لا شك في أنني أتمنى من كل قلبي أن يفك الله أسر الأستاذ محمد المقالح الذي تتم محاكمته بتهمة الإساءة إلى القضاء لكن هذا لا يعني أنني (أتضامن) معه كما نصت العديد من الرسائل التي تسلمتها في الأيام الأخيرة من المنظمة الفلانية أو الهيئة العلانية، وإنني لأجزم أننا جديرون بهيئاتنا ومنظماتنا التي تتكاثر بشكل مريع كل يوم أن نحرر بيت المقدس!! والغريب أن التهمة الموجهة للأستاذ المقالح بالإساءة إلى القضاء وجهت له لتهكمه واستهزائه بمحاكمة الأستاذ عبدالكريم الخيواني في تهمة (جنائية) ومع ذلك يصر الصحفيون –هداهم الله- أن يتضامنوا معه لمجرد أنه صحفي حتى ولو كانت قضيته جنائية، وكأن الله خلق لهم عقلاً(تضامنياً) (معارضاً) لا يفهم في الدنيا إلا (التضامن) مع الصحفيين حتى لو قام أحدهم بذبح ابنه على الملأ (فهو صحفي ويحق له ما لا يحق لغيره)، و(معارضة) الحكومة والسلطة في أي شيء حتى ولو كان في مصلحتهم!! أيتها الأخوات الصحفيات، أيها الأخوة الصحفيون، إنكم بحكم طبيعة عملكم لأقدر من غيركم على الاحتكام للمنطق والعقل، ومناقشة الأمور بعقلانية لا بالعواطف السخيفة، إن محاكمة الأخوين الزميلين الصديقين العزيزين الأستاذين المقالح والخيواني ليست محاكمة بسبب آرائهم وأفكارهم، وهنا يجب علينا أن نتوقف ونتريث ونتأنى، فإما أن يكون المتهمان بريئين وعندها يجب علينا أن نقف إلى جانبهما ونطالب السلطة بالاعتذار لهما وتعويضهما ورد الاعتبار لهما، أو أن يكونا مذنبين وعلينا وقتها أن نقف إلى جانبهما معنوياً دون التدخل في القضاء وأحكامه، وإلا كنا نحن أول معاول الهدم لما نحاول أن نبنيه من جدار العدل والنظام والقانون، ولا نستطيع أن نجزم بذنبهم أو براءتهم إلا بعد محاكمتهم، إلا أننا بعقلية (التضامن والمعارضة) نصر إصرار الخرتيت أن نتضامن معهم قبل حتى محاكمتهم. ولا يعني هذا بالطبع أن نسمح للسلطة وللحكومة أن يلفقا تهمة للأستاذين العزيزين والحكومة –للأسف- لم تجعل نفسها بمنأى عن هذه الشكوك بسوابقها في (الظلم والعدوان)، بل يجب أن نفعل ما في وسعنا لكي نضمن لهما محاكمة عادلة نزيهة لا غبار عليها. وتحدث معي البعض عن (عدم قانونية حبس المقالح لأكثر من 24 ساعة) فضحكت من كل قلبي شاعراً بوجود عدالة شعرية لا يمكن وصفها في موقف المقالح، فأجبت صديقي قائلاً: هل تعلم أن الأستاذ المقالح قبل حبسه ببضعة أيام قام بحبس مهندس كمبيوتر مسؤول عن تصميم موقع الإشتراكي نت بتهمة (تخريب وتدمير الموقع) وهدده بمحاكمته أمام المحكمة الجزائية المتخصصة بتهمة (الإرهاب) وحبسه في البحث الجنائي لخمسة أيام مع أن هذا مخالف للقانون فلا يجب أن يتجاوز الحجز في البحث الجنائي لأكثر من 24 ساعة‘ إلا أن المقالح لم يردعه ضمير ولا قانون ولا عدالة في أن (يدعس) القانون بقدميه ما دام ذلك في مصلحته، والآن يحاكم أمام نفس المحكمة التي هدد بها من ظلمه، ويحجز –كما حجز مختار- بدون وجه حق. سبحان من يمهل ولا يهمل، فهل عن ذاك المقالح تدافعون؟!! والغريب في الأمر أن أي صحفي تتم