أثارت صور صحفية لبغايا يمارسن حرفتهن في الشارع الجدل مجددا بشأن هذه الممارسة في أسبانيا، التي شهدت نموا سريعا على مدى السنوات ال15 الماضية. وأصبح ينظر إلى الدعارة على إنها أمر "طبيعي" حيث يتزايد عدد الشباب الذي يفضل دفع مقابل مالي لقاء ممارسة الجنس وذلك بدلا من عناء التعرف على الفتيات. وباتت الدعارة تتصدر العناوين مرة أخرى بعد أن نشرت صحيفة "البايس" اليومية صور العاهرات يمارسن الجنس مع زبائنهن في الشارع ليلا في حي سياحي في برشلونة. ويشكو المنتقدون من أن برشلونة أصبحت متراخية على نحو متزايد في تطبيق مرسوم للبلدية صدر عام 2006 وينص على فرض غرامات تصل إلى 750 يورو "1050 دولار" على العاملين في مجال الجنس أو عملائهم. وكان المرسوم يهدف إلى استئصال شأفة مثل هذه الممارسات من أحياء وسط المدينة. وطالبت الجمعيات التي تمثل السكان المحليين والبغايا أنفسهم بإضفاء الشرعية على هذه المهنة منوهين إلى أن ذلك هو السبيل الوحيد لضمان ظروف عمل مناسبة للبغايا. ولم تقم المدينة سوى بنشر المزيد من قوات الشرطة لمطاردة العاملين في هذا المجال. وكشفت المناقشات عن وجود مشكلة لا يقتصر تأثيرها على برشلونة فقط، بل يمتد أيضا إلى جميع أنحاء إسبانيا- كما هو الحال في العديد من البلدان الأوروبية الأخرى- فالسلطات لم تتمكن من الاختيار بين الحظر على غرار السويد التي تجرم البغاء أو التقنين على النمط الهولندي الذي يبيح البغاء. وبذلك أصبحت مهنة ممارسة البغاء في فراغ قانوني ما يجعل مهمة الشرطة، في ملاحقة المجرمين والقوادين الذين يتاجرون في البغايا ويجبروهن على ممارسة الدعارة، أكثر صعوبة. وأسهم تدفق المهاجرين في نمو الدعارة في أسبانيا، حيث تشير التقديرات إلى أن نحو 300 ألف امرأة يبعن الجنس في الشقق والبيوت والشوارع والحدائق العامة أو في حوالي 2500 "ناد" تعمل كبيوت دعارة. وتدر هذه المهنة التي تعد واحدة من الحرف الإجرامية الأكثر ربحية في العالم نحو 18 مليار يورو سنويا في أسبانيا. ومعظم العاملين في تجارة الجنس، نحو 90 في المئة منهم، من المهاجرين من دول مثل البرازيل وكولومبيا ونيجيريا ورومانيا وروسيا. وتشير الأدلة القضائية المتوفرة إلى أن العديد من النساء جرى استدراجهن إلى إسبانيا مع وعود كاذبة ثم أجبرن على ممارسة الدعارة مع التهديد والضرب والاغتصاب بل والتعذيب الصريح أحيانا. وقال ضابط الشرطة كارلوس إجوال إن "عصابات الاستغلال الجنسي وحشية جدا، هي أكثر ما رأيت قسوة في حياتي المهنية ". ومع ذلك، فإن الدعارة ليست غير قانونية من الناحية الفنية، ولا يمكن للشرطة أن تتحرك إلا في الحالات التي تبلغ فيها المومسات عن تعرضهن للإكراه من قبل قواديهن. وفي الغالب تخشى النساء اللاتي يعملن في هذا المجال من الإقدام على مثل هذه الخطوة حيث يكن مقيمات بصورة غير شرعية أو ربما لا يتحدثن اللغة الإسبانية. وحتى الآن، فإن الدعارة لم تحدد بوضوح أيضا بوصفها نشاطا قانونيا، الأمر الذي يمنع الشرطة من تفتيش بيوت الدعارة لضمان ظروف عمل مناسبة للبغايا. وتبنت الحكومة خطة لمكافحة البغاء بالإكراه، وتتضمن إجراءات منها مصادرة ممتلكات تجار الرقيق الأبيض ومنح المرأة 30 يوما لتقرر ما إذا كانت ستشهد ضدهم. ولم تتخذ خطوات ملموسة حتى الآن سوى على المستوى المحلي حيث تقوم السلطات أحيانا بتنظيم حملات إعلامية أو تقوم الشرطة بإغلاق أماكن العمل أو تضع كاميرات فيديو في الأحياء لصرف العملاء المحتملين للمومسات. ويعترف ما يقرب من 30 في المائة من الرجال الإسبان بممارسة الجنس مقابل دفع نقود، وفقا لبيانات معهد الإحصاء الوطني. ويقلل العملاء المحتملون في كثير من الأحيان من شأن التقارير التي تشير إلى أن العديد من العاهرات يجبرن على ممارسة الجنس. ويعلق سائق سيارة أجرة على هذا الأمر قائلا: "لن يقدمن على فعل ذلك إذا كن غير راغبات".