البرازيل تنضم لدعوى جنوب أفريقيا ضد إسرائيل أمام العدل الدولية    ضربة أمريكية لسفينة فنزويلية يتهمها ترامب بتهريب المخدرات    ريمونتادا +90 تُنقذ أهلي جدة أمام الهلال في الدوري السعودي    قلت ما يجب أن يقال    الرشيد يطيح بأهلي تعز ويبلغ نهائي بطولة بيسان    الرشيد يصل نهائي بيسان ، بعد الفوز على الاهلي بهدف نظيف، وسط زخم جماهيري وحضور شعبي الاول من نوعة منذ انطلاق البطولة    حزب الله يدعو السعودية لفتح صفحة جديدة ويؤكد التزامه باجراء انتخابات آيار 2026    الفريق السامعي يدين اغتيال مدير صندوق النظافة بتعز افتهان المشهري    مسيرات حاشدة بمأرب نصرة لغزة وتنديدا باستمرار جرائم الإبادة    شرطة تعز تعلن القبض على متهم بقتل مدير صندوق النظافة والتحسين    إصلاح المتون والزاهر والمطمة بالجوف يحتفل بالذكرى ال35 للتأسيس    تعز.. اعتصام واحتجاجات نسائية للمطالبة بضبط قتلة المشهري وتقديمهم للعدالة    الرئيس المشاط يعزي في وفاة الشيخ عبد الله أحمد القاضي    بن حبريش: نصف أمّي يحصل على بكلاريوس شريعة وقانون    المركز الثقافي بالقاهرة يشهد توقيع " التعايش الإنساني ..الواقع والمأمون"    الرشيد يتأهل إلى نهائي بطولة "بيسان الكروية 2025"    العليمي أصدر مئات القرارات في الظلام.. حان الوقت لفتح الملفات    متفوقاً على ميسي.. هالاند يكتب التاريخ في دوري الأبطال    نتنياهو يطرد أردوغان من سوريا    أين ذهبت السيولة إذا لم تصل الى الشعب    مانشستر سيتي يتفوق على نابولي وبرشلونة يقتنص الفوز من نيوكاسل    الربيزي يُعزي في وفاة المناضل أديب العيسي    محافظة الجوف: نهضة زراعية غير مسبوقة بفضل ثورة ال 21 من سبتمبر    الأرصاد يخفض الإنذار إلى تحذير وخبير في الطقس يؤكد تلاشي المنخفض الجوي.. التوقعات تشير إلى استمرار الهطول    الكوليرا تفتك ب2500 شخصًا في السودان    جائزة الكرة الذهبية.. موعد الحفل والمرشحون    البوندسليجا حصرياً على أثير عدنية FM بالشراكة مع دويتشه فيله    لماذا تراجع "اليدومي" عن اعترافه بعلاقة حزبه بالإخوان المسلمين    جنوبيا.. بيان الرئاسي مخيب للآمال    صندوق النظافة بتعز يعلن الاضراب الشامل حتى ضبط قتلة المشهري    الصمت شراكة في إثم الدم    الفرار من الحرية الى الحرية    ثورة 26 سبتمبر: ملاذٌ للهوية وهُويةٌ للملاذ..!!    مسيّرة تصيب فندقا في فلسطين المحتلة والجيش الاسرائيلي يعلن اعتراض صاروخ ومسيّرة ثانية    الهيئة العامة للآثار تنشر القائمة (28) بالآثار اليمنية المنهوبة    إشهار جائزة التميز التجاري والصناعي بصنعاء    البنك المركزي يوجه بتجميد حسابات منظمات المجتمع المدني وإيقاف فتح حسابات جديدة    الوفد الحكومي برئاسة لملس يطلع على تجربة المدرسة الحزبية لبلدية شنغهاي الصينية    نائب وزير الإعلام يطّلع على أنشطة مكتبي السياحة والثقافة بالعاصمة عدن    بتمويل إماراتي.. افتتاح مدرسة الحنك للبنات بمديرية نصاب    تعز.. احتجاجات لعمال النظافة للمطالبة بسرعة ضبط قاتل مديرة الصندوق    موت يا حمار    أمين عام الإصلاح يعزي الشيخ العيسي