إعلامية الإصلاح تدعو للتفاعل مع حملة للمطالبة بإطلاق المناضل قحطان وجعلها أولوية    رئيس الهيئة العليا للإصلاح يعزي الهجري في وفاة والده    مدرب مفاجئ يعود إلى طاولة برشلونة    ريبون حريضة يوقع بالمتصدر ويحقق فوز معنوي في كاس حضرموت    تقرير: نزوح قرابة 7 آلاف شخص منذ مطلع العام الجاري    وكيل قطاع الرياضة يشهد مهرجان عدن الأول للغوص الحر بعدن    اليونسكو تزور مدينة تريم ومؤسسة الرناد تستضيفهم في جولة تاريخية وثقافية مثمرة    مصرع عدد من الحوثيين بنيران مسلحي القبائل خلال حملة أمنية في الجوف    من هو اليمني؟    خسائر في صفوف قوات العمالقة عقب هجوم حوثي مباغت في مارب.. واندلاع اشتباكات شرسة    الكشف عن حجم المبالغ التي نهبها الحوثيين من ارصدة مسئولين وتجار مناهضين للانقلاب    صحيفة إماراتية تكشف عن "مؤامرة خبيثة" لضرب قبائل طوق صنعاء    نهائي دوري ابطال افريقيا .. التعادل يحسم لقاء الذهاب بين الاهلي المصري والترجي التونسي    هاري كاين يحقق الحذاء الذهبي    نافاس .. إشبيلية يرفض تجديد عقدي    دعاء يريح الأعصاب.. ردده يطمئن بالك ويُشرح صدرك    بعضها تزرع في اليمن...الكشف عن 5 أعشاب تنشط الدورة الدموية وتمنع تجلط الدم    فرع الهجرة والجوازات بالحديدة يعلن عن طباعة الدفعة الجديدة من الجوازات    الكشف عن أكثر من 200 مليون دولار يجنيها "الانتقالي الجنوبي" سنويًا من مثلث الجبايات بطرق "غير قانونية"    توقف الصرافات الآلية بصنعاء يُضاعف معاناة المواطنين في ظل ارتفاع الأسعار وشح السلع    صحفي: صفقة من خلف الظهر لتمكين الحوثي في اليمن خطيئة كبرى وما حدث اليوم كارثة!    جريمة لا تُغتفر: أب يزهق روح ابنه في إب بوحشية مستخدما الفأس!    تقرير برلماني يكشف تنصل وزارة المالية بصنعاء عن توفير الاعتمادات المالية لطباعة الكتاب المدرسي    دعوات تحريضية للاصطياد في الماء العكر .. تحذيرات للشرعية من تداعيات تفاقم الأوضاع بعدن !    "لا ميراث تحت حكم الحوثيين": قصة ناشطة تُجسد معاناة اليمنيين تحت سيطرة المليشيا.    لحوثي يجبر أبناء الحديدة على القتال في حرب لا ناقة لهم فيها ولا جمل    وزارة الحج والعمرة السعودية تطلق حملة دولية لتوعية الحجاج    الاستاذة جوهرة حمود تعزي رئيس اللجنة المركزية برحيل شقيقة    حملة رقابية على المطاعم بمدينة مأرب تضبط 156 مخالفة غذائية وصحية    اسعار الفضة تصل الى أعلى مستوياتها منذ 2013    صحة غزة: ارتفاع حصيلة شهداء الحرب إلى 35 ألفا و386 منذ 7 أكتوبر    وفد اليمن يبحث مع الوكالة اليابانية تعزيز الشراكة التنموية والاقتصادية مميز    الإرياني: مليشيا الحوثي استخدمت المواقع الأثرية كمواقع عسكرية ومخازن أسلحة ومعتقلات للسياسيين    الهيئة العامة للطيران المدني والأرصاد تصدر توضيحًا بشأن تحليق طائرة في سماء عدن    الجيش الأمريكي: لا إصابات باستهداف سفينة يونانية بصاروخ حوثي    طائرة مدنية تحلق في اجواء عدن