لقد كتبت عن الفضائية اليمنيه في صحيفة 26 سبتمبر قبل اكثر من ثلاث سنوات، ومنذ ذلك اليوم لم يتغير شيئاً. ولو كنت أعدت نشر ذلك المقال اليوم ايضا لانطبق عليه نفس الحال في هذا اليوم، وهذا دليل الجمود وعدم التغيير وعدم التطوير والتصحر والتصخر (نسبة الى الصخرة) التي هي جامدة منذ سنين لا تغيرها الا عوامل التعرية. ونحمد الله اننا نملك اطباقاً فضائية تمكننا من رؤية ما يبثه الآخرون من شتى انواع المعرفه، والا وصل بنا الحال الى بيع اجهزة تلفزيوناتنا ما دامت محطاتنا تبث برامج مملة، ومعلبة ظانين مسؤليها اننا لازلنا في عصر الاريلات فقط . ولقد تقلد كثير من الاخوة مناصباً متعددة في الفضائية اليمنية والكثير منهم يحمل شهادات علميهة واعلامية واكاديمية لكن والحق يقال لم نر أي تغيير في البرامج، بل نرى مستوى البرامج ينحدر الى الاسفل طبقا لطموحنا كيمنيين. ويجب ان أشير هنا الى ان كثيرا من المقابلات التي تجريها الصحافة مع بعض الشباب والكوادر النسائية الاعلامية نقرأ فيها بوضوح شكواهم من محاربة الحرس القديم وبالتالي عجزهم عن الابداع واظهار امكانياتهم وافكارهم. والشي بالشي يذكر فانني اتعجب من وجود برنامج المجلة الرياضية (مثلا) حكرا وحصريا على الاستاذ على العصري. فلماذا لا يعطى المجال لآخرين لتقديم ذلك البرنامج والا يكون مشفرا على الاستاذ العصري رغم اعتزازي به كصاحب خبرة طويلة في الاعلام الرياضي ، ورغم معرفتي انه يتبوأ رئاسة القسم الرياضي في الفضائيه فهذا يكفي. لكن لا يجوز ان يحرم الشباب والدماء الجديده من الفرص مجاملة لآخرين او لنقل للحرس القديم كما هوسائد حاليا. ونتذكر تماما الخبر الذي نشرته الصحف على لسان الاستاذ انور الاشول والذي يقول فيه ما معناه ان نشرة الاخبار لن تتجاوز اكثر من ربع ساعة وعندها استبشرت خيرا، كان ذلك بعد فترة من الزمن من تقلده لمنصبه الجديد. تذكرت ذلك التصريح من الاستاذ الاشول وانا اشاهد في الايام القريبة الماضية نشرة الاخبار والتي بدأت في التاسعة مساء وكان المذيع ينقل خبر احد المؤتمرات للمجالس المحلية وكذلك كلمة مملة وطويلة لاحد المسئولين في الدولة في إحدى المحافظات الساحلية وانهى كلمته قرب العاشرة بالتحديد.. شي يصيب الغثيان لمشاهد لا يعرف شيئاً في السياسة. ذلك كان الخبر الاول واكمل المذيع بقية نشرة الاخبار الى ان اقتربت الساعة الحادية عشر وهنا موعد الاخبار باللغة الانجليزيهة.. فبالله عليكم هل هذه برامج تجذب المشاهدين ام تنفرهم! انا ادرك تماما الصعوبات المادية التي تواجهها الفضائية اليمنية بل وكل الفضائيات الجديدة. لكن ارادة الانسان تستطيع ان تقف امام كثير من الصعوبات وتذليلها وبالتالي يحصل ويحدث التغيير الذي نسعى اليه ونطلبه. والتغيير المطلوب هنا في ادارة البرامج ونوعيتها والتغيير في شكل اخراجها وانتاجها وتوقيتها واعدادها وتقديمها. نحن لم نطلب بعد ان تكون هناك برامج جماهيرية من كل مكان، ولم نطلب ان تكون هناك برامج من المحافظات المختلفه، ولم نطلب ان تكون هناك لقاءات مع الاكاديميين في مختلف الجامعات اليمنيه، ولم نطلب ان تكون هناك برامج مباشره من موقع الحدث، او لقاءات في الشارع في كل المدن لاننا نعرف ان كل ذلك وغير ذلك لازال يحتاج الى ميزانية مالية كبيرة ووزارة الاعلام تتحمل مسئولية كل ذلك حيث كان عليها الا تبدأ بافتتاح قنوات فضائية جديدة وهي لازالت اشبه بقنوات الشقق المستأجرة وربما موظفيها لم يتم اعتمادهم في سجل الخدمة المدنية حتى الان. وحيث انني قد شاهدت البرنامج الذي جمع كل الضيوف وجميعهم كبار مسئولي الفضائيات وعرفت تماما المعاناه التي يواجهونا وقد اشفقت عليهم والحق يقال. ولكنني اعود واطالب ان تتخلص الفضائية اليمنيه من عقلية الحرس القديم وسيطرتهم واعطاء الشباب فرصهم المشروعة، عندها لن يسير التلفزيون اليمني على نفس الوتيرة فالجديد يريد ان يثبت ويبدع. نريد من الفضائية اليمنية ان تتخلص من تقوقعها في برامجها القديمة الشكل والفحوى والمضمون والجديده الانتاج والتاريخ، وتنتصر لنفسها وللمشاهد اليمني واليمن.. لقد مللنا من نشرات الاخبار المطولة ومللنا كمشاهدين من صور المديح الزائفة والغير مبرره في بعض الاحيان سواء للوزراء او للرئيس الذي احببناه وللمنجزات التي تحققت في عهده. ان تغيير نمط البرامج وبثها في الفضائيهة في تصوري لايحتاج الى امكانيات واستديوهات وكاميرات، فتلك شروط ظهور الابداع في الاعلام لم نتحدث فيها هنا لأننا نعرف الحال والامكانيات. لكني فقط اعني في مجمل ذلك تغيير البرامج وشكلها وتوقيتها ومدتها حتى تستطيع الفضائية الخروج من عنق الزجاجة. [email protected]