كل الكون وكل التراب والماء والحجر هي أبين، لا يوجد سواها ينبت الزهر والشجر.. هي كل معمورة الطفل الابيني ابن المخزن.. أبصرت عيناه بعد أن تمرد على حضن أمه التي أنجبته على وطن وحضن جديد.. وطن نهاية مداه أسوار جبال العرقوب ويرامس وسواحل الكود وشقرة، وخلفهما بحر وفضاء كوني مستدير.. طفل أختزن في معارفه.. وتصور بان الشارح سيداً وارث هذا الكون!! الابن الأوحد الحي.. ((لحواء و ادم))، بعد قتال الأخوة (( هابيل وقابيل)).. وانه ((الشارح )) الذي يتوسله العطروش بان يعطيه من دهله سبوله.. وهو من يطلب منه نسير بان لا يحرم الطير من محصول دهلة .... هكذا تكونت معارف ومخزون مخ وأفكار الطفل الأبيني التي رسمت له معالم كونه ووطنه.. صغير كان كصغر أفكاره ومعارفه، في نهاية الخمسينات من القرن الماضي . لم يدخل المدرسة بعد ليتعلم التاريخ والجغرافيا...... لم تشتغل مجسات عقله بعد، في البحث والتصفح!! ليس في مخيلته فقط سوى ((أبين كل الكون وأم الدنيا)).... وبسبب فضوله الطفو لي وشغفه بالحان العطروش في سن الرابعة تشبعت معارف الطفل، ومن خلالها اكتشف الرميلة بأنها بلدة الفنان المحب وموطن حبيبته هي بلدة الفيوش! وان لحج ليست البحر كما كان يتصور!! معرفه حطمت أسوار كوكبه وكونه المرسوم من قبل.. وفي حطام ألصورة ووسط ركام المعرفة اكتشف حقيقة الشارح والمزارع والراعي الابيني!! بان كثر منهم تتصل جذور نسبهم بطود وتهامة وبسفوح وقيعان يافع، وبعزان بلاد الو احدي، والكور واحور في ارض العوالق، وبمرخه أبو زيد الهلالي وظاهر مكيراس والبيضاء، وفي وديان وسواحل حضرموت وشعاب الضالع، وفي مدرجات يحصب وخولان الطيال واب الخضراء، والصبيحة ووادي الضباب.. وغيرها من المسميات في وطن كبير كبير.. كان والده يحكي له قصة تاجر أبين ((الوحش)) ورحلته إليها والرحيل منها.. وكانت مياه ومنابع دفر تبن وحسان وسيول مصهيبيه ترسم معالم وتكتب عنوان الوطن الأكبر.. فعرف الشبل ألابيني موطنة، انه اليمن السعيد.. موطن معين وقتيان وأوسان وسبأ.. وطن ذو يزن وبلقيس وشمر وأروى.. وطن كبير تختزل أبين مجسمه الأصغر حتى اليوم، وترسم لوحه جميلة لحياة.، ولوحده الأرض والإنسان.. هذه معارف الرجال ومعارف كل أبيني.. فأبين المجعلي وسالم ربيع والعفيفي والدماني وهيثم ومدرم وشلال وشيخ الكرم والشهداء الحاج علي بن زيادة وأبو الأحرار ناصر السقاف وباعزب والسيد مهدي الحامد وغيرهم من كواكب ونجوم أبين المشرقة، هي أبين اليوم التي بناها الرجال الأبطال. أبيناليمن السعيد بلاد العرب هكذا بلغت ألمعرفه، وسطرتها كتب التاريخ ورسمت الجغرافيا معالمها وعرفها ابنها... هذه أبين التي يدافع عنها محافظها الجسور المهندس احمد الميسري.. فمتى كانت أبين يوماً انفصالية؟؟ واهم من يعتقد بأن أبين ليست روح اليمن وقلبه النابض..!!