وتثير رعب السكان    توقيع اتفاقية بشأن تفويج الحجاج اليمنيين إلى السعودية عبر مطار صنعاء ومحافظات أخرى    أمريكا تمدد حالة الطوارئ المتعلقة باليمن للعام الثاني عشر بسبب استمرار اضطراب الأوضاع الداخلية مميز    فنانة خليجية ثريّة تدفع 8 ملايين دولار مقابل التقاط صورة مع بطل مسلسل ''المؤسس عثمان''    أثناء حفل زفاف.. حريق يلتهم منزل مواطن في إب وسط غياب أي دور للدفاع المدني    منذ أكثر من 40 يوما.. سائقو النقل الثقيل يواصلون اعتصامهم بالحديدة رفضا لممارسات المليشيات    في عيد ميلاده ال84.. فنانة مصرية تتذكر مشهدها المثير مع ''عادل إمام'' : كلت وشربت وحضنت وبوست!    حصانة القاضي عبد الوهاب قطران بين الانتهاك والتحليل    نادية يحيى تعتصم للمطالبة بحصتها من ورث والدها بعد ان اعيتها المطالبة والمتابعة    اكتشف قوة الذكر: سلاحك السري لتحقيق النجاح والسعادة    مدرب نادي رياضي بتعز يتعرض للاعتداء بعد مباراة    الهلال يُحافظ على سجله خالياً من الهزائم بتعادل مثير أمام النصر!    منظمة الشهيد جارالله عمر بصنعاء تنعي الرفيق المناضل رشاد ابوأصبع    وباء يجتاح اليمن وإصابة 40 ألف شخص ووفاة المئات.. الأمم المتحدة تدق ناقوس الخطر    اليونسكو تطلق دعوة لجمع البيانات بشأن الممتلكات الثقافية اليمنية المنهوبة والمهربة الى الخارج مميز    وصول دفعة الأمل العاشرة من مرضى سرطان الغدة الدرقية الى مصر للعلاج    ياراعيات الغنم ..في زمن الانتر نت و بالخير!.    تسجيل مئات الحالات يومياً بالكوليرا وتوقعات أممية بإصابة ربع مليون يمني    لماذا منعت مسرحيات الكاتب المصري الشرقاوي "الحسين ثائرآ"    افتتاح مسجد السيدة زينب يعيد للقاهرة مكانتها التاريخية    الامم المتحدة: 30 ألف حالة كوليرا في اليمن وتوقعات ان تصل الى ربع مليون بحلول سبتمبر مميز    في افتتاح مسجد السيدة زينب.. السيسي: أهل بيت الرسول وجدوا الأمن والأمان بمصر(صور)    هناك في العرب هشام بن عمرو !    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



حضرموت… والحاجه الى التفكير الاستراتيجي
نشر في نجم المكلا يوم 26 - 11 - 2013

في مقالنا السابق الصادر بيوم 7/نوفمبر/2013م بعنوان (حضرموت تتوحد… والآخرون يتمزقون ) والمنشور في عدة مواقع الكترونيه حضرميه .اشرنا الى ان المتتبع للاحداث التي تدور من حولنا بعين تحليليه ثاقبه ومستقله في منطقة حضرموت والجنوب واليمن منذ بداية عام 2011م وحتى يومنا هذا سيرى ان اليمن يتمزق ويتفتت كل يوم وتظهر وتتفرخ مراكز قوى جديده تتصادم فيما بينها للاستحواذ على السلطه والثروه . وكذلك الحال بالنسبه للجنوب فاننا نراه ايضا يتمزق كل يوم بتاثيرات الصراعات الدمويه التي جرت على ارضه منذ67م وحتى يناير 86م وانتهاءا بحرب 94م. اما حضرموت فقد بدات تتجمع ويتقارب ابناؤها بمختلف انتماءاتهم السياسيه .