نقلت صحيفة "المدينة" السعودية، تخوف من سمتهم أمنيين وعسكريين يمنيين، من استخدام اليمن وجزرها في البحر الأحمر، محطة لتهريب السلاح التركي إلى بعض الجماعات الإرهابية التي تنشط هذه الأيام في بصحراء سيناء شمال شرق مصر، بعد أن قالت إنها حصلت على تقارير استخباراتية بذات الشأن. وبحسب "المدينة" فقد طالب هؤلاء المسؤولون "الحكومة اليمنية بإقامة حامية وقوات عسكرية في تلك الجزر التي أصبحت وكرًا لمافيا تهريب الأسلحة، وخالية من السكان الذين هجروها جراء المضايقات التي تعرضوا لها من قبل مهربي السلاح".
وقالت الصحيفة إن هذه المخاوف الأمنية "تأتي في الوقت الذي أعلنت فيه وزارة الداخلية اليمنية، أن شرطة خفر السواحل بقطاع البحر الأحمر، بالتعاون مع الأجهزة الأمنية وسلطات الجمارك في ميناء الحديدة، غرب اليمن، ضبطت عددًا من الأجهزة اللاسلكية ومعدات أخرى بداخل حاوية سعة 40 قدماً، أرسلت من أحد الموانئ الصينية باسم تاجرين يمنيين".
وأوردت "المدينة" عن مصدر أمني يمني، أن "هذه المخاوف تأتي إلى كثرة شحنات الأسلحة التركية المضبوطة في المياه الإقليمية اليمنية من قبل السلطات اليمنية والقوات الدولية، والتي بلغت خلال فترة تقل عن 6 أشهر، نحو 8 شحنات أسلحة تركية، كان آخرها ضبط سفينة، الأسبوع الماضي، قبالة سواحل محافظة الحديدة (غرب البلاد)، كان المهربون يخططون لإنزالها على متن قوارب صغيرة في عرض البحر، لإيصالها إلى إحدى الجزر التابعة لأرخبيل حنيش في البحر الأحمر، ليتم بعد ذلك تهريبها على متن قوارب أخرى إلى الشواطئ اليمنية، ومن ثم إلى وجهتها داخل الأراضي اليمنية، ودول مجاورة، وأخرى ضبطتها البحرية العمانية، الخميس الماضي، في ميناء صحار العمانية، وهي متجهة صوب اليمن".
وقال ل"المدينة" القيادي في حزب المؤتمر الشعبي العام، عضو مؤتمر الحوار الوطني في اليمن، ناصر محمد باجيل، "إن مافيا تجارة السلاح نشطت في تهريب شحنات السلاح إلى اليمن ودول المنطقة والقرن الأفريقي، بهدف إحياء المشروعات الانفصالية، وتفتيت دول المنطقة، وإيقاظ الجماعات الإرهابية والخلايا النائمة لإثارة النعرات والفتن الطائفية والمذهبية داخل مجتمع دول الجزيرة العربية، وزعزعة أنظمة الحكم في المنطقة. وقال القيادي المؤتمري والنائب في البرلمان اليمني: إن شحنات الأسلحة التي يتم الإعلان عن ضبطها في المياه الإقليمية اليمنية، لا تستهدف استقرار اليمن فحسب، وإنما أيضًا تستهدف أمن واستقرار دول الخليج".
واعتبر المسؤول اليمني وعضو مؤتمر الحوار، باجيل، تصاعد تهريب الأسلحة في الفترة الأخيرة، يعود إلى وجود مافيا دولية من اليمنيين وغير اليمنيين، من مختلف الجنسيات، تعمل في مجال تهريب وتجارة السلاح. وقال: "لهذه المافيا نفوذ في المنطقة كلها".
