نادي القضاة الجنوبي بعدن يعلن التفاعل مع جهود الزُبيدي ويؤكد استمرار الوضع القائم حتى التوصل لحلول    الفلبين تشكر صنعاء في انقاذ طاقم السفينة "إتيرنيتي سي"    جثث مهاجرين أفارقة تطفو على شواطئ أبين    قيادة اللجان المجتمعية بالمحافظة ومدير عام دارسعد يعقدون لقاء موسع موسع لرؤساء المراكز والأحياء بالمديرية    انتشال جثة طفل من خزان مياه في العاصمة صنعاء    هناك معلومات غريبيه لاجل صحتناء لابد من التعرف والاطلاع عليها    تشلسي يعرض نصف لاعبيه تقريبا للبيع في الميركاتو الصيفي    توقعات باستمرار هطول امطار متفاوة على مناطق واسعة من اليمن    اكتشاف مدينة غامضة تسبق الأهرامات بآلاف السنين    تسجيل هزة ارتدادية بقوة 6.8 درجة شرقي روسيا    مجموعة هائل سعيد: نعمل على إعادة تسعير منتجاتنا وندعو الحكومة للالتزام بتوفير العملة الصعبة    عدن .. جمعية الصرافين تُحدد سقفين لصرف الريال السعودي وتُحذر من عقوبات صارمة    العملة الوطنية تتحسّن.. فماذا بعد؟!    أمين عام الإصلاح يعزي عضو مجلس شورى الحزب صالح البيل في وفاة والده    الحكومة تبارك إدراج اليونسكو 26 موقعا تراثيا وثقافيا على القائمة التمهيدية للتراث    منذ بدء عمله.. مسام ينزع أكثر من نصف مليون لغم زرعتها مليشيا الحوثي الارهابية    الرئيس الزُبيدي يطّلع على جهود قيادة جامعة المهرة في تطوير التعليم الأكاديمي بالمحافظة    خيرة عليك اطلب الله    مليشيا الحوثي الإرهابية تختطف نحو 17 مدنياً من أبناء محافظة البيضاء اليمنية    صحيفة أمريكية: اليمن فضح عجز القوى الغربية    شركات هائل سعيد حقد دفين على شعب الجنوب العربي والإصرار على تجويعه    الشيخ الجفري: قيادتنا الحكيمة تحقق نجاحات اقتصادية ملموسة    طعم وبلعناه وسلامتكم.. الخديعة الكبرى.. حقيقة نزول الصرف    عمره 119 عاما.. عبد الحميد يدخل عالم «الدم والذهب»    بعد إخفاق يحيى.. جيسوس يطلب ظهيرا أيسر    نيرة تقود «تنفيذية» الأهلي المصري    رائحة الخيانة والتآمر على حضرموت باتت واضحة وبأيادٍ حضرمية    يافع تثور ضد "جشع التجار".. احتجاجات غاضبة على انفلات الأسعار رغم تعافي العملة    لم يتغيّر منذ أكثر من أربعين عامًا    السعودي بندر باصريح مديرًا فنيًا لتضامن حضرموت في دوري أبطال الخليج    العنيد يعود من جديد لواجهة الإنتصارات عقب تخطي الرشيد بهدف نظيف    غزة في المحرقة.. من (تفاهة الشر) إلى وعي الإبادة    صحيفة امريكية: البنتاغون في حالة اضطراب    الاستخبارات العسكرية الأوكرانية تحذر من اختفاء أوكرانيا كدولة    قادةٌ خذلوا الجنوبَ (1)    مشكلات هامة ندعو للفت الانتباه اليها في القطاع الصحي بعدن!!    لهذا السبب؟ .. شرطة المرور تستثني "الخوذ" من مخالفات الدراجات النارية    الرئيس المشاط يعزّي في وفاة نذير محمد مناع    إغلاق محال الجملة المخالفة لقرار خفض أسعار السلع بالمنصورة    لاعب المنتخب اليمني حمزة الريمي ينضم لنادي القوة الجوية العراقي    عدن.. تحسن جديد لقيمة الريال اليمني مقابل العملات الاجنبية    تدشين فعاليات المولد النبوي بمديريات المربع الشمالي في الحديدة    من تاريخ "الجنوب العربي" القديم: دلائل على أن "حمير" امتدادا وجزء من التاريخ القتباني    من يومياتي في أمريكا.. استغاثة بصديق    ذمار.. سيول جارفة تؤدي لانهيارات صخرية ووفاة امرأة وإصابة آخرين    لاعب السيتي الشاب مصمّم على اختيار روما    أولمو: برشلونة عزز صفوفه بشكل أفضل من ريال مدريد    تعز .. الحصبة تفتك بالاطفال والاصابات تتجاوز 1400 حالة خلال سبعة أشهر    من أين لك هذا المال؟!    كنز صانته النيران ووقف على حراسته كلب وفي!    دراسة تكشف الأصل الحقيقي للسعال المزمن    ما أقبحَ هذا الصمت…    لمن لايعرف ملابسات اغتيال الفنان علي السمه    وداعاً زياد الرحباني    تساؤلات............ هل مانعيشه من علامات الساعه؟ وماذا اعددناء لها؟    اكتشاف فصيلة دم جديدة وغير معروفة عالميا لدى امرأة هندية    العلامة مفتاح يؤكد أهمية أن يكون الاحتفال بالمولد النبوي هذا العام أكبر من الأعوام السابقة    رسالة نجباء مدرسة حليف القرآن: لن نترك غزة تموت جوعًا وتُباد قتلًا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



حضرموت… والحاجه الى التفكير الاستراتيجي
نشر في المكلا تايمز يوم 26 - 11 - 2013


بقلم/ لطفي بن سعدون
في مقالنا السابق الصادر بيوم 7/نوفمبر/2013م بعنوان (حضرموت تتوحد… والآخرون يتمزقون ) والمنشور في عدة مواقع الكترونيه حضرميه .اشرنا الى ان المتتبع للاحداث التي تدور من حولنا بعين تحليليه ثاقبه ومستقله في منطقة حضرموت والجنوب واليمن منذ بداية عام 2011م وحتى يومنا هذا سيرى ان اليمن يتمزق ويتفتت كل يوم وتظهر وتتفرخ مراكز قوى جديده تتصادم فيما بينها للاستحواذ على السلطه والثروه . وكذلك الحال بالنسبه للجنوب فاننا نراه ايضا يتمزق كل يوم بتاثيرات الصراعات الدمويه التي جرت على ارضه منذ67م وحتى يناير 86م وانتهاءا بحرب 94م. اما حضرموت فقد بدات تتجمع ويتقارب ابناؤها بمختلف انتماءاتهم السياسيه .ولقد لاحظنا في الفتره القريبه الماضيه تزايد النهوض والاصطفاف الحضرمي ,وتشكل العديد من المكونات السياسيه والقبليه والمدنيه الحضرميه المستقله (كمجلس حضرموت الاهلي والعصبه الحضرميه وجبهة مستقبل حضرموت وحلف قبائل حضرموت وتحالف عشائر وقبائل حضرموت وملتقى حضرموت للامن والاستقرار وتجمع كتاب من اجل حضرموت مستقله ولجنة الطوارئ الشعبيه ولجنة القضاه والاعيان والمجلس الاهلي في سيؤن وغيرها )التي تطالب بالحقوق التاريخيه المشروعه لحضرموت وعلى راسها حق شعب حضرموت في تقرير مصيره على ارضه دون تبعيه لصنعاء او لعدن .
واليوم نشاهد ايضا ان كثيرا من القيادات السياسيه الحضرميه المرتبطه بقيادات احزابها في صنعاء او عدن قد بدات تجاهر بكل علنيه بحقوق حضرموت ,وكان اخرها توقيع مجموعه من هذه القيادات على وثيقة المطالبه بتشكيل اقليم حضرموت الكبرى (حضرموت وشبوه والمهره وسقطرى ). اذن فنحن نرى ان حضرموت قد بدات السير في طريق التوحد وقطع خيوط التبعيه لكل من صنعاء وعدن .
