أعترف أنني من المتفائلين بتعيين الدكتور عادل باحميد محافظاً لمحافظة حضرموت، إحدى كبريات محافظات الجمهورية اليمنية، فقد تلقيت على يديه دورة في تنمية الذات بسيئون حينما كنت فيها مديراً تنفيذياَ على مؤسسة خيرية، منذ ذلك الوقت أرى في هذا الصديق والأستاذ والدكتور الفاضل قيمة ينبغي أن تصب في مصلحة بناء هذا الوطن، ودارت الأيام دورتها وهاهو قرار التعيين الرئاسي بأن يكون محافظاً لحضرموت.. الرجل يشهد له العدو قبل الصديق بأنه الأمين، ويتردد الكثير بأنه الرجل القوي، والقوة هنا تشمل القوة المعنوية الذاتية والقوة المكتسبة المادية التي يهابها الجميع، أما الأولى فسيرة الرجل تقول بأنه قوياً معنوياً وذاتياً ودليل ذلك نجاحه في عمله وفي تسيير شؤون حياته العملية والحياتية، وهو المعلم والمدرب في تنمية الذات، وهو الخطيب المفوّه الذي ينتقي أطايب الكلمات وجميل العبارات ليوظفها في خطابه الذي يلقيه أياَ كان هذا الخطاب، وهو أحسبه والله حسيبه ولا أزكي على الله أحداً أنه قوي بإيمانه بربه ففيه سكينة المؤمن وطمأنينة الواثق بمعية ربه وخالقه في كل خطواته وأعماله.. يبقى الحديث عن القوة المادية التي يفترض أن يكون قد اكتسبها منذ أن وافق على التعيين الرئاسي، وهي قوة لا تقبل المساومة في هذا الظرف بالذات، الذي أصبحت حضرموت في وضع لم يتوقع أهلها البسطاء الطيبون أن محافظتهم ستصل إليه، حتى صارت موطناً للجماعات المسلحة باسم الدين تارة، وباسم القبيلة تارة وباسم الحراك والنضال السلمي تارة، وباسم النهب والسرقة تارة أخرى وهي أيضاً تترقب جماعة أخرى تستحث الخطى لتلتهم بقية محافظاتاليمن لتتسيد الموقف السياسي برمته. القبضة الأمنية والصرامة في وجه المخربين والنهّابين والمفسدين والمعتدين والانتهازيين والعشوائيين وغيرهم أشكال وأصناف لا مناص للمحافظ من تملك هذه القبضة، وهو لاشك ولا ريب أنه يعي ذلك بشكل واضح وصريح ولكنه للذكر ومقتضى سياق الحديث. الوضع الأمني حالياً في حضرموت أصبح وبات متردياً، وهو بحاجة ماسة لاستتبابه واستقراره، ووضع العسكر في كل المناطق العسكرية، والدوائر الأمنية بحاجة إلى فحص وتمحيص وتنقيح وتنقية، فالكل ينبغي أن يتجه بكليته لخدمة أمن واستقرار حضرموت، وهذا لا يتوقع أن يحصل إلا من خلال تولي أبناء حضرموت مناصب ووظائف الجيش والأمن وهم كثير وكثير ولن تشتكي المحافظة المعطاءة من قلة عدد ولكن النيات الصادقة والخطوات الصحيحة المخلصة هي التي ستظهر معدن الحضرمي المحب لحضرموت والمدافع عنها فهي أمه التي سيبرُّ بها ويدافع عنها بصدق وإخلاص. الوضع الاقتصادي وغيره يتبع في الغالب الوضع الأمني، فمتى ما حصل الاستقرار والأمن وسيادة القانون والعدل متى ما حصل الرخاء الاقتصادي والتفاعل الثقافي والفني والرياضي..والعكس، فرجال الأعمال الحضارم نار على علم ولا مزايدة في الحديث عن رساميلهم في بورصات العالم، إلا أن مجيئهم إلى حضرموت بالاستثمار فيها ليس بالأمر الهين والسهل بل أمامه "حسر وجبال ويا مصعب مناله"، إلا بتوفر الظروف الملائمة والمهيئة لتحقيقه، قل في ذلك في كل المجالات الأخرى التي خمدت وفترت أو توقفت وهي بحاجة لسلطة قوية ترتفع بها من واقعها المتردي إلى منصة التتويج والإنجاز. من الذي جاء بالمحافظ؟ سؤال يطرح في مجالس النقاش والجدال، وهو لا يهم، بقدر ما يهم ماذا سيقدم هذا الذي رشحه وأقنعه بتقلد مسؤولية المحافظة الكبرى لهذا الرجل الطيب النزيه، في وجه من يتربص بفشله منذ الوهلة الأولى؛ فعمليات السرقة للبريد والبنوك انتعشت ولا ندري ماذا سيأتي بعد، فالذين لا يريدون لمحافظة حضرموت خيراً كثُر سواء من أهلها بوعي أو بغير وعي، أو من خارجها، بأجندة خبيئة وسياسات دنيئة ومصالح حزبية ضيقة، لا تخدم سوى حفنة ممن لا يهمهم سوى كم باعوا وكم كسبوا، أما حضرموت وأما الوطن فليذهب للهاوية أو للدمار أو للتخلف فهذا لا يهمه البتة. القبضة الأمنية لا يتوقع أن يتحصل عليها المحافظ باحميد بين عشية أو ضحاها، فيحتاج من الحضارم مجتمعين في الداخل والخارج الوقوف إلى جانبه، وأن يخدمه كل حضرمي بكل ما يستطيع ليتمكن هو من القيام بدوره، والنجاح في مهمته التي تصبّ في مصلحة حضرموت كما أعلن ذلك في كلماته وخطبه، أما الاستعجال والتشاؤم والتشكيك والتهوين والتقليل واليأس، فهذه أسباب للفشل يرفعها الحضرمي للأسف في وجه أبناء منطقته إذا تولوا مكانة في السلطة، وهي تؤدي بدورها إلى إفشال كل المساعي الخيّرة لإنقاذ حضرموت المفترض أنه إليها تحط ركائب الأمن والأمان وإليها تشرئب أعناق التجار ورجال الأعمال وتهفو إليها نفوس العلماء والدعاة والمفكرين وأهل الفن والأدب، فحضرموت بنص النبي الكريم يسير إليها الراكب من بلد القلاقل والمخاوف لتحط راحلة سفره بأمن وأمان ولو كانت حوله الذئاب. فهل يقف الحضرمي صفاً مسانداً واحداً لابن حضرموت لعله يساهم في إنجاح خطواته نحو المستقبل المنشود والمأمول؟ وهل يكفّ ولو قليلاً عن الاسترسال في مشاعر اليأس والإحباط لعل الربّ الرحيم أن يغير حال حضرموت إلى أفضل حال؟؟