وأضاف أن "نسبة كبيرة من هذه الأسلحة التي تمر عبر اليمن، تقوم مافيا السلاح بتهريبها وإيصالها وتسويقها في كل دول المنطقة العربية والقرن الأفريقي"، لافتًا إلى أن "مافيا تهريب السلاح وحلفاءها من تجار الحروب والصراعات، يعملون على إذكاء الفتن والصراعات المذهبية والطائفية، وتنشيط الجماعات والخلايا الإرهابية، ليس في اليمن فحسب، وإنما دول الخليج والمنطقة العربية، لكي تلقى تجارتهم حظوة ونشاطاً محموماً".
ورجح باجيل أن شحنات السلاح التي يتم الإعلان عن ضبطها ما هي إلاّ قليل جدًّا من الشحنات التي تنجح المافيا في تهريبها ولم يتم اكتشافها من قبل السلطات الأمنية، وقال: "علينا أن نضع كل الاحتمالات بحيث نتصور أن كثيرًا من شحنات الأسلحة تذهب إلى دول الخليج، ومن المحتمل أن يكون تجار السلاح وقوى الصراع في اليمن يخططون لاستخدامها كلها أو معظمها في هذه المشكلات والصراعات القائمة حاليًّا هنا في اليمن".
وتساءل القيادي في حزب المؤتمر عن "ماذا يمكن أن نتوقع مع ما تمتلكه اليمن من شريط حدودي طويل مفتوح وضعف أمني"، مشيراً إلى "أن ضعفاء النفوس من تجار السلاح وتجار الحروب والصراعات، يستغلون هذه العوامل في إغراق البلد بالسلاح وبارود الموت، ولأن مثل هؤلاء اعتادوا على الاسترزاق على حساب حياة وأشلاء البشر، وذلك من خلال ممارسة الأعمال غير المشروعة، ولا يهمهم آلاف الأرواح من البشر التي تزهقها تجارتهم".
وشدد باجيل على ضرورة أن يصلح اليمنيون أنفسهم قبل أن يطلبوا من الآخرين في دول الجوار التعاون معهم ومساعدتهم في مواجهة ظاهرة تجارة السلاح، وقال: "إن الدعم والمساعدة لن يأتي من أحد إلا بعد أن يرى الآخرون أننا أصلحنا أنفسنا وحللنا مشكلاتنا وخلافاتنا، وانتقلنا من مرحلة المنافسة على ممارسة تجارة السلاح إلى مكافحة تجار هذه الآفة الذين معظمهم منا".
وفي ذات السياق، قالت صحيفة "المدينة" أيضاً إن تقريراً أمنياً للمخابرات اليمنية، كشف "عن تحويل أرخبيل الجزر اليمنية القريبة من ميناء ميدي التابعة لمحافظة حجة (شمال غرب اليمن)، إلى قاعدة انطلاق لعمليات التهريب، حيث يوجد فيها عشرات المهربين، بعد أن هجرها الكثير من سكانها نتيجة مضايقة المهربين لهم".
وأوضحت الصحيفة أن التقرير أشار "إلى استمرار تدفق السلاح التركي إلى اليمن، فيما أكدت السلطات التركية، أكثر من مرة، على التعاون الأمني مع السلطات اليمنية، وتبادل المعلومات الأمنية في قضية عمليات التهريب المستمرة للأسلحة التركية إلى الأراضي اليمنية، وأن الحكومة التركية مستعدة لتقديم أوجه الدعم والمساندة لليمن وقواتها المسلحة، والعمل لما من شأنه خروج البلاد إلى بر الأمان وبناء اليمن الجديد. كما أعلنت في فترة سابقة أنها فتحت تحقيقاً في كثير من شحنات الأسلحة، وتوصلت إلى مجموعة من الأسماء التركية والعربية واليمنية التي تقف وراءها، لكنها لم تعلنها رسميًّا، وتحفظت عليها، ولا ندري إلى أين وصلت تلك التحقيقات التركية".