بوفاة نجل شقيقه ويشيد بدور الراحل في المقاومة    رئيس هيئة النقل البري يعزي الزميل محمد أديب العيسي بوفاة والده    حكومة صنعاء تعمم بشأن حالات التعاقد في الوظائف الدائمة    الامم المتحدة: تضرر آلاف اليمنيين جراء الفيضانات منذ أغسطس الماضي    استنفاد الخطاب وتكرار المطالب    التضخم في بريطانيا يسجل 3.8% في أغسطس الماضي    لملس يزور ميناء يانغشان في شنغهاي.. أول ميناء رقمي في العالم    وادي الملوك وصخرة السلاطين نواتي يافع    العرب أمة بلا روح العروبة: صناعة الحاكم الغريب    خواطر سرية..( الحبر الأحمر )    اكتشاف نقطة ضعف جديدة في الخلايا السرطانية    100 دجاجة لن تأكل بسه: قمة الدوحة بين الأمل بالنجاة أو فريسة لإسرائيل    في محراب النفس المترعة..    بدء أعمال المؤتمر الدولي الثالث للرسول الأعظم في صنعاء    العليمي وشرعية الأعمى في بيت من لحم    6 نصائح للنوم سريعاً ومقاومة الأرق    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



حضرموت… والحاجه الى التفكير الاستراتيجي
نشر في نجم المكلا يوم 26 - 11 - 2013

في مقالنا السابق الصادر بيوم 7/نوفمبر/2013م بعنوان (حضرموت تتوحد… والآخرون يتمزقون ) والمنشور في عدة مواقع الكترونيه حضرميه .اشرنا الى ان المتتبع للاحداث التي تدور من حولنا بعين تحليليه ثاقبه ومستقله في منطقة حضرموت والجنوب واليمن منذ بداية عام 2011م وحتى يومنا هذا سيرى ان اليمن يتمزق ويتفتت كل يوم وتظهر وتتفرخ مراكز قوى جديده تتصادم فيما بينها للاستحواذ على السلطه والثروه . وكذلك الحال بالنسبه للجنوب فاننا نراه ايضا يتمزق كل يوم بتاثيرات الصراعات الدمويه التي جرت على ارضه منذ67م وحتى يناير 86م وانتهاءا بحرب 94م. اما حضرموت فقد بدات تتجمع ويتقارب ابناؤها بمختلف انتماءاتهم السياسيه .ولقد لاحظنا في الفتره القريبه الماضيه تزايد النهوض والاصطفاف الحضرمي ,وتشكل العديد من المكونات السياسيه والقبليه والمدنيه الحضرميه المستقله (كمجلس حضرموت الاهلي والعصبه الحضرميه وجبهة مستقبل حضرموت وحلف قبائل حضرموت وتحالف عشائر وقبائل حضرموت وملتقى حضرموت للامن والاستقرار وتجمع كتاب من اجل حضرموت مستقله ولجنة الطوارئ الشعبيه ولجنة القضاه والاعيان والمجلس الاهلي في سيؤن وغيرها )التي تطالب بالحقوق التاريخيه المشروعه لحضرموت وعلى راسها حق شعب حضرموت في تقرير مصيره على ارضه دون تبعيه لصنعاء او لعدن .واليوم نشاهد ايضا ان كثيرا من القيادات السياسيه الحضرميه المرتبطه بقيادات احزابها في صنعاء او عدن قد بدات تجاهر بكل علنيه بحقوق حضرموت ,وكان اخرها توقيع مجموعه من هذه القيادات على وثيقة المطالبه بتشكيل اقليم حضرموت الكبرى (حضرموت وشبوه والمهره وسقطرى ).
اذن فنحن نرى ان حضرموت قد بدات السير في طريق التوحد وقطع خيوط التبعيه لكل من صنعاء وعدن .وهذا مؤشر قوي لامكانية قيام الدوله المستقله الحضرميه .اما اليمن والجنوب فيتجهون نحو التمزق وهذا مؤشر قوي لتفتيتهما وقيام دويلات ومناطق لاتحتكم لاي دوله وانما للقبيله وتتصارع باستمرار فيما بينها البين.
