في الوقت الذي كانت فيه الهيئة العامة للكتاب، تنظم لمعرض صنعاء الدولي الرابع والعشرين- والذي نافس الكعبة الشريفة هذا العام بعدد الزوار- كانت الأمانة العامة لاتحاد الأدباء والكتاب اليمنيين تشد الرحال صوب العاصمة الاقتصادية لليمن و«رأسها الباسم»، حيث ستكرم هناك (74) أديباً من مؤسسي الاتحاد، وتقيم يوماً أسود ل"الكاتب اليمني". تزامن مع النشاطين الثقافيين الكبيرين في اليمن، جعل الكثيرين يستبدلون اسم «أكتوبر» ب«شهر ثقافي». ما يصح.. إلاّ "الصحيح!!" في صنعاء، بدأ التذمر من المعرض يظهر منذ اليوم الأول: أكد معظم زواره أن معروضاته فازت بها «الكتب الإسلامية» بالأغلبية الساحقة، واتفقوا على أن عشوائية غير مسبوقة، هي الحصيلة التي شاهدوها هناك، زحام غير مبرر، شباب وفتيات جعلوا من المعرض أشبه ب(سوق تجاري) أو نسخة «الخالق الناطق» من «شارع هايل»، معاكسات «أمام الله والكتب»، وأساليب مبتكرة ل(مبايعة) أصحاب دور النشر، أبسطها دخول شاب إلى دار نشر عربي يسأل البائع الذي استقبله بحفاوة شديدة: «معك كروت سبيستل»؟! وحصد «صحيح البخاري» المركز الأول، دون منافس، في قائمة الكتب الأكثر مبيعاً.. من راقب الناس .. مات من البرد! في المعرض ال 24 ، ظهر الدكتور فارس السقاف بتصريحات صحافية مختلفة، مرة يقول: إن أسعار الكتب «تمام» وإنه بإمكان الناس أن يقوموا بشراء الكتب «ببساطة» وبأقل من سعر «بيضة»، وأخرى يقول: ألزمنا دور النشر بتخفيض أسعار الكتب..! التصريح الأبرز ل(فارس) والذي يستحق عليه وسام «فارس» يتوجب على السفير الفرنسي أن يمنحه إياه أسوة ب(أبو الرجال) هو: ابرز ما يميز معرض هذا العام أنه لا توجد هناك رقابة.. الحرية مطلقة.. لم نراقب أي كتاب رغم أن الهيئة لها «الحق القانوني» في عمل ذلك..! «فارس» الذي لم يراقب الناس والناشرين هذا العام، أقام العاصمة وجعلها «معلقّة في الهواء» العام الماضي، حينما ذهبت «اللجنة التحضيرية» لوزير الثقافة السابق «خالد الرويشان» ولم يحصل عليها هو. ظهرت تصريحاته في أكثر من وسيلة يؤكد فيها أن معرض صنعاء الدولي للكتاب ال 23 «يعجّ» بالكتب السلفية، وكتب الأثني عشرية، ويقول إن اللجنة التحضيرية «لم تراقب» وإنها مسئولة عن تدمير أفكار حوالي مليون زائر، ونسى هذا العام كل ذلك. اكتسحت الكتب السلفية والاثنىعشرية، والثمانمائة ايضاً مبيعات المعرض، وسيطرت دور النشر الخليجية على أكثر الزوايا والمساحات أبو «40 دولاراً»، وإلتهم الناس «صحيح البخاري» كما لو أنه من مؤلفات القرن الواحد والعشرين ولم يصل إلى اليمن من قبل، أو أن اليمنيين لا يعرفون «الأحاديث». أقام فارس السقاف في المعرض ندوة عن كتاب «تنظيم القاعدة» ولم يكتفِ بعرض الكتاب فقط ، الذي ألفه «سعيد عبيد» في ترويج ممتاز للتنظيم «البلاَّديني» وراح يدافع عن ذلك ويصف الكتاب ب(الجيد) وبأنه من الكتب التي تنافس «كتب السحر» والشعوذة، و«الطباخة». الكتاب (جيد) أو جيد جداً.. لا دخل لنا في ذلك.. كنا نتمنى أن يكون المعرض فقط (جيداً) ويروج لكتب «جيدة».. ثم إن كتب السحر والشعوذة، و«الطبااااخة»، هي أكثر مبيعاتكم يا دكتور..!! لماذا لم تقيموا ندوة عن «الطبخ» ، على الأقل كانت معظم الفتيات المتجولات في المعرض ذهاباً وإياباً، سيتعلمن كيف «يطبخن».. وكذلك الحال بالنسبة للشباب في حال أقيمت ندوة عن «السحر» أو الشعوذة.. «السديس».. منافس قوي مليار ريال إيرادات، مليون زائر، 270 دار نشر محلية وعربية، 100 تصريح ل(فارس)، عشرون ندوة مصاحبة، قُراء: مدري كم؟! الأخيرة، لم يوردها الدكتور فارس السقاف في آخر تصريحاته بعد اختتام فعاليات المعرض الجمعة الماضية ، ونافس فيه «محمد السديس» ب«الخطب المنيفة من منبر الكعبة الشريفة» على المركز الثاني، بجدارة، بعد البخاري وصحيحه. «قصص سبيستون» حصدت المركز الثالث، والميداليات البرونزية، وحصلت الروايات العالمية المترجمة ل(ميلان كونديرا» و«ماركيز» على جائزة «الكتب المثالية». لم يلمسها أحد.. ولم يدخل في شباكها «أي ريال» من المليار.. معرض هذا العام، شهد فعاليات سياسية وثقافية وفنية مختلفة ميزته عن معارض الأعوام السابقة، وتوقيعات لكتب مهمة أبرزها «أعمال الفضول».. انتهت أيامه ال 12 ، دون أن «يوقع» كتاب «موسوعة أعلام اليمن» للدكتور عبد الولي الشميري، سفيرنا في مصر، ومندوبنا الدائم لدى الجامعة العربية، وشاعرنا العاطفي، رغم أن إعلان التوقيع عليه كان يتصدر كل تصريحات «فارس».. تقول لي موه ؟!! يوم الأديب في مهرجان الأدب، أو الأديب اليمني الذي كرمت فيه أمانة اتحاد الأدباء 74 شخصية من مؤسسي الاتحاد، وردت العديد من المقاطع الفكاهية الفريدة. نُودي على «محمد عبده غانم» أكثر من مرة.. ورُدد اسم «أبو بكر المحضاري» ومحمد عبد الواسع الأصبحي وكثيرون من الأدباء الذين توفاهم الله، ولا تعلم - ربما قيادات اتحاد الأدباء. الدكتور «مجلي» يتحدث في أمسية عن اتحاد الأدباء ويذكر اسم احد مؤسسيه وكيف كانت له ادوار لا تنسى في لم وحدة اليمن، ويتساءل: «أو قد مات»؟!، رغم أنه كان موجوداً حين ألقى ذلك الأديب «كلمة المكرمين».. تجاوزت الأمانة العامة في هذا العام لبعض السلبيات التي رافقت مهرجان «وميض الأرض».. تم تجهيز الدروع من «بدري»، ومنح المكرمون مبالغ «مالها شيء» قيل إنها زادت «20 ألفاً» عن المبلغ الذي صُرف العام الماضي. لم تمتلئ قاعة ابن خلدون هذه المرة ب(طالبات الآداب) كما حصل في العام الماضي، وإنما ب«طلاب»، و«تفركشت» جلسات أعمال اليوم الثاني دون سبب، سوى أن الجميع يريدون أن «يطلعوا الباص»..!!