سيقال (اليمن طول عمرها في اسواء واخطر مراحلها) كرد اعتباطي على عنوان المقال الذي يخصص هذه المرحلة دون سواها من حيث مستوى السوء او التدهور او الخطورة. لهؤلا الذين لم يشعروا بعد بالمخاطر الجديدة التي طرأت على المشهد اليمني والتي تتعدى بكثير ما تعود اليمنييون على التذمر والشكوى منها والتي كانت تقتصر في مجملها على المطالبة بتحسين الوضع المعيشي وتأمين حرية الكلمة والتحرك لهؤلا وللآخرين الذين لا يريدون ان يستوعبوا المرحلة بتفاصيلها ومستجداتها باعتبارها حالة مغايرة تتطلب مواقف مغايرة. سنقوم باعادة قراءة الواقع الممتد من لحظة انتهاء مؤتمر الحوار الوطني ( 21 / 1 / 2014 ) وحتى يومنا هذا , كمرحلة بدأت للعيان كخط جديد يراد من خلاله تغيير شكل الدولة والارض وبرعاية دولية تسعى لشرعنة هذه الخطوات وتثبيتها وبعجالة بحيث يصبح اليمنيون حينها امام الامر الواقع . ولان ذلك لا يمكن اتمامه الا بخطة متكاملة ومدروسة , سيكون من الضرورة ان نعرض الوقائع لحالة من التحليل تمكنا من استيعاب ابعاد ما يخطط لليمن . استراتيجية جديدة تخص اليمن : لها دلالات صريحة البعض منها دون في تقارير ودراسات غربية او اعلامية وصرح بها من قبل شخصيات مسؤولة وبعضها الاخر ميدانية وتسير وفق خطوات محددة يمكن ملاحظتها والتأكد منها عند مراقبة المشهد اليمني ما بعد ثورة 11 فبراير وكيف جرت الثورة لان تصبح صفقة سياسية بين اطراف ليست جزء من الثورة , وحتى لا يطول الحديث في امور باتت من البديهيات , سنكتفي هنا باجتزاء المشهد والحديث عن المرحلة الثانية لهذه الاستراتيجية والتي بدأت منذ فترة انتهاء مؤتمر الحوار الوطني وحتى يومنا هذا وسنقوم بذلك من خلال سرد خطواتها حسب التراتبية المرسومة سلفا . * الانقلاب على (مؤتمر الحوار الوطني الشامل( باعتماد المغالطة والاتفاف في آخر جلسات مؤتمر الحوار الوطني من قبل الرئيس عبد ربه منصور هادي وبعض الفرقاء المحيطون به والمتصلين مباشرة بالقرار الخارجي , في فرض مخرجات للحوار غير تلك التي تم الاتفاق عليها بين الفرقاء المتحاورون , وكان من ابرز مظاهر الانقلاب تلك هي تفويض الرئيس باتخاذ القرارات النهائية حول وجهات النظر المختلفة في تحديد شكل الدولة وفي حل القضية الجنوبية بالذات , والذي على اثر ذلك انسحب كثير من الفرقاء من حضور الجلسة الاخيرة وابدى اخرون رفضهم القاطع لبعض القرارات العجالية التي اتخذت ووضعت كحل لا يمكن مناقشته من قبيل ( عدد الاقاليم ) والتي وضعت بشكل مفاجئ وبدون الاخذ بالاعتبار اي من النقاشات المطولة بين الفرقاء المعنيين في تحديد هذه الجزئية وتقرير مصيرها , وكان هذا سببا لانسحاب ممثلوا الحزب الاشتراكي والحراك الجنوبي وانصار الله (الحوثيون) من الجلسة الختامية لمؤتمر الحوار الوطني. وضمن تلك الانقلابات البارزة هي التمديد لعبد ربه منصورهادي لفترة رئاسية انتقالية اخرى الى ان تقام انتخابات رئاسية في وقت غير معلوم اومؤكد حدوثه . ثم ايضا تفويض الرئيس في تشكيل لجنة لصياغة الدستور وبدون اي اتفاق او توافق على اختيار اعضاء اللجنة الموكل اليها وضع دستور جديد للجمهورية اليمنيه، ثم وفي انقلاب آخر، تم التقاعس عن تشكيل حكومة شراكة وطنية حسب المقرر لتكون الجهة الموكل اليها تنفيذ مخرجات الحوار المتفق عليه , وبالتالي تجميد اي مساعي نحو تطبيق المخرجات المتفق عليها والغير مشمولة بالخلافات الاخيرة. يمكن لنا اعتبار كل هذه العملية الانقلابية بكونها الخطوة الاولى نحو البدء بتحقيق الاستراتيجية المرسومة خارجيا والتي يمكن ان نطلق عليها بمرحلة (افشال مؤتمر الحوارالوطني). مع ملاحظة ان كل ما اتخذ في مؤتمر الحوار وفق الصيغة النهائية هو بالضبط ما جاء به (بن عمر مندوب الاممالمتحدة لدى اليمن) فيما كان يطلق علية (بمقترحات بن