ولقد لاحظنا في الفتره القريبه الماضيه تزايد النهوض والاصطفاف الحضرمي ,وتشكل العديد من المكونات السياسيه والقبليه والمدنيه الحضرميه المستقله (كمجلس حضرموت الاهلي والعصبه الحضرميه وجبهة مستقبل حضرموت وحلف قبائل حضرموت وتحالف عشائر وقبائل حضرموت وملتقى حضرموت للامن والاستقرار وتجمع كتاب من اجل حضرموت مستقله ولجنة الطوارئ الشعبيه ولجنة القضاه والاعيان والمجلس الاهلي في سيؤن وغيرها )التي تطالب بالحقوق التاريخيه المشروعه لحضرموت وعلى راسها حق شعب حضرموت في تقرير مصيره على ارضه دون تبعيه لصنعاء او لعدن .واليوم نشاهد ايضا ان كثيرا من القيادات السياسيه الحضرميه المرتبطه بقيادات احزابها في صنعاء او عدن قد بدات تجاهر بكل علنيه بحقوق حضرموت ,وكان اخرها توقيع مجموعه من هذه القيادات على وثيقة المطالبه بتشكيل اقليم حضرموت الكبرى (حضرموت وشبوه والمهره وسقطرى ).
اذن فنحن نرى ان حضرموت قد بدات السير في طريق التوحد وقطع خيوط التبعيه لكل من صنعاء وعدن .وهذا مؤشر قوي لامكانية قيام الدوله المستقله الحضرميه .اما اليمن والجنوب فيتجهون نحو التمزق وهذا مؤشر قوي لتفتيتهما وقيام دويلات ومناطق لاتحتكم لاي دوله وانما للقبيله وتتصارع باستمرار فيما بينها البين.
وبالرغم من وجود هذا المؤشر الايجابي المتمثل في بداية التوحد الحضرمي ,الا اننا نرى ان وتيرة هذا التوحد لازالت بطيئه جدا,الامر الذي يترتب عليه فقدان الحضارم لكثير من مصالحهم وحقوقهم المرحليه والاستراتيجيه ,في هذه المرحله الهامه والمفصليه في تاريخ حضرموت والمنطقه,والتي تخضع فيها كل من حضرموت والجنوب واليمن للوصايه الاقليميه والدوليه.بعد تفتت تحالفات عصابات السلطه القبليه والعسكريتاريه في اليمن .وتقلص القبضه الحديديه اليمنيه على حضرموت ,وانتهاء الهيمنه الجنوبيه عن حضرموت منذ عام90م(بالرغم من المحاولات المحمومه الحاليه لاعادة هذه الهيمنه من قبل الحراك الجنوبي).
وان المنطق يقول ,ان تقلص الهيمنه اليمنيه والجنوبيه وتضاؤل ارهاب الدوله عن كاهل الحضارم,يفترض ان يترتب عليه نهوضا وتوحدا حضرميا عارما يؤدي الى انتزاع مطالب وحقوق حضرموت التاريخيه المشروعه في كافةالمجالات وعلى راسها حق تقرير المصير.ولكن للاسف الشديد لانرى على ارض الواقع ان هذا النهوض والتوحد يجري على قدم وساق في حضرموت .بل لازلنا نرى ان سمة التمزق والتبعيه لكل من صنعاء وعدن هي المهيمنه على سلوك ورؤى معظم النخب السياسيه والمدنيه والفكريه والقبليه والماليه,وان لغة التخوين والاقصاء هي الطاغيه فيما بينها.ونحن نرى ان من اهم اسباب وجود مثل هذه الحاله في حضرموت,هو غياب التفكير الاستراتيجي لدى معظم النخب المؤثره في حضرموت,الامر الذي ادى الى تعارض وتصادم تكتيكات وارادات هذه النخب ,وبالتالي اضعاف الاراده والقوه الحضرميه وتعدد ولاءاتها وتبعيتها لكل من صنعاء وعدن.لذلك سنتناول في هذه المقاله الحاجه الماسه لقيام المفكرين والمثقفين والسياسين الحضارم للاهتمام بالتفكير الاستراتيجي وتحديد الاستراتيجيه السياسيه الحضرميه.
