عذراً أبي لكل شيء استلبته ولا زلت أستلبه منك وأنا لا أستحقه لأستحقه ابداً لأنك لم تعطيه لي "أنا المهزوم أمام عطائك العاجز أما بلائك " . عذراً أبي لأني كنت أعرف انك تهب لي مالا يستطيع أحد غيرك وهبه إذا تقارن الحال كي لا أبقى مستسلماً عاجزاً في ظروف كالتي تعانيها الآن كنت لا تتأخر عن أي شيءٍ أطلبه كي تشعرنني بأني لست وحيداً وان هناك من يعيش البؤس والفقر والحرمان أملاً بأن أصبح السعادة التي يرجوها . واعرف أيضاً انك طوال فترة دراستي "الجامعية"- التي شارفت على الانتهاء- كنت تتخلى عن أثمن ما يملكه الإنسان "صحتك" من أجل جمع مصروفي الشهري وان طوال هذه السنيين التي باتت مزرية لي كنت تتخذ من الجوع ضيفاً حميماً لا تسخط وجوده طالما وأنك تدرس أبنك الذي لا يستحق تضحياتك . والغريب انك تراه وضعاً طبيعياً مقابل راتب جندي متقاعد وتحقيق حلم ولم تفكر يوماً انه من الواقعي أيضا أن أتكفل بنفسي بالنظر إلى ضآلة دخلك بل كنت مصر على جعلي طرفاً في هذه التضحية غير العادلة والآن أنظر أنت طريح الفراش . وأنا أيضاً عاجز عن فعل شيء فلا أنت الذي انتظرت حتى تتغير الظروف ولا أنا الذي صرت بحجم ذلك الرجل الذي يستحق نبل تعاملك وأخلاق وقدرتك الكبيرة على العطاء حتى في أعقد الأوقات وأشدها قسوة . ولكن عليك أن تعرف أنك أيضا مٌذنب بحقي وأنك حمّلتني ما لا أستطيع حمله بالنسبة لما أنا عليه وعليك أن تعرف أيضا انك يا أبي قتلتني مرتين مرة بنبلك وأخرى بالوقوف على نقطة ضعفي ولهذا عليك أيضاً أن تعتذر.