وبالرغم من وجود هذا المؤشر الايجابي المتمثل في بداية التوحد الحضرمي ,الا اننا نرى ان وتيرة هذا التوحد لازالت بطيئه جدا,الامر الذي يترتب عليه فقدان الحضارم لكثير من مصالحهم وحقوقهم المرحليه والاستراتيجيه ,في هذه المرحله الهامه والمفصليه في تاريخ حضرموت والمنطقه,والتي تخضع فيها كل من حضرموت والجنوب واليمن للوصايه الاقليميه والدوليه.بعد تفتت تحالفات عصابات السلطه القبليه والعسكريتاريه في اليمن .وتقلص القبضه الحديديه اليمنيه على حضرموت ,وانتهاء الهيمنه الجنوبيه عن حضرموت منذ عام90م(بالرغم من المحاولات المحمومه الحاليه لاعادة هذه الهيمنه من قبل الحراك الجنوبي).
وان المنطق يقول ,ان تقلص الهيمنه اليمنيه والجنوبيه وتضاؤل ارهاب الدوله عن كاهل الحضارم,يفترض ان يترتب عليه نهوضا وتوحدا حضرميا عارما يؤدي الى انتزاع مطالب وحقوق حضرموت التاريخيه المشروعه في كافةالمجالات وعلى راسها حق تقرير المصير.ولكن للاسف الشديد لانرى على ارض الواقع ان هذا النهوض والتوحد يجري على قدم وساق في حضرموت .بل لازلنا نرى ان سمة التمزق والتبعيه لكل من صنعاء وعدن هي المهيمنه على سلوك ورؤى معظم النخب السياسيه والمدنيه والفكريه والقبليه والماليه,وان لغة التخوين والاقصاء هي الطاغيه فيما بينها.ونحن نرى ان من اهم اسباب وجود مثل هذه الحاله في حضرموت,هو غياب التفكير الاستراتيجي لدى معظم النخب المؤثره في حضرموت,الامر الذي ادى الى تعارض وتصادم تكتيكات وارادات هذه النخب ,وبالتالي اضعاف الاراده والقوه الحضرميه وتعدد ولاءاتها وتبعيتها لكل من صنعاء وعدن.لذلك سنتناول في هذه المقاله الحاجه الماسه لقيام المفكرين والمثقفين والسياسين الحضارم للاهتمام بالتفكير الاستراتيجي وتحديد الاستراتيجيه السياسيه الحضرميه.
تعريف التكتيك والاستراتيجيه والتفكيرالاستراتيجي:
يقول اللغويون ان لفظة استراتيجيه اتت من كلمة (stratēgos) اليونانيه التي تعنى القائد او الآمر العسكري , كماعرفت الاستراتيجيه ايضا بأنها (علم تخطيط العمليات العسكرية وتوجيهها ). اما كلمة تكتيك فهي ايضا باليونانيه (Taktikē ) وتعني فن تنظيم الجيش ، وهي بشكل آخر فن استخدام الاسلحة و الوحدات العسكريه وكل ما هو متواجد لتحقيق الاستراتيجيه بافضل طريقه.
و يتضح ان المصطلحين كانتا مستخدمه في الجانب العسكري فقط ,لكن بمرور الوقت اتسع انتشارها واستخدمت ايضا في مجالات اخرى متعدده وارتبطت بعلوم جديده .
ويلاحظ ان الإستراتيجية تقوم على التخطيط و التفكير المنطقي في حين ان التكتيك يقوم أكثر على الإبداع.
كما تتعامل الاستراتيجية مع بعد زمني ومتغيرات كثيرة تجعل من النادر وجود الثبات. ومن جانب آخر، تتعاطى الاستراتيجية مع واقع معين ومعقد وتسعى إلى تحويله إلى واقع جديد قد لا يكون أقل تعقيدا ولكنه من المؤمل أن يكون أفضل من الواقع الذي يسبقه.
ونقدم بادناه بعض التعريفات المختصره لهذين المصطلحين لتقريبهما الى ذهنيه القارئ:
* الإستراتيجية هي الإلتزام بالخطة في حين أن فحوى التكتيك هو تكييف الخطة حسب الموقف.
* الإستراتيجية هي الخطة الشاملة للوصول الى الهدف النهائي في حين أن التكتيك هو خطة جزئية لتحقيق هدف جزئي.
* الإستراتيجية طويلة و بطيئة و بعيدة المدى في حين أن التكتيك هو ردة فعل و قصير المدى.
* توضع الإستراتيجية لنتائج مستقبلية في حين أن التكتيك لنتائج حالية.
* الإستراتيجية تقوم على التخطيط و التفكير المنطقي في حين ان التكتيك يقوم أكثر على الإبداع.