وهذا مؤشر قوي لامكانية قيام الدوله المستقله الحضرميه .اما اليمن والجنوب فيتجهون نحو التمزق وهذا مؤشر قوي لتفتيتهما وقيام دويلات ومناطق لاتحتكم لاي دوله وانما للقبيله وتتصارع باستمرار فيما بينها البين. وبالرغم من وجود هذا المؤشر الايجابي المتمثل في بداية التوحد الحضرمي ,الا اننا نرى ان وتيرة هذا التوحد لازالت بطيئه جدا,الامر الذي يترتب عليه فقدان الحضارم لكثير من مصالحهم وحقوقهم المرحليه والاستراتيجيه ,في هذه المرحله الهامه والمفصليه في تاريخ حضرموت والمنطقه,والتي تخضع فيها كل من حضرموت والجنوب واليمن للوصايه الاقليميه والدوليه.بعد تفتت تحالفات عصابات السلطه القبليه والعسكريتاريه في اليمن .وتقلص القبضه الحديديه اليمنيه على حضرموت ,وانتهاء الهيمنه الجنوبيه عن حضرموت منذ عام90م(بالرغم من المحاولات المحمومه الحاليه لاعادة هذه الهيمنه من قبل الحراك الجنوبي). وان المنطق يقول ,ان تقلص الهيمنه اليمنيه والجنوبيه وتضاؤل ارهاب الدوله عن كاهل الحضارم,يفترض ان يترتب عليه نهوضا وتوحدا حضرميا عارما يؤدي الى انتزاع مطالب وحقوق حضرموت التاريخيه المشروعه في كافةالمجالات وعلى راسها حق تقرير المصير. ولكن للاسف الشديد لانرى على ارض الواقع ان هذا النهوض والتوحد يجري على قدم وساق في حضرموت .بل لازلنا نرى ان سمة التمزق والتبعيه لكل من صنعاء وعدن هي المهيمنه على سلوك ورؤى معظم النخب السياسيه والمدنيه والفكريه والقبليه والماليه,وان لغة التخوين والاقصاء هي الطاغيه فيما بينها.ونحن نرى ان من اهم اسباب وجود مثل هذه الحاله في حضرموت,هو غياب التفكير الاستراتيجي لدى معظم النخب المؤثره في حضرموت,الامر الذي ادى الى تعارض وتصادم تكتيكات وارادات هذه النخب ,وبالتالي اضعاف الاراده والقوه الحضرميه وتعدد ولاءاتها وتبعيتها لكل من صنعاء وعدن.لذلك سنتناول في هذه المقاله الحاجه الماسه لقيام المفكرين والمثقفين والسياسين الحضارم للاهتمام بالتفكير الاستراتيجي وتحديد الاستراتيجيه السياسيه الحضرميه.
تعريف التكتيك والاستراتيجيه والتفكيرالاستراتيجي: يقول اللغويون ان لفظة استراتيجيه اتت من كلمة (stratēgos) اليونانيه التي تعنى القائد او الآمر العسكري , كماعرفت الاستراتيجيه ايضا بأنها (علم تخطيط العمليات العسكرية وتوجيهها ).
اما كلمة تكتيك فهي ايضا باليونانيه (Taktikē ) وتعني فن تنظيم الجيش ، وهي بشكل آخر فن استخدام الاسلحة و الوحدات العسكريه وكل ما هو متواجد لتحقيق الاستراتيجيه بافضل طريقه. و يتضح ان المصطلحين كانتا مستخدمه في الجانب العسكري فقط ,لكن بمرور الوقت اتسع انتشارها واستخدمت ايضا في مجالات اخرى متعدده وارتبطت بعلوم جديده . ويلاحظ ان الإستراتيجية تقوم على التخطيط و التفكير المنطقي في حين ان التكتيك يقوم أكثر على الإبداع. كما تتعامل الاستراتيجية مع بعد زمني ومتغيرات كثيرة تجعل من النادر وجود الثبات. ومن جانب آخر، تتعاطى الاستراتيجية مع واقع معين ومعقد وتسعى إلى تحويله إلى واقع جديد قد لا يكون أقل تعقيدا ولكنه من المؤمل أن يكون أفضل من الواقع الذي يسبقه. ونقدم بادناه بعض التعريفات المختصره لهذين المصطلحين لتقريبهما الى ذهنيه القارئ: الإستراتيجية هي الإلتزام بالخطة في حين أن فحوى التكتيك هو تكييف الخطة حسب الموقف. الإستراتيجية هي الخطة الشاملة للوصول الى الهدف النهائي في حين أن التكتيك هو خطة جزئية لتحقيق هدف جزئي. الإستراتيجية طويلة و بطيئة و بعيدة المدى في حين أن التكتيك هو ردة فعل و قصير المدى. توضع