الحراك الجنوبي اليمني يبدو أنه لن يتنازل عن رؤيته الأساسية بالعودة إلى ما قبل 22 مايو 1990م ، والحراك الجنوبي اليمني وهو يضع نفسه في مواجهة تبدو بلورتها في الأفق القريب هي نقطة التحول التي ستكون دموية أن لم تستطع القوى السياسية المختلفة وضع حد لمواجهة مفتوحة بين طرفي النزاع ( التواقين ) لحفلة الدم … توابع المبادرة الخليجية ما رشح عن المبادرة الخليجية تنحي الرئيس علي عبدالله صالح وتسليم السلطة لنائبه عبدربه منصور هادي ثم التوجه إلى انتخابات رئاسية توافقية القصد منها طي صفحة علي عبدالله صالح نهائياً بعد أن حصل على الحصانة السياسية اللازمة ، وقبيل الانتخابات المزمعة في 21 فبراير ظهرت جملة من تساؤلات لعل منها أهي انتخابات أم استفتاء ..؟؟ ، وأن كانت المحصلة واحدة لأن الأهم في المبادرة الخليجية هو ما بعد الانتخابات حيث أن هنالك ( خلطة ) لأوراق سياسية مختلفة أهمها حل قضيتي الجنوب وصعدة في إطار الجمهورية اليمنية ، ويبدو بأن هنالك ثمة توافق بين كل القوى السياسية الدولية مع الأطراف اليمنية التي شكلت المبادرة الخليجية على أن الحل لا يكمن في تحقيق مطلب الجنوب اليمني بفك الارتباط السياسي بشكل مطلق … منذ إعلان المبادرة الخليجية كان واضحاً أن هناك ثمة تمسك بالوحدة اليمنية ، وأن القوى السياسية الدولية لا ترغب في هذا التوقيت التاريخي على العمل بإفراز سياسي جوهري يمكن أن تؤدي تبعاته على المنطقة ، كما أن محاذير كثيرة تجعل من فك الارتباط السريع عملاً غير مستساغ فغياب المشروع السياسي للجنوبيين اليمنيين وتواجد تنظيم القاعدة والوضع الاقتصادي تحول ضد التجاوب الدولي ، كما أن التحفظ السياسي للعواصم الخليجية تحديداً على القيادات الجنوبية اليمنية وعلى رأسها علي سالم البيض هي عامل لا يمكن تجاهله … فيدرالية من إقليمين .. بما أن الجنوبيين اليمنيين يرون فك الارتباط وأن الشماليين اليمنيين يرون خلاف ذلك ، فأن ( معاهدة نيفاشا ) السودانية تبدو خارطة طريق ملائمة لحل نزاع يمكن لملمته بشيء كبير من الدهاء السياسي وضبط عالي لجموح الأطراف اليمنية المتنازعة ، لكن يجب النظر إلى أن القضية اليمنية الجنوبية المطروحة لم ترتقي حتى الآن إلى قضية سياسية بمقدار ما هي قضية حقوقية من الدرجة الأولى ، وهذا ما تراه القوى الدولية ، فليس من دواعي المطالبة بفك الارتباط التهميش الذي وقع على جنوبيي اليمن منذ حرب صيف 1994م من معالجة غير استعادة دولتهم فيمكن إنشاء صندوق دولي لتعويض المتضررين والعمل على مشاريع اقتصادية تعزز البنية التحتية للجنوب اليمني التي هي أيضاً معاناة في شمال البلاد … السؤال الذي لا يمتلك إجابته أحد ، كم هي نسبة الجنوبيين المطالبين بفك الارتباط ..؟؟ ، ارتفاع صوت الحراك الجنوبي لا يعني أنهم غالبية ، هذا هو واقع سياسي ، أذن على الجميع الإنصات للحلول الوسطية التي عليها أن تعمل على حقن الدماء عبر المشروع السياسي الأوحد منطقياً والذي قدمه المهندس حيدر أبوبكر العطاس بالدعوة إلى فيدرالية منتهية باستفتاء شعبي ، حتى وأن رفض الجنوبيين ذلك فلن ترضخ القوى السياسية الدولية لغير هذا الطريق … معاهدة ( نيفاشا ) السودانية مهدت لميلاد دولة جنوب السودان ، بعد أن نجحت القوى السودانية الجنوبية خلال فترة المعاهدة على العمل باتجاهين إشغال شمال السودان في صراعات كدارفور وغيرها ، وتهيئة المجتمع السوداني الجنوبي على الانفصال وتشجيعهم لهذا الاختيار ، ومن الممكن لجنوبي اليمن انتهاج ذات النهج أنهم أرادوا حقن الدماء … حميد الأحمر .. في تصريح للشيخ حميد الأحمر أفاد فيه بأن الخاسر هي القوى التي ترفض انتخابات 21 فبراير 2012م ، وهذا معناه أنه يقصد الحراك الجنوبي تحديداً ، وهذا معناه أيضاً في تفكير حميد الأحمر أنهم سيكونون الضد بعد أن كانوا على مدار عقدين منذ حرب 1994م أي ان كلا الطرفين لن يتوافقا على حلول وسطية بينهما وفقاً لنظرة كل طرف للآخر ، وهنا من الممكن حشد الساحات الثورية في صنعاء وتعز وعموم المحافظات الشمالية ضد الحراك الجنوبي على قاعدة العداء للوطن اليمني الواحد ، وهذه مسألة من السهل الحشد لها كما حشدوا لها في 1994م … حميد الأحمر ليس هو علي محسن الأحمر أو غيره فالرجل في هذه المرحلة التاريخية يشعر بكثير من الزهو بعد أن نجح في إسقاط حكم علي عبدالله صالح ، وبعد تضحيات جمة خاضتها عائلته في معركة كسر العظم التي عرفتها صنعاء على مدار العام 2011م فهو ليس مؤهلاً للعمل في مشروع فك الارتباط بثمن زهيد ، حتى وأن تمسك الآخرين بمواقفهم فهو سيكون أكثر تشدداً تجاه أي مشروع يدعو إلى خلاف الوحدة اليمنية … وهنا نعود إلى المربع الآمن والماثل في المشروع الفيدرالي فأن هو احتمل شيئاً من التدافع إلا أنه الحل الممكن لأطراف النزاع لإيجاد حلول تحقن الدماء بعيداً عن العنتريات التي يقودها الحراك الجنوبي على أكثر من صعيد ، خاصة وأن القضية اليمنية برمتها تحمل التدويل منذ قرار مجلس الأمن الدولي الراعي للمبادرة الخليجية … حضرموت بين اليمنيين ذكرنا في اكثر من موضع أن حضرموت هي كأس بطولة المتنافسين اليمنيين شمالاً وجنوباً ، وحضرموت التي انقسمت إلى أقسام متنوعة بين دعاة استقلال وحراك ووحدة وفدرالية أيضاً وغير ذلك عليها أن تكون إما الضحية الدائمة أو أن تقود نفسها وفق ما توافر من معطيات للخروج بأفضل النتائج الممكنة ، حضرموت عليها أن تخاطب نفسها قبل أن تجعل نفسها مجرد رقماً أو كأساً لبطولة ، فالقوى السياسية الحضرمية هي الوحيدة التي يمكن أن ترجح كفة طرف على الآخر أن شاءت حضرموت أن تكون في موقعها الذي يجب أن ترتقي إليه … سيصوت اليمن للمرشح الرئاسي ، وسيفتعل الحراك الجنوبي شتى أنواع الفوضى ، وستكون حضرموت مع الفوضى ، ولا نعلم تماماً أن حضرموت استسلمت لفوضى الحراك هل ستكون قادرة على تقبل أنباء المواجهات التي ستشهدها المدن الحضرمية ، أم أن الحضارم سيكونون قادرين على ضبط فوضى الحراك الجنوبي بالضغط على عناصره ورموزه في حضرموت لعدم تحويل المكلا كلها إلى شارع حصبة جديد … بقلم:سالم عمر مسهور / بوعمر