* الخلاصة... بالتكتيك تربح معركة و بالإستراتيجية تربح الحرب!
* الاستراتيجية : سياسة أو خطة للمدى البعيد، ومن الصعب أن تتعرض للتعديل أو التغيير.
* التكتيك: خطة مرحلية مؤقتة، لبلوغ هدف محدد، وتتنتهي بانتهاء الحاجة إليها وغالبا ما تكون قصيرة المدى.
* ليس ثمة تكتيك ثابت فى واقع متغير، والتكتيك أمر يجب علينا الاستعداد دائماً لتغييره وبالسرعة المناسبة كلما تغيرت الظروف أو الموازين الخاصة بالقوى. اما الاستراتيجية فهى العنصر الاكثرثباتا لمرحله محدده في عملنا.
* وعند التطبيق يذهب البعض لاستخدام اكثر من تكتيك ,للوصول الى الهدف بل قد يضيف تكتيك مغاير اثناء محاولته للوصول ,مما يعطي انطباع بان التكتيك قد يكون متغيرا .اما الاستراتيجيه فلا بد ان تكون اكثر ثباتا وان تكون في الوقت ذاته غير معقده كي يمكن تطبيقها وتحقيقها على ارض الواقع وفق المنطق والمعقول والكائن .
وفي الغالب تنقسم الاستراتيجية الى محورين رئيسيين هما:
أولاً: الاهداف النهائية فى مرحلة تاريخية محددة.
ثانياً: فنون وطرائق الوصول للاهداف و تحقيق النصر(التكتيكات).
وعند نقل هذه المصطلحات من الحقل العسكري إلى الحقل السياسي ليس ثمة خلاف سوى فى كيفية اسقاط هذه المصطلحات، إذ علينا ان نفهم ظروف المعركه السياسية، مؤشر الميل الجماهيري، الزاوية التى يجب أن نهاجم منها، الشعار الواجب رفعه، تناقضات العدو وكيف نستفيد منها وهى كلها أمور متغيرة، ومن ثم يتوجب علينا رصد العوامل المتغيرة فى كل معركة ووضع التكتيك المناسب لها، الذي لا يعني سوى الوسيلة المناسبة لتحقيق أفضل النتائج على ضوء ظروف معينة، فهم الخطر فى ظروف تراجع أو جزر – ولو مؤقت – أو فوضى معركة ,الهزيمة فيها محتمة بسبب اختلال موازين القوى ,وبنفس الدرجة من أخطاء عدم الهجوم إذا كانت قوانا مستعدة جيداً والخصم فى حالة ارتباك وضعف، كذلك من الأخطاء ,المقاطعة فى ظروف مشاركة جماهيرية أو المشاركة بينما تلوذ الجماهير بالمتاريس وتفرض بدائلها.
بل توسع اهتمام المنظرين الاستراتيجيين ليشمل إضافة إلى ماسبق, مجالات متعددة أخرى لها مساس بمتطلبات واشتراطات تقرير مصير الشعوب الواقعه تحت الاحتلال وبناء انظمتها المستقله والنمو الاقتصادي والتطور الاجتماعي والتقدم العلمي والتفوق التكنولوجي وصيانة الأمن القومي وتحقيق الريادة وتوطيد النفوذ من خلال بسط السيطرة الاقتصادية والسياسية والثقافية على الساحة الدولية.
اما بالنسبه لتعريف التفكير الاستراتيجي :فهو ضرب من المقاربات الاستقصائية يرتكز على أسس وقواعد وأصول البحث العلمي في توظيف المنهجية البحثية المناسبة القائمة على دقة التوقعات ووجاهة التنبؤات لاستحضار المستقبل وتمثل أحداثه المحتملة وذلك انطلاقا من الإرهاصات والمؤشرات والتأمل والتحليل الكمي والنوعي والاستنتاج القياسي وتصور النماذج وتمثل التداعيات البعيدة استنادا إلى منهجية علمية , ومن ثم فإن التفكير الاستراتيجي هو تفكير إبداعي تطويري ينطلق من الحاضر ليرسم صورة المستقبل التي يعتمد عليها ليحور بنية الحاضر, وينطلق من الرؤية الخارجية ليتعامل من خلالها مع البنية الداخلية ,ويتبنى النظر من الأعلى لفهم ما هو أسفل ,ويلجأ للتحليل التشخيصي لفهم حقيقة الأشياء بواقعية وتبصر.