الإستراتيجية لنتائج مستقبلية في حين أن التكتيك لنتائج حالية. الإستراتيجية تقوم على التخطيط و التفكير المنطقي في حين ان التكتيك يقوم أكثر على الإبداع. الخلاصة... بالتكتيك تربح معركة و بالإستراتيجية تربح الحرب! الاستراتيجية: سياسة أو خطة للمدى البعيد، ومن الصعب أن تتعرض للتعديل أو التغيير. التكتيك: خطة مرحلية مؤقتة، لبلوغ هدف محدد، وتتنتهي بانتهاء الحاجة إليها وغالبا ما تكون قصيرة المدى. ليس ثمة تكتيك ثابت فى واقع متغير، والتكتيك أمر يجب علينا الاستعداد دائماً لتغييره وبالسرعة المناسبة كلما تغيرت الظروف أو الموازين الخاصة بالقوى. اما الاستراتيجية فهى العنصر الاكثرثباتا لمرحله محدده في عملنا. وعند التطبيق يذهب البعض لاستخدام اكثر من تكتيك ,للوصول الى الهدف بل قد يضيف تكتيك مغاير اثناء محاولته للوصول ,مما يعطي انطباع بان التكتيك قد يكون متغيرا .اما الاستراتيجيه فلا بد ان تكون اكثر ثباتا وان تكون في الوقت ذاته غير معقده كي يمكن تطبيقها وتحقيقها على ارض الواقع وفق المنطق والمعقول والكائن . وفي الغالب تنقسم الاستراتيجية الى محورين رئيسيين هما: أولاً: الاهداف النهائية فى مرحلة تاريخية محددة. ثانياً: فنون وطرائق الوصول للاهداف و تحقيق النصر(التكتيكات). وعند نقل هذه المصطلحات من الحقل العسكري إلى الحقل السياسي ليس ثمة خلاف سوى فى كيفية اسقاط هذه المصطلحات، إذ علينا ان نفهم ظروف المعركه السياسية، مؤشر الميل الجماهيري، الزاوية التى يجب أن نهاجم منها، الشعار الواجب رفعه، تناقضات العدو وكيف نستفيد منها وهى كلها أمور متغيرة، ومن ثم يتوجب علينا رصد العوامل المتغيرة فى كل معركة ووضع التكتيك المناسب لها، الذي لا يعني سوى الوسيلة المناسبة لتحقيق أفضل النتائج على ضوء ظروف معينة، فهم الخطر فى ظروف تراجع أو جزر – ولو مؤقت – أو فوضى معركة ,الهزيمة فيها محتمة بسبب اختلال موازين القوى ,وبنفس الدرجة من أخطاء عدم الهجوم إذا كانت قوانا مستعدة جيداً والخصم فى حالة ارتباك وضعف، كذلك من الأخطاء ,المقاطعة فى ظروف مشاركة جماهيرية أو المشاركة بينما تلوذ الجماهير بالمتاريس وتفرض بدائلها. بل توسع اهتمام المنظرين الاستراتيجيين ليشمل إضافة إلى ماسبق, مجالات متعددة أخرى لها مساس بمتطلبات واشتراطات تقرير مصير الشعوب الواقعه تحت الاحتلال وبناء انظمتها المستقله والنمو الاقتصادي والتطور الاجتماعي والتقدم العلمي والتفوق التكنولوجي وصيانة الأمن القومي وتحقيق الريادة وتوطيد النفوذ من خلال بسط السيطرة الاقتصادية والسياسية والثقافية على الساحة الدولية. اما بالنسبه لتعريف التفكير الاستراتيجي :فهو ضرب من المقاربات الاستقصائية يرتكز على أسس وقواعد وأصول البحث العلمي في توظيف المنهجية البحثية المناسبة القائمة على دقة التوقعات ووجاهة التنبؤات لاستحضار المستقبل وتمثل أحداثه المحتملة وذلك انطلاقا من الإرهاصات والمؤشرات والتأمل والتحليل الكمي والنوعي والاستنتاج القياسي وتصور النماذج وتمثل التداعيات البعيدة استنادا إلى منهجية علمية , ومن ثم فإن التفكير الاستراتيجي هو تفكير إبداعي تطويري ينطلق من الحاضر ليرسم صورة المستقبل التي يعتمد عليها ليحور بنية الحاضر, وينطلق من الرؤية الخارجية ليتعامل من خلالها مع البنية الداخلية ,ويتبنى النظر من الأعلى لفهم ما هو أسفل ,ويلجأ للتحليل التشخيصي لفهم حقيقة الأشياء بواقعية وتبصر. فهو بكلمة واحدة تفكير تحليلي تشخيصي وتخطيطي يستقرئ الماضي ويستكنه الحاضر ويستشرف المستقبل.