عمر) وهذا ما يؤكد ان القرارات والمخرجات آخر الامر قد حسمت خارجيا . * خلق الفوضى (اختلاق الازمات) من الامور الاكثر وضوحا على المشهد اليمني اليوم هو تفشي وازدياد حالة الفوضى الى اعلى مستوياتها، هناك اطراف خفية وبعضها معلومة تشتغل على قدم وساق على اثارة الفوضى سواءا من خلال عمليات الاغتيال التي تكاد ان تصبح شبه يومية , او من خلال اختلاق ازمة المشتقات النفطية او تفجير ابراج الكهرباء او اختلاق حروب جانبية من خلال استفزاز اطراف وجرها لحمل السلاح ومواجهة الدولة كردات فعل لاستفزازات الجيش ورجال الامن تجاه الحراك الجنوبي سواءا في حضرموت او الضالع او عدن. اثارة قضية دماج في مساعي لخلق حرب طويلة المدى مع انصار الله ( الحوثيين ) تتسم بطابع طائفي وتجند من اجلها امكانات هائلة محلية ودولية ولكن الامور سارت باتجاه عكسي وسريع بحيث اسقطت عمران من ايدي اولاد الاحمر وهم من اكثر الاطراف المرتبطة بالخارج. تقوية تنظيم القاعدة وتسهيل عملياته كجماعة مخترقة يسهل استخدامها لتنفيذ اجندات لا يعرفها في الغالب اعضاء هذا التنظيم والتي تحنصر في العموم في اثارة الفوضى من دون تمكين السيطرة الكاملة للتنظيم ولا الحسم النهائي للدولة وانما لاجل هدف واحد هو ايجاد المبررات للخارج بعد العمل على تكثيف اعلامي وسياسي لتجسيد هذه المخاوف المفتعلة . ويمكن هنا التذكير بهذه المساعي الدولية الخاصة باليمن من خلال تصريحات وزارة الخارجية الامريكية والتي كان اخرها على لسان الناطق الرسمي باسم الوزارة , ماريا هارف : ( القول بأن تنظيم القاعدة في جزيرة العرب هو تهديد لأمريكاواليمن وسائر شعوب المنطقة ليس أمرا جديدا. لقد حاولوا شن هجمات ضد أمريكا في السابق ونحن نعمل عن كثب مع الحكومة اليمنية بمحاولة لاعتقال الناشطين بهذا التنظيم والضغط عليه) . اما لماذا الفوضى؟؟ فلان ذلك هو الخطوة الاولى والذريعة الوحيدة للتلويح بالتدخل الخارجي ……. وهذا ما حدث . * قرار مجلس الامن الذي تم من خلاله ادراج اليمن تحت البند السابع جاء في الوقت الذي يؤكد بان هناك تسلسل ومراحل مخطط لها ومدروسة , فبعد كل تلك الفوضى الحاصلة سيكون امر مبرر للمجتمع الدولي ان يقول كلمته بل ويفرض قراره . ولكن هناك اسباب اخرى وخاصة جعلت التعجيل باتخاذ هذا القرار الاممي , من ضمن تلك الاسباب هو ان هناك من اطراف المجتمع اليمني تشتغل بشكل منظم على فضح الادوات التي تستخدم خارجيا لفرض اليهمنة على الشأن اليمني , وقد اسقط احد اهم اركانها والمتمثل بمشائخ ال الاحمر وبذلك يكون قد اسقط احد اهم ادوات الخارج , ما يعني تقليص فرص الهيمنة الكلية على القرار اليمني . ولان البند السابع يعني كل ما يمكن تصوره من التدخلات سواءا العسكرية او السياسية او الاقتصادية , فان ذلك يعني شرعنة اي مساعي لاي تدخل خارجي فيما اذا حصل وسقطت بقية الادوات التاريخية التي استخدمها الخارج لفرض هيمنتة . * الاشتغال الرسمي بامور لم تكن يوما من المشاكل الرئيسية وتجميد معالجة المشاكل الاساسية المساعي الرسمية تسعى جاهدة وكمهام وحيدة الى تمرير مشروع تقسيم اليمن الى سته اقاليم ومن ثم تشكيل دستور للدولة الاتحادية من ستة اقاليم . علما ان اللجنة المشكلة من قبل الرئيس عبد ربه منصور هادي اثبت بانها لجنة غير مختصة ولا تمتلك الخبرة , ما يؤكد ان الدور الوحيد الذي سيكون امام هذه اللجنة هو المصادقة على الدستور المعد فرنسيا حسب اتفاق المبادرة الخليجية والتي اوكل لفرنسا فيه تشكيل دستور لليمن. وفي مقابل كل ذلك تقوم الجهات الرسمية بتجميد البدء بتنفيذ مخرجات الحوار الوطني المتعلقة بالجيش والامن وتحسين وتنمية واستثمار مقدرات البلد فيما يوفرالعيش الكريم للمواطن اليمني وتوفير الامن والاستقرار والتعليم والصحة . هذه ملامح بسيطة والباقيات اعظم .