الأمانة خلق إسلامي أصيل وصفة إنسانية نبيلة ، وقد كان لأهل حضرموت حظا وافرا من الاتصاف بهذه الصفة ، الأمر الذي جعل لهم القبول في بلدان كثيرة هاجروا إليها كدول جنوب شرق آسيا، مثل (ماليزيا وسنغافورة) ودول الخليج العربي مثل (السعودية والكويت) وغيرها من البلادان حول العالم وظل أهل حضرموت يُعرفون بسماحة ودمث أخلاقهم التي تميزوا بها في الصدق والوفاء وحفظ الأمانة وعدم النكوث بالعهد اذ قطعوا ، وأجبرت تلك المعاملة من الحضارم ملايين من البشر في المناطق التي انشتر اليها الحضارم للدخول في الأسلام طواعية وبدون كلفة . والمتابع لأحوال حضرموت اليوم يجد أن ثمة انحسارا ملحوظا لهذا الخلق العظيم، إذا كان هذا الانحسار موجودا في مناطق كثيرة من اليمن أو من العالم فإن الأمر ينبغي أن يختلف بالنسبة للحضارم ، ذلكم أن الأمانة لاسيما في الأمور المالية هي الصفة التي رافقت الحضارم لعشرات السنين عبر تاريخهم الحافل بالصبر والمصابرة . لكن هذه الصفات على ما يبدوا لم تشفع لتلك المحافظة التي نسبت الى عامر بن قحطان الذي لُقب بحضرموت حيث تعاظمت خلال الفترة الأخيرة في تلك المحافظة حالات السطو والنهب والسرقة في عموم مدنها التي ظلت لسنوات تُعرف بالمحافظة الآمنة بسكينتها الهادئة وشهدت حضرموت مؤخراً عدد كبير من حالات السطو المسلح لعدد من البنوك والمحلات التجارية وسرقة لعدد كبير من سيارات المسؤليين الحكوميين في مختلف مديريات المحافظة لعل اخر تلك الأعمال قيام مسلحون بنهب ملايين من سيارة تابعة للبنك التجاري اليمنيبالمكلا يوم الثلاثاء السادس من يناير الماضي بعد سلسلة كبيرة من عمليات النهب التي تعرضت لها بنوك مشابهة بمديريات مختلفة من المحافظة وقد لا تكون الأخيرة . ولم تشهد حضرموت ارتفاع في حدة عمليات السرقة مثلما تشهده حالياً وسط غياب تام لدور الأجهزة الأمنية في تعقب الجناة والقبض عليهم وتقديمهم للعدالة . ويؤرق الوضع الذي تشهده حضرموت حالياً مضاجع كثير من مواطنيها الذين ابدوا استيائهم من الممارسات المسلحة التي يقوم بها مجهولين في إقلاق السكينة العامة للمواطنين من خلال عمليات النهب والسرقة التي يقومون بها . وتضرر الكثير من مالكي المحلات التجارية وأًصحاب السيارات الفارهة بحضرموت من تلك الأعمال حيث يقومون بإغلاق محلاتهم التجارية في وقت مبكر خوفاً من تعرضها لمحاولات نهب أو سرقة ويطر أًصحاب السيارات الفارهة الى تركين سيارتهم في احواش منازلهم تخوفاً من حالات تقطع يقولون ان مجهولين يقومون بها في مختلف مناطق ومدن حضرموت خلال الفترة الأخيرة . ويتعرض العديد من المسئولين بحضرموت لسرقة سياراتهم كتعرض الأمين العام لحزب الإصلاح بالمكلا ومسئول التفتيش في عقار حضرموت الى جانب مدير مكتب الإدارة المالية الى عملية سرقات لسيرتهم الخاصة وتشير احصائية الى ان خلال شهر ديسمبر كانون الاول سجلت عدد من حالات السطو المسلح على السيارات منها سيارة تابعة للمؤسسة المحلية للمياه والصرف الصحي فيما صباح الاحد الثالث عشر من ديسمبر الماضي كان احد رجال الاعمال ممن يعملون فى تجارة المواد الغذائية هدفاً لنشاط هذه المجموعة , حيث قاموا فى ساعة مبكرة من الصباح بالسطو على سيارة التاجر من نوع دينا من امام ملعب تمارين نادى المكلا الرياضى بمنطقة خلف القريب من النقطة الامنية قبالة مبنى الامن السياسي وحيث تتواجد معسكرات الجيش ونقاطه وقيادة أمن المنطقة العسكرية الثانية ويرى مراقبون للوضع في حضرموت أن ما تشهده المحافظة من تزايد مطرد لحالات السطو والنهب في مختلف مديرياتها هو سلاح جديد لإقلاق السكينة العامة التي تعرف بها المحافظة وإدخالها في أتون الصراعات السياسية والجهوية التي