الدولة كمفهوم واسع وجدت لتنظيم حياة الناس وإدارة مصالحهم وحمايتهم من الأخطار والشرور التي قد تحيط بهم من الداخل أو الخارج ,و في أي زمان أو مكان إذا لم تفرض الدولة هيبتها ونظامها وقوانينها النافذة على المجتمع الذي تحكمه فأنها لا تعدوا أن تكون نظاما هش قابل للانهيار أو الكسر مع تراكم الأيام وبالتالي يمكن القول إن دولة النظام والقانون بكل ما تعنيه هذه الكلمة من معنى هي السبيل الوحيد لحماية أي مجتمع سواء كان هذا المجتمع مدني أو قبلي وبمعنى آخر دولة النظام والقانون هي السبيل الوحيد لتحقيق ما يصبوا إليه اي مجتمع من الأمن والاستقرار الدائم و التنمية المستدامة والعيش الكريم. الوطن يمر بمرحلة حساسة تحتاج بحق إلى اصطفاف وطني حقيقي حتى لا تتحول هذه الدولة التي ننتمي إليها جميعا من دولة فقيرة ضعيفة إلى دولة هشة يسهل كسرها وعندئذ سنخسر جميعا لأننا بكل بساطة نسير في مركب واحد شأنا ذلك أم أبينا فالوطن وطن الجميع والدولة تمثل الجميع سلطة ومعارضة ونخب ومواطنين وبالتالي إضعاف الدولة ليس في مصلحة احد حكام أو محكومين. الكل للأسف الشديد يساهم في أضعاف هذه الدولة سواء كان ذلك بقصد أو بدون قصد فهذا الكل ينتهك الكثير من مواد الدستور والقوانين النافذة بصورة أو بأخرى لأننا للأسف الشديد لازلنا نغلب الخاص على العام والمصالح الضيقة على المصالح الوطنية بل لازال الكثير منا يعمل وفق هواة و مزاجه وتصوراته الخاصة بعيدا عن نصوص القانون وفعالية النظام وقدسية الدستور فالعديد من إدارات الدولة ومرافقها على سبيل المثال لازالت تعمل بعقليه ما قبل القانون فالكثير من قوانين الدولة تنتهك بل وتحفظ فقط في أدراج المكاتب أو تحفظ في الأرشيف للتاريخ حتى تستفيد منها الأجيال القادمة !! النظام والقانون يداسا بالأقدام في الكثير من الوقائع والأحداث الأمنية بحجة درء المفاسد وهي السياسة التي جعلت الكثير يتمادى في ظل هذا الهوان والتخاذل وغلبة سلطة القبيلة وأعرافها في الغالب على سلطة الدولة وقوانينها. القبيلة في اليمن تنتهك الكثير من القوانين باسم العرف والعادات والتقاليد التي طغت على شرعية هذه القوانين لتصبح الأعراف والتقاليد القبلية عند البعض بمثابة دين يعبد وبالتالي الدولة ونظامها وقوانينها لا تمثل عند هؤلاء شئ يذكر إلا بما يحقق المصالح الذاتية والمنافع التي تحقق سلطة القبيلة لا سلطة الدولة . المعارضة في بلادنا تتحدث كثيرا عن دولة النظام والقانون وهي في نفس الوقت تنتهك الكثير من القوانين وتدوس على هيبة وسلطة ونظام الدولة في الكثير من المواضع التي تتعارض مع مصالحها وأهدافها السياسية فعلى سبيل المثال بعض أطراف المعارضة الرئيسية ينظرون إلى دعاة الانفصال أو التمرد أو أولئك الذين ينشرون ثقافة الكراهية في المجتمع ويعملون خارج النظام والقانون بل ويقومون بأعمال تخريبية قد تصل بعضها إلى القتل وإرهاب وإرعاب المواطنين ينظرون إلى كل هؤلاء للأسف الشديد بأنهم فقط نشطا سياسيين وطالبي حق وبالتالي يجب على الدولة