قبل انعقاد قمة الدوحة الأخيرة بأسابيع كتبت مقال في أحد المواقع الإخبارية يتناول موضوع عن دولة قطر وكيف أنها بحجمها الجغرافي الصغير تمثل اقتصادا ودور سياسي ومواقف قومية الشئ الكثير، وبالتالي ذهبت في هذا المقال إلى أن مكانة الدول لا تقاس بحجمها الجغرافي وهذه حقيقة في اعتقادي لا تتغير بتغير الزمان أو المكان. وبناءا على هذه القاعدة المنطقية يمكن القول أن الدول في حد ذاتها سواء كانت كبيرة أو صغيرة هي وحدها من يصنع هذه المكانة أو احترام الآخرين لها سواء كان ذلك في الإطار الداخلي لهذه الدولة أو في الإطار الخارجي وذلك عبر إتباع سياسة متوازنة وبناءة لهذه الدولة كما أن العكس هنا هو الصحيح. للأسف الشديد دولة قطر في الآونة الأخيرة أدهشتنا ببعض مواقفها تجاه اليمن الشئ الذي قد يصغر من حجمها ومكانتها في قلوب الكثير من اليمنيين الذين أحبوا قطر واحترموا الكثير من مواقفها تجاه اليمن و تجاه قضايا الأمة العربية والإسلامية فمن موقفها العجيب في القمة العربية الأخيرة من تجاهل المبادرة اليمنية لتطوير الجامعة العربية والعمل العربي المشترك إلى هذا الاستغلال المقيت لقناة الجزيرة في توجيه رسائل ما تعكر فقط من علاقة البلدين وهي سياسة جديدة لم يعهدها اليمنيون من قطر التي وقفت دائما إلى جانب وحدتهم والى جانب دعم اليمن في مجالات عديدة. العجيب هنا أن قطر التي حرصت دائما أن تظهر أمام الشعوب بتوجهها الديمقراطي وإيمانها بالرأي والرأي الآخر نفاجأ اليوم عكس هذا التوجه تماما خاصة فيما يتعلق بمواقفها الأخيرة تجاه اليمن فامتناع الرئيس عن الحضور في قمة غزة التي عقدت في الدوحة إبان العدوان الصهيوني على أهلنا في غزة لأسباب تخص اليمن والسياسية اليمنية وهي السياسة التي ليس بالضرورة أن تتماشى مع سياسة أي دولة حتى وإن توافقت مع بعض الدول التي لا تحبذ بعض الأطراف في قطر توطيد علاقة اليمن بها!!. وهي نفس الأطراف التي لم يرق لها تصريح رئيس الجمهورية في صحيفة الحياة اللندنية الذي تناول فيه المبادرة القطرية التي كانت قائمة قبل فترة للتوسط في حل مشكلة التمرد الحوثي وهذا الموقف الغير مباشر تجاه هذا التصريح يتعارض تماما مع التوجه القطري الديمقراطي واحترام الرأي والرأي الآخر الذي كما يقال لا يفسد للود قضية. وللتوضيح فقط تصريح الرئيس في هذه المسألة كان واضح جدا فهو لم ينتقد المبادرة القطرية والدور القطري بل انتقد الفكرة من أساسها حيث أكد أن الحكومة اليمنية أخطئت عندما قبلت بمبادرة خارجية حتى وإن كانت من قبل دولة شقيقة للتوسط أو لحل إشكال أو مشكلة داخليه لان ذلك أدى فقط إلى شعور الطرف الآخر- أي الحوثيين- بأنهم أصبحوا بالفعل ندا للدولة وهذا هو لب المشكلة التي لازالت قائمة حتى اليوم إن لم نقل زادت تعقيدا في ظل تعنت الحوثيين وتحديهم للنظام وللدولة ككل. الذي لم استطع تفسيره في الآونة الأخيرة هو الاستغلال القطري لقناة الجزيرة الإخبارية في توجيه رسائل قطرية سياسية عبرها وهي القناة التي حرص القطريون الظهور بها كقناة حرة لا ترتبط إطلاقا بالسياسة الإعلامية القطرية، وهذا الشئ يتناقض تماما مع بث اللقاء الخاص مع حيدر العطاس الذي اجري قبل ما يزيد عن الثمانية أشهر وكأن القناة تمتلك مواد إعلامية في أرشيفها الخاص لشخصيات معارضة للأنظمة العربية لتستخدمها السياسة القطرية في الوقت المناسب الذي تراه خاصة عندما تتعرض علاقتها مع احد هذه الدول لشئ ما يعكر صفو هذه العلاقة!! المقابلة في حد ذاتها اعتقد أنها لا تمثل للمشاهد اليمني الشئ الذي قد يتصوره الإعلام القطري خاصة في موضوع الوحدة التي لن يستطيع العطاس أو غير العطاس تشويه صورتها ببعض الكلمات الموتورة التي تهدف إلى قلب الحقائق في عصر المعلومات والشفافية الإعلامية. ونقول فقط للقائمين على قناة الجزيرة الوحدة اليمنية لا خوف عليها وهي أكبر مما تظنون أو يظن البعض لأنها بكل بساطة متجذرة في وجدان الشعب اليمني من أقصاه إلى أقصاه وهو نفس الشعب الذي دافع عنها في العام 1994م سواء كان من الشمال أو الجنوب بل وكحقيقة معروفة للجميع شعبنا في المحافظات الجنوبية والشرقية آنذاك كان في مقدمة الصفوف لدحر محاولة الانفصال البائسة في ذلك التاريخ وسيظل في مقدمة الصفوف لإسقاط كل المؤامرات التي تحاك اليوم أو التي ستحاك غدا ضد الوحدة ولو لم تكن هذه هي الحقيقية لما قامت الوحدة أصلا في العام1990م ولما استطاعت الانتصار على أعدائها في السابع من يوليو عام 1994م وهو ذلك الانتصار الذي عجز كل المحللين العسكريين في تفسيره لأنه تجاوز كل المعادلات العسكرية المعروفة. المشكلة في هذه المقابلة لا تكمن في مسألة بثها للمشاهدين من عدمه فمن حق أي قناة إعلامية ممارسة عملها بكل حرية، المشكلة فقط هي في توقيت هذا البث خاصة وقد أجري قبل ثمانية أشهر أو يزيد وهو ما يضعنا أمام علامة استفهام يتبعها رغبة لمعرفة حقيقة هذا التحول العجيب للسياسة القطرية من مسألة الوحدة اليمنية التي دعمتها إلى الأمس القريب بكل الإمكانات القطرية المتاحة ولم تكن تسمح في الماضي لأيا كان العمل على تشويه صورتها بأي شكل من الأشكال لأن الوحدة قبل أن تكون منجز يمني فهي منجز عربي بامتياز!!. نتمنى أن تكون هذه المواقف القطرية المتسرعة في النهاية سحابة صيف لان العلاقات اليمنيةالقطرية ظلت على الدوام علاقة أخوة ومحبة وتعاون مشترك واحترام متبادل وستظل كذلك إن شاء الله لان القيادة السياسية في البلدين تحمل من الحكمة الشئ الكثير الذي يتجاوز كل هذه السحب العابرة.