ولابد أن يكون التفكير الاستراتيجي غير نمطي ومتقبل للجديد والمختلف ولا يتناسى أهمية الواقع و ما هو ممكن ومحتمل التنفيذ. وفي التحليل النهائي يمكن القول بأن التفكير الاستراتيجي هو سعي إلى التخلص من قصور ودكتاتورية اللحظة ومجهود من اجل اختراق حجب الغيب ومد سلطان العقل إلى المجهول ووضع خرائط للمحتمل, تحسبا للطوارئ وتفاديا للمفاجآت وسعيا إلى التحكم في الأحداث وإخضاعها للسيطرة وتكييف الحاضر انطلاقا من رؤية المستقبل ,وتسخير كل ذلك لخدمة المصالح العليا لأي شعب . وهو نمط من التفكير المتعدد الأبعاد ,الذي ينطلق من استقراء الماضي واستكناه الحاضر واستشراف المستقبل واستباق الأحداث والعمل على تشكيل ملامح العالم الافتراضي المحتمل لمواءمتها مع طموحات وأهداف معينة. إذا فالتفكير الاستراتيجي هو تفكير متعدد الرؤى والزوايا يأخذ في الاعتبار الماضي والحاضر والمستقبل ويوظف الأساليب الكمية ولغة الأرقام وقوانين السببية والاضطراد في فهم المتغيرات المستقلة واستيعاب علاقات الأشياء مع بعضها. وهوليس ترفا فكريا ولا نشاطا يمثل نوعا من التنجيم أو ضربا من العرافة بل هو أحد العلوم الإنسانية المتطورة تتوسله الأمم المتقدمة بشكل ممنهج لاستشراف المقبل من الأحداث وتخيل المناحي التي يحتمل أن تنحوها الأمور على الصعد السياسيه والاقتصادية والاجتماعية والثقافية وتلمس ملامح الملابسات التي قد تسود العالم وذلك من اجل الاستعداد لها والتكيف معها وتأمين أقصى ا لإ ستفادة منها. ويعتبر منهاجا ناجعا لرسم خرائط دقيقة للعالم المقبل في المدى المتوسط والبعيد وتعتمده الأمم المتنفذة الآن لتهيئة الظروف والشروط الكفيلة بتقوية وتأبيد سيطرتها على العالم وهيمنتها على مقدراته ومصائر شعوبه بل وبسط نفوذها وإحكام قبضتها على الكواكب المجاورة له والانفراد بامتلاكها واحتكار مواردها المحتملة. ويرتبط التفكير الاستراتيجي ايضا بضرورة تقييم واقع الحال، ومعرفة ما يجب أن يكون هذا الواقع في المستقبل، وكذلك ضرورة التطور للأفضل. لذا فالتفكير الاستراتيجي ضرورة يجب أن تنتهج لارتباطه بهذه الأمور الجوهرية، وليس ترفاً فكرياً. وإنّ ما يميّز التفكير الاستراتيجي عن غيره من أشكال التفكير الأخرى هوأنه تفكير: كُليّ مُنَظّم باعتماده الرؤية الشمولية للواقع وعلاقته بالعالم المحيط داخليا وخارجيا. متطور وغير تقليدي كونه يعتمد الإبداع والابتكار في البحث عن أفكار جديدة، أو يكتشف تطبيقات مستحدثة لمعرفة سابقة. تحليلي وتفاعلي يعتمد الإدارك والاستبصار والحدس لاستحضار الصور البعيدة ورسم ملامح المستقبل قبل وقوعه. تنبؤي علمي فهو يبدأ من المستقبل، ويستمد منه صورة الحاضر، وينطلق من الرؤية الخارجية ليتعامل من خلالها مع البيئة الداخلية ، فهو إذن تفكير استباقي متعدد الرؤى والزوايا. أبداعي يؤمن بقدرات الإنسان وطاقاته الفعلية على اختراق عالم المجهول، والتنبؤ باحتمالات ما سيقع، ويحث على وجوب توظيف المعرفة المتاحة، للمشاركة في صناعة المستقبل. تنافسي يقر أنصاره بواقعية الصراع بين الأضداد، ويؤمنون بأن الغلبة لأصحاب العقول وذوي البصيرة