تعريف التكتيك والاستراتيجيه والتفكيرالاستراتيجي:
يقول اللغويون ان لفظة استراتيجيه اتت من كلمة (stratēgos) اليونانيه التي تعنى القائد او الآمر العسكري , كماعرفت الاستراتيجيه ايضا بأنها (علم تخطيط العمليات العسكرية وتوجيهها ). اما كلمة تكتيك فهي ايضا باليونانيه (Taktikē ) وتعني فن تنظيم الجيش ، وهي بشكل آخر فن استخدام الاسلحة و الوحدات العسكريه وكل ما هو متواجد لتحقيق الاستراتيجيه بافضل طريقه.
و يتضح ان المصطلحين كانتا مستخدمه في الجانب العسكري فقط ,لكن بمرور الوقت اتسع انتشارها واستخدمت ايضا في مجالات اخرى متعدده وارتبطت بعلوم جديده .
ويلاحظ ان الإستراتيجية تقوم على التخطيط و التفكير المنطقي في حين ان التكتيك يقوم أكثر على الإبداع.
كما تتعامل الاستراتيجية مع بعد زمني ومتغيرات كثيرة تجعل من النادر وجود الثبات. ومن جانب آخر، تتعاطى الاستراتيجية مع واقع معين ومعقد وتسعى إلى تحويله إلى واقع جديد قد لا يكون أقل تعقيدا ولكنه من المؤمل أن يكون أفضل من الواقع الذي يسبقه.
ونقدم بادناه بعض التعريفات المختصره لهذين المصطلحين لتقريبهما الى ذهنيه القارئ:
* الإستراتيجية هي الإلتزام بالخطة في حين أن فحوى التكتيك هو تكييف الخطة حسب الموقف.
* الإستراتيجية هي الخطة الشاملة للوصول الى الهدف النهائي في حين أن التكتيك هو خطة جزئية لتحقيق هدف جزئي.
* الإستراتيجية طويلة و بطيئة و بعيدة المدى في حين أن التكتيك هو ردة فعل و قصير المدى.
* توضع الإستراتيجية لنتائج مستقبلية في حين أن التكتيك لنتائج حالية.
* الإستراتيجية تقوم على التخطيط و التفكير المنطقي في حين ان التكتيك يقوم أكثر على الإبداع.
* الخلاصة... بالتكتيك تربح معركة و بالإستراتيجية تربح الحرب!
* الاستراتيجية : سياسة أو خطة للمدى البعيد، ومن الصعب أن تتعرض للتعديل أو التغيير.
* التكتيك: خطة مرحلية مؤقتة، لبلوغ هدف محدد، وتتنتهي بانتهاء الحاجة إليها وغالبا ما تكون قصيرة المدى.
* ليس ثمة تكتيك ثابت فى واقع متغير، والتكتيك أمر يجب علينا الاستعداد دائماً لتغييره وبالسرعة المناسبة كلما تغيرت الظروف أو الموازين الخاصة بالقوى. اما الاستراتيجية فهى العنصر الاكثرثباتا لمرحله محدده في عملنا.
* وعند التطبيق يذهب البعض لاستخدام اكثر من تكتيك ,للوصول الى الهدف بل قد يضيف تكتيك مغاير اثناء محاولته للوصول ,مما يعطي انطباع بان التكتيك قد يكون متغيرا .اما الاستراتيجيه فلا بد ان تكون اكثر ثباتا وان تكون في الوقت ذاته غير معقده كي يمكن تطبيقها وتحقيقها على ارض الواقع وفق المنطق والمعقول والكائن .
