استدرجوه من الضالع لسرقة سيارته .. مقتل مواطن على يد عصابة ورمي جثته في صنعاء    سورة الكهف ليلة الجمعة.. 3 آيات مجربة تجلب راحة البال يغفل عنها الكثير    نقطة أمنية في عاصمة شبوة تعلن ضبط 60 كيلو حشيش    مركز الإنذار المبكر يحذر من استمرار تأثير المنخفض الجوي    مليار دولار التكلفة الأمريكية لإحباط هجمات الحوثيين في البحر الأحمر    إنهم يسيئون لأنفسم ويخذلون شعبهم    عملة مزورة للابتزاز وليس التبادل النقدي!    رغم وجود صلاح...ليفربول يودّع يوروبا ليغ وتأهل ليفركوزن وروما لنصف النهائي    طاقة نظيفة.. مستقبل واعد: محطة عدن الشمسية تشعل نور الأمل في هذا الموعد    مولر: نحن نتطلع لمواجهة ريال مدريد في دوري الابطال    الفلكي الجوبي: حدث في الأيام القادمة سيجعل اليمن تشهد أعلى درجات الحرارة    الحكومة تطالب بتحرك دولي لوقف تجنيد الحوثي للأطفال تحت غطاء المراكز الصيفية    شقيق طارق صالح: نتعهد بالسير نحو تحرير الوطن    الدوري الاوروبي ... ميلان وليفربول يودعان البطولة    الدوري السعودي ... الشباب يكتسح ابها بخماسية    "لا حل إلا بالحسم العسكري"..مقرب من الرئيس الراحل "علي صالح" يحذر من مخيمات الحوثيين الصيفية ويدعو للحسم    "طاووس الجنان" و"خادمة صاحب الزمان"...دعوة زفاف لعائلة حوثية تُثير الجدل على مواقع التواصل الاجتماعي بسبب مافيها(صورة)    "ابتزاز سياسي واقتصادي للشرعية"...خبير اقتصادي يكشف سبب طباعة الحوثيين للعملات المزيفة    نقل فنان يمني شهير للعناية المركزة    إصابة 3 أطفال بانفجار مقذوف شمالي الضالع    انطلاق أعمال الدورة ال33 للمؤتمر الإقليمي لمنظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة (الفاو) لأفريقيا    تنفيذي الإصلاح بالمحويت ينعى القيادي الداعري أحد رواد التربية والعمل الاجتماعي    لجنة الطوارئ بمأرب تباشر مهامها الميدانية لمواجهة مخاطر المنخفض الجوي    ارتفاع حصيلة الشهداء في قطاع غزة الى 33.970    مصرع وجرح عدد من العناصر الإرهابية على يد القوات الجنوبية بوادي عومران    ريال مدريد وبايرن ميونخ يتأهلان لنصف نهائي دوري ابطال اوروبا    سقوط 9 مدنيين في الحديدة بسبب الألغام ومخلفات الحرب خلال مارس الماضي مميز    الرئيس: مليشيا الحوثي تستخدم "قميص غزة" لخدمة إيران ودعم الحكومة سيوقف تهديداتها    بمناسبة الذكرى (63) على تأسيس العلاقات الدبلوماسية بين اليمن والأردن: مسارات نحو المستقبل و السلام    إسقاط طائرة تجسس حوثية في شقرة بمحافظة أبين    قبل قيام بن مبارك بزيارة مفاجئة لمؤسسة الكهرباء عليه القيام بزيارة لنفسه أولآ    دراسة: اقتصاد العالم سيخسر 20% بسبب التغيرات المناخية    وفاة مواطن وجرف سيارات وطرقات جراء المنخفض الجوي في حضرموت    أضرار مادية وخسائر بشرية بسبب الفيضانات شرقي اليمن وإغلاق مدينة بالكامل    ركلات الترجيح تحمل ريال مدريد لنصف نهائي الأبطال على حساب السيتي    ليلة للتاريخ من لونين.. وخيبة أمل كبيرة لهالاند    أهلي جدة: قرار رابطة الدوري السعودي تعسفي    آية تقرأها قبل النوم يأتيك خيرها في الصباح.. يغفل عنها كثيرون فاغتنمها    غرق شاب في مياه خور المكلا وانتشال جثمانه    بن بريك يدعو لتدخل إغاثي لمواجهة كارثة السيول بحضرموت والمهرة    "استيراد القات من اليمن والحبشة".. مرحبآ بالقات الحبشي    اليمن: الكوارث الطبيعية تُصبح ظاهرة دورية في بعض المحافظات الساحلية، ووزير سابق يدعو لإنشاء صندوق طوارئ    مأساة إنسانية: صاعقة رعدية تُفجع عائلتين في تعز    على رأسهم مهدي المشاط ...