الى الجنوب من صنعاء وعلى مسافة 200 كيلومتر تقريبا تقع مدينة إب مركز محافظة إباليمنية التي عرفت ب "اللواء الأخضر" نظرا لطبيعتها الساحرة حيث تكتسي جبالها باللون الأخضر وتتفجر منها ينابيع المياه العذبة والشلالات الهادرة التي جعلت منها بحق جنة من جنات الأرض وواحدة من أجمل بقاع العالم. وقد وصفها أحد المستشرقين الذين زاروها بأنها "فيروزه بيضاء على بساط أخضر".. فعلى امتداد المحافظة تنتشر المواقع السياحية الطبيعية التي تجذب إليها السياح من كل مكان للاستمتاع بجمال الطبيعة وسحرها الأخاذ حيث تزين الجبال الخضراء شرايين الأودية التي تنهمر من خلالها المياه العذبة والشلالات ومن أشهر أودية إب التي لا يتوقف فيها جريان الماء على مدار العام وادي "بنا" ووادي "زبيد" ووادي "ميتم" ووادي "عنة" الذي تنتشر على ضفتيه ينابيع الحمامات المعدنية الحارة ووادي "الدور" الذي تغنى به شعراء اليمن لجماله الفائق وتشتهر هذه الوديان التي ينتهي بها المطاف في البحر الأحمر وخليج عدن بزراعة البن وقصب السكر والمانجو. كما تشتهر محافظة إب بالحمامات الكبريتية الطبيعية التي يقصدها الناس للعلاج والاستشفاء ومن أشهرها حمامات "دمت". والى جانب جمالها الآسر تمتلك محافظة إب تاريخا حافلا حيث كانت موطنا لأهم وأبرز الحضارات والممالك اليمنية القديمة مثل دولة بنى رعين والدولة الحميرية التي نشأت في العام 115 ق.م واتخذت من مدينة ظفار إحدى مدن إب عاصمة لها. وتواصل دور إب التاريخي في العصور المتلاحقة حيث شهدت المحافظة قيام دويلات يمنية حكمت اليمن مثل الدولة الصليحية. ومازالت شواهد الحضارات التي نشأت في إب قائمة حتى اليوم من خلال عشرات الحصون والقلاع والمواقع الأثرية مثل قصر ريدان ظفار الذي يعود للدولة الحميرية، وسور وأبواب مدينة يريم.. ومن أهم الحصون والقلاع قلعة "سماره" وحصن "حب" وحصن "المرايم"، وقلعة" باب المناخ"، وقلعة "عمامة البنيان".. وتتربع هذه الحصون والقلاع على سلاسل شامخة من الجبال التي يصل ارتفاع بعضها إلى حوالي "3000" متر فوق مستوى سطح البحر مثل جبل يريم وجبل ظفار وجبل حبيش وجبل الخضراء وجبل صباح وغيرها من السلاسل الجبلية التي تكتسي باللون الأخضر وتفصل بينها الوديان وتتربع على قممها القلاع والحصون في انسجام نادر بين جمال الطبيعة وأصالة التاريخ وهو ما قال فيه الشاعر واصفا ذلك قبل مئات السنين: وفى البقعة الخضراء من ارض يحصب ثمانون سداً تقذف الماء سائلاً تحفة معمارية تعد مدينة إب القديمة التي تقع في مركز عاصمة المحافظة تحفة معمارية لما تمتلكه من مقومات وآثار تاريخية حيث يعود تاريخ نهوض وازدهار المدينة إلى العام 380ه حيث أقام فيها الأمير عبد الله بن قحطان.. أما سبب تسمية المدينة فيرجعه بعض الباحثين إلى شهر أغسطس-آب نظرا لكثرة هطول الأمطار على المدينة في مثل هذا الشهر من كل عام. ومن أشهر المعالم التاريخية في المدينة "قصر البيضاء" الذي يعود للعصر الحميرى وتزخر مدينة إب القديمة بالعديد من المباني والقصور القديمة مثل دار الحمام ودار الفرناج ودار الخان الذي بناه العثمانيون، إضافة إلى سور المدينة وأبوابها الخمسة التي لم يتبق منها اليوم غير باب وحيد.. كما يعد "الجامع الكبير" في المدينة أحد أبرز المعالم التاريخية والتحف المعمارية ويعود تاريخ بناؤه إلى العقد الثاني من القرن الأول الهجري ذلك فهو يعد واحد من أقدم المساجد في اليمن وقد سمى بالجامع العمري نسبة إلى مؤسسه الخليفة عمر بن الخطاب - رضي الله عنه- غير أن الجامع مر بالعديد من التجديدات والإضافات من قبل كل الدويلات التي حكمت اليمن مثل الدولة الزيادية و الدولة الطاهرية غير انه ظل محافظا على طابعه المعماري الفريد وجمال تصميمه الذي يتبدى للزائر من خلال صحنه وأروقته وقبابه التي تقترب كثيرا من الطابع المعماري للمساجد التي بنيت في صدر الإسلام.. ومن المعالم ذات الطابع الديني في مدينة إب القديمة "المدرسة الجلالية" التي يرجع تأسيسها للشيخ جلال الدين محمد بن أبى بكر السيرى والذي شيدها في مطلع القرن التاسع الهجري وهى معلم هندسي وديني فريد تنظم لسلسلة من المدارس الدينية التي اشتهرت بها المدينة وجذبت طلاب العلم من مختلف مناطق اليمن مثل مدرسة "المشنة" التي بناها الأمير جلال الدين النظارى في منتصف القرن الثامن الهجري لتشكل رافدا إضافيا من الروافد العلمية في المدينة. حرف وأسواق تشتهر مدينة إب بالعديد من الصناعات والحرف التقليدية التي برع بها أبناء المدينة ويمكن ملاحظة ذلك من خلال عشرات الحوانيت القديمة التي تنتشر في أزقة المدينة والتي يعود تاريخ بعضها لتاريخ المدينة نفسها نظرا لحرص الحرفيين على توريث مهاراتهم لأبنائهم الأمر الذي جعل بعض الأسر تشتهر بحرفة ما من الحرف اليدوية التي تشتهر بها المدينة مثل الصناعات والمشغولات الفضية، وصناعة الفخار، وصناعة الأدوات الزراعية التي ازدهرت نتيجة لازدهار حرفة الزراعة في المدينة والمناطق المحيطة بها من خلال استغلال المزارعين لوفرة المياه والمساحات الزراعية الشاسعة التي أصبحت المصدر الأساسي للعيش .. إلى جانب حرفتي الرعي والتجارة حيث تنتشر عشرات الأسواق في مختلف مدن محافظة إب حيث يقوم الناس بعرض محاصيلهم الزراعية ومنتجاتهم والحيوانية وصناعاتهم الحرفية في الأسواق التي تقام في كل يوم من أيام الأسبوع في مدينة من مدن المحافظة. عرب اونلاين