وفي الغالب تنقسم الاستراتيجية الى محورين رئيسيين هما:
أولاً: الاهداف النهائية فى مرحلة تاريخية محددة.
ثانياً: فنون وطرائق الوصول للاهداف و تحقيق النصر(التكتيكات).
وعند نقل هذه المصطلحات من الحقل العسكري إلى الحقل السياسي ليس ثمة خلاف سوى فى كيفية اسقاط هذه المصطلحات، إذ علينا ان نفهم ظروف المعركه السياسية، مؤشر الميل الجماهيري، الزاوية التى يجب أن نهاجم منها، الشعار الواجب رفعه، تناقضات العدو وكيف نستفيد منها وهى كلها أمور متغيرة، ومن ثم يتوجب علينا رصد العوامل المتغيرة فى كل معركة ووضع التكتيك المناسب لها، الذي لا يعني سوى الوسيلة المناسبة لتحقيق أفضل النتائج على ضوء ظروف معينة، فهم الخطر فى ظروف تراجع أو جزر – ولو مؤقت – أو فوضى معركة ,الهزيمة فيها محتمة بسبب اختلال موازين القوى ,وبنفس الدرجة من أخطاء عدم الهجوم إذا كانت قوانا مستعدة جيداً والخصم فى حالة ارتباك وضعف، كذلك من الأخطاء ,المقاطعة فى ظروف مشاركة جماهيرية أو المشاركة بينما تلوذ الجماهير بالمتاريس وتفرض بدائلها.
بل توسع اهتمام المنظرين الاستراتيجيين ليشمل إضافة إلى ماسبق, مجالات متعددة أخرى لها مساس بمتطلبات واشتراطات تقرير مصير الشعوب الواقعه تحت الاحتلال وبناء انظمتها المستقله والنمو الاقتصادي والتطور الاجتماعي والتقدم العلمي والتفوق التكنولوجي وصيانة الأمن القومي وتحقيق الريادة وتوطيد النفوذ من خلال بسط السيطرة الاقتصادية والسياسية والثقافية على الساحة الدولية.
اما بالنسبه لتعريف التفكير الاستراتيجي :فهو ضرب من المقاربات الاستقصائية يرتكز على أسس وقواعد وأصول البحث العلمي في توظيف المنهجية البحثية المناسبة القائمة على دقة التوقعات ووجاهة التنبؤات لاستحضار المستقبل وتمثل أحداثه المحتملة وذلك انطلاقا من الإرهاصات والمؤشرات والتأمل والتحليل الكمي والنوعي والاستنتاج القياسي وتصور النماذج وتمثل التداعيات البعيدة استنادا إلى منهجية علمية , ومن ثم فإن التفكير الاستراتيجي هو تفكير إبداعي تطويري ينطلق من الحاضر ليرسم صورة المستقبل التي يعتمد عليها ليحور بنية الحاضر, وينطلق من الرؤية الخارجية ليتعامل من خلالها مع البنية الداخلية ,ويتبنى النظر من الأعلى لفهم ما هو أسفل ,ويلجأ للتحليل التشخيصي لفهم حقيقة الأشياء بواقعية وتبصر.
فهو بكلمة واحدة تفكير تحليلي تشخيصي وتخطيطي يستقرئ الماضي ويستكنه الحاضر ويستشرف المستقبل.
ولابد أن يكون التفكير الاستراتيجي غير نمطي ومتقبل للجديد والمختلف ولا يتناسى أهمية الواقع و ما هو ممكن ومحتمل التنفيذ.
وفي التحليل النهائي يمكن القول بأن التفكير الاستراتيجي هو سعي إلى التخلص من قصور ودكتاتورية اللحظة ومجهود من اجل اختراق حجب الغيب ومد سلطان العقل إلى المجهول ووضع خرائط للمحتمل, تحسبا للطوارئ وتفاديا للمفاجآت وسعيا إلى التحكم في الأحداث وإخضاعها للسيطرة وتكييف الحاضر انطلاقا من رؤية المستقبل ,وتسخير كل ذلك لخدمة المصالح العليا لأي شعب .