ممن يسبقون الآخرين في اكتشاف المعرفة الجديدة. وسوف نحاول في ما يلي ان نستجلي أهداف وفوائد التفكير الاستراتيجي. وان نبين أهمية اعتماده والاسترشاد به في بناء وتوطيد مشروع المجتمع الذي نطمح إلى إقامته في حضرموت. حيث إن الأغلبية الساحقة من بلدان العالم الثالث بما في ذلك حضرموت، نظرا لما تعانيه من فقر وأمية وتخلف فكري ومؤسسي ,لا تدمج أي شكل من أشكال التفكير الاستراتيجي ضمن اهتماماتها وأولوياتها. ولذلك فإنها لا تفتقر فقط إلى المؤسسات التي تكون وتوظف المفكرين الاستراتيجيين ,بل إنها تفتقر حتى إلى الوعي بأهمية هذا النوع من التفكير. ومن هنا يغيب التخطيط للمستقبل وتغيب البرمجة والاستشراف والتدبير الاستباقي للأمور. وبالنتيجة تسير سياسات هذه البلدان على غير هدى وبدون خرائط طريق مستلهمة من دراية بالمسارات التي قد تسلكها الأحداث في العالم ومن المعرفة بالملامح التي قد تتسم بها السياقات الدولية. مما يتسبب في انتهاج سياسات عشوائية تتصف بالتلقائية والارتجالية والتخبط والتصادم. وهذا ما نلاحظه في حضرموت من استمرار حالة الرضاء بالتبعيه لكل من صنعاء وعدن ,والتنظير لها من قبل الكثير من النخب السياسيه والفكريه والعامه ,بالرغم من عدم منطقية هذا السلوك وعبثيته لانه لن يحقق لحضرموت اي خير بل يؤخر من نهضة وتطور حضرموت .وعليه فإنه قد بات من الضروري والملح ,أن يدرك الساسة وصناع القرار والمفكرون الحضارم ,الأهمية القصوى التي يكتسبها التفكير الاستراتيجي في العمل على إقامة الدوله المستقله الحضرميه وتحقيق مشروع المجتمع المتطور في حضرموت. ولتحقيق المقاربات العمليه الملائمة للتعاطي ,على نحو ناجع وفعال ,مع كل الإشكاليات التي تعيشها حضرموت حاليا ,يفترض الا تكون هذه الجهود ارتجالية وعفوية ,بل يلزم أن تكون وليدة تفكير استراتيجي محكم وممنهج ,موكول إلى فريق من الخبراء الاستراتيجيين المهنيين ذوي الكفاءات العالية والمصداقية الكاملة ,ويشارك في صياغته كل النخب الفكريه والسياسيه والاعلاميه الحضرميه. ذلك أن التفكير الاستراتيجي قد أضحى اليوم أكثر من أي وقت مضى النبراس ,الذي تسترشد به الأمم الحيه ,لتلمس الطريق الأقوم و الأنجع نحو انتزاع مطالبها وحقوقها من محتليها وعلى راسها حقها في تقرير مصيرها واقامة النظام السياسي الذي ترغب به على ارضها ومن اجل تحقيق الأمن والتقدم والتميز والريادة.وسنتناول في مقالنا القادم باذن الله الرؤيه الاستراتيجيه لحضرموت ونامل من كل النخب الفكريه والسياسيه الاهتمام بهذا الموضوع المفصلي والمساهمه الجاده في اثراء هذه الرؤيه ,التي ستعجل في اصطفاف الحضارم وتوحدهم من اجل انتزاع مطالبهم وحقوقهم التاريخيه ,من محتليهم اليمنيين ,وعدم السماح لوقوعهم مرة اخرى تحت الاحتلال الجنوبي.ومن اجل استعادة استقلالهم السياسي والجغرافي الذي حرموا منه منذ عام 67م وحتى اليوم ,واقامة الدوله الحضرميه المستقله الموحده على كامل التراب الحضرمي.نامل من الله العلي القدير تحقيق ذلك انه على كل شئ قدير. *ناشط سياسي وأجتماعي


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.