فهو بكلمة واحدة تفكير تحليلي تشخيصي وتخطيطي يستقرئ الماضي ويستكنه الحاضر ويستشرف المستقبل.
ولابد أن يكون التفكير الاستراتيجي غير نمطي ومتقبل للجديد والمختلف ولا يتناسى أهمية الواقع و ما هو ممكن ومحتمل التنفيذ.
وفي التحليل النهائي يمكن القول بأن التفكير الاستراتيجي هو سعي إلى التخلص من قصور ودكتاتورية اللحظة ومجهود من اجل اختراق حجب الغيب ومد سلطان العقل إلى المجهول ووضع خرائط للمحتمل, تحسبا للطوارئ وتفاديا للمفاجآت وسعيا إلى التحكم في الأحداث وإخضاعها للسيطرة وتكييف الحاضر انطلاقا من رؤية المستقبل ,وتسخير كل ذلك لخدمة المصالح العليا لأي شعب .
وهو نمط من التفكير المتعدد الأبعاد ,الذي ينطلق من استقراء الماضي واستكناه الحاضر واستشراف المستقبل واستباق الأحداث والعمل على تشكيل ملامح العالم الافتراضي المحتمل لمواءمتها مع طموحات وأهداف معينة.
إذا فالتفكير الاستراتيجي هو تفكير متعدد الرؤى والزوايا يأخذ في الاعتبار الماضي والحاضر والمستقبل ويوظف الأساليب الكمية ولغة الأرقام وقوانين السببية والاضطراد في فهم المتغيرات المستقلة واستيعاب علاقات الأشياء مع بعضها.
وهوليس ترفا فكريا ولا نشاطا يمثل نوعا من التنجيم أو ضربا من العرافة بل هو أحد العلوم الإنسانية المتطورة تتوسله الأمم المتقدمة بشكل ممنهج لاستشراف المقبل من الأحداث وتخيل المناحي التي يحتمل أن تنحوها الأمور على الصعد السياسيه والاقتصادية والاجتماعية والثقافية وتلمس ملامح الملابسات التي قد تسود العالم وذلك من اجل الاستعداد لها والتكيف معها وتأمين أقصى ا لإ ستفادة منها.
ويعتبر منهاجا ناجعا لرسم خرائط دقيقة للعالم المقبل في المدى المتوسط والبعيد وتعتمده الأمم المتنفذة الآن لتهيئة الظروف والشروط الكفيلة بتقوية وتأبيد سيطرتها على العالم وهيمنتها على مقدراته ومصائر شعوبه بل وبسط نفوذها وإحكام قبضتها على الكواكب المجاورة له والانفراد بامتلاكها واحتكار مواردها المحتملة.
ويرتبط التفكير الاستراتيجي ايضا بضرورة تقييم واقع الحال، ومعرفة ما يجب أن يكون هذا الواقع في المستقبل، وكذلك ضرورة التطور للأفضل. لذا فالتفكير الاستراتيجي ضرورة يجب أن تنتهج لارتباطه بهذه الأمور الجوهرية، وليس ترفاً فكرياً.
وإنّ ما يميّز التفكير الاستراتيجي عن غيره من أشكال التفكير الأخرى هوأنه تفكير:
* كُليّ مُنَظّم باعتماده الرؤية الشمولية للواقع وعلاقته بالعالم المحيط داخليا وخارجيا.
* متطور وغير تقليدي كونه يعتمد الإبداع والابتكار في البحث عن أفكار جديدة، أو يكتشف تطبيقات مستحدثة لمعرفة سابقة.
* تحليلي وتفاعلي يعتمد الإدارك والاستبصار والحدس لاستحضار الصور البعيدة ورسم ملامح المستقبل قبل وقوعه.
* تنبؤي علمي فهو يبدأ من المستقبل، ويستمد منه صورة الحاضر، وينطلق من الرؤية الخارجية ليتعامل من خلالها مع البيئة الداخلية ، فهو إذن تفكير استباقي متعدد الرؤى والزوايا.
* أبداعي يؤمن بقدرات الإنسان وطاقاته الفعلية على اختراق عالم المجهول، والتنبؤ باحتمالات ما سيقع، ويحث على وجوب توظيف المعرفة المتاحة، للمشاركة في صناعة المستقبل.