ناشطة حوثية تدعو إلى كسر الصمت حول قضية السموم الزراعية في اليمن    دراسة حديثة تحذر من مسكن آلام شائع يمكن أن يلحق الضرر بالقلب    مفاجأة صادمة ....الفنانة بلقيس فتحي ترغب بالعودة إلى اليمن والعيش فيه    تصحيح التراث الشرعي (24).. ماذا فعلت المذاهب الفقهية وأتباعها؟    10 أشخاص ينزحون من اليمن إلى الفضاء في رواية    خطة تشيع جديدة في صنعاء.. مزارات على أنقاض أماكن تاريخية    وللعيد برامجه التافهة    السيد الحبيب ابوبكر بن شهاب... ايقونة الحضارم بالشرق الأقصى والهند    ظهر بطريقة مثيرة.. الوباء القاتل يجتاح اليمن والأمم المتحدة تدق ناقوس الخطر.. ومطالبات بتدخل عاجل    أبناء المهرة أصبحوا غرباء في أرضهم التي احتلها المستوطنين اليمنيين    وزارة الأوقاف تعلن صدور أول تأشيرة لحجاج اليمن لموسم 1445ه    تراث الجنوب وفنه يواجه.. لصوصية وخساسة يمنية وجهل وغباء جنوبي    تأتأة بن مبارك في الكلام وتقاطع الذراعين تعكس عقد ومرض نفسي (صور)    تخيل أنك قادر على تناول 4 أطعمة فقط؟.. شابة مصابة بمرض حيّر الأطباء!    النائب حاشد: التغييرات الجذرية فقدت بريقها والصبر وصل منتهاه    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



السجن المركزي بالمكلا واقع حي لكلمة مأساة ((استطلاع))
نشر في نجم المكلا يوم 26 - 08 - 2013

يعتبر سجن المكلا المركزي من أهم فروع مصلحة التأهيل والإصلاح في الجمهورية اليمنية كونه يعمل على تقديم خدماته ليس فقط على مستوى محافظة حضرموت بساحلها وواديها، بل كذلك لمحافظتين أخرتين في البلاد هما شبوة والمهرة وجزيرة سقطرى . أي أن عمل هذا السجن يغطى نسبة قد تفوق ال 50% من مساحة الجمهورية، وذلك لعدم وجود محاكم جزائية مختصة في كل من تلك الأماكن، بالإضافة إلى قرب حضرموت من بعض دول الجوار وارتفاع نسبة عمليات القرصنة البحرية والتي يتم إرسال الجناة إليها للقيام بمحاكمتهم.
ورغم كل هذه الأهمية فأن سجن المكلا المركزي والذي يضم نحو أكثر من (600 نزيل ) وتم افتتاح مبناه الجديد قبل سنوات قليلة، يعيش حالياً وضعاً مأساوي أنعكس بشكل سلبي على جميع النزلاء فيه، وأصبح غير قادر على تقديم خدماته بالشكل السليم والصحيح. فالمبنى والذي تم تدشينه في عهد مدير أمن ساحل حضرموت اللواء /على ناصر الأخشع والذي يشغل حالياً منصب نائب وزير الداخلية ، لا يشبه لا من قريب ولا من بعيد مسمى سجن بما تعنيه الكلمة ، بل هو أقرب لوصفه بمخازن ومستودعات شركة التجارة وهو الوصف الذي أطلقه عليه في حينه مديره السابق العقيد / حسن الحامدي.
في ذلك السجن لا تتوفر بداخله أدنى معايير الكرامة الإنسانية و خالي من أبسط المقومات ، فلا حمامات مناسبة ونظيفة، ولا توجد وحدة صحية، ولا يوجد كذلك تسليك جيد لشبكة المجاري التي أصبحت تطفح مياهها في ساحة العنابر مثلما هو حاصل في ساحة السجن العام والذي يعد أحد أهم أقسام السجن. أما توصيلات الكهرباء فحدث ولا حرج فالقواطع الأرضية للجزء الشرقي من مبنى إدارة السجن مفصولة عن خطوط التغذية الرئيسية، وهي مركبه على لوائح خشبة متفحمة نظراً لنشوب الحريق فيها بسبب ارتفاع درجات الحرارة وتسرب مياه الأمطار أليها. ومنذ نشوب الحريق لم يتم استبدال تلك اللوائح الخشبية بأخرى حديدية كون أن ميزانية السجن لا تسمح بذلك.