محاكمته أو توجيه الاتهام له أو (مضايقته) –حسب ما يدعون- تصدر البيانات التضامنية معه، متهمة الحكومة والسلطة أنها وراء ما يحدث له بسبب (ضيق صدرها) بحرية الرأي والكلمة، وهنا لا بد لي من قول كلمة الحق، فأنا قد قرأت الكثير والكثير مما يكتب في الصحافة اليمنية ولا أعتقد –صادقاً مؤمناً- أن هناك صدراً أوسع من صدر السلطة في اليمن!! وعلينا أن نعترف بما هو موجود حتى لا نخسره في يوم من الأيام فنصبح على ما فعلنا نادمين! ثم أنني قرأت الكثير للأستاذ المقالح والأستاذ الخيواني، وإنني لأسأل المتضامنين معهما، لماذا اختارتهما السلطة دون غيرهما لتنزل عليهما غضبها وسخطها علماً أنهما لم يكتبا ما لا يمكن تحمله، بل إنني لأعرف الكثيرين ممن كتبوا ما هو أشد وقعاً وأكثر تأثيراً، فلماذا هؤلاء بالذات بالله عليكم، هل هؤلاء الذين تتضامنون معهم أفضل منكم كتابة، وأكثر شجاعة، وأقل تزلفاً، وأشد وطنية؟! هلا أنصفنا بدلاً من استعمال العبارات الجاهزة من قبيل: (التضامن مع حرية الرأي) و(الحملة الدولية لتحرير وسائل الإعلام في اليمن)، إن إنكارنا لما نحن فيه من (هامش حرية) سيجعلنا في يوم من الأيام نفقد هذا الهامش ونعود إلى نقطة الصفر. أما عن سبب حبس الأستاذ المقالح، فسأورد لكم المقطع التالي كما هو حرفياً: (وأكد الشهود بان المقالح في جلسة المرافعات الختامية للخلية صنعاء قام بالضحك لأكثر من مرة بصوت مرتفع على ممثل الادعاء أثناء طلبه من المحكمة بان تقوم هيئة الدفاع عن الخيواني بحذف ما اعتبره من كلام نابي صدر في مرافعتهم الختامية. وواصل الشهود قائلين: أثناء ضحك المقالح بصوت مرتفع سأله القاضي لماذا تضحك أجاب أن النيابة تنكت فضحكنا، فأمر القاضي بإخراجه من القاعة فرد عليه المقالح بان المحكمة مهزلة وعلى القاضي ان يقدم استقالته وان لا يواصل هذه المهزلة). وهذا المقطع منقول عن موقع الصحوة نت التابع للتجمع اليمني للإصلاح وليس من أحد صحف المؤتمر أو الصحف الرسمية، كما أورد لكم المقطع التالي نقلاً عن موقع نيوز يمن: (وبعد حجز القضية للحكم طلبت إحضاره إلى مكتبي لغرض إعفائه من موضوع الحبس والإفراج عنه بعد ان اعتذر زملاؤه الذين كانوا في القاعة إلا انه وجه كلامه لرئيس المحكمة قائلاً: باني لست طبيعياً وأنا مجنون ولا استحق الكرسي الذي أجلس عليه ولو كان في موقعي لقدم استقالته، وأثناء خروجه من المكتب قال لي: "لا اعترف بأنك قاض بل ضابط وفي الخارج سيكون لي معك كلام آخر " فامرنا بإحالته للنيابة للتحقيق وهي التي أمرت بإيداعه الحبس الاحتياطي على ذمة التحقيق). الغريب في الأمر أن الأستاذ المقالح قد (أنكر) تماماً كل ما ورد على لسانه وقال: (هذا غير صحيح)!! أنكر ما قاله أمام الملأ وليته لم يفعل لعلنا كنا قد احتفظنا له بشيء ولو بسيط من الاحترام!! هل هذا هو من تدافعون عنه، وتريدون مني التضامن معه؟! أتضامن مع الاستخفاف والاستهتار واحتقار القضاء، بدلاً من أطالب بالعدل واستقلال القضاء والقضاء على الظلم، لا أظنني أفعل، فهل أنتم فاعلون؟!