* تنافسي يقر أنصاره بواقعية الصراع بين الأضداد، ويؤمنون بأن الغلبة لأصحاب العقول وذوي البصيرة ممن يسبقون الآخرين في اكتشاف المعرفة الجديدة.
وسوف نحاول في ما يلي ان نستجلي أهداف وفوائد التفكير الاستراتيجي. وان نبين أهمية اعتماده والاسترشاد به في بناء وتوطيد مشروع المجتمع الذي نطمح إلى إقامته في حضرموت.
حيث إن الأغلبية الساحقة من بلدان العالم الثالث بما في ذلك حضرموت، نظرا لما تعانيه من فقر وأمية وتخلف فكري ومؤسسي ,لا تدمج أي شكل من أشكال التفكير الاستراتيجي ضمن اهتماماتها وأولوياتها. ولذلك فإنها لا تفتقر فقط إلى المؤسسات التي تكون وتوظف المفكرين الاستراتيجيين ,بل إنها تفتقر حتى إلى الوعي بأهمية هذا النوع من التفكير. ومن هنا يغيب التخطيط للمستقبل وتغيب البرمجة والاستشراف والتدبير الاستباقي للأمور. وبالنتيجة تسير سياسات هذه البلدان على غير هدى وبدون خرائط طريق مستلهمة من دراية بالمسارات التي قد تسلكها الأحداث في العالم ومن المعرفة بالملامح التي قد تتسم بها السياقات الدولية.
مما يتسبب في انتهاج سياسات عشوائية تتصف بالتلقائية والارتجالية والتخبط والتصادم. وهذا ما نلاحظه في حضرموت من استمرار حالة الرضاء بالتبعيه لكل من صنعاء وعدن ,والتنظير لها من قبل الكثير من النخب السياسيه والفكريه والعامه ,بالرغم من عدم منطقية هذا السلوك وعبثيته لانه لن يحقق لحضرموت اي خير بل يؤخر من نهضة وتطور حضرموت .وعليه فإنه قد بات من الضروري والملح ,أن يدرك الساسة وصناع القرار والمفكرون الحضارم ,الأهمية القصوى التي يكتسبها التفكير الاستراتيجي في العمل على إقامة الدوله المستقله الحضرميه وتحقيق مشروع المجتمع المتطور في حضرموت.
ولتحقيق المقاربات العمليه الملائمة للتعاطي ,على نحو ناجع وفعال ,مع كل الإشكاليات التي تعيشها حضرموت حاليا ,يفترض الا تكون هذه الجهود ارتجالية وعفوية ,بل يلزم أن تكون وليدة تفكير استراتيجي محكم وممنهج ,موكول إلى فريق من الخبراء الاستراتيجيين المهنيين ذوي الكفاءات العالية والمصداقية الكاملة ,ويشارك في صياغته كل النخب الفكريه والسياسيه والاعلاميه الحضرميه. ذلك أن التفكير الاستراتيجي قد أضحى اليوم أكثر من أي وقت مضى النبراس ,الذي تسترشد به الأمم الحيه ,لتلمس الطريق الأقوم و الأنجع نحو انتزاع مطالبها وحقوقها من محتليها وعلى راسها حقها في تقرير مصيرها واقامة النظام السياسي الذي ترغب به على ارضها ومن اجل تحقيق الأمن والتقدم والتميز والريادة.وسنتناول في مقالنا القادم باذن الله الرؤيه الاستراتيجيه لحضرموت ونامل من كل النخب الفكريه والسياسيه الاهتمام بهذا الموضوع المفصلي والمساهمه الجاده في اثراء هذه الرؤيه ,التي ستعجل في اصطفاف الحضارم وتوحدهم من اجل انتزاع مطالبهم وحقوقهم التاريخيه ,من محتليهم اليمنيين ,وعدم السماح لوقوعهم مرة اخرى تحت الاحتلال الجنوبي.ومن اجل استعادة استقلالهم السياسي والجغرافي الذي حرموا منه منذ عام 67م وحتى اليوم ,واقامة الدوله الحضرميه المستقله الموحده على كامل التراب الحضرمي.نامل من الله العلي القدير تحقيق ذلك انه على كل شئ قدير.
*ناشط سياسي وأجتماعي
عضو تجمع كتاب من اجل حضرموت مستقله
[email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.