال من خارج اليمن، بعد أن أوصدت وزارة الإعلام اليمنية أمامهم كل الأبواب، لإطلاق قنوات تلفزيونية أو إذاعية من داخل اليمن. وعلمت (القدس العربي) من مصدر مطلع أن مجموعة من المستثمرين اليمنيين يستعدون حاليا لإطلاق أول قناة تلفزيونية يمنية خاصة من الخارج، وأن هذا القرار جاء بعد رفض وزارة الإعلام منحهم ترخيص إطلاق القناة من داخل اليمن، علي الرغم من أن ملاكها من الحزب الحاكم، وتوجهها ثقافي اجتماعي وبعيد عن المماحكات السياسية الحساسة. وأوضح أن قناة (السعيدة) التي بدأت البث التجريبي لها ستنطلق رسميا قبيل قدوم شهر رمضان المبارك أي مطلع أيلول (سبتمبر) القادم، من مدينة الإنتاج الإعلامي في القاهرة، وأنها قناة يمنية خاصة باستثمار يمني كامل، وفي مقدمة المستثمرين فيها سفير اليمن في القاهرة والجامعة العربية الدكتور عبد الولي الشميري، المعروف بثرائه واستثماراته المتعددة والذي ينتمي إلي نفس المنطقة التي ينتمي إليها رئيس قطاع التلفزيون اليمني المستقيل عبد الغني الشميري. وفي الوقت الذي توقعت فيه العديد من المصادر أن يكون عبد الغني الشميري قدم استقالته استعدادا للعمل في القناة الخاصة التي يعتقد أنها يمكن أن تملأ طموحاته الإعلامية، أكد مصدر مقرب منه أنه ليس له أي علاقة بقناة (السعيدة) الخاصة ولن يعمل فيها، إلا أن شقيقه الدكتور حامد الشميري، مدير شركة الخيل للإعلام بصنعاء، تعاقد مع هذه القناة الجديدة للترويج الإعلامي لها وإنتاج بعض البرامج التلفزيونية الخاصة بها من داخل اليمن. المصدر : القدس العربي