إذا كانت أحداث سبتمبر 2001، تمثل بالنسبة لكثير من المؤرخين والمحللين السياسيين الحدث الأبرز وفاتحة الأحداث في القرن الواحد والعشرين، فإن ذاكرة العالم الإسلامي ستظل تستحظر هذه الأحداث ولأجيال عدة. ولن أدخل في التفاصيل التي غدت مملة من كثرة التكرار، ولكن ما يهمني هو إعادة التذكير بأن هذه الأحداث، بما فيها محاولة التفجير الفاشلة التي قام بها النيجيري عمر عبد المطلب، والتي قفزت ببلادنا إلى واجهة الصحف العالمية، قد أحدثت شرخاً عميقاً في كيان المسلم الواحد، فأصبح جزء قليل منّا في غاية التطرف ويدعي مسئوليته الممزوجة بشيء من التباهي والبطولة في إرتكاب مثل هذه الجرائم، وجزء كبير يتكبد الخسائر الفادحة نتاج ذلك. وقد إستوقفني مقال تناقلته بعض الصحف الفرنسية ومع أنه يصنف من المقالات العبثية التي لا طائل منها، إلا أنه أثر فيني أيما تأثير. والمقال منسوب للصحفي الإنجليزي غوردن توماس المتخصص بشئون أجهزة الإستخبارات العالمية بما فيها الموساد. وتتلخص فكرة المقال بأن المخابرات البريطانية MI5 اكتشفت بعد عملية عمر عبد المطلب بأن بمقدور الإنتحاريين من الجنسين القيام بعمليات جراحية وحشو الثدي أو أجزاء أخرى من الجسد بمادة البيتين المتفجرة. ولن يقود التمحيص والتدقيق حول صحة ما جاء في المقال إلى نتيجة مقنعة ومرضية، بل يوصل إلى قناعة بأن بضاعة المتطرفين واحدة، فمتطرفينا يدعون البطولة ويخوفوّن الآخر منهم ومن كل مسلم، ومتطرفوهم يخوّفون ذويهم منا ولا يريدون مسلماً يعيش بين ظهرانيهم سواء كان طبيباً أم عابر سبيل. فبعد أحداث سبتمبر لم يعد المتطرفون ذووا اللحاء الطويلة والسراويل المسربلة وحدهم في دائرة الإتهام، بل أصبح طلاب الجامعات وحملة الشهادات العليا والأكاديميون في خانة من يسمون بالإرهابيين.
في مرحلة ما بعد عمر عبد المطلب، والطبيب الأردني همام خليل محمد (أبو دجانة الخرساني)، والطبيب النفسي نضال مالك حسن، دخل الأطباء والجراحون من أصول مسلمة دائرة الإتهام بعد أن أعاد المتطرفون الكره فطرف يعترف بأنه وراء هذه العمليات النوعية وطرف آخر يستغل ذلك لتضييق الخناق على الجميع، ولم يكتف بالمطالبة بتجهيز المطارات بماسحات ضوئية كاشفة للعورة، وتتنافي مع كرامة الإنسان وخصوصيته بل ذهب به الخيال إلى تسريب أخبار كهذه ومن قبيل خوفّهم بالموت يرضون بالحمى.