وهو نمط من التفكير المتعدد الأبعاد ,الذي ينطلق من استقراء الماضي واستكناه الحاضر واستشراف المستقبل واستباق الأحداث والعمل على تشكيل ملامح العالم الافتراضي المحتمل لمواءمتها مع طموحات وأهداف معينة.
إذا فالتفكير الاستراتيجي هو تفكير متعدد الرؤى والزوايا يأخذ في الاعتبار الماضي والحاضر والمستقبل ويوظف الأساليب الكمية ولغة الأرقام وقوانين السببية والاضطراد في فهم المتغيرات المستقلة واستيعاب علاقات الأشياء مع بعضها.
وهوليس ترفا فكريا ولا نشاطا يمثل نوعا من التنجيم أو ضربا من العرافة بل هو أحد العلوم الإنسانية المتطورة تتوسله الأمم المتقدمة بشكل ممنهج لاستشراف المقبل من الأحداث وتخيل المناحي التي يحتمل أن تنحوها الأمور على الصعد السياسيه والاقتصادية والاجتماعية والثقافية وتلمس ملامح الملابسات التي قد تسود العالم وذلك من اجل الاستعداد لها والتكيف معها وتأمين أقصى ا لإ ستفادة منها.
ويعتبر منهاجا ناجعا لرسم خرائط دقيقة للعالم المقبل في المدى المتوسط والبعيد وتعتمده الأمم المتنفذة الآن لتهيئة الظروف والشروط الكفيلة بتقوية وتأبيد سيطرتها على العالم وهيمنتها على مقدراته ومصائر شعوبه بل وبسط نفوذها وإحكام قبضتها على الكواكب المجاورة له والانفراد بامتلاكها واحتكار مواردها المحتملة.
ويرتبط التفكير الاستراتيجي ايضا بضرورة تقييم واقع الحال، ومعرفة ما يجب أن يكون هذا الواقع في المستقبل، وكذلك ضرورة التطور للأفضل. لذا فالتفكير الاستراتيجي ضرورة يجب أن تنتهج لارتباطه بهذه الأمور الجوهرية، وليس ترفاً فكرياً.
وإنّ ما يميّز التفكير الاستراتيجي عن غيره من أشكال التفكير الأخرى هوأنه تفكير:
* كُليّ مُنَظّم باعتماده الرؤية الشمولية للواقع وعلاقته بالعالم المحيط داخليا وخارجيا.
* متطور وغير تقليدي كونه يعتمد الإبداع والابتكار في البحث عن أفكار جديدة، أو يكتشف تطبيقات مستحدثة لمعرفة سابقة.
* تحليلي وتفاعلي يعتمد الإدارك والاستبصار والحدس لاستحضار الصور البعيدة ورسم ملامح المستقبل قبل وقوعه.
* تنبؤي علمي فهو يبدأ من المستقبل، ويستمد منه صورة الحاضر، وينطلق من الرؤية الخارجية ليتعامل من خلالها مع البيئة الداخلية ، فهو إذن تفكير استباقي متعدد الرؤى والزوايا.
* أبداعي يؤمن بقدرات الإنسان وطاقاته الفعلية على اختراق عالم المجهول، والتنبؤ باحتمالات ما سيقع، ويحث على وجوب توظيف المعرفة المتاحة، للمشاركة في صناعة المستقبل.
* تنافسي يقر أنصاره بواقعية الصراع بين الأضداد، ويؤمنون بأن الغلبة لأصحاب العقول وذوي البصيرة ممن يسبقون الآخرين في اكتشاف المعرفة الجديدة.
وسوف نحاول في ما يلي ان نستجلي أهداف وفوائد التفكير الاستراتيجي. وان نبين أهمية اعتماده والاسترشاد به في بناء وتوطيد مشروع المجتمع الذي نطمح إلى إقامته في حضرموت.
