يقف المرء أحيانا أمام بعض الأحداث والوقائع أو القضايا الوطنية مندهشا للتناقضات التي تصدر عن البعض عبر التعامل مع هذه الأحداث سواء كان هذا البعض في السلطة أو المعارضة أو الصحافة وللتوضيح أكثر سأذكر فقط وعلى سبيل المثال موضوع مايسمى بالحراك الجنوبي وردود الفعل لهذا البعض من الأحداث الأخيرة وكيف ينظر هؤلاء إلى أعمال الفوضى والتخريب والاعتداءات المتكررة على مؤسسات الدولة وممتلكات الناس التي تتصاعد وتتسع رقعتها تحت يافطة الحراك "السلمي" وسأضع القارئ أمام هذه الأمثلة تركا له حرية التأمل في محاولة لفك رموز هذه المتناقضات إن استطاع: * الدولة ممثلة بسلطاتها الثلاث التنفيذية والقضائية والتشريعية تعاملت مع قضية النائب البرطي بشئ من الازدواجية بل والكيل بمكيالين فالبرطي نائب برلماني مثله مثل النائب الشنفرة والنائب الخبجي فالبرطي اشتبه بتلبسه في قضية قتل جنائية ثار من وراءها الجميع بدء بالتحرك السريع للسلطة التنفيذية التي أصدرت مذكرة بالقبض القهري عليه وبالتالي إيداعه السجن بدعم وتأييد السلطة القضائية التي بدورها دافعت باستماتة عن اجراءتها القانونية في هذه القضية أمام اعتراض السلطة التشريعية التي اتهمت السلطتين بتجاوز القانون والدستور.. وفي المقابل من كل ذلك الاختلاف الايجابي من قبل سلطات الدولة الثلاث لتطبيق نصوص القانون والدستور لازال الكثير من المراقبين في حالة اندهاش تجاه وجهه نظر هذه السلطات من النائبين الشنفرة والخبجي اللذان أعلنا وبكل صراحة وبتلبس تام خروجهما على النظام والقانون والدستور وشكلا عصابات للفوضى والتخريب ومليشيات للقتل والاعتداء على مؤسسات الدولة وإرعاب الناس والاعتداء على ممتلكاتهم ورغم وضوح هذه الصورة لم تحرك هذه السلطات أي ساكن حتى اليوم ولو بنفس الحماس الذي أبدته في قضية النائب البرطي أليس التناقض هنا عجيب وعصي على الفهم!! * المعارضة ممثلة بأحزاب اللقاء المشترك منذ أن ظهر إلى السطح ما يسمى بالحراك الجنوبي وهي تصدر البيانات المتتالية لتحمل فيها السلطة كل المسؤولية عما يحدث من فوضى أو شغب أو قتل أو اعتداء على ممتلكات الدولة أو المواطنين لان المعارضة بكل بساطة لا تريد من الدولة استخدام القوة أو فرض هيبة وسلطة النظام والقانون في مثل هكذا أحداث تسميها زورا وتضليلا سياسية. وبحسب منطق "حكماء" المعارضة لابد أن تقابل السلطة كل أعمال القتل والفوضى والتخريب والخروج على الثوابت الوطنية وكل الأعمال التي تهدد بالفعل السلم الاجتماعي لابد أن تقابل كل ذلك بالجنوح إلى السلم بل ورمي أصحاب هذه الأعمال الهدامة والإرهابية بالورود والرياحين ومنح قادة الفوضى والتخريب نياشين وطنية على حراكهم "السلمي"!! ولنتذكر فقط كيف هددت هذه الأحزاب السلطة واشترطت عليها قبل الجلوس على طاولة الحوار لمناقشة المسائل السياسية الخلافية التي كانت سائدة قبل الاتفاق الأخير لتأجيل الانتخابات كيف اشترطت وبضغط سياسي غير عادي إطلاق حسن باعوم ورفاقه من السجن باعتبارهما فقط ناشطين سياسيين بل ومناضلين وطنيين بصرف النظر عن أعمالهم الفوضوية والتخريبية والتحريضية وخروجهما علنا على القانون والدستور والثوابت الوطنية. وكان لها للأسف الشديد ما طالبت به بعد أن رضخت السلطة لضغوطها فداس الجميع بذلك على القانون والدستور لتنتصر المماحكات السياسية وينتصر الفوضويين ودعاة الانفصال والتخريب ومثيري النعرات المناطقية والقبلية والعنصرية الذين بعد ساعات فقط من إطلاق سراحهم سارعوا في ظل غياب القانون وسلطة الدولة وتأييد المعارضة الى استئناف أعمال التخريب والفوضى ونشر ثقافة الكراهية وإثارة النعرات المناطقية والعنصرية تحت مرأى ومسمع الجميع ليداس بذلك القانون وينتهك الدستور والثوابت الوطنية وبموافقة وتأييد الجميع خاصة أحزاب اللقاء المشترك!! أليس التناقض هنا عجيب وغريب ومريب خاصة وهذه الأحزاب تتغنى يوميا عبر أعلامها وندواتها وبياناتها بل وبرامجها السياسية التي ترى إن البلد في حاجة ماسة إلى تعزيز أسس وأركان دولة النظام والقانون!! * بعض الصحافة الحزبية والأهلية تعاملت مع هذا الموضوع بشئ من التناقض المهني العجيب تجلى ذلك في الكثير من المواقف والآراء والكتابات والتقارير الإخبارية فبدلا من رؤية الأحداث وتحليلها من زوايا وطنية بحتة نجد بعض هذه الصحافة وقد وضعت نفسها ضمن دائرة ضيقة من العمل المهني الانتهازي والتعبئة الحزبية الهدامة، بل لقد وجدت بعض الصحافة الورقية وبعض المواقع الأخبارية الحدث فرصة لتصفية الحسابات السياسية بأيعاز من بعض الاحزاب أو الجهات التي تمثلها وبألاحرى تمولها عبر الاستمرار المقيت في المماحكات والمناكفات والاصطياد في الماء العكر ورمي الاتهامات لطرف دون طرف في تناسي عجيب لشرف المهنة ورسالة الصحافة النبيلة بل ولأمانة الكلمة الحرة وكل ذلك يحدث في غياب أو تغييب غير مبرر للحس الوطني والمسئولية الوطنية الجماعية تجاه أمن واستقرار ووحدة وطن يمثل الجميع. تنويه: تعتذر إدارة نبأنيوز للأخ علي الخميسي عن الخطأ بنزول المقال باسم آخر لبضع ساعات.