أما سجن النساء فدائماً ما يشهد أعطالاً كهربائية في خطوط التغذية الرئيسية بسبب تعرض نقاط البوكس الجداري للاحتراق نتيجة لتسرب مياه الأمطار إليها لعدم وجود حماية. كما أن صفارة الإنذار في السجن قد خرجت عن الخدمة منذ وقت مبكر.
أما شبكة مياه الشرب فهي كارثية بكل ما تعنيه الكلمة من معنى، فقد أكدت نتائج التقرير الفني لمختبرات المؤسسة المحلية للمياه والصرف الصحي بساحل حضرموت والصادر بتاريخ 22/4/2013م أن المياه المستخدمة في السجن غير صالحة للاستخدام الآدمي نتيجة لتدهور وضع شبكه المياه فيه ووجود نسبه كبيرة جداً من الترسبات. النظافة في السجن المركزي بالمكلا كذلك تشهد تدهوراً مخيفاً مما يشكل خطراً كبيراً على حياه النزلاء ، ففي ساحة السجن الرئيسية يوجد هنالك تكدساً كبير للقمامة، حيث توجد مساحة يصل طولها وعرضها إلى عدة أمتار وقد تحولت إلى مكب كبير للنفايات.
ويقول مدير السجن المركزي بالمكلا العقيد / حسن باعلوي أن هذا التكدس الكبير ناتج لعدم قيام صندوق النظافة والتحسين بساحل حضرموت بإرسال عمال البلدية للقيام بعملهم في رفع هذه المخلفات، وأن المدير التنفيذي للصندوق السيد / طلال صالح بن حيدرة يتعمد القيام بهذا الأمر أحتجاجاً منه على قيام محافظ حضرموت خالد الديني بصرف إحدى شاحنات الصندوق كعهدة لدى السجن المركزي بعد أن تعطلت شاحنة السجن المخصصة لنقل السجناء. غير أن مدير السجن عاد ليقول أن عمال النظافة قد يأتون بعد مرور فترة طويلة قد تصل إلى أربعة أشهر بعد أن يكون قد عمل على إجراء سلسلة طويلة من الاتصالات والمناشدات.
المدير التنفيذي لصندوق النظافة والتحسين بساحل حضرموت بدوره نفى صحة هذه الاتهامات قائلاً أن عملية نقل مخلفات السجن المركزي ليست من اختصاص الصندوق أو نطاق عمله، كون السجن يقع في مدينة المكلا وهو ما يجعله ضمن نطاق عمل مشروع نظافة مديرية المكلا، وهو مشروع لديه إدارته الكاملة المستقلة تماماً عن الصندوق بحسب رغبة المجلس المحلي . مضيفاً أن دور الصندوق يأتي مقتصراً فقط على الإشراف المالي والمحروقات، مؤكداً على أن إدارة السجن قد استولت على إحدى الشاحنات التابعة للصندوق رغم أن محافظ حضرموت حينما منحهم إياها كان الأمر بمثابة عهده لمدة 15 يوم فقط بحسب ما لدينا من توجيهات خطيه من المحافظ، ومرت الآن عدة أشهر على ذلك ولكنهم لا يريدون أعادتها.
هذا وكان مدير أمن ساحل حضرموت العميد /فهمي محروس قد قام في شهر سبتمبر من العام الماضي بتكليف مدير السجن المركزي السابق بعمل مخطط جديد للسجن المركزي وفقاً لأحدث المعايير والمواصفات الدولية يراعي فيه عمليات الفصل بين المساجين ، كونه كان غير راضي عن وضع وشكل السجن الذي تم افتتاحه قبل فترة لا تزيد عن ثمان سنوات.
وفي عام 2006 كانت إدارة السجن المركزي بالمدينة قد أرسلت نداء إستغاثة لحاكم حضرموت تطالب فيه بتوفير بعض المعامل التي تساعد في إعادة تأهيل السجناء وإصلاحهم كون أن السجن خالي من أي عمل إصلاحي، وقد طالبت الإدارة في ندائها بتوفير معمل للحديد لإصلاح الأبواب والنوافذ، و معمل للأخشاب وأيضاً معمل لتعليم الكهرباء للسجناء.
انتهاكات قانونية
يتعرض السجناء في السجن المركزي بالمكلا للكثير من الانتهاكات القانونية والتي تضرب بعرض الحائط بكل القوانين والنظم التي تنظم العمل بداخل السجون ، ومن هذه الانتهاكات القانونية أن تجد أشخاص محتجزين لفترات طويلة جداً دون أن يتم عرضهم على النيابة العامة أو توجيه تهماً إليهم. وقد بررت إدارة السجن المركزي بالمكلا هذا الأمر بأنه يحدث نتيجة لعدم قيام النيابة العامة بدورها في تفتيش السجون كما يجب. وأن إدارة السجن لا يمكن لها أن ترفض تنفيذ مثل هذه الاحتجازات رغم عدم قانونيها خصوصاً إذا ما طلب تنفيذها مدير الأمن بالمحافظة.