سلمت منها المحافظة حتى في اتوان الأزمة السياسية التي شهدتها البلاد ابان احداث العام 2011م . إلا أن حضرموت هذه الفترة تشهد ازمة يقول عنها البعض من سكان حضرموت انها على ما يبدوا اطم من الأزمة السياسية التي عصفت للبلاد لأنها هذه المرة تهدد استقرار سكينة حضرموت ولأنها كما يقولون تعلن على رؤوس الاشهاد وبطريقة تنزع لدى المواطنين مشاعر السكينة والآمان على ارواحهم قبل ممتلكاتهم . وأعتبر المراقبون أن الغياب المستمر للأجهزة الأمنية في كبح جماح تلك الجماعات التي تقوم بتلك العمليات المختلفة قد تسهم في مزيد من طمع هؤلاء وهو الأمر الذي قد يدخل المحافظة في دوامة الانفلات الأمني الذي لن تستطيع المحافظة التخلص منه وقد يؤدي الى استفحاله . ورغم محاولات الأمن الذي تعقبت احدى تلك العصابات التي تقوم بالسطو على سيارات المسؤليين ومداهمة وكرهم بحوش احد المنازل الذي يقومون بتجميع السيارات المسروقة فيه بمنطقة امبيخة بفوه في الثامن والعشرين من شهر سبتمبر الماضي واكتشاف الأجهزة الأمنية فيما بعد أن من يرأس تلك العصابة هو نجل مسئؤل حكومي . لكن هذا الانجاز الأمني على ما يبدوا لن يشفع للأجهزة الأمنية بالمحافظة من انتقادات المواطنين الحادة والتي طالبت منهم مزيد من العمل الجاد والتحرك لتأدية واجبها ومهامها المناط بها في الحفاظ على الأمن والحد من الجريمة كما يقولون . وفي السياق ذاته اعتبر اخرين في حضرموت ان تزايد وتيرة حالات السطو والنهب في ظل أدارة المحافظ الجديد الدكتور عادل باحميد قد تكون محاولات لأَضعافه سياسياً وإظهاره على عاجزاً وعديم القدرة في ضبط الأمور داخل المحافظة من خلال التوجيه الحازم للأجهزة الأمنية المختلفة في المحافظة لضبط من يقوم بمثل هذه الأعمال الخارجة عن عادات وتقاليد ابناء المحافظة . ويبدو ان الوضع الأمني المتدهور في حضرموت وحالات السطو والتقطع للبنوك الحكومية والخاصة والمحلات التجارية وحتى سيارات المواطنين لم تكن غائبة عن احاديث الشارع الحضرمي وحتى عن مختلف محافظات البلاد الأخرى الأمر الذي يعوزه البعض الى التزايد السريع لتلك الأعمال وفي محافظة لن تشهد حالات سابقة لهكذا ، الأمر الذي جعل من الموضوع يستهوي احاديث العامة من المواطنين في اماكن جلوسهم وتواجدهم . وفي خضم المعاناة الغير مسبوقة التي تعيشها حضرموت الذي لطالما امتدحها سياسيون وزائرون لها من اقطاب العالم المختلفة واصفين اياها بمحافظة السلام يبدو انها اليوم تعاني ازمة حادة في تزايد وتيرة الانفلات الأمني الذي يزرع هواجس كبيرة تؤرق مضاجع كثير من سكاني المحافظة بمختلف مديرياتها تخوفاً مما ستؤول اليه الأحداث في الأيام القادمة في ظل الضبابية المعتمة التي يشاهدها المواطن بحضرموت من انعدام تام لمؤشرات ودائها او حتى على الأقل انخفاضها نسبياً . ومع هذا تبقى عمليات السطو والنهب حالة حديثة التواجد بحضرموت يقول سكانها وان تعددت مسبباتها او اسبابها الكامنة خلف ارتفاع حدة وتيرتها في الآونة الأخيرة إلا انهم يرون ان هذا الأمر المتعاظم مؤخراً يتطلب الى وقفة جادة من جميع المكونات والأحزاب المتواجدة بالمحافظة والمجتمع بشكل عام والنأي بنفسها عن ممارسة تلك الأعمال ونبذ من يقوم بتلك الممارسات وأعتبره جرثومة في جسد حضرموت ويجب التخلص منه . ولكن هذا الأمر لا يمكنه ان يحدث بنظر الكثير من سكان حضرموت الا بتكاتف جهود ابناء المحافظة ومكوناتها المدنية والسياسية والعمل في خندق واحد الى جانب الأجهزة الأمنية كما يعتقد هؤلاء وذلك للتخلص من هذه الآفة التي يقولون عنها بأنها سرعان ما انفكت تنهش بجسد حضرموت ووجوب ضرورة استئصالها من جذورها . * من:صالح مبارك الجعيدي- عدن الغد