امرأة عجوز وسط الجماهير المحتشدة على جانب الطريق تشاهد وتحيي المشير.وهاهي تنجح أخيراً في الوصول إلى المقدمة.. يمر الموكب المتواضع من أمامها ببطء.. تحرك عينيها المتعبتين بحثاً عنه.. أيهم هو؟! تساءلت ثم أردفت: أكيد أنه ذلك الذي يلوح بيده للجماهير.. وفجأة تقطع العجوز الشارع باتجاه السيارة التي تقله, منادية إياه بكل ما تبقى في صوتها من قوة: يا سلال.. ياسلال. أراد الجنود منعها غير أن الرئيس أشار لهم بأن دعوها... مشت إليه وهي تذرف دمعها, فسألها: مابك يا أمي وما الذي يبكيك؟.. فترددت قليلاً ثم أجابته بصوت متهدج ومتقطع: ..." لا شيء.. غير أن لي ولداً مجنوناً أتعبني وشق عليّ فأشفقت عليه وعلي وأردت منك أن توجه بعلاجه وبمساعدتي.. لكنني حين نظرت إلى الأمر وقد علمت عنك كل خير وصلاح وتواضع, كما وعرفت كبر حجم مسئوليتك وصعوبة مهمتك, هانت عليّ مصيبتي وأشفقت كثيراً عليك.. فاسمع مني: لقد ضاع عمري لأجل مجنونٍ واحد فاتق الله في نفسك وانجُ بعمرك فلديك سبعة مليون مجنون يمني..!!"