ضاقت الأرض بالسلطات المحلية بمحافظة تعز، وعجزت عن أن تجد في المحافظة مكاناً لبناء مقر لمكتب الأوقاف، فقررت الاستيلاء على مزرعة لهيئة البحوث العلمية، يجري عليها كادر علمي متخصص بحوثه النباتية، وتجاربه على أصناف من النباتات الطبية، والعطرية النادرة، التي يتم استقدامها إلى هذا المركز من مختلف محافظات الجمهورية. وأرسلت السلطات المحلية أمس الاثنين جرافة حكومية إلى منطقة "عصيفرة"، وقامت بهدم سور المزرعة، وتجريف النباتات التي تجري عليها الهيئة تجاربها العلمية، الأمر الذي أثار استياءً عظيماً لدى العاملين في هيئة البحوث، وفي مختلف الأوساط الأكاديمية والثقافية بالمحافظة، غير مصدقين أن ثمة دولة في العالم تدمر مركز أبحاث علمي من أجل بناء مقر لمكتب حكومي..! وقال الدكتور عبد الولي الخليدي– باحث في الهيئة العامة للبحوث والإرشاد الزراعي فرع تعز- ل"نبأ نيوز": أن سور المزرعة البحثية التي تضم أشجار الزيتون ونبتات أخرى يجري عليها تجارب بحثية تم بناؤه بدعم من الحكومة البريطانية والهيئة العامة للبيئة. وأشار إلى أن هذا الاعتداء على المزرعة البحثية هو الثاني من نوعه، كما إن هذا الموقع هو الوحيد الذي تجري فيه عين ماء في المدينة، وهو أرض خصبة، ومورد رئيس لتغذية المياه الجوفية، واصفا ما جري ب"العمل الإجرامي". المهندس الطاهري– باحث زراعي– قال ل"نبأ نيوز": أن ما حدث اليوم من اعتداء على مشروع بحثي مضى عليه ثلاثة عقود هو اعتداء سافر وشكل من أشكال الفساد. وتساءل: هل سمعت في أي دولة أن ارض يجري عليها أبحاث زراعية يتم جرفها من أجل بناء مكتب حكومي عليها وكأن الأرض ضاقت عليهم، ولم يجدوا إلا أرض تجارب علمية للبناء عليها، وقتل الأشجار فيها. وأضاف: إن المؤسسة البحثية في الدولة يفترض أن يهتموا بها ويدعموها وليس الاعتداء على أرضها خاصة والجميع يدرك إن البحث العلمي اليوم هو أساس الاستثمار في أي بلد، مشيرا إلى أن مصلحة أراضي وعقارات الدولة تعرف أراضيها جيدا وأين يجب أن تبني مقرات حكومية..!! ولفت إلى أن الباحثين أصبحت جهودهم مهددة بالضياع والفقدان بعد ما حصل من اعتداء على سور المزرعة وتجريف الزيتون والشتلات البحثية الأخرى. وناشد السلطة المحلية قائلا: إذا كان هناك من أوامر للبناء على أرض عصيفرة البحثية فان ذلك يتناقض مع أي مبدأ من مبادئ البحث العلمي والاستثمار في البلد، وعلى السلطة المحلية أن تتراجع عن قرارها على الفور. رفيق الحكيمي– مدير جمعية مواجهة أضرار القات– قال: إن ما حصل هو اعتداء همجي ضد المزرعة البحثية، وتساءل: هل ضاقت الدنيا بمصلحة أراضي الدولة حتى تأتي وتبني فوق مزرعتنا البحثية؟ وأضاف: أن هذه المزرعة إلى جانب كونها مزرعة بحثية هي أيضا متنفس لأبناء المدينة جميعا الذين تفتقد مدينتهم للمتنفسات الحقيقية، كاشفاً أن هذه المزرعة البحثية موجودة منذ ثلاثين عاماً- أي منذ عام 1973م. في السياق ذاته أفاد مصدر في هيئة عقارات وأراضي الدولة أن لديهم توجيهات مركزية ومحلية بإنشاء مقر خاص بمكتب الأوقاف في نفس الموقع، ملمحا إلى التوصل إلى اتفاق مع المجلس المحلي، وبالتالي إمكانية التراجع عن البناء في المزرعة البحثية بعد الاحتجاجات التي نفذها موظفي ومهندسي المزرعة.