حيث إن الأغلبية الساحقة من بلدان العالم الثالث بما في ذلك حضرموت، نظرا لما تعانيه من فقر وأمية وتخلف فكري ومؤسسي ,لا تدمج أي شكل من أشكال التفكير الاستراتيجي ضمن اهتماماتها وأولوياتها. ولذلك فإنها لا تفتقر فقط إلى المؤسسات التي تكون وتوظف المفكرين الاستراتيجيين ,بل إنها تفتقر حتى إلى الوعي بأهمية هذا النوع من التفكير. ومن هنا يغيب التخطيط للمستقبل وتغيب البرمجة والاستشراف والتدبير الاستباقي للأمور. وبالنتيجة تسير سياسات هذه البلدان على غير هدى وبدون خرائط طريق مستلهمة من دراية بالمسارات التي قد تسلكها الأحداث في العالم ومن المعرفة بالملامح التي قد تتسم بها السياقات الدولية.
مما يتسبب في انتهاج سياسات عشوائية تتصف بالتلقائية والارتجالية والتخبط والتصادم. وهذا ما نلاحظه في حضرموت من استمرار حالة الرضاء بالتبعيه لكل من صنعاء وعدن ,والتنظير لها من قبل الكثير من النخب السياسيه والفكريه والعامه ,بالرغم من عدم منطقية هذا السلوك وعبثيته لانه لن يحقق لحضرموت اي خير بل يؤخر من نهضة وتطور حضرموت .وعليه فإنه قد بات من الضروري والملح ,أن يدرك الساسة وصناع القرار والمفكرون الحضارم ,الأهمية القصوى التي يكتسبها التفكير الاستراتيجي في العمل على إقامة الدوله المستقله الحضرميه وتحقيق مشروع المجتمع المتطور في حضرموت.
ولتحقيق المقاربات العمليه الملائمة للتعاطي ,على نحو ناجع وفعال ,مع كل الإشكاليات التي تعيشها حضرموت حاليا ,يفترض الا تكون هذه الجهود ارتجالية وعفوية ,بل يلزم أن تكون وليدة تفكير استراتيجي محكم وممنهج ,موكول إلى فريق من الخبراء الاستراتيجيين المهنيين ذوي الكفاءات العالية والمصداقية الكاملة ,ويشارك في صياغته كل النخب الفكريه والسياسيه والاعلاميه الحضرميه. ذلك أن التفكير الاستراتيجي قد أضحى اليوم أكثر من أي وقت مضى النبراس ,الذي تسترشد به الأمم الحيه ,لتلمس الطريق الأقوم و الأنجع نحو انتزاع مطالبها وحقوقها من محتليها وعلى راسها حقها في تقرير مصيرها واقامة النظام السياسي الذي ترغب به على ارضها ومن اجل تحقيق الأمن والتقدم والتميز والريادة.وسنتناول في مقالنا القادم باذن الله الرؤيه الاستراتيجيه لحضرموت ونامل من كل النخب الفكريه والسياسيه الاهتمام بهذا الموضوع المفصلي والمساهمه الجاده في اثراء هذه الرؤيه ,التي ستعجل في اصطفاف الحضارم وتوحدهم من اجل انتزاع مطالبهم وحقوقهم التاريخيه ,من محتليهم اليمنيين ,وعدم السماح لوقوعهم مرة اخرى تحت الاحتلال الجنوبي.ومن اجل استعادة استقلالهم السياسي والجغرافي الذي حرموا منه منذ عام 67م وحتى اليوم ,واقامة الدوله الحضرميه المستقله الموحده على كامل التراب الحضرمي.نامل من الله العلي القدير تحقيق ذلك انه على كل شئ قدير.
*ناشط سياسي وأجتماعي
عضو تجمع كتاب من اجل حضرموت مستقله
[email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.