ونقلت "المدينة" اتهامات المصدر الأمني لمن سماها "قيادات عسكرية نافذة بدعم التهريب وتوفير البيئة الآمنة للمهربين، خاصة في الجزر المقابلة لميناء ميدي، تخوف المصدر من أن يتورط "إخوان اليمن" في تهريب السلاح إلى سيناء، كون ذلك سيلحق ضررًا بالعلاقات اليمنية -المصرية، خاصة وأن علاقات البلدين ظلت متميزة منذ ثورة سبتمبر 1962، ولم تتأثر حتى أثناء المقاطعة العربية لمصر عقب توقيع اتفاقية كامب ديفيد مع إسرائيل".
وأن مصادر عسكرية نقلت، "أن كثيرًا من جزر ميدي تحولت في الفترة الأخيرة إلى وكر للمهربين، وأكد ذلك اعترافات مهربين عملوا في السابق على تهريب السلاح من هذه الجزر إلى السودان وسيناء المصرية"، بحسب صحيفة "المدينة".
وتحدثت "المدينة"، نقلاً عن اعترافات "شاب من أبناء ميدي -طلب عدم ذكر اسمه- يعمل في إحدى البواخر، أنه كان ضمن طاقم شبابي من أبناء المديرية، يعملون لحساب أحد التجار، وكانوا إلى وقت قصير يقومون بتهريب السلاح إلى مناطق دارفور عبر جزر سودانية، أهمها: جزر السابعات، شعب الوكا، تلا تلا، رأس أسيس، بر سواكن. قبل أن ينتهي هذا الطاقم نهائيًّا بعد أن اعتقلت القوات السودانية 4 لا يزالون رهن الاحتجاز إلى الآن، بالإضافة إلى 3 تركوا العمل".
مصادر عسكرية يمنية أخرى، قالت ل"المدينة" -بعد أن طلبت عدم ذكر اسمها، كونها غير مخولة بذلك- "إن السلاح يمر من بعض الدول المجاورة لشواطئ ميدي، ويتم تمريرها من السواحل اليمنية للسودان ولزعماء بعض القبائل هناك".
ووفقًا لمسؤول محلي في ميدي، "قال إنه في أواخر عام 2010 خرج قارب من رأس عيسى متجهًا للجزر السودانية، وعلى متنه 3 من شباب المديرية، وآخر من مديرية المخا يلقب بالعسل، يبلغ من العمر 32 سنة، كان معهم سلاح يريدون تهريبه إلى السودان، قبل أن تُلقي عليهم القبض قوات حرس السواحل السودانية، بعد مطاردة عنيفة قتل فيها اثنان من المهربين وأصيب اثنان آخران.
وفي غضون ذلك، أكد مصدر أمني في محافظة تعز ل"المدينة"، "أنه رغم الجهود التي تبذلها القوات البحرية وشرطة خفر السواحل اليمنية في التصدي لعمليات تهريب الأسلحة التي باتت تشكل مصدر قلق لأمن دول المنطقة، إلاّ أن هناك كميات من الأسلحة التي يتمكن مهربوها من إدخالها إلى اليمن، وتصدير معظمها إلى دول مجاورة في المنطقة العربية والقرن الأفريقي".
وكانت القوات البحرية ضبطت خلال الأيام القليلة الماضية، أكثر من 49 ألف قطعة سلاح تركية الصنع، في المياه الإقليمية بجنوب البحر الأحمر. كما سبق أن ضبطت شحنات أسلحة مهربة في عمليات متفرقة خلال الأشهر الماضية، كان أكبرها شحنة الأسلحة التي ضبطت في سواحل محافظة عدن في يناير الماضي، على متن السفينة الإيرانية "جيهان1"، التي اشتملت على صواريخ كاتيوشا إم 122، وصواريخ أرض جو ستريلا 1 و2 تعمل بالحرارة لتتبع الطائرات الحديثة بمختلف أنواعها على مسافة من 4 إلى 5 كم، وقواذف "آر بي جي 7"، ومواد متفجرة مختلفة RDX قوة انفجار