ومن الانتهاكات القانونية كذلك أنه غالباً ما لا تعطى إدارة السجن نسخة من الأحكام القضائية التي تصدر بحق السجين، وفي بعض الأوقات قد يضطر السجين لدفع مبالغ ماليه من أجل أن يحصل على نسخته من الحكم الصادر ضده.
كذلك الحال بالنسبة لعملية توفير محامي للدفاع عن السجين في حال عدم مقدرته على توفير من يدافع عنه وفقا لقانون المرافعات. وهذا الأمر دائماً ما يحدث في ظل تراخي نقابة المحاميين في القيام بهذا الدور القانوني. ولعل من الأشياء الغريبة أن تجد أن بعض السجناء قد صدر بحقه حكم غيابي في الوقت الذي هو يتواجد فيه بداخل السجن وليس هارباً أو فاراً من وجه العدالة، قد يحدث هذا الأمر بسبب عدم تمكن السجين من الحضور إلى المحاكمة بسبب عدم امتلاك إدارة السجن لعناصر أمنيه ترافق السجين إلى المحكمة.
البعض يعتبر أن وجود قاضيين فقط في كل محكمة أمر يصعب ويعقد عملية الفصل في الكثير من القضايا وقد يضر بالقضية أيضاً ، رغم أنه يجب أن لا يقل عدد القضاة في أي محكمة عن( 3 أو 4).
ويقول أحد العاملين في السلك القضائي بالمكلا أن تدهور وضع جهاز البحث الجنائي والتحريات بشكل عام هو أحد أهم العناصر التي قد تتسبب في إضاعة بعض القضايا وتمييعها وعدم القيام بها كما يجب ، وقال أن هنالك جنود حراسة بوابة أصبحوا الآن محققين دون أن يحصلوا على تأهيل مناسب ، مضيفاً أنه في الماضي وقبل الوحدة كان لا يتم السماح للمحقق أن يمسك أكثر من (4) قضايا في نفس الوقت، بينما الآن أصبح المحقق يتابع أكثر من (15) قضيه بذات الوقت، وهذا الأمر ليس جيداً.
السجناء بدورهم يقولون أنهم محرومون من أبسط الحقوق مثل تلقي العلاج والرعاية الطبية، حيث أن السجن المركزي هنا يفتقد لوجود أي وحدة صحية، وهو كذلك يفتقد لوسيلة نقل (إسعاف) لنقل المرضى الذين تستدعي حالتهم النقل إلى المستشفيات في الخارج بعد أن خرجت سيارة إسعاف السجن الوحيدة والمتهالكة عن الخدمة منذ فترة طويلة. إدارة السجن ورغم اعترافها بتدهور الوضع الصحي في السجون وعدم امتلاكها لوحدة صحية في مبنى السجن، إلا أنها قالت أنها تعمل كل ما في استطاعتها لتوفير الخدمة الصحية للسجناء ، حيث تشير الكشوفات التي عرضتها إدارة السجن إلى أن حوالي (123) سجين تم إسعافهم إلى المستشفى خلال الأشهر الماضية ( أبريل – مايو – يونيو -يوليو). مؤكدة على أنها قامت بمخاطبة السلطات المحلية بالحافظة من أجل مخاطبة مكتب وزارة الصحة لانتداب أطباء مناوبين في السجن، غير أنه وحتى الآن لا يبدو أن هنالك تجاوباً يذكر. إدارة السجن قامت مؤخراً برفع مقترح لصندوق التنمية الاجتماعية من أجل توفير وحدة صحية في السجن.
السجناء الذين يعملون على إثارة الشغب يتم التعامل معهم في الغالب بطريقة بشعة ولا إنسانية ، حيث أنه وبدلاً من السجن الانفرادي يتم في بعض الأحيان تعريضهم لعقاب يُعرف ب ( الشواية) وفيها يتم تعليق السجين من على ذراعيه وربطه إلى السقف لعدة أيام متواصلة بطريقة مؤلمة للغاية. ويبرر بعض العاملين بالسجن أنهم يلجئون لهذا العقاب لان زنزانات السجن الانفرادي لم تعد صالحة ، وهي تساعد السجين على الانتحار ، ولذلك قد تجد أن السجين يتم نزع ملابسه عنه عدا الداخلية قبل أن يتم إدخاله إلى الزنزانة الانفرادية.
