صوره تذكاريه لامي التي قضت نحبها قبل عامين على اثر مرض لم يستطع احد ان يوقف زحفه على كبدها بينما هي تبتسم للقدر (هي كل ما تبقي لي الآن).. أشاهد في تلك الصوره وطني الحبيب الذي تركته ليستقر بي المقام هنا في المملكه المتحدة والتي لا اعرف عنها الكثير- حتى الآن على الأقل- سوى أنها احتلت جنوب الوطن لاكثر من 136عاما بعد أن تمكن الكابتن هينز من دخول عدن وسط مقاومة شعبية لا مثيل لها. يقول"كين"- 50عاما- والذي كان يعمل ككبير للطباخين: انه كثيراً ما كان يسمع الجنود وهم يتحدثون عن المقاومه الشعبيه خصوصا مقاومة ردفان حتى انه وللحظة مازال يتذكر اسم ردفان وينطقه بشكل صحيح.. "كين" عاد من عدن عام 66 بعد انتهاء فترة خدمته هناك وبعدها بعامين فقط لحقه بقية زملائه بعد أن تكلل نصر المقاومه بطرد المستعمر البريطاني في 1968م. وخلال تلك الفترة ( فترة الاحتلال ) تمكن العديد من اليمنيين من دخول المملكة المتحدة عبر البحر ليعملوا بمشقة في أسفل السفن الملاحية ويجرفوا الفحم لداخل فرن الباخرة. فاليمنيون هم أول الجاليات الأجنبية وصولا إلى مدينة "سوت شيلدز"_الواقعة شمال شرق لندن _ والتي تضم رابع اكبر مؤانئ بريطانيا، بعد لندن وكاردف وليفربول- ذالك بحسب الباحثة ( تانيا) الإيرانية الأصل، البريطانية الجنسية والتي أخذت علي عاتقها تدوين تار يخ البحارة اليمنيين . وبالفعل بدأت بتدوين بعض الأسماء، وذات جمعة صعد فؤاد المترجم اللبناني المرافق للباحثة يدعو كافة البحارة اليمنيين القدامى للاجتماع في مقر الجالية اليمنية للتعارف والتحدث معهم فتمكن من الالتقاء بهم وبدأ بإجراء المقابلات معهم لكنه تفاجأ فيما بعد بان اعدادهم تقل يوماً بعد يوم!! ويبرر فائد عبد السلام- 80 عاما- عدم تجاوبه قائلا: يا ابني الجماعة (يقصد الباحثة) يطلبوا بنا الله. الحكومة البريطانية تعطيهم فلوس واحنا نمدح المصطفى .. أما عبده عبييه- 75 عاماً- فهو الوحيد الذي استمر حتي النهايه حيث يقول: أنا مش خسران، هي تشتي كلام قولنا له اللي عندنا يعني متى دخلت بريطانيا وكيف، ولمه، ومن هذا الكلام . ويقول الوالد عبد الوهاب: ما يشتوا مننا كل يوم ييجي لنا واحد تعالوا شصوركم .... المصور والصحفي البريطاني (بيتر) كان قد سبق (تانيا) واقدم على الاختلاط باليمنيين منذ 3 سنوات، وذلك لاكما ل مشروعه الصحفي، والذي تكلل باقامة معرض للصور الفوتوغرافية- أقيم خلال شهر مايو الماضي في مدينة نيوكاسل، حيث تمثل اليوم الاول بالقاء كلمة من قبل المسئولين على المعرض ثم كلمة الصحفي بيتر وسط حضور كثيف من قبل اليمنيين وجمع كبير من ابناء مدينة نيوكاسل البريطانيه الذين ابدوا اعجابهم بما شاهدوه. وفيما شكر بيتر اليمنيين على تجاوبهم معه وسماحهم له بالاختلاط بهم حتى انه أصبح يتناول القات معهم ويشاركهم في صناعة العصيد. اليوم الثاني كان مخصص لعرض فيلم (يوم جديد في صنعاء القديمة) حيث اكتظت السينما بالحضور فيما اضطر البعض للعودة أدراجهم بعد أن نفذت التذاكر.. وقبل أن يبدأ العرض اخذ بدر الحراسي مخرج الفيلم يشرح الآلية التي تم من خلالها تصوير واخراج الفيلم في صنعاء وبعض المعوقات التي واجهتهم ابتداء بمضايقتهم اثناء التصوير، مرورا بمناقشة الفيلم من قبل مجلس النواب اليمني وليس انتهاء باتهامه بالجاسوس. ولم ينس بدر الحراسي ان يشكر عبد الكريم الارياني ومها الخليدي، فعبد الكريم الارياني هو السياسي المعروف، أما مها الخليدي فهي من لم نكن نعرفها من قبل حتى قال الحراسي انها امرأة يمنيه رائعة استطاعت أن تخرج بعقليتها ونضجها الي خارج حدود اليمن التقليديه... الآن انتهى معرض الصور الفوتوغرافية الذي صور جزء من حياة اليمنيين هنا .. أما بيتر فهو مازال حتى الان يعد لانجاز كتابه الجديد والذي يحمل عنوان (البردون)، ويصور حياة اليمنيين وتفاعلهم وسط المجتمع البريطاني هنا في مدينة "سوت شيلدز".. قال بيتر انه سيزور اليمن في هذا العام وتحديدا بعد شهر اغسطس القادم، وهو أي- بيتر- يهديكم تحياته.