لا ادري هل سببها استثمارات المستثمرين، أم هي ملاذ منجي من خوف الفقر للمواطنين؟ لأنه يكاد لا يمر يوماً على المتتبع للوسائل الإعلامية- وخاصة المعنية بأخبار الشأن المحلي كالصحف والمواقع الالكترونية وأحيانا في الشأن القضائي- إلا ووجد في ثنايا صفحاتها وبرامجها، وقراراتها وأحكامها خبر عن واقعة نزاع، أو وقائع ومنازعات نشبت، أو تجددت بين أفراد أو جماعات، أو بين أهالي قرية أو مجموعة قرى، أو بين تشكيلات بشرية منظمة، أو تشكيلات غير منظمة، يكون سببها: رقعة ارض أو مساحة من أراضي...! في كل خبر وأنت تبحث فيه عن الإجابة، تتكشف وتنكشف لك في ثنايا الصياغة الخبرية دوافع وأسباب واهية وشيطانية: ك الاستيلاء أو الاستحواذ، بسط، سطو، نهب، فيد، استئثار، استعمار- عفواً "استثمار"- بل وقد تجدها كلها تتمحور بين بسط القوة وتوجيهات النخبة، وقليلة جداً هي معارك المنتفعين الوارثين للأراضي.. ومهما كانت هنا المرادفات الخبرية المستخدمة من قبل المخبر، فالأمر المثير والمربك هنا السرعة التي يتنقل فيها المتابع بين مشاهد دراما الخبر، فلا يجد فرصة معها ليكمل مشهد الفاعل ويتبين دوافع الفعل.. فبدون تسلسل أو تأمل تتفاجأ بنقلك من المشهد الخبري الأول إلى مشهد جديد، وفاعلين، وأفعال جديدة في صياغة الخبر، ويبرر المخبر السبب الدرامي بان فعل الفاعل في المشهد الأول قد استفز الفاعلين في المشهد الثاني، واستنهض قواهم، وأنتجوا في الصياغ الخبري مشهداً جديداً..! مشهد ثاني تتركز الإثارة فيه، لما تتصدره صيغ وتحليلات المخبر.. حيث يفتح الستار فيه بكلمات وصفية أو جمل تصويرية أكثر وحشية وخصومة، ورعب وإثارة.. ومن تلك الكلمات نستشهد هنا بالأهم هي: احتشد- تجمهر- عسكر- حاصر- تشاجرا- تحاربا... الخ. هذه هي من فيض الكلمات المستخدمة. أما الجمل فنذكر مثلاً: استخدمت الحجارة، الهراوات- السلاح الأبيض- البنادق.. وأيضا نذكر: إزالة- هدم- تدمير- حرق- قطع الطريق- خطف- أسر رهائن..الخ. كل هذا يدفع المتابع الخبري إلى إهمال البحث في الإجابة عن سؤاله، ليواكب السرعة الخبرية، بل والبعض بسببها يتخطى الصيغ والجمل والمشاهد.. وينتقل طواعية دون تفكير أو إمعان.. يرحل مهرولاً إلى خاتمة الخبر لكي يستكشف النهاية، لعلها قد تأتي بخلاف لما يتوقعه فيها، ويخبره بخلوها من فعل أو أفعال الجرح أو القتل!! أو قد يجد فيها بصيصاً من الأمل في حجز، وزجر، وسجن الفاعل المستفز.. أما عن السؤال فالإجابة تجدونها في قول الحق.. ولا سواه- سبحانه وتعالى- القائل في محكم كتاب عزيز: بسم الله الرحمن الرحيم "فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً"- النساء: من الآية 59 صدق الله العظيم. وقال: "يَا دَاوُدُ إِنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً فِي الأَرْضِ فَاحْكُمْ بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ وَلا تَتَّبِعِ الْهَوَى فَيُضِلَّكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ إِنَّ الَّذِينَ يَضِلُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ بِمَا نَسُوا يَوْمَ الْحِسَابِ"- ص: الآية 26 صدق الله العظيم وبين العاقبة بقولة تعالى: "وَإِذَا أَرَدْنَا أَنْ نُهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا فَفَسَقُوا فِيهَا فَحَقَّ عَلَيْهَا الْقَوْلُ فَدَمَّرْنَاهَا تَدْمِيراً"- الإسراء: 16. صدق الله العظيم