كما أن الكثير من النزلاء يشتكون من التعامل السيئ من قبل الجنود والحراسات وأنهم يعملون على ابتزازهم وفي بعض الأوقات يعملون على مصادرة الأطعمة الخاصة بالسجناء و التي يرسلها لهم أقاربهم في الخارج، كما يشكون أيضاً من منعهم في بعض الأوقات من قبل الجنود من استخدام هاتف السجن للحديث مع ذويهم ما لم يدفعوا لهم المال مقابل السماح لهم بذلك. أما إدارة السجن فتستمر في نفي حدوث مثل هذه التجاوزات.
حشيش وخمور بداخل السجن
في الشارع والمجالس هنالك الكثير هي القصص التي يتناقلها الناس هنا عن سجناء قضوا فترتهم في سجن المكلا المركزي والتي تتحدث في غالبها عن انتشار رهيب للحشيش والحبوب المخدرة بين نزلا السجن بعلم من قبل إدارته التي تؤكد نفيها لحدوث مثل هذه الأمور والإصرار على أنها مجرد شائعات. غير أن بعض من كانوا نزلاء في السجن يؤكد أن تجارة الحشيش والحبوب المخدرة والمشروبات الكحولية المحلية الصنع والمسماة ب(العرق) تجد طريقها إلى أيدي النزلاء الذين يمتلكون القدرة المالية للدفع ، وأن عناصر من الحراسات الأمنية هم من يعملون على توفيرها وبيعها لهم .وهذا الأمر يقول البعض أنه يحدث نتيجة للانفلات الأمني وضعف الإدارة الحالية للسجن. كما أن هؤلاء يقولون أنه أصبح من الشائع في السجن أن ترى السجناء وهم يحملون هواتفهم الجوالة رغم أن القانون يمنع ذلك.
مديونية متناقضة
لطالما قامت إدارة السجن المركزي بالمكلا بترديد شكاويها التي تُعبر من خلالها عن ضعف إمكانياتها وقلة المخصصات التي ترسلها لها رئاسة المصلحة في العاصمة ،غير أن هذا الأمر قد لا يكون عذراً كافياً للمديونيات الضخمة التي تُثير الريبة والكثير من الشكوك بعد أن سجلت مؤخراً على السجن. ففي الفترة الممتدة من عام 2009 وحتى 2013 م وصلت مديونية السجن المركزي حوالي (ثمانية مليون وسبعمائة وسبعة وخمسون ألف ريال يمني ) منها أكثر من ( اثنين مليون وأربعمائة وواحد وأربعين ألف ريال ) قيمة الخبز الذي يتم استقدامه من مخابز فندق البستان بالمكلا . فيما كانت مديونية السجن الممتدة من عام 2006 وحتى عام 2009 (وهي فترة عهد الإدارة السابقة ) لا تزيد عن ( سبعة وستون ألف ريال يمني فقط ) تشكل قيمة الوقود أكثر من نصفها. حيث أن السلطات كانت تخصص وقود للسجن بقيمة ( ثلاثون ألف ريال بالشهر ) أي (ألف ريال في اليوم ) وهذا ليس كافي .
أذن فان التناقض الكبير بين الرقمين وفي فترات متقاربة يجعل الكثير من الأسئلة والشكوك تحوم في رأسك تجاه الكيفية التي ظهرت بها كل هذه الملايين كمديونية على السجن.
وليس هذا فقط فالسلطات المركزية كانت تخصص مبالغ ماليه من أجل توفير (لحم الدقة) للسجناء، بحسبة (180 ريال ) للكيلو الواحد. وحينما أبلغتها إدارة السجن أن هذا المبلغ لا يكفي لشراء كيلو من اللحم ، قامت السلطات بإيقافه.
مطبخ السجن
حال مطبخ السجن والذي يشرف عليه مجموعة من السجناء مقابل راتب شهري يتراوح بين ( الثلاثة و الخمسة ألاف ريال يمني ) ليس أفضل حالاً من بقية أقسام السجن، فكل شي فيه يدل على أنه يعمل (بالبركة)، فالثلاجة مضربة عن العمل رغم حداثتها بسبب عدم القيام بصيانتها ، وفرن الخبز متوقف منذ سنوات عن العمل في انتظار وعوداً يبدو أنها لن تأتي قريباً بتوفير فرن الالكتروني.
العاملون في مطبخ السجن يعملون على مدار الساعة في تجهيز الوجبات الغذائية لزملائهم، حيث يعملون في الأيام العادية على صنع أكثر من (1800 ) وجبة يومية ، وفي بعض الأحيان يرتفع العدد ليصل (2400 ) وجبة. ويعاني هؤلاء العاملون من نقص الكثير من المواد الإضافية المساعدة في الطبخ مثل البهارات والمحسنات، بالإضافة إلى نقص في كميات المواد الغذائية التي توفرها إدارة السجن. ويُبدي أحد العاملين في المطبخ ويبدو من شكله أنه الطباخ الرئيسي ، يُبدي عدم رضاه عن حال المطبخ ونظافته وتذمره من عدم مقدرته على سد جوع النزلاء كون أن نصيب الفرد من الطعام قليل جداً . النزلاء يُعبرون بدورهم عن امتعاضهم من هذا الأمر ويتهمون القائمين على السجن بالاستيلاء علي مخصصاتهم الغذائية.
وتعمل إدارة السجن على تشغيل سجناء من ذوي القضايا غير الخطرة أو الجنائية في العمل في المطبخ كطهاة بعد أن وصلت لمرحلة من اليأس في قيام السلطات بتوظيف طهاة للسجن.
عنابر قذرة
ما أن بدأنا بالتجول بداخل قسم السجن العام والذي ينزل به أصحاب المحكوميات التي صدرت بحقهم أحكام قضائية ،حتى بدأنا نشعر بحجم المأساة التي يعيش بها السجناء وسط القذرة والأوساخ التي رأيناها بداخل ساحة وعنابر ذلك القسم. فرائحة العنابر كريهة للغاية نتيجة لتراكم النزلاء فيه مع عدم وجود أي نظافة للعنابر، حيث أن العنابر و التي تشبه في تصميمها المخازن مخصصة فقط لعدد (30 نزيل) فيما أن الواقع فاق ذاك العدد بكثير جداُ.
هذه العنابر خالية من أدنى مقومات الحياة الكريمة، ولا يوجد فيها أسره بل فرش أرضيه وهي بالية للغاية وممزقة ومتخسة، وهو ما يشكل بيئة مناسبة جداً لاحتضان وتكاثر البكتيريا والجراثيم والأمراض والذباب المنتشر بكثافة. وربما هذا ما يفسر ارتفاع حالات المرض والإسهال والحمى في صفوف النزلاء. وتجد كذلك أن السجناء يستحمون في ساحة العنبر حيث توجد برك صناعية نتيجة لعدم توفر المياه في حمامات السجن بشكل دائم وهو ما يجعل من هذه الحمامات ذات وضع ورائحة كريهة لا تطاق وهي تبعد فقط مترين عن أماكن نوم السجناء. أن عدم وجود تصريف للمياه في البرك الصناعية جعل من الطبيعي أن تتحول أجزاء من ساحة العنبر إلى مستنقعات مفتوحة حاضنة للبعوض والحشرات التي تنقل المرض للسجناء والحراسات بشكل عام. الكثير من السجناء كان يظهر على أجسادهم علامات المرض والفطريات.
السجناء يقولون أن إدارة السجن لا تصرف لهم أي أدوات يمكن استعمالها للنظافة الشخصية وكذلك بالنسبة للعلاجات وأنهم قد يعترضون للعقاب في حال أن عبروا عن ألمهم أو شكواهم من المرض، ويقول أيضا أن إدارة السجن تتجاهل مطالبهم، وأنه لا تتوفر لديهم برادات كافية لشرب المياه الباردة.
الإدارة تبرر حصول كل هذا لعدم وجود مخصصات ماليه لديها للقيام بهذا الأمر وأن مخصصات النظافة للسجن المركزي هي فقط ( تسعة ألاف ريال يمني ) وهذا مبلغ لا تستطيع الإدارة أن تتصرف من خلاله. نفس المبرر تستخدمه إدارة السجن في تبرير عملية الإبقاء على السجناء الذين يعانون من حالات نفسيه أو فاقدين للعقل في السجن دون أن تعمل على نقلهم إلى مستشفى الأمراض العصبية والنفسية في عدن أو صنعاء.
وتعترف إدارة السجن كذلك بأن لديها سجين واحداً على الأقل مصاب بمرض نقص المناعة المكتسبة ( الإيدز) ولكنها تتركه مختلط بين السجناء في وضع قد يشكل خطورة على بقية السجناء لما تشكله بيئة السجن من وضع غير طبيعي. حيث يقول مدير السجن المركزي أن هذا الشخص عليه حكم ولا يمكن له تركه في الشارع. وكذلك الأمر بالنسبة للسجناء الخطرين والذين لديهم نزعات عدوانية تجاه الآخرين. مضيفاً أنه لا يستطيع التصرف تجاه هذا الأمر كون أن السجن لم يعد به مكان يمكن له أن يضع فيه أمثال هؤلاء.
أثناء تجولنا بين العنابر تجمع حولنا العديد من النزلاء وكل شخص كان يتوسل إلينا في أن نساعد في انتشالهم من وضعهم المأساوي ، فيما كان هنالك أكثر من (120) سجين صومالي متهمون بالقرصنة يريدون منا أن ننقل إلى السلطات اليمنية مطلبهم بالترحيل لبلدهم الأم لقضاء بقية محكوميتهم فيها، بعد أن شاهدوا العذاب هنا.
ومع قرب مغادرتنا لذلك القسم شاهدنا أن بعض السجناء كانوا يهمون في أداء صلاة العصر ، غير أن المحزن في هذا المشهد أن المكان الذي هو بمثابة مصلى للسجناء لم يكن بينه وبين مستنقعات المياه الراكدة ذات الرائحة الكريهة سوى أمتار قليلة لا تزيد عن ثلاثة أمتار.
سجن النساء
ربما يكون سجن النساء أفضل حالاً بكثير مما هو عليه حال سجن الرجال، غير أن السجن يظل سجناً حتى وإن كان مفروش بالرمال والزهور فلا بديل عن الحرية، كان هذا لسان حال إحدى السجينات اللواتي زرناهن في سجن المكلا المركزي. حيث تقول هذه السجينة أن عنابر سجن النساء وهي منفصلة تماماً عن بقية عناصر السجن ، تحظى باهتمام من قبل بعض المنظمات المانحة وإن كان هذا الدعم ليس بذلك الدعم الكبير ولكن أفضل من لاشي , حيث قدمت إحدى المنظمات الإنسانية الألمانية أجهزة تلفزيونية وثلاجات منزلية للسجينات.
كما أن النظافة على الصعيدين الشخصي والمكاني في سجن النساء أفضل حالاً من نظيره سجن الرجال. ومع هذا تظل للمأساة حضورها ، ففي السجن توجد سيدة من محافظة مجاورة تدعى (س.ع.) دائماً ما تكون في حالة بكاء بسبب عدم رؤيتها لأولادها وعدم وجودها بجوار أبنتها التي ترقد في إحدى المستشفيات بتلك المحافظة، هذه السيدة والتي صدر بحقها حكماً بالإعدام على خلفية قتلها لفتاة صغيرة تدعي أنها قتلتها بالخطأ، وأنها تعاني من حالة نفسيه، وهو ما يؤكده كذلك العاملون في السجن. وقالت هذه السيدة لنا وهي في حالة بكاء شديد أن مدير السجن العقيد / حسن باعلوي قام بالاعتداء عليها بالضرب وربطها في الساحة قبل فترة بحجة أنها رفضت الانصياع للأوامر. وهي التهمة التي نفاها مدير السجن وكذلك السجانة التي قالت أن حالة السجينة النفسية تجعلها تتخيل بعض الأشياء، فيما رفضت بقية السجينات الحديث في هذا الأمر، ربما بسبب شعورهن بالخوف من أن يتعرضن للعقاب في حال أذا ما تحدثن.
ولا تتوقف الأشياء المحزنة هنا ، فقد وجدنا سيدة أخرى في السجن هي وجميع أطفالها الخمسة، وهم من محافظة الحديدة، هذه السيدة وتدعى (أ.ع.س) تقضي عقوبتها بالسجن هي وزوجها وأطفالها الخمسة وأمها وأخواتها الاثنتان على خلفية تهمة تتعلق بالسرقة. دخلت هذه السيدة السجن برفقة أطفالها الأربعة فيما أبصرت طفلتها الخامسة ذات الأشهر الثلاثة والتي أسمتها (سيناء) النور في السجن، فيما بقية أطفالها تتراوح أعمارهم مابين الخامسة والعاشرة من العمر.
تقول (أ.ع.س) أنها بريئة من هذه التهمة هي وعائلها ، ولكن القضاء يقول عكس ذلك. وتقول أيضاً أنها تشعر بالألم لآن أطفالها لا يعرفون القراءة والكتابة وأنهم لا يحصلون على التعليم في السجن، وأن أهل الخير يساعدونها في توفير الحليب وبعض الملابس لأطفالها.
هذه السيدة وزوجها تم وضع أسميهما ضمن قائمة شملت نحو( ستة وعشرين ) سجيناً معسراً من قبل لجنة خيرية محلية ( لفك الكبرى) عن السجناء المعسرين، حيث تم الإفراج عنهم نهاية شهر رمضان الكريم بعد أن تم دفع ما عليهم من أموال قام بدفعها عدد من رجال الخير في حضرموت وعلى رأسهم الشيخ عامر بن عامر والشيخ محمد مبارك باصويل وعدد من فاعلي الخير.
نعتمد على أهل الخير
هكذا قال لنا مدير السجن المركزي بالمكلا حينما سألناه عن كيفية تدبير أمور السجن والسجناء في ظل حديثه المستمر عن ضعف الميزانية التي تخصصها السلطات المركزية للسجن. رجال الخير يمدون يد العون للإدارة لمساعدتها في توفير بعض الأشياء والمستلزمات ، ولكن هذا الدعم قد لا يكون بشكل مستمر وربما يكون فقط بشكل موسمي وخصوصاً في شهر رمضان الكريم.
أدارة السجن هنا تعترف أن السجن لا يقدم أي خدمات إصلاحية للنزلاء ولا توجد به أي معامل تدريبيه للنزلاء ، رغم أن السجن المركزي في صنعاء والكلام لمدير السجن في المكلا ، يحتوي على كل وسائل الإصلاح والورش والمعامل.
بيد أن كلام مدير السجن بشأن أن سجن المكلا ليس به معامل تدريبية قد لا يبدو دقيقاً للغاية، فجميع المعلومات تؤكد على أن السجن حصل على معملين تدريبيين وإنتاجيين بنفس الوقت سوى كانت من الدولة أو أهل الخير، فالأول خاص بصنع وإنتاج الطوب أما الثاني فهو معمل خياطة. غير أن هذين المعملين أصبحا في علم المجهول ولا يدري أحدهم أين اختفت وأين أصبحت، وكل مسئول يتهرب من المسئولية ويرميها على عاتق أخر.
حراسة السجن تعتدي على محامية
يوم الثلاثاء الموافق 23/ يوليو الماضي أقدم أحد عناصر الأمن المركزي المكلفة بحماية بوابة السجن المركزي بالمكلا بإطلاق الرصاص الحي على المحامية لميس حسن الحامدي ( ابنة مدير السجن المركزي السابق ) بعد أن اعترضت على قيام عدد من الجنود بالاعتداء بالضرب المبرح بأعقاب البنادق على أحد المواطن أمام بوابة السجن. حيث كانت المحامية لميس خارجة في تلك اللحظة من السجن بعد زيارتها لموكلة لها ، وحين حاولت أن تمنع الجنود من مواصلة الاعتداء على ذلك المواطن فوجئت بقيام أحد الجنود بإطلاق الرصاص الحي أمام رجليها ،تعبيراً عن رفض الجنود لمحاولتها التدخل وإنقاذ ذلك الشخص.
المحامية لميس قامت بدورها بتقديم بلاغ عاجل لكل من مدير أمن ساحل حضرموت ومدير السجن المركزي حول هذه الواقعة. مدير السجن أعترف في وقت لاحق أنه بعث بنتائج التحقيق إلى مدير أمن حضرموت منذ وقت مبكر، رغم أن إدارة الأمن نفت في بداية الأمر أن تكون قد استلمت نتائج التحقيق ، وأضاف مدير السجن أن قيادة الأمن المركزي بالمكلا قامت بترحيل الجندي من موقعه بحجة أنها ستقوم باتخاذ الإجراءات القانونية ضده دون أن يتم إشعار أو التخاطب مع إدارة السجن، الأمر الذي أعتبره مدير السجن المركزي بأنه محاولة لتهريب ذلك الجندي.
تشابه الوضع
لا يختلف وضع سجون مراكز الاحتجاز سواء كانت في مديرية الأمن أو البحث الجنائي أو حتى حجز شرطة السير بالمكلا ، عن الوضع الصعب الذي يوجد به سجن المكلا المركزي. فيبدو ومن خلال النزول الميداني لهذه المراكز أن جميع مراكز الاحتجاز في المدينة لا تصلح للاستخدام الآدمي، أغلبها أن لم يكن جميعها تفتقر للنظافة والخدمات.
فمثلاً مركز الاحتجاز التابع لإدارة شرطة مرور ساحل حضرموت ، ورغم أنه مبنى جديد إلا أنه لم يعد مؤهلاً للاستمرار في استعماله كمكان للحجز، حيث أنه لا توجد به كهرباء، ولا مراوح ولا إضاءة ، فما أن تغيب الشمس حتى تكون غارقاً في الظلام الحالك ولا ترى ما يدور حولك. أما دورات المياه فالأولى قد أصبحت خارج نطاق الجاهزية ولم يعد أحد يستعملها في الثاني بين قوسين أو أدنى من اللحاق بشقيقتها.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.