الامتثال لمطالبهم بل وعدم ملاحقتهم أو محاسبتهم وفق بنود الدستور والقانون وفرض هيبة الدولة أي دولة النظام والقانون التي ينبغي على الجميع دعم أركانها لا التغني بها كما تفعل هذه الأحزاب وغيرها في أكثر من مناسبة !! أليس تتناقض المعارضة مع نفسها في هذه المسألة عجيب بل خارق للعقل وللمنطق بل وللنظم والقوانين النافذة التي يجب على الجميع أن يحترمها ؟!! مجلس النواب هذه السلطة التشريعية المؤتمنة على قوانين الدولة والتي تمثل احد أركانها الثلاثة للأسف الشديد هذا المجلس ينتهك الكثير من القوانين التي يقرها بقصد أو بدون قصد بل ويخالف لائحته الداخلية في الكثير من المواضع وعلى سبيل المثال لا الحصر هذا المجلس جعل من مسألة الحصانة التي يتمتع بها بمثابة " دستور" خاص بأعضائه لا يمكن أن يمس بأي صورة من الصور ولأي سبب كان ولننظر فقط إلى بعض أعضائه الذين تعدوا على كل القوانين والأعراف والثوابت فمنهم من أعلن التمرد على النظام والدولة ومنهم من ينادي بالانفصال وعدم الاعتراف بشرعية الدولة ونظامها بل بشرعية المجلس ذاته ومنهم من ارتكب الجرائم وعمليات التخريب والتحريض التي يعاقب عليها القانون, ولكن كل هؤلاء بأعمالهم في نظر مجلسنا الموقر نوابا محترمون يتمتعون بالحصانة الكاملة ولا يتعدون أي قانون ولا ينتهكون الثوابت الوطنية لذلك لابد أن تنادى أسماءهم في كل جلسة من جلسات المجلس لإثبات شرعيتهم ولأنهم فقط تغيبوا عن الحضور " بدون عذر " فاستحقوا العتاب!! دولة النظام والقانون التي يتمناها أي مجتمع أعتقد أنها ليست بالحلم المستحيل أو التمني بعيد المنال فالوصول إليها يحتاج فقط إلى محاسبة جماعية للذات وشعور حقيقي بالمسؤولية وإحساس وطني نابع من ضمير هذه الأمة يتبع ذلك إرادة صادقة للتغيير وعزم حقيقي للبناء الايجابي لأسس دولة حديثة دولة المؤسسات والنظام والقانون , وهذه الإرادة تحتاج إلى وحدة وطنية حقيقية وتوافق سياسي عام يساعد في توحيد الجهود و الغايات الوطنية للسير نحو هدف واحد هو بناء هذه الدولة حتى وإن اختلفت الوسائل والرؤى, على أن يسبق كل ذلك تجريد هذه النفس الأمارة بالسوء من الأنا وحب الذات لتنتقل إلى فضاء واسع هو حب الوطن وحب الخير للغير ومخافة الله ونبذ الأنانية أو الاستعلاء أو الاستقواء أو إتباع الشيطان والهوى, ولابد أيضا من تطبيق مبدأ المساواة والعدل بين الناس وفرض هيبة وسلطة النظام والقانون على الحاكم والمحكوم بالسواء. وبهذه الأسس المتينة والبسيطة نصل بالفعل إلى هذه الدولة التي نتكلم عنها كثيرا في صحفنا ومقايلنا وندواتنا المتعددة ليتبخر معظم هذا الكلام المتبادل في ظل التعبئة الحزبية والرؤى الأيدلوجية والمصالح الضيقة إلى ذلك التقاذف العجيب لكرة المسؤولية التي ترمى من ملعب إلى آخر لتستقر في النهاية إلى ملعب طرف دون طرف وكأن الجميع غير مساهم في إضعاف الدولة بصورة أو بأخرى ! وصدق الحق سبحانه وتعالى عندما قال